في العام 1991، قررت الممثلة القديرة فاتن حمامة وهي في عمر الـ60، أن تخوض أول تجربة تلفزيونية لها عبر مسلسل ضمير أبلة حكمت. لم يكن إقناعها سهلاً، ولكن لأن القصة شبه حقيقية وتتمحور حول منظومة تعليم الأولاد وتربيتهم، وافقت ولاقى المسلسل نجاحاً كبيراً ودخل جميع المنازل.
شد متابعيه من خلال قصص ومواقف يتعرض لها الإنسان يومياً، وأزاح ستاراً حول ما يدور وراء جدران المدارس وإداراتها بعيداً عن الصورة النمطية للأستاذ الذي يمسك العصا ولا يود سوى إنهاء الحصة أو الفصل وقبض راتبه.
على مدى 15 حلقة شكلت موعداً للقاء الأصدقاء والعائلة ما بعد عرضه، قدمت فاتن حمامة نموذجاً للمرأة ذات القيم والمبادئ والتي لم تفرط فيها في عالم لا يحترم كلُّ أناسه تلك القيم والمعايير الأخلاقية.
تتعرض الأبلة حكمت لظلم كبير طال تشويه سمعتها وحطم حياتها وتاريخها المشرف، لمجرد أنها كانت تريد أن تصحح أخطاء في المنظومة التعليمية، لكنها تصمد في وجه كل افتراء وصفعة تتخطى حياتها المهنية إلى دائرتها الشخصية.
كوكبة نجوم في مسلسل ضمير أبلة حكمت
مسلسل ضمير أبلة حكمت من تأليف أسامة أنور عكاشة وإخراج إنعام محمد علي، وشارك "حمامة" البطولة كل من أحمد مظهر وجميل راتب ويوسف شعبان وصلاح قابيل وسميرة عبدالعزيز وغيرهم الكثير.
وكانت الأبلة حكمت تحلم بتطبيق تجربتها التربوية في سائر مدارس الإسكندرية، لكن يتم تعيين وكيلة وزارة غيرها رغم أحقيتها بالترقية والمنصب، وتبدأ المشاكل.
فاتن اختارت الأبطال والموسيقى وطريقة التصوير!
ومؤخراً كشفت المخرجة "علي" بعض أسرار وخفايا المسلسل، إذ قالت إنه لم يكن من السهل إطلاقاً إقناع الفنانة القديرة بتقديم عمل تلفزيوني.
كما كشفت أن حمامة اختلفت مع عكاشة حول عدد من المشاهد، فاعتذرت ثم أقنعها الفنان ممدوح الليثي.
كما أوضحت أن فاتن حمامة اختارت عمر خيرت للموسيقى التصويرية للعمل، إلى جانب الفنانَين أحمد مظهر وجميل راتب شخصياً، وطلبت من المخرجة التصوير على الطريقة السينمائية.
وشكَّل المسلسل انطلاقة فنية لعدد من الفنانين الشبان مثل عبلة كامل ومحمود الجندي.
وأخيراً، ينتهي مسلسل ضمير أبلة حكمت نهاية سعيدة تؤكد أن الحق سيسود في النهاية، وذلك بأن تم تكريمها وإطلاق اسمها على مدرسة نور المعارف، لتشكل نموذجاً للشرف وقدوة للمدرسين والطلاب على حد سواء.
ففي الحلقة الأخيرة، عندما عاد جميل راتب (صلاح أبو رحاب)، بعدما غاب بحجة إجرائه عملية جراحية خطيرة، وقيامه بالتنازل عن ممتلكاته كافة لصالح فاتن حمامة (أبلة حكمت)، كان المشهد كأنه تجسيد لانتصار المبادئ وسيادة الضمير فوق الشر.
ثم يعترف أبو رحاب بحقيقة غيابه ومحاولته استغلال اسم حكمت ناصع البياض كـ"كبش فداء" ليهرب من قضايا تهرب ضريبي في عدد من الدول، قبل أن يعود نادماً ويقرر نتيجة "صحوة ضمير"، أن يمنع جريمته بحق حكمت ويتحمل نتائج دربه وخياراته.
هل الأبلة حكمت شخصية حقيقية؟
قالت حمامة في تصريح إعلامي سابق، إن ما تعلمه أن "المؤلف عكاشة استوحى شخصيتها من سيدة فاضلة كانت رئيسة لمدرسة وكانت مثالية في تمسكها بالمبادئ والأخلاقيات التربوية، خاضت معارك عنيفة انتصرت فيها، إلا أن انتصارها كان يهدد بخروج وزيرين من الحكومة؛ وهو ما أدى إلى انسحابها من المدرسة، ثم كرّمتها الدولة بتعيينها عضوة في مجلس الشعب. ولكن قصة المسلسل تختلف عن قصة حياة هذه السيدة"، على حد تعبيرها.
وأضافت أن الشخصية الحقيقية كانت عضوة داخل مجلس الشعب بالفعل، وقبل تنفيذ المسلسل، التقتها فاتن حمامة، وتحدّثت معها طويلاً.
وتوفيت الفنانة الملقبة بسيدة الشاشة العربية، في 17 يناير/كانون الثاني من عام 2015، عن عمر يناهز 83 عاماً، نتيجة أزمة صحية.
في عام 1999، تسلمت شهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وفي عام 2000 منحتها منظمة الكتّاب والنقاد المصريين جائزة نجمة القرن، كما مُنحت وسام الأَرز من لبنان ووسام الكفاءة الفكرية من المغرب والجائزة الأولى للمرأة العربية عام 2001، وغيرها الكثير من الجوائز.
وفاتن حمامة من مواليد السنبلاوين عام 1931، ويعد الفنان الراحل يوسف وهبي مكتشف موهبتها.
قدمت "حمام ما يقارب 94 فيلماً، بدأت أولها بفيلم "يوم سعيد" عام 1940، وآخرها فيلم "أرض الأحلام" عام 1993.
وعملت مع معظم رواد الإخراج في مصر، ومن أبرز أفلامها "ليلة القبض على فاطمة" عام 1984.