في كثير من دول العالم بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها تدريجياً، ففي بعض الدول عاد الموظفون إلى مكاتبهم، كما سمح للمطاعم والفنادق أن تستقبل الزبائن كذلك، لكن هذا لا يعني أن الخطر قد زال، إذ تؤكد الدراسات أن خطر انتشار فيروس كورونا يزداد في الأماكن المغلقة.
كيف نستطيع تحديد مدى خطورة المكان المغلق الذي نتواجد فيه؟ وكيف نقي أنفسنا ونأخذ احتياطاتنا في المطاعم والمكاتب ومحلات البقالة والحمامات العامة؟
إليكم كل ما تريدون معرفته في هذا التقرير:
انتشار فيروس كورونا أسرع في الأماكن المغلقة
يقول تشارلز جيربا، عالم الفيروسات وعلم الأحياء الدقيقة بجامعة أريزونا، إن الفيروسات تنتشر بسرعة في الأماكن المغلقة الكبيرة، كما ورد في موقع Inverse الأمريكي.
فقد وجدت دراسة لم تُنشر بعد أجريت على 318 حالة تفشٍّ لمرض "كوفيد 19" في الصين أن 80% من حالات التفشي حدثت في المنزل.
ويتابع: "إذا دخل شخص ما إلى منزل والفيروس على يديه، فسينتشر على 90% من الأسطح خلال 4 ساعات تقريباً".
وبالنظر إلى قضاء معظمنا لما يقرب من 90% من الوقت في الأماكن والمساحات المغلقة، بدايةً من المطاعم إلى مباني المكاتب، وأن تلك الأماكن بدأت في إعادة فتح أبوابها في العديد من دول العالم، من المهم مراعاة عامل سهولة انتشار الفيروس السريعة في هذه الأماكن.
العوامل التي تحدد مدى خطورة الأماكن المغلقة
بالتأكيد، فإن العامل الأول والأهم على نحوٍ حاسم الذي يحدد ما إذا كان مكاناً معيناً خطراً هو وجود شخص مصاب فيه من عدمه.
فإذا كان هذا الشخص يسعل أو يعطس أو يتحدث بصوت عالٍ ويطلق قطيرات، فسيزداد الخطر.
وهناك عدد قليل من العوامل التي يقول العلماء إنها تؤثر على مدى خطورة مكان ما:
1. كثافة الموجودين فيه
2. قدر الوقت الذي تقضيه في هذا المكان
3. كمية الأسطح التي يكثر ملامستها والتي قد تحمل القطيرات المشبعة بالفيروس (يمكن للقطيرات أن تظل لمدة تصل إلى 72 ساعة على البلاستيك والحديد المقاوم للصدأ، ولمدة أقل من 24 ساعة على الورق المقوى، ولأقل من 4 ساعات على النحاس).
4. تدفق الهواء في المكان يلعب دوراً كذلك إلى حد ما
مع أخذ ذلك في الاعتبار، إليك ما نعرفه عن طريقة انتشار الفيروس في أربعة أماكن يمكن العثور عليها في أي مدينة:
انتشار فيروس كورونا في المطاعم
في دراسة نُشرت في دورية Emerging Infectious diseases، وجد العلماء في الصين أن الجلوس بالقرب من شخص مصاب بمرض "كوفيد-19″، مثلما قد يحدث في المطاعم، يمكن أن يؤدي إلى الإصابة به.
في هذه الحالة، تناولت عائلة مكونة من أربعة أفراد (أحدهم مصاب دون أن يعلم) الغداء مع ثلاثة أفراد آخرين من العائلة (تطلق عليهم الدراسة العائلة أ). في مكان قريب، حيث كانت هناك عائلتان أخريان تتناولان الطعام. بعد أسبوع، أصيب 3 أفراد من عائلة كانت تجلس على يسار العائلة "أ" بفيروس كورونا، واثنان من أفراد العائلة التي كانت تجلس على يمينها. كانت الطاولات قريبة، حيث كانت على بُعد متر واحد فقط.
وقد تتبع العلماء تلك الحالات إلى المطعم الذي تناول جميع الأطراف طعام الغداء فيه وافترضوا أن القطيرات كانت المسؤولة عن انتقال المرض.
والأهم أنهم يعتقدون أن مكيف الهواء، الذي ربما يكون قد ضخ القطيرات الصغيرة في أرجاء المطعم كان "عاملاً رئيسياً".
وقد مرض 9 أشخاص من بين 83 كانوا في ذلك المطعم.
يقول جيربا إن الجلوس في الهواء الطلق هو فكرة جيدة، للمساعدة في تقليل خطر الإصابة بالعدوى.
ويوضح أنه بخلاف سعال المصابين في الهواء، فقد تنبع المخاطر الإضافية في المطاعم من طريقة تعقيم الأسطح.
مع العلم أن أسطحاً مثل كراسي الأطفال المرتفعة والقوائم البلاستيكية معرضة للخطر بشكل خاص.
فإذا لمست أياً منهما، حاول أن تتذكر غسل يديك أو استخدم معقم اليدين.
انتشار فيروس كورونا في مكاتب العمل
المكاتب هي أماكن يصعب تجنب العدوى فيها؛ بسبب وجود العديد من الأسطح المشتركة ولأن الأفراد يقضون فترات طويلة من أوقاتهم هناك.
توضح دراسة أُجريت في شهر أبريل/نيسان، حللت مركز خدمة عملاء في كوريا الجنوبية، مدى السرعة التي قد ينتشر بها فيروس "سارس-كوف-2" في هذا النوع من البيئات.
وفصَّلت الدراسة تفشي المرض في مبنى مكون من 11 طابقاً مع شقق سكنية ومركز خدمة عملاء بين الطابقين السابع والحادي عشر.
وقد اختبرت حكومة كوريا الجنوبية 1143 شخصاً من هذا المبنى.
وتبين أن من بين هؤلاء، ظهرت تحاليل 97 شخصاً إيجابية لمرض "كوفيد-19″، من بينهم 93 شخصاً من العاملين بمركز خدمة العملاء بالطابق الحادي عشر.
فيما يلي، تظهر مقاعد عمل موظفي خدمة العملاء المصابين باللون الأزرق.
لقد عمل معظم هؤلاء الأفراد البالغ عددهم 93 شخصاً على الجانب نفسه من الطابق الحادي عشر، وعلى مقربة من بعضهم البعض.
وخلص الباحثون إلى أن بيئة العمل "مرتفعة الكثافة" بيئةً مرتفعة المخاطر لانتشار "كوفيد-19".
وفي حال عدت إلى المكتب، فالمنطقة التي ربما ترغب في الاحتراز منها أشد الاحتراز هي غرفة الاستراحة.
ففي غرفة الاستراحة أو في منطقة المطبخ المشترك، قد يتركز عدد كبير من الأشخاص في مساحة صغيرة وتوجد بعض الأسطح التي يتعامل معها الجميع بكثرة، كآلات تحضير القهوة أو أسطح المنضدة.
انتشار فيروس كورونا في محال البقالة
سلط عمل جيربا السابق الضوء على عربات التسوق باعتبارها المناطق الأخطر في محل البقالة.
ووجد تحليله في 2012 لـ 85 عربة بقالة من سان فرانسيسكو، وسيوكس سيتي، ولوس أنجلوس، وبورتلاند (بولاية أوريغون)، وأتلانتا أن 62 منها تحتوي على بكتيريا الكوليفورم، وهي بكتيريا توجد غالباً في البراز.
يقول جيربا إن عربات التسوق قد تكون أيضاً نقاطاً نشطة لانتقال فيروس "سارس-كوف-2" أيضاً.
وبعيداً عن العربات، فقد أشار نموذج صاغه باحثون فنلنديون في أوائل أبريل/نيسان إلى أنه بعد مرة واحدة من السعال، يمكن للجزيئات الصغيرة التي يبلغ عرضها 20 ميكرومتراً تقريباً تشكيل سحابة تظل في الهواء، وتتحرك في ممرات البقالة.
وتشير الأبحاث الأحدث إلى أنه مع أن القطيرات الصغيرة ربما تظل في الهواء لما يتراوح بين 8 إلى 14 دقيقة، ففرص احتوائها على الفيروس أقل من 1% للقطرة التي يبلغ حجمها 10 ميكرومتر تقريباً.
انتشار فيروس كورونا في الحمامات العامة
يخشى معظم الناس مقابض الأبواب في مخارج الحمامات العامة، لكنه ووفقاً لجيربا فإن "النقاط النشطة" الحقيقية لانتشار الفيروسات هي مقابض صنابير المياه ، إلى جانب الأرضية، التي يمكن أن تتراكم عليها بكتيريا البراز.
ولهذا السبب يحذر من لمس الصنابير بيدين عاريتين، ويقترح أنه من الجيد عدم وضع حقائب اليد أو الحقائب الأخرى على أرضية دورة المياه.
وفي ما يتعلق بفيروس كورونا، قد تكون الصنابير أسطحاً يمكن للفيروس أن يمكث عليها .
كما يمكن للحمامات أن تشكل تهديداً؛ لأن العلماء غير متأكدين مما إذا كان الفيروس يبقى في البراز.