عند النظر إلى جميع بلدان العالم، ستجد أن هناك عدداً لا يُحصى من الآثار والأطلال، بداية من أقدم مساكن عصر الصيد إلى القلاع المحصنة للإمبراطوريات المترامية، وحين تكون الآثار ذات أهمية فريدة للتاريخ والإرث الإنساني، تُصنِّفها وكالة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) موقع تراث عالمي.
تُعَد مواقع التراث العالمي التي يتعين زيارتها تلك من بين أقدم وأعجب الآثار في العالم. وتوفر جميعها تجربة فريدة للزائرين، ومعلومات لا تُقدَّر بثمن بشأن المجتمعات القديمة التي أنشأتها.
من بين هذه المواقع الأثرية التي ينصح بزيارتها نجد:
مدينة الحجر السعودية
تتشابه مدينة الحجر السعودية مع البتراء السياحية الموجودة في الأردن، يعود تاريخها إلى 3 قرون قبل الميلاد، كما تحتوي جميع المباني في المدينة على الصخور الكبيرة والجبال، ما يجعلها مشابهة إلى حد كبير للبتراء.
كُشِفَ عن أكثر من 100 مقبرة للأنباط، معظمها يحتوي على زخارف جميلة. وتعود المقابر إلى ما يتراوح بين 100 قبل الميلاد و100 ميلادية، لكنَّ تاريخ سكن الموقع يعود إلى ما قبل ذلك، مثلما تُظهِر العديد من النقوش ورسومات الكهوف.
عاش الأنباط في موقع استراتيجي في شبه الجزيرة العربية، بالإضافة إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط وآسيا، كما كانوا من أعظم الحضارات في ذلك الوقت، والتي امتهنت التجارة.
في مدينة الحجر السعودية توجد أيضاً رموز شهيرة في الثقافات السريانية والمصرية والفينيقية والإغريقية، بما في ذلك تماثيل لطيور العنقاء، وأبي الهول، والميدوزا. ولا تُضاهى أيضاً آثار الأنظمة الهيدروليكية المدهشة للحضارة النبطية قبل الإسلام.
أما بخصوص كيفية عيشهم في ذلك الوقت في منطقة صحراوية، فقد قام الأنباط بتخزين مياه الأمطار في صهاريج خاصة تساعد في تغذية السكان المحليين، وربطها بأنابيب لحماية المناطق في المدينة.
آثار قديم وجبل البركان في السودان
ليس بالبعيد عن السعودية في بلادنا العربية واحد من بين أفضل الآثار القديمة في العالم، على ضفاف نهر النيل يوجد جبل البركة الذي يُعد واحداً من 5 مواقع غير معروفة، والمطلة على نهر النيل في السودان.
تتمثل المواقع الأخرى في مدينة الكرو، ومدينة نوري، وقرية سنام، وموقع زوما. وتضم تلك المناطق، التي تغطي أكثر من 60 كم بطول النيل، مقابر وأهرامات وقصوراً تعود إلى ما بين عامي 900 و350 قبل الميلاد، وبالتالي تعود إلى حضارتي نبتة ومروى.
استمرت هذه الحضارة لقرابة 13 قرناً كما كانت من أقوى الحضارات التي عاشت بالمنطقة، كانت لها علاقة قوية بالفراعنة، فيما يعتبر جبل البركة من الجبال المقدسة خلال القرن الـ15 قبل الميلاد، كما يعتقد البعض أن هذا المكان هو مكان دفع الفرعون آمون.
تركيا.. مستوطنة تشاتال هويوك
يقع هذا الموقع على هضبة الأناضول الجنوبية بداخل الجمهورية التركية، تعتبر مستوطنة تشاتال من بين الأماكن القليلة في العالم التي يمكن للباحثين أن يروا فيها الانتقال من القرية إلى المدينة من خلال الأبنية المختلفة على مدار نحو ألفي عام.
تعود الأطلال الموجودة في الجانب الشرقي في المدينة إلى الفترة ما بين سنة 7400 و6200، والذي يُعرف بالعصر الحجري الحديث، فيما تعود الأبنية الموجودة في النصف الغربي منها إلى 6200 و5200 قبل الميلاد، وهو ما يُعرف حالياً بالعصر النحاسي.
