فاز "فيلم ريش" للمخرج المصري الشاب عمر الزهيري، بجائزة أفضل فيلم عربي في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بمهرجان الجونة، الذي أسدل الستار عليه مساء الجمعة 22 أكتوبر/تشرين الأول 2021، وذلك على الرغم من حالة الجدل الكبيرة التي أثارها الفيلم.
كان الفيلم الفائز بجائزتين من مهرجان كان السينمائي، قد تعرَّض لانتقادات من برامج تلفزيونية وبعض الفنانين والنقاد، الذين اتهموه بـ"الإساءة لصورة مصر"، بسبب حالة الفقر الشديد التي عاشتها العائلة محور الأحداث، وامتدت هذه الاتهامات إلى المهرجان وبلغت حد المطالبة بمقاطعته إعلامياً.
كذلك سبق أن حصل الفيلم على جائزة "أسبوع النقاد" وجائزة "لجنة تحكيم الاتحاد الدولي لنقاد السينما" (فيبريسي)، في يوليو/تموز 2021.
يسرد الفيلم قصة عائلة فقيرة مكونة من أب وأم وثلاثة أطفال، وفي أحد الأيام يقرر الأب الاحتفال بعيد ميلاد أحد أبنائه، فيُحضر ساحراً لتقديم فقرات مسلية للضيوف، لكن عندما يستعين الساحر بالأب في تأدية فقرة يدخله إلى صندوق خشبي كبير ويحوله إلى دجاجة ويختفي الأب.
من هذه المفارقة العبثية تنطلق أحداث الفيلم؛ إذ تحاول الزوجة بكل السبل استعادة الأب، وتبحث عن الساحر، لكن دون جدوى، وبعدما تستنفد ما لديها من جنيهات معدودة تبدأ في الاعتماد على نفسها لتدبير متطلبات الأسرة، وتدفع بابنها الأكبر للعمل في المصنع الذي كان يعمل فيه أبوه لسداد ديونهم.
ثم بعد أن يستقر وضع الأسرة نسبياً يظهر الأب من جديد، لكن حالته المزرية وفقده للكلام والحركة تجعله عبئاً جديداً على الأسرة.
مخرج الفيلم المصري اعتبر أن الفكرة هزلية بتحويل الأب إلى دجاجة، لكنها مليئة بالمآسي، في معالجة مشكلة الحياة أو الموت في عالم الطبقة الفقيرة، ولأن الفكرة مختلفة في المعالجة قال الزهيري إن هذا الاختلاف قد يكون مربكاً لبعض الناس.
كان بعض النقاد قد توقعوا أن يصبح فيلم "ريش" مرشح مصر للمنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، بعدما أعلن صناع العمل عزمهم طرحه في دور العرض، في شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، إلا أن هذا الحلم تبدّد بعد الجدل الكبير الذي أثير بوسائل الإعلام المصرية.
إذ غادر الممثلان شريف منير وأحمد رزق عرض الفيلم، لاعتباره "يسيء لمصر"، ويعرض سلبيات الحياة فيها بشكل مبالغ فيه، وهو الأمر الذي رفضاه جملةً وتفصيلاً، بحسب رأيهما.
جوائز أخرى
شهد ختام مهرجان "الجونة" أيضاً، منح جائزة النجمة الذهبية لأفضل فيلم روائي طويل بالمهرجان لـ"الرجل الأعمى الذي لم يرغب بمشاهدة تيتانيك" من فنلندا.
بينما ذهبت النجمة الفضية لفيلم "غروب" من المكسيك، وذهبت النجمة البرونزية للفيلم الروسي "هروب الرقيب فولكونوغوف".
أما جائزة أفضل ممثل فذهبت لبيتري بويكولاينن عن دوره في "الرجل الأعمى الذي لم يرغب بمشاهدة تيتانيك"، بينما ذهبت جائزة أفضل ممثلة إلى مايا فاندربيك عن فيلم "ملعب" من بلجيكا.
في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة فاز بالنجمة الذهبية فيلم "حياة إيفانا" من روسيا، وذهبت النجمة الفضية لفيلم "أوستروف – جزيرة مفقودة" من سويسرا، أما النجمة البرونزية فذهبت لفيلم "سبايا" من السويد.
كذلك فاز "كباتن الزعتري" للمخرج المصري علي العربي بجائزة أفضل فيلم وثائقي عربي في المهرجان.
أما جائزة النجمة الذهبية لمسابقة الأفلام القصيرة التي ضمت 23 فيلماً، فكانت من نصيب فيلم "كاتيا" من روسيا والنجمة الفضية لفيلم "الابن المقدس" من إيطاليا و النجمة البرونزية لفيلم "على أرض صلبة" من سويسرا.
كذلك نال فيلم "القاهرة – برلين" جائزة أفضل فيلم عربي قصير للمخرج الشاب أحمد عبد السلام، كما نال الفيلم اللبناني "كوستا برافا، لبنان" جائزتي لجنة تحكيم الاتحاد الدولي للنقاد (فيبريسي) لأفضل عمل أول ونجمة الجونة الخضراء لأفضل فيلم تناول قضية البيئة وحماية الحياة البرية.
مشكلات واجهت مهرجان الجونة
كانت الدورة الخامسة لمهرجان "الجونة" السينمائي شهدت بعض المشكلات، من بينها اندلاع حريق في ساحة مركز المؤتمرات قبل ساعات من حفل الافتتاح، وتعرض رئيس العمليات والمؤسس المشارك للمهرجان بشرى رزة لحادث سيارة أثناء تصوير أحد المشاهد بالجونة، وأخيراً استقالة المدير الفني أمير رمسيس قبل يومين من الختام.
من جانبه، قال انتشال التميمي مدير المهرجان في كلمته: "ما الذي يمكن قوله بعد ختام هذه الدورة الدراماتيكية؟ أحداث متلاحقة بدأت بالحريق ولم تنتهِ بحادث العزيزة بشرى، لكن هذا لم يثننا عن تحقيق دورة ناجحة جداً".
أضاف التميمي أنه "بالنسبة لي هذه الدورة هي الأمثل بين كل الدورات السابقة، بدءاً من برنامج سينمائي حظي بحفاوة نقدية وجماهيرية، مروراً بتطور منصة الجونة السينمائية وتوجهها إلى مسار احترافي أكثر، إلى حفل موسيقي ممتع، واحتفال قيم بالمخرج (كريستوف) كيشلوفسكي باستعادة أفلامه وندوة مميزة ومعرض فني لأعماله، انتهاء بفعاليات متنوعة في أرجاء المدينة".
أشار التميمي إلى أن هذه الدورة من المهرجان، "شهدت الكثير من القضايا الشائكة، ولكن ما العيب؟ فمن ضمن مهمة المهرجان إثارة النقاش وتحفيز الجدل".