الوفاة دون ترك وصية في أميركا أمرٌ شائك قد يستغرق سنوات عدة قبل أن يصل سنت واحد للورثة، فما بالك لو كانت الفقيدة هي الفنانة المعروفة أريثا فرانكلين.
تُوفيت فرانكلين، الشهر الماضي (أغسطس/آب 2018)، عن عمر يناهز 76 عاماً، لكن من دون أن تترك وصية، وهكذا تبقَّى على أبنائها الأربعة وبقية أفراد عائلتها أن يحصوا قيمة أملاك ملكة أغاني السول؛ ومن ثم تقاسمها، في إجراء قد يطول سنين وقد تتسلط عليه أضواء الإعلام والكاميرات، وطبعاً مصلحة الضرائب.
خبراء فوجئوا بتأخير فرانكلين كتابة وصيتها رغم حثهم لها
خبراء القانون العقاري عبَّروا عن مفاجأتهم -ولكن ليس عن دهشتهم- من تأجيل فرانكلين موضوع كتابة وصيتها حتى فات الأوان على ذلك.
وقال أحد محامي المغنية إنه لطالما حثَّها مراراً وتكراراً على كتابة مسودة للوصية، لكن من دون طائل. وأوضح المحامي دون ويلسون، من لوس أنجلوس، والذي عمل لحساب فرانكلين طيلة 30 عاماً: "حاولت إقناعها، ليس فقط بضرورة كتابة وصية، وإنما أيضاً بتوكيل طالما ما زالت على قيد الحياة. لم تقل لي قط: (لا، لا أريد فعل ذلك)، فقد استوعبت الضرورة الداعية لذلك، ولكن يبدو أنه أمرٌ لم تشرع في القيام به".
فهي لم تكن متزوجة ولكن لها 4 أولاد، أصغرهم عمره 48 عاماً
والأسبوع الماضي، تقدم المحامي ديفيد جي. بينيت، أكثر المحامين تعاملاً مع فرانكلين، بأوراق إلى محكمة مقاطعة أوكلاند في ولاية ميشيغان الأميركية، يوضح فيها النقاط الأساسية القليلة التي نعلمها؛ فالفقيدة لم تكن متزوجة وتركت 4 أولاد تتراوح أعمارهم بين 48 و63 عاماً؛ وهم: كلارنس فرانكلين وإدوارد فرانكلين وكيكالف فرانكلين وتيد وايت جونيور. هذا ويعاني كلارينس، ابن أريثا البكر، إعاقة دفعته للاستعانة بوصي لتمثيله قانونياً.
ومن بين أفراد العائلة، قبِلت إحدى بنات أخوات أريثا أن تضطلع بدور المنفذة، وعليه وعملاً بقانون ولاية ميشيغان المشابه لمعظم الولايات الأخرى، فإن الأبناء سوف يتحاصصون ويتقاسمون ممتلكات أمهم بالتساوي في ظل غياب وصية، وحتى الآن لم تظهر أي إشارات على احتدام أي خلاف بين الإخوة.
وفي حديث مع صحيفة The Guardian، قدَّم رجل الأعمال رون موتن، صديق فرانكلين من ولاية ميشيغان، للأبناء الـ4 بعض النصائح في خطابه التأبيني الذي ألقاه يوم الجمعة 31 أغسطس/آب 2018، بالجنازة، فقال: "تذكروا عائلتكم وأصدقاءكم الذين ظلوا طيلة سنين بجانبكم؛ لأنكم الآن توشكون أن تلتقوا العديدين ممن يودون أن يتقربوا منكم ويصبحوا أقرب أصدقائكم، كما ستلتقون آخرين يعرضون عليكم أفضل المشاريع الاستثمارية في العالم. نصيحتي لكم هي: تأنّوا واحذروا وكونوا فطنين".