ويُعَد موقع تشاتال هويوك فريداً في أنَّه لا توجد طرق في المستوطنة، وكان بالإمكان الوصول إلى كل المباني في المدينة عن طريق الجدران المشتركة التي تصل بين البيوت عن طريق السطح. يشير هذا، إلى جانب محاذاة الموقع مع الاتجاهات الأربع، إلى أنَّه كانت هنالك خطة أكبر قبل وخلال البناء.
توجد إشارات تدل على طبيعة رمزية ومثالية لذلك، مثلما يتضح من المدافن والرسومات في الموقع، والتي تشير إلى مجتمع كانت تسوده المساواة عن وعي. فحرصوا على ضمان ألا تكون هنالك فروق كبيرة في الثروة أو السلطة أو المكانة بين السكان.
مدينة الأقصر الحديثة في مصر
في مدينة الأقصر الحديثة بمصر نجد أطلال مدينة طيبة القديمة، كانت هذه المدينة هي مقر الإله آمون كما كانت عاصمة لمصر خلال عصر الدولة الوسطى ما بين 2040 و1750 قبل الميلاد، بالإضافة إلى عصر الدولة الحديث ما بين 10470 و1550 قبل الميلاد.
تضم مدينة طيبة في مصر معبدي الكرنك والأقصر الضخمة، بالإضافة إلى آثار هائلة مثل مسلة الملكة حتشبسوت، البالغ طولها 27.5 متر، وبها وادي الملوك ووادي الملكات المشهوران عالمياً والمليئان بالكنوز.
حسب موقع "World Atlas " الكندي يتميَّز وادي الملوك بمواقع دفن معقدة مليئة بالأغراض الملكية التي قد يحتاجها الفراعنة في حياتهم الآخرة. أشهر تلك المواقع هي مقبرة توت عنخ آمون التي اكتُشِفَت عام 1922.
بالإضافة إلى ذلك تضم المدينة وادي الملكات، وهي 100 مقبرة لملكات وشخصيات ملكية وشخصيات من طبقة النبلاء. وتعرَّض كلا الواديين للنهب على مدار آلاف السنين، لكنَّ العمل جارٍ للعثور على أي آثار باقية والحفاظ عليها.
قرية شويروكيتيا بقبرص
بالبحر الأبيض المتوسط، وبالتحديد في جزيرة قبرص، يمكن أن نجد لمحة عن الحياة في المرحلة التي تسبق ظهور المدن، وذلك في قرية "شويروكيتيا" التي تنقلنا إلى ما بين 7 آلاف و3 آلاف سنة قبل الميلاد.
تُعد هذه القرية موقع مهم في فهم انتشار الثقافة والأفكار بين أوروبا والشرق الأدنى. كانت المنازل في هذه المستوطنة الصغيرة المُسوَّرة عبارة عن منازل دائرية من الطوب اللبن، ذات أسطح مستوية، تحيط بفناء تتم فيه الأنشطة اليومية للعائلة.
لم يُنقِّب علماء الآثار إلا في جزء من الموقع، لكنَّهم جمعوا ملامح عن حياة السكان اليومية. وشمل ذلك بقايا الطعام الذي كانوا يأكلونه، والأدوات الجرانيتية والعظمية والأواني الحجرية التي كانوا يستخدمونها.
بالقرب من مدينة بومبي الإيطالية
عند التوجه إلى إيطاليا والمرور إلى مدينة بومبي لا تنس المرور إلى إحدى أقدم الأماكن التاريخية في العالم والتي لا تبعد عن هذه المدينة، تسمى المنطقة بمدينة هركولانيوم، وهي مدينة دُمرت نتيجة ثوران بركان جبل فيزوف سنة 79 قبل الميلاد .
لا تزال البقايا محفوظة بشكل مثالي في كل أرجاء المدينة، كما كانت تعتبر منتجعاً يضم شوارع مُمهَّدة، ومجموعتين من الحمامات العامة، ومسرحاً، ومدرسة مرموقة للمصارعة، و"كلية كهنة أوغسطس"، و"فيلا البرديات" الثرية.
المعابد المغليثية بمالطا
بداخل البحر الأبيض المتوسط، وبالتحديد في جزيرة مالطا توجد العديد من النصب المغليثية وهي عبارة عن أبنية حجرية ضخمة كانت تستخدم في السابق معابد، تعود جميعها إلى الفترة ما بين 3 آلاف وألفين قبل الميلاد.
