احتشد الجمهور من جميع الفئات تقريباً على سطح الكوكب خلال عطلة الأسبوع، لمشاهدة فيلم Avengers Endgame الذي حقق إيرادات بلغت 1.2 مليار دولار في جميع أنحاء العالم، ويقبع بالمرتبة الأولى في 54 دولة على الأقل.
وحسب صحيفة The New York Times الأمريكية، فقد استُقبل الفيلم بحفاوة بالغة في الولايات المتحدة وكندا، محققاً عائدات قياسية بقيمة 350 مليون دولار، متجاوزاً فيلم "Star Wars: The Force Awakens" الذي صدر عام 2015، والذي حقق إيرادات خلال عطلة الأسبوع الافتتاحية، بلغت 248 مليون دولار، أي ما يعادل نحو 270 مليون دولار بالقيمة الحالية للدولار الأمريكي.
نجاح "الأفلام الكبيرة" في منافسة "نتفليكس"
وفي مقابلة مع ميغان كوليغان، رئيسة شركة Imax Filmed Entertainment، قالت: "يوضح ذلك قوة السينما وقدراتها على تقديم هذه التجربة التي تلبي اهتماماً جماعياً على نطاق واسع للغاية، حتى في مناخ ثقافي شديد الانقسام".
ويُظهر ذلك أيضاً اعتماد هوليوود المتزايد على الأفلام الكبيرة، لإبعاد الجمهور عن منصات Facebook وFortnite وHulu وNetflix، والتوجه إلى دور السينما.
لجأت صناعة السينما إلى كل أنواع الأفلام لتحقيق أفضل الإيرادات بشباك التذاكر. في عام 1998، تضمنت قائمة أفضل 10 أفلام من حيث الإيرادات فيلم الحروب الملحمي الذي رُشِّح لجائزة الأوسكار "Saving Private Ryan"، وثلاثة أفلام كوميدية، واثنين من أفلام الخيال العلمي "Armageddon"، وفيلم الدراما الكوميدي "Patch Adams" وقليل من الأفلام العائلية مثل "Dr. Doolittle".
وخلال العام الماضي (2018)، لم تكن هناك أي أفلام كوميدية، وتضمنت القائمة فيلماً درامياً واحداً فقط "Bohemian Rhapsody"، الذي يعد فيلماً موسيقياً أيضاً. في حين احتلت أفلام الملاحم الخيالية ذات الميزانيات الكبيرة وأفلام الرسوم المتحركة ثمانية مقاعد بتلك القائمة.
عندما تنجح الاستراتيجية الجديدة، فإنها تنجح بصورة هائلة
بلغ الطلب على حضور فيلم Avengers Endgame حداً فلكياً خلال عطلة نهاية الأسبوع في دور سينما AMC، أكبر دور سينما متعددة الشاشات بأمريكا الشمالية، إذ أضافت 5 آلاف عرض في اللحظات الأخيرة بالولايات المتحدة، لترفع العدد الإجمالي إلى أكثر من 63 ألف عرض.

وعُرض الفيلم في 19 داراً على مدار الساعة. في يوم السبت 27 أبريل/نيسان 2019، فقط، ارتاد 2.3 مليون شخصٍ دور سينما AMC لمشاهدة الفيلم.
وكتب جون فيثيان، رئيس الجمعية الوطنية لأصحاب دور السينما، في رسالة بريد إلكتروني: "سيذكر رواد السينما من الشباب أين كانوا في أثناء مشاهدتهم فيلم Avengers Endgame ومع من شاهدوه وشعورهم في هذا الوقت. سيظل هذا الأثر عدة سنوات مثلما يتحدث شباب السبعينيات والثمانينيات حتى الآن عن تأثرهم بفيلم Star Wars وذكرياتهم حوله".
وقد يكون هناك مزيد بعد فيلم Avengers Endgame
يصل فيلم "The Lion King" من إنتاج شركة Disney، في شهر يوليو/حزيران، والذي يمثّل إعادة سرد لفيلم الرسوم المتحركة الموسيقى باستخدام مؤثرات بصرية واقعية، ويحظى باهتمام كثير مقدماً.
وفي ديسمبر/كانون الثاني، ستصدر Disney فيلم "Star Wars: The Rise of Skywalker"، وهو الجزء التاسع والأخير من السلسلة الملحمية.
