جدل شهده المجتمع السعودي بعد تداول مقاطع فيديو سخر فيه طلاب من مدرسهم وأساءوا له إساءة بالغة.
وأصدرت وزارة التربية والتعليم عقوبة ضد هؤلاء الطلاب بحرمانهم من الدراسة لمدة عام كامل على خلفية نشرهم مقطعاً يسخرون خلاله من أحد المعلمين أثناء الحصة الدراسية.
ورأى بعض التربويين والعاملين بقطاع التعليم أن هذه العقوبة ستكون رادعاً تأدبياً للطلاب والمعلمين ولكل من تسوّل له نفسه العبث بالأنظمة والقوانين التي وضعتها وزارة التربية والتعليم لحفظ هيبة ومكانة العلم والعاملين عليه ، لكن أثار الجدل بشأن أسباب تدهور سلوك الطلاب وتراجع هيبة المعلمين.
تجاوزات وتطاول
هذا ما أكده نائب رئيس مجلس المدارس الأهلية بالغرفة التجارية والصناعية بمحافظة جدة الدكتور دخيل الله الجهني الذي استهجن ما يحدث في السنوات الأخيرة في الساحة التعليمية من تجاوزات وعنف وتطاول متبادل بين الطلاب والمعلمين والطالبات والمعلمات وتوثيق هذه المآسي ونشرها من باب السخرية أو ما يسمى "الطقطقة" عبر الشبكات الاجتماعية، ما أثر على مفهوم التربية السليمة الذي تهدف الوزارة إلى غرسه وتعزيزه من خلال المناهج التربوية التي وضعتها ضمن منظومتها الدراسية منذ المراحل التعليمية المبكرة إلى المراحل المتقدمة.
وقال الجهني: "إن ما يحدث للأسف يدل على التراخي في تطبيق النظام داخل المدارس، ملقياً باللوم على الإدارة المدرسية التي تتراخى في تطبيق العقوبات ضد المسئيين سواء كانوا طلاباً أو معلمين".
وطالب التربوي المتقاعد بتعليم جازان بجنوب غرب المملكة أحمد المكرمي بوضع نظام صارم من قبل وزارة التربية والتعليم يعيد للمعلم هيبته ويحفظ كرامته ويراعي حقوق الطالب، بالإضافة إلى وضع خطة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع ذات العلاقة خاصة المهتمة بالتربية النفسية والاجتماعية والتوجيه الديني بالإضافة إلى المساجد ووسائل الإعلام؛ لتوعية الطلاب والطالبات وذويهم بأهمية احترام المعلم وبيئة العلم وفضل المعلمين في الإسلام.
تراخي الأنظمة
وشهدت الساحة التعليمية في الآونة الأخيرة العديد من المشاهد المخجلة التي فرضت العديد من التساؤلات الهامة عن أسباب تفاقم الأمر ومن المسؤول عنه.
وترى الناشطة الاجتماعية شادية جنبي أن الخلل في المنظومة التربوية داخل المدرسة والمنزل هي أبرز الأسباب، يليها تراخي الأنظمة والعقوبات في وزارة التربية والتعليم والتهاون في تطبيقها ضد مثيري العنف سواء الطلاب أو الطالبات أو الكادر المدرسي من معلمين ومعلمات وإداريين، وغيرها من الأسباب التي أدت إلى سطوة الطالب على معلميه وفقدان هيبة المعلم وعدم قدرته على المبادرة أو رد العنف بمثله خاصة عندما يتعرض للشتم أو الضرب، كما أنه لا يستطيع نشر الإساءة في الإنترنت أو فضح بعض السلوكيات المنافية للنظام أو الأخلاق.
رد العنف بالعنف
ورجح الطالب خالد مساعد أن أسباب تطور هذه المشكلة هو تهاون بعض المعلمين والإدارة المدرسية في تطبيق النظام أو ضعف شخصية البعض منهم أو تسلط البعض الآخر أو رفع الكلفة بينهم وبين الطلاب وإزالة الخطوط التي تخول الطالب بالتجاوز على المعلم وعدم احترامه، فكل هذه الأسباب تصعد المشكلة بين الطالب والمعلم وتزيد الفجوة بينهما.
