عندما سافرت بيونسيه وزوجها نجم الراب الشهير جي زي إلى مدينة سالفورد البريطانية، وصل الزوجان في طائرتين مروحيتين منفصلتين.
وخلال جولتهما بالمملكة المتحدة ارتدت بيونسيه سترة سوداء ذات قلنسوة لتغطية الرأس، ولم يصحبهما أطفالهما في تلك الجولة، كما لاحظت الصحف الاجتماعية المهتمة بالثرثرة عن حياة المشاهير قبل عرضهما الثاني (On the Run II show) في مانشستر.
كانت تلك التلميحات واضحة، وكان من السهل أن يفهم منها أن: الأمور لم تكن على ما يرام بينهما، ولم تكن علاقتهما وردية كما يُمكن أن يعتقد المعجبون، حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
إنه الثنائي الرائع الذي خاض كل هذه المغامرات
فبالرغم من أن كلا الموسيقيين يتمتعان بمهن منفردّة ناجحة بشكل مذهل، إلا أن اتحادهما المستمر على مدار 15 عاماً قد استحوذ على مخيّلة العامّة منذ فترة طويلة.
فقد بدأت