للحفاظ على عملية التمثيل الغذائي بشكل صحي، تحتاج الأنزيمات أن تعمل في درجة حرارة 37 درجة مئوية. ودرجة حرارة الجسم الطبيعية هي التوازن بين فقدانها وإنتاجها، ويمكن أن تتأثر تبعاً للظروف المختلفة. ولكن هل تعلم أنه إلى جانب تغيُّرها عند الرياضة والمرض والنوم وبعض الأطعمة، فإنها تتغير مع تقدُّمك في السن؟
تابِع القراءة، لتتعرف على حقائق مهمة عن درجة حرارة الجسم.
درجة حرارة الأنف تزداد عند الكذب
هل سمعت من قبلُ عن "بينوكيو"، الطفل الذي يطول أنفه كلما كذب، وهي قصة كتبها الروائي الإيطالي كارلو كولودي سنة 1880، وتُرجمت إلى كثير من لغات العالم، وصُنعت منها عشرات الأفلام.
أثبتت دراسات أن الكذب يعمل على زيادة ضغط الدم؛ وهو ما يؤدي إلى تضخم الأنف وحدوث تهيُّج خفيف في نهايات الأعصاب الموجودة بالأنف، وهو ما يولد شعوراً بالحكَّة.
فيضطر عندها الشخص إلى لمس الأنف، للتخلص من تلك الحكة المزعجة، وهو ما يُعرف بـ "تأثير بينوكيو".
على غرار "بينوكيو"، يستطيع أنفك أن يكشفك عندما تكذب، من خلال ارتفاع درجة حرارته!
وفقاً لتقرير منشور على موقع Live Science، استخدم باحثون بعلم النفس من جامعة غرناطة في إسبانيا تقنية التصوير الحراري (الذي يسمح برؤية الزيادة الطفيفة في درجة حرارة الجسم، من خلال كاميرا استشعار الحرارة) لدراسة درجة حرارة وجوه الأشخاص المشاركين في التجارب.
وجد العلماء أن ازدياد درجة حرارة المنطقة المحيطة بالأنف، وفي الطبقة الداخلية للعين يكون في أثناء الكذب.
ووجدوا أيضاً أن درجة حرارة الوجه تنخفض بالنسبة للأشخاص الذين يؤدون مهمة عقلية صعبة، وترتفع لدى الأشخاص الذين يعانون قلقاً شديداً.
وقال الباحثون إن هذه الآثار يمكن أن تكون لها علاقة بالأنسولا، وهي منطقة من الدماغ تشارك في الوعي، وتؤدي دوراً كبيراً في التعبير عن الأحاسيس المختلفة مثل الجوع أو الألم أو القلق.
ويبدو أن الكذب عزز النشاط بهذه المنطقة، وهو ما أسهم في الشعور بالقلق.
درجة حرارة الجسم تقلُّ في أثناء النوم
عادةً ما تنخفض درجة حرارة الجسم لدينا من درجة إلى درجتين عندما ننام، ويرجع سبب ذلك إلى عملية التنظيم الحراري (العملية التي تمنح أجسامنا القدرة على التحكم في درجة الحرارة الداخلية الأساسية).
تشير الدلائل إلى أن هذا الانخفاض بدرجة الحرارة يساعد الجسم في الحفاظ على الطاقة، وتوجيهها إلى أجزاء أخرى من الجسم.
لا عجب إذاً في أن كثيراً من الناس يعتقدون أن النوم يعيد شحن البطارية، ولكن كيف يحدث ذلك؟
يتم تنظيم درجة حرارة الجسم في منطقتين: درجة الحرارة الداخلية للجسم Core Temperature (الأقل عرضة لتأثيرات التغيرات الشديدة في درجات الحرارة، لأنها محميَّة جيداً)، ودرجة حرارة الجلد والأنسجة والعضلات تحته Shell Temperature (الأكثر عرضة للتأثر بدرجة الحرارة الخارجية).
عندما نشعر بالحرارة، سواء كان ذلك من خلال التمرينات الرياضية أو الإفراط في الإجهاد أو النوم بغرفة دافئة، يبدأ الجسم مكافحة الزيادة في الحرارة الداخلية للجسم، محاولاً التخلص منها من خلال توسُّع الأوعية الدموية.
هذا هو سبب حدوث التعرق، فالمسام لدينا مفتوحة، للمساعدة في خفض درجة حرارة الجسم من خلال إطلاق وتبخُّر العرق.
يحدث العكس عندما تصبح درجة الحرارة الداخلية لدينا منخفضة للغاية.
تنقبض الأوعية الدموية للحد من فقدان درجة الحرارة. هذه الوظيفة ضرورية، وهي طريقة الجسم للحفاظ على الحرارة.
وهي السبب في أن بشرتنا تَحمرُّ عندما يكون الجو بارداً.
هناك طريقة أخرى لتنظيم الدماغ لدرجة الحرارة الداخلية عند الشعور البرد، وهي من خلال حث الجسم على الارتعاش بشكل لا إرادي.
يحدث هذا عندما يطلب الدماغ من عضلاتك البدء في الحركة، لتوليد حرارة الجسم الطبيعية.