المحامون يحاولون تقليل القيمة والضرائب تضخمها
هذا ولم تأتِ الوثائق على ذكر قيمة تركة فرانكلين. يكاد لا يوجد شك في أن الرقم يصل إلى عشرات الملايين، بيد أن المحامين سيحاولون التقليل من شأن حجم المال الموروث لتلافي الضرائب، فمصلحة جباية الضرائب تحاول دائماً تضخيم حجم الثروات.
وترِكتُها تستمر مع ملكيتها الفكرية لأغانيها
وقال المحامي ويلسون إن فرانكلين احتفظت بحق ملكيتها الفكرية لأغانيها التي كتبتها وحافظت عليها، رغم أنه من بين أنجح أغانيها لا توجد سوى Think من كتابتها وتأليفها هي، كما أنها كتبت أيضاً أغاني لاقت نجاحاً أقل مثل Rock Steady.
لم تجنِ فرانكلين الكثير من بيع حقوقها للراديو على أغانٍ حققت نجاحاً باهراً مثل Respect عام 1967؛ لأن معظم المدفوعات تذهب إلى المؤلف لا إلى مؤدي الأغنية، وفي حالة أغنية Respect المذكورة فقد ذهبت حقوق البيع إلى أوتيس ريدينغ.
يقول ويلسون: "أتصور أنها ربما شعرت بأنها تستحق المزيد، بيد أنها جَنَتْ أكثر مما جناه فنانون كثر آنذاك، خصوصاً الأميركيين الأفارقة من الفنانين".
وأي عقار تفوق قيمته 11.2 مليار تطالب الدولة بـ40% منه!
ومن بين أصول فرانكلين الملموسة ثمة أملاك عديدة يثمّنها مقدّرو الضرائب بمليوني دولار على الأقل، وقد تصل قيمتها في السوق إلى ضعف ذلك بكل سهولة.
حين تستقر الآراء على تحديد القيمة، وهو إجراء قد يستغرق أعواماً، فسوف تستقطع مصلحة جباية الضرائب الأميركية أي مبالغ ضريبية مستحقة سابقاً؛ ومن ثم ستفرض على كل عقار أو أصل تفوق قيمته 11.2 مليون دولار نسبةً ضريبية قدرها 40%.
Prince بعد عامين من وفاته لم يرث منه أحد شيئاً بعد
ويقول المحامي كينيث عبدو، الذي سبق أن تولى حصر إرث الفنان Prince، المتوفى هو الآخر دون وصية، إن مصلحة جباية الضرائب سوف تعقد جلسة استماع.
أما ويلسون، محامي فرانكلين المتخصص في الوسط الفني والترفيه، فقال إنها لم تكن تود رؤية أملاكها وأموالها تذاع علناً على الملأ.
وختم قائلاً: "لقد كانت شخصاً يحب الخصوصية".
ما حدث لـPrince قد يتكرر مع فرانكلين؛ إذ إنه وبعد أكثر من عامين على وفاته لم يرث أحد سنتاً بعد. لكن المحامين مثلاً تلقوا حتى الآن نحو 9 ملايين دولار أتعاباً، كما حرصت مصلحة الضرائب على اقتطاع حصتها من التركة، فضلاً عما سيتقاضاه أيضاً المستشارون والخبراء وغيرهم الكثير قبل أن يصل ما تبقى من التركة إلى أشقاء Prince، الذي لم ينجب أولاداً.
ومن أجل كل هذا، يحث الخبراء دائماً على كتابة وصية، يمكن تعديلها لاحقاً أكثر من مرة لو أحب صاحبها. وينصح المحامون بكتابة مخططٍ أساسي لما يريد الشخص أن يحدث لأصوله في حالة الوفاة. لا تحتاج الوصايا بالضرورة إلى أن تكون موثقة، ولكن معظم الولايات الأميركية تحتاج إلى وجود شاهدين لها حتى تكون صالحة. وفي حالة الوفاة، قد يتم استدعاؤهما للتحقق من المستند، وهو دائماً ما يحث عليه محامو فرانكلين.