شُلَّ والدها لما عرف بدخولها عالم الفن، واعتزلت بعد إصابتها بالعمى: محطات من حياة عقيلة راتب

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/03 الساعة 14:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/03 الساعة 14:39 بتوقيت غرينتش
الممثلة والمغنية المصرية عقيلة راتب - الشبكات الاجتماعية

إذا ذكر اسم الممثلة والمغنية المصرية عقيلة راتب قد لا يعرفها الكثيرون، لكن إذا عُرضت صورتها على محبي أفلام الأبيض والأسود، فبكل تأكيد سيتعرفون إليها، ويتذكرون أدوارها الشهيرة في السينما المصرية، فهي واحدة من أشهر الممثلات اللاتي قدمن دور الأم والحماة في أفلام مثل "عائلة زيزي"، والكثير من الأدوار في الأفلام المقدمة من أواخر الثلاثينات وحتى نهاية الثمانينات.

ورغم شهرتها كممثلة إلا أن قليلاً يعرف أنها في الأصل مطربة تتمتع بصوت عذب، قادر على أداء أغلب أشكال الغناء العربي، ورغم غناها في العديد من الأفلام إلا نادراً ما نستمع لتلك الأغاني خارج الأفلام؛ لذلك سنحاول هنا الوقوف مع مسيرة المطربة عقيلة راتب، لا الممثلة، ونعيد التعرف والاستماع إلى أغانيها.

حياة عقيلة راتب التي غيَّرت اسمها ورفضت عائلتها دخولها الفن

عقيلة بنت حي الضاهر في القاهرة، حيث ولدت في العام 1916، ودرست في مدرسة "التوفيق" القبطية، اكتشفت ناظرة المدرسة حب عقيلة للتمثيل والغناء، عندما مثلت أحداث الشجار بينها وبين صديقة لها في الفصل أمام الناظرة، وبعد يومين ضمَّتها ناظرة المدرسة إلى فريق المسرح، وبدأت تُظهر موهبتها لدرجة أنها أصبحت رئيسة لفريق التمثيل، لكن كان لابد لها من الحصول على موافقة والدها، لكنه لم يكن يعلم أن الهواية والنشاط الدراسي سيتطور إلى الرغبة في احتراف التمثيل والغناء.

عندما شاهد زكي عكاشة صاحب فرقة "عكاشة" المسرحية أداءها عرض عليها التمثيل، بينما كان عمرها 14 عاماً، لكن والدها رفض رفضاً قاطعاً وهددها بتخلي الأسرة عنها وعدم دعمها مادياً أو حتى معنوياً؛ إذ كان والدها يشغل منصب رئيس قسم الترجمة بوزارة الخارجية، حتى إنها اضطرت إلى تغيير اسمها من كاملة محمد إلى عقيلة راتب، وراتب هو اسم شقيقها الذي توفي وهو رضيع.

بداية الرحلة الفنية من فرقة "عكاشة"

بدأت عقيلة رحلتها ممثلة في فرقة "عكاشة"، بمساعدة عمتها دون علم والدها، وقدمت دور البطولة في عدة مسرحيات، وحققت نجاحاً كبيراً وهي دون 15 عاماً، بينما كان والدها يحلم بأن تسلك ابنته السلك الدبلوماسي عندما تكبر، لكن الفن سحرها وأبعدها عن كل ترتيبات الأب.

كانت عقيلة تغني وتمثل وتقدم الاستعراضات، ومع النجاح الباهر لها، كان من الصعب إخفاء الأمر عن والدها، وعرف أن ابنته أصبحت بطلة مسرحية ومطربة؛ ما تسبب بإصابته بالشلل من أثر الصدمة.

انضمت عقيلة إلى فرقة "علي الكسار" وكانت نجمة الفريق لفترة طويلة، وخلال عملها مع الكسار، أحبها زميل لها في نفس الفرقة، وطلب من الكسار أن يزوِّجها له، ووافقت عقيلة وتزوجت بلبل مصر وقتها المطرب والممثل حامد مرسي، ثم أسَّست هي وزوجها فرقة خاصة بهما وقدما العديد من الأعمال المسرحية.