درجة حرارة المرأة تزداد عند التبويض
تنخفض درجة حرارة الجسم قليلاً قبل أن يصدر المبيض البويضة، ثم بعد 24 ساعة من إطلاق البويضة، ترتفع درجة الحرارة بنسبة 0.2-0.45 درجة مئوية.
هذه الزيادة تكون طفيفة جداً، ويرجع سببها إلى زيادة مستويات هرمون البروجستيرون، حيث يُنتج المبيض مزيداً من هرمون البروجستيرون بعد الإباضة؛ وهو ما يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الجسم.
وتظل درجة حرارة الجسم مرتفعة من 3 إلى 4 أيام، وهو ما يقلل من الانخفاض الطبيعي في درجة حرارة الجسم الذي يحدث مع النوم.
الإصابة بالحمى قد تفيد جسمك كثيراً!
ارتفاع درجة حرارة الجسم الطبيعية مؤشر جيد على أن جسمك يعمل على مكافحة العدوى.
يقوم الجهاز المناعي بردِّ فعلٍ للتغلُّب على العدوى، فيرفع درجة حرارة الجسم، لتنخفض الميكروبات التي لا يمكنها العيش في درجات الحرارة العالية.
وجدت دراسات أنه مع ارتفاع درجة الحرارة تنشط الخلايا التائية القاتلة "CD8 +" القادرة على تدمير الخلايا المصابة بالفيروسات، وهذا يؤدي إلى حدوث استجابة مناعية أكبر.
غالباً ما تنحسر الحرارة من تلقاء ذاتها ولا تدوم إلا مدَّة قصيرة. وهي ليست خطيرة طالما لم تبلغ 40 درجة مئوية.
تنخفض كلما تقدمنا في العمر
أظهرت الدراسات أنه مع تقدمنا في العمر، يحدث لدينا انخفاض في درجة حرارة الجسم، بسبب فقدان التنظيم الحراري، وهي العملية التي تسمح لجسمك بالحفاظ على درجة الحرارة الداخلية الأساسية.
لا يستطيع كبار السن ممن أعمارهم فوق الستين عاماً تنظيم درجات حرارة جسمهم بدرجة شبابهم نفسها، لأن استجاباتهم للتغيرات في درجة حرارة الجسم تتغير.
لذلك، يمكن أن تنخفض درجة حرارة الجسم الطبيعية مع تقدُّم العمر.
كما تضعف الدورة الدموية لدينا مع تقدمنا في العمر، بسبب أن جدران الأوعية الدموية تفقد مرونتها بشكل طبيعي. عندما يتحرك الدم ببطء من خلال أجسامنا، تصبح أطرافنا أكثر برودة.
سبب آخر محتمل للشعور بالبرد مع تقدمنا في العمر، هو أن طبقة الدهون الموجودة تحت الجلد والتي تحفظ الحرارة يقل سُمكها.
بعض الأدوية والحالات الطبية، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، يمكن أن تسبب أيضاً مشاكل في تنظيم درجة حرارة الجسم.
تشعر النساء بالبرد أكثر من الرجال
تستشعر النساء البرودة أكثر من الرجال، بسبب عدة عوامل، منها انخفاض مقدار العضلات بالنسبة للرجال.
تحفز العضلات عملية التمثيل الغذائي التي تزيد من الشعور بالدفء.
بالنسبة للنساء اللائي يقضين معظم يوم عملهن في المكاتب، فإن معدل الأيض لديهن يقل بنحو 35% عن الرجال، وهو ما يعني انخفاض حرارة الجسم والشعور بالبرودة من الداخل إلى الخارج.
ووجدت دراسة أجرتها جامعة Merryland، أن درجة حرارة جسم المرأة أعلى من الرجل.
وتقول الدراسة إن ارتفاع درجة حرارة جسم المرأة يجعلها أكثر حساسية لبرودة الجو أكثر من الرجل.
وقد يكون السبب زيادة معدل الدهون لديها، ولذلك تحتفظ أجسادهن بالحرارة.
أما الرجال، فلديهم كتل عضلات أعلى، وهي أفضل في توزيع الحرارة داخل الجسم كما ذكرنا سابقاً.
إذا كانت المرأة تستخدم وسائل منع الحمل، فإن ذلك سيؤثر في الهرمونات الأنثوية، ويمكن أيضاً أن يرفع درجة حرارة جسمها أكثر، وهو ما يجعلها أكثر حساسية للبرد.
ويقول البروفيسور مايكل تيبتون، رئيس علم وظائف الأعضاء التطبيقي في جامعة بورتسموث، إن هرمون الأستروجين الأنثوي يتسبب في انقطاع تدفق الدم إلى الأوعية الدموية، خاصةً تلك الموجودة باليدين والقدمين، وبذلك تكون الأطراف أكثر حساسية للبرد.
درجة حرارة الجسم أعلى لدى البدين
وفقاً لـPopular Science، أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين لديهم مؤشر كتلة جسم أعلى (BMI) أقل عرضة لانخفاض درجة حرارة أجسادهم، لأن الدهون تعزل جوهر الجسم.
لكن في ظل ظروف معينة، قد يشعر الشخص البدين ببرودةٍ أكبر من أصحاب الوزن العادي، ويرجع تفسير ذلك إلى أن جسم الشخص البدين يبقى دافئاً، في حين أن بشرته هي التي تبرد!