وننتظر خلال هذا العام أيضاً مجموعة من الأفلام العملاقة؛ "Toy Story 4" من إنتاج Disney، و "The Secret Life of Pets 2" من إنتاج شركة Universal، و "Spider-Man: Far From Home" من إنتاج شركة Sony، و "It: Chapter 2" من إنتاج شركة Warner Bros.
لكن رغم ذلك هناك مخاوف بشأن مستقبل السينما
ومع ذلك، من غير المرجح أن تختفي المخاوف المتعلقة بمستقبل صناعة السينما، على الأقل خلف الأبواب المغلقة في هوليوود، بل قد يعتبر فيلم "Avengers: Endgame"، بطريقة ما، من أسباب تزايد تلك المخاوف.
يشعر أشخاص مثل ستيفن سبيلبرغ، المنتج والمخرج السينمائي، بالقلق من أن صناعة الأفلام مقبلة على مستقبل متشعب، إذ يقتصر عمل دور السينما على الأفلام الضخمة، في حين تحصل خدمات البث المختلفة على كل شيء آخر.
وبالنظر إلى المسار الحالي لقطاع السينما، وتطبيقاً على مثالين من أفلام سبيلبرغ، قد يأتي قريباً اليوم الذي تشاهد فيه أفلام الترفيه مثل "Indiana Jones and the Kingdom of the Crystal Skull" بدور السينما، في حين تلجأ إلى خدمات البث الإلكترونية، لمشاهدة الأفلام الأكثر واقعية مثل "Lincoln".
ولهذا الغرض، هناك حالة من الجدل الكبير في هوليوود حول ماهيّة الأفلام. هل ينبغي لأكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة حماية التجربة السينمائية من خلال حظر الأفلام التي تعتمد في توزيعها بشكل أساسي على الإنترنت، من الترشيح والمنافسة على جوائز الأوسكار، مثل فيلم "Roma" من إنتاج Netflix والحائز جائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي؟ وخلال الأسبوع الماضي، ناقش أعضاء الأكاديمية ما يجب عليهم فعله، وفي النهاية قرروا إبقاء خياراتهم مفتوحة.
كما دقّ محللو وسائل الإعلام أيضاً جرس الإنذار
إذ كتب دوغ كروتز، العضو المنتدب لشركة Cowen and Company في تقريرٍ، الشهر الماضي (مارس/آذار 2019): "أصبح السوق يركّز على عدد أقل من الأفلام الأكبر، والأنجح"، مشيراً إلى أن أفضل 10 أفلام حققت أرباحاً في العام الماضي أسهمت بنسبة 35% من إجمالي مبيعات التذاكر خلال العام. في حين كان إسهام أفضل 10 أفلام نحو 27% فقط منذ عشرة أعوام.
بلغت تكلفة إنتاج "Avengers: Endgame" نحو 350 مليون دولار، بالإضافة إلى 150 مليون دولار لتسويقه في كل أنحاء العالم، وعُرض في 4.662 دار سينما بأمريكا الشمالية خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وفي مشهد آخر يؤكد هيمنة Marvel، جاء فيلم "Captain Marvel" في المركز الثاني خلال عطلة نهاية الأسبوع، محققاً 8 ملايين دولار بأسبوعه الثامن مع عرضه في 2.435 دار سينما، وفقاً لإحصائيات Comscore المعنية بجمع بيانات شباك التذاكر.

وجاء في المركز الثالث خلال عطلة نهاية الأسبوع فيلم الرعب "The Curse of La Llorona" من إنتاج Warner، محققاً نحو 7.5 مليون دولار من 3.372 دار سينما.
وتوقعت هوليوود من فترة طويلة، أن يثير فيلم Avengers Endgame كل هذه الضجة.
عندما أصبحت التذاكر متاحة للبيع المسبق في الثاني من أبريل/نيسان 2019، أدّى الإقبال الشديد إلى تعطّل خوادم AMC. بالإضافة إلى إعلاناتها الخاصة، التي بدأ بثها أواخر العام الماضي (2018)، حصلت Disney على شراكات ترويجية بقيمة 200 مليون دولار إضافية.
إذ بدأت Ziploc تبيع حقائب شطائر تحمل شعارات الفيلم؛ في حين قدم McDonald، بالتعاون مع Marvel للمرة الأولى، 24 لعبة لشخصيات الفيلم.