ويرى أن غالباً المعلم المتسلط يواجه طلاب يردون العنف بالعنف، والمعلم ضعيف الشخصية يكون مصدراً للسخرية والاستخفاف من قبل الطلاب وعدم الاكتراث بما يقدم من مادة علمية أو توجيهاته، والمعلم "الخفيف" لا يحظى غالباً باحترام الطلاب وأسلوبه في التعامل يجعل الطلاب عديمي الأدب يتجرأون عليه، خاصة أن البعض منهم يتبادل الصور والرسائل مع الطلاب وتصوير مقاطع الفيديو نشرها عبر سناب شات أو يوتيوب.
وقال إن الأمر قد يصل إلى حد العراك بينهم أو نقل الخلافات خارج أسوار المدرسة لتصفية حساباتهم، ما يضطر إلى تدخل الجهات الأمنية في بعض الأحيان.
معلمون يستغلون سلطتهم
أما الطالبان فيصل محمد وعادل خالد فيقولان إن بعض المعلمين يستغلون سلطتهم في التعدي على الطلاب مهما كان السبب، والبعض منهم ينقل مشاكله الأسرية إلى المدرسة ويصبّ جام غضبه على الطلاب .
ومن وجهة نظرهما فإن معلمي الصفوف المتوسطة والثانوية غالباً هم هم أكثر عرضة لهذه المشاكل؛ لأن الطلاب الذين يدرسون على أيديهم هم من المراهقين الذين لا يقبلون أن يضربوا أو يعاقبوا وقد يردون بالمثل.
حظر استخدام الجوال
وذكر مصدر مطلع في إدارة تعليم مكة المكرمة أن هناك تعميماً من قبل وزارة التربية والتعليم على جميع المدارس بحظر استخدام الجوال للمعلمين والمعلمات أثناء الحصة الدراسية، وعدم إدخاله إلى الفصل نهائياً، بالإضافة إلى منع الطلاب والطالبات من اصطحاب الجوال إلى المدرسة .
وقال إن من يرتكب هذه المخالفة يتم التحفظ على جهازه واستدعاء ولي أمره وأخذ تعهّد خطي عليه بعدم تكرار الأمر، وإن عاود ذلك تتم مصادرة الجوال ورفع تقرير مفصل إلى إدارة التعليم لإتخاذ الإجراءات العقوبة المناسبة ضد الطالب أو الطالبة.
وكانت صحيفة "سبق" الإلكترونية السعودية ذكرت في عدد يوم الثلاثاء 3 مايو/أيار 2016 أن وزارة التعليم أصدرت قراراً بحرمان الطلاب الذين ظهروا في مقطع الفيديو الذي تم تداوله أخيراً، وهم يسيئون إلى معلمهم داخل قاعة الدراسة في إحدى مدارس الرياض، من الدراسة لهذا العام.
وجاء في حيثيات القرار أنه نظراً لما قام به الطلاب من إساءة بالغة لمعلمهم، وبالتالي للعملية التعليمية التي أساسها الاحترام والتقدير للمعلم والمعلمة، وبناءً على ما رأته اللجنة المركزية لقضايا الطلاب والطالبات في جهاز الوزارة اعتماداً على محضر اللجنة المشكّلة من "تعليم الرياض"، فقد تقرّر حرمانهم من الدراسة لهذا العام، ومنعهم منها في جميع المدارس بإدارات التعليم.
وقررت الوزارة حجب نتائجهم لهذا العام، وتمّ التأكيد على إدارة الإشراف التربوي وإدارة التوجيه والإرشاد بـ"تعليم الرياض"، بمتابعة المعلم والطلاب وكذلك إدارة المدرسة التي حصلت فيها الإساءة ابتداءً من العام الدراسي المقبل.