تعتبر هذه المباني من بين أوائل المباني القائمة بذاتها من دون دعامات في العالم، كما تمثل مستوى مذهلاً من القدرات الفنية والتقنية في ذلك الوقت، لهذه البنايات العديد من القواسم المشتركة، إذ تتشابه في التصميم، بالإضافة إلى باحات أمامية وواجهات متشابهة.
تتألَّف المداخل من كتلتين حجريتين ضخمتين مستطيلتي الشكل، تعلو قمتيهما كتلة حجرية أفقية. ويوجد بالداخل ممرات كبيرة بنفس القدر، وباحات ممهدة، وغرف شبه دائرية تُعرَف بالمحاريب، وأسطح محدبة. وهي مُزيَّنة أيضاً إلى حدٍّ كبير بألواح بارزة من الأشكال اللولبية والحيوانات والنباتات.
مدينة دولافيرا الهندية
بالانتقال إلى الهند، وخاصة في ولاية غوجارات، والتي تقع بالقرب من الساحل الغربي للهند، توجد أطلال مدينة دولافيرا القديمة، كانت هذه المنطقة عاصمة حضارة وادي السند، وتوجد هناك أنقاض قلعة، وموقع مراسميّ، ومقبرة بها نصب تذكاري كبير تعود إلى الفترة بين عام 3 آلاف قبل الميلاد وعام 1500 قبل الميلاد تقريباً.
اعتمدت الحياة على الجزيرة على إدارة مياه نهرين موسميين، لذا، قامت المدينة ببناء وصيانة نظام معقد لإدارة المياه. فيما يُظهِر تخطيط المدينة أنَّه كان يوجد نظام اجتماعي طبقي، حيث يتمتع بعض المواطنين بسلطة أكبر، وكانوا أفضل حالاً من غيرهم.
كان هناك أيضاً عدد من ورش صنع العقود الخرزية، وعدد كبير من المجوهرات وقطع الذهب والنحاس والأحجار الكريمة في المدينة، فيما تم شحنها إلى عدد من المناطق، من بينها بلاد الرافدين "العراق حالياً".
موقع مونتي ألبان المكسيك
حسب نفس المصدر يُعَد مونتي ألبان موقعاً أثرياً في وادي واخاكا بالمكسيك، خارج مدينة واخاكا مباشرةً. كان الموقع في السابق مدينة ومركزاً شعائرياً كبيراً، وكانت معالمها العديدة قد نُحِتَت في الصخر الحي. وهناك بقايا معابد وأهرامات مقامة على تلال، ومقابر، و رموز مبهمة بارزة، و قنوات، وسدود وغيرها.
كانت أول حضارة يجد علماء الآثار أدلة على وجودها هي حضارة الأولمك، لكن على مدار فترة الأكثر من 15 قرناً التالية، كانت المنطقة موطناً لحضارتيّ الزابوتيك والميكيتيكس، ما يعني أنَّ سكن المكان استمر طوال العصر ما قبل الكلاسيكي والعصر الكلاسيكي في المنطقة.
كان أطول مَن سكنوا المنطقة هم الزابوتيكيون، الذين استمر وجودهم تقريباً منذ 500 قبل الميلاد وحتى عام 850 ميلادية، وكان الموقع يُمثِّل عاصمة رئيسية لهم.
فيما قامت كل مجموعة قطنت الموقع بتكييفه وفقاً لتغيُّر احتياجاتها. ومن بين مئات المواقع الشبيهة من هذه الحقبة، يُعَد مونتي ألبان هو المكان الأفضل لرؤية تلك المراحل والتغيُّرات المختلفة.
الصين.. مدينة دنغفنغ
تعد آثار دنغفنغ من بين أقدم الآثار في الصين، وتقع في سفح جبل سونغشان في مقاطعة هاينان، شهدت هذه المنطقة 9 سلالات من الأباطرة التي حكمت لأزيد من 15 قرناً، كان يُنظَر إلى الجبل نفسه باعتباره المركز الحرفي لـ"الجنة والأرض"، ومصدر السلطة الإمبراطورية للمجتمع البوذي والصيني.
كما كان يُعتَبَر أيضاً المكان الوحيد للرصد الفلكي الدقيق، والمقر لمنصة كبيرة تضم مرصداً ومزولة شمسية. وتثير بوابات هان كيو غير المستندة إلى دعامات والمعابد ذات اللون الأحمر الزاهي دهشة زائري الموقع.