ما جعل المنتجين يبحثون عن ابتكارات جديدة
وقال أسعد أياز، رئيس قسم التسويق في Walt Disney Studios: "أردنا أن يبدو الفيلم بمنزلة حدث ملحميا مهم وأصلي لا يمكن تفويته".
وابتكر أياز مع مساعديه استراتيجية دفعت خلالها Disney بالإعلانات التلفزيونية بقدر ضخم ومكثف خلال لحظات قليلة مهمة (مثل يوم عرض التذاكر للبيع المسبق)، ثم حالة من السكون الإعلاني لأسبوع أو أكثر.
وأوضح أياز: "كانت الفكرة (تتمثل في) مفاجأة وإبهار الناس برسالة إبداعية جديدة، ومن ثم جعلهم يتوقون إلى المزيد".
وانتهى الأمر بأن يقضي الفيلم على كل الآراء النقدية التقليدية التي روّجت لها شركات الإنتاج؛ مثل أن التتمات لا تمثّل أهمية كبيرة لدى الجمهور، وعدم وجود مركز ثقافي يجمع الجمهور من مختلف الفئات، وأن فترة عرض الفيلم الطويلة (ثلاث ساعات في هذه الحالة) تصيب المشاهد بالملل وتنفره عن المشاهدة.
وقال ألان هورن، رئيس مجلس إدارة Walt Disney Studios، إن هذه النتائج "بالغة الأهمية"، مشيراً إلى أن Marvel تحدّى "مفاهيم ما هو ممكن في عالم السينما".
ووفقاً لشركة RealD التقنية، جاءت 44% من إجمالي الإيرادات العالمية من دور العرض ثلاثية الأبعاد. وقالت Disney، صباح الأحد 28 أبريل/نيسان 2019، إن فيلم Avengers Endgame حقق رقماً قياسياً بأكبر افتتاح في عطلة نهاية الأسبوع، في 44 سوقاً بالخارج، إذ أسهمت دور سينما IMax بنصيب ضخم من مبيعات التذاكر، خاصة في الصين.
وهو ما ساعد بتحقيق أرباح مهمة ونسب مشاهدة كبيرة
وساعدت التحسينات التي أدخلتها سلاسل دور السينما المتعددة خلال السنوات الأخيرة، في تحقيق تلك المبيعات لفيلم "Avengers: Endgame". على سبيل المثال، بعدما أثبتت خدمة شراء التذاكر بناء على الاشتراك من MoviePass، شعبيتها الكبيرة في بداية القرن الحالي، لجأت AMC والشركات الأخرى التي تدير دور السينما إلى برامجها الخاصة للاشتراكات.
وأصبحت تطبيقات مثل Atom Tickets وFandango لشراء التذاكر مسبقاً أكثر شعبية، والتي تساعد على خلق حالة من الزخم وتغنيك عن الحاجة للانتظار في طابور شباك التذاكر.
لكن الفيلم، الذي أخرجه الأخوان روسو، أصبح يمثّل صاعقة ثقافية وتجارية، بسبب الطريقة التي صمم بها كيفن فيج، رئيس مارفل، سلسلة "Avengers"، لتصل إلى ذروة السرد القصصي. في الجزء السابق "Avengers: Infinity War"، فرقع الشرير الخيالي ثانوس (الذي يؤدي دوره جوش برولين) أصابعه، ليتحول نصف كائنات الكون إلى تراب، من بينهم عدد كبير من الأبطال الخارقين.
في فيلم Avengers Endgame يظهر الناجون مثل الرجل الحديدي (ويؤدي دوره روبرت داوني جونيور)، وثور (ويؤدي دوره كريس هيمسوورث)، وكابتن أمريكا (ويؤدي دوره كريس إيفانز) والأرملة السوداء (وتؤدي دورها سكارليت جوهانسون)، وينضمون معاً في محاولة أخيرة لاستعادة النظام.
وقال كروتز: "من المرجح أن يكون الفيلم الأخير لطاقم الفيلم الأصلي".
لذلك، سعى كثيرون إلى حجز مكانهم لمشاهدة الفيلم. ومن الواضح أنهم راضون عن مستوى الفيلم؛ ففي استطلاعات CinemaScore، منح مشترو التذاكر الفيلم أعلى درجات التقييم.