أصبحت عقيلة واحدة من أهم نجوم الفن والتمثيل في مصر، إلا أنها لم تكن مهتمة بفكرة الصحافة والدعاية الفنية لشخصيتها، فكانت تعيش في هدوء ولا تكترث لما يحدث خارج إطار عملها المسرحي وبيتها، كما كانت صغيرة وسط كل هذه الأحداث والنجاحات فلم تكمل عامها العشرين عندما تزوجت وهي في قمة النجاح المسرحي، وكان يطلق عليها لقب "السندريلا" لتمكُّنها من القيام بكل شيء من تمثيل وغناء واستعراض.

ثم الانطلاق إلى البطولات السينمائية

تخوَّفت عقيلة كثيراً مثل أغلب جيلها من دخول عالم السينما، ولكن مع تكرار الفرص وبدء ازدهار السينما في الثلاثينات كان لابد من اتخاذ تلك الخطوة مجاراة للتغيير، فقدمت أولى بطولاتها السينمائية فيلم "اليد السوداء" بالعام 1936 بمشاركة زوجها حامد مرسي، ثم انطلقت في عالم السينما وقدمت العديد من الأفلام وغنَّت في أغلبها. 

وسريعاً أصبحت نجمة متوَّجة خلال الأربعينات، وكانت نجمة شباك وبطلة الأفلام، فكانت متعددة المواهب فهي ممثلة ومطربة وتقدم الاستعراضات. ما يميز عقيلة أنها كانت من أول الفنانات المكتملات في تاريخ السينما المصرية، قبل ظهور شادية وسعاد حسني وغيرهما من نجمات السينما المصرية.

عقيلة ليست ممثلة صوتها جيد في أداء الأغاني السينمائية، بل مطربة متمكنة من صوتها وقدراته، وتغني المونولوجات العاطفية بكل تمكن، وكانت تستغل موهبتها جيداً في أفلامها أيضاً، مثل أغنيتها "يا لهف قلبي" التي قدمتها في فيلم "قلب المرأة" بالعام 1940.

قدمت في الفيلم نفسه أغنية أقرب إلى المونولوج الفكاهى، مع لحن وكلمات كوميدية أدتها بكل إتقان، وغنت عقيلة العديد من المونولوجات الفكاهية مثل "نسي أحب"، أو اسكتشات استعراضية مثل "البحارة" مع محمد قنديل في فيلم "المظلومة" الذي قدم بالعام 1950، ولها تسجيل أيضاً لموال "حر الجوى زاد نحولي والحبيب" في العام 1929.

تراجع النجومية ثم الإصابة بالعمى والاعتزال

استمرت عقيلة نجمة أولى حتى منتصف الخمسينات، ومن ثم بدأ نجمها يتراجع، لم تهتم عقيلة بتقديم حفلات غنائية أو تسجيل أغانٍ خارج السينما، ثم أصبحت أدوارها تقتصر على أدوار الأم والحماة، ورغم أنها أصبحت واحدة من أهم من يؤدي هذا الدور، لكن بطولاتها السينمائية تراجعت، كما نسيت الغناء قليلاً وركزت على المسلسلات التي بدأت تنتشر في مصر مع انطلاق التلفزيون المصري بداية من الستينات.

 ظلت عقيلة بعيدة عن الغناء حتى بداية السبعينات؛ إذ قدمت أغنية "رنة خلخالي" في فيلم "شقة مفروشة"، ورغم تقدمها في العمر وبُعدها عن الغناء، إلا أنها كانت لا تزال تحتفظ بصوت جميل وحرفة الغناء، وأتبعته بالفيلم الاستعراضي "حلوة يا دنيا الحب"، والذي غنت فيه عدة أغانٍ واستعراضات مشاركة مع أبطال الفيلم.

استمرت عقيلة في السينما حتى أصيبت بالعمى، بينما تصور فيلم "المنحوس" في العام 1987، ثم قررت الاعتزال حتى رحلت عن عالمنا في 22 فبراير/شباط 1999، تاركة مسيرة فنية وغنائية تمتد لـ60 عاماً بين أعمال مسرحية وسينمائية وغنائية وتلفزيونية.

تحميل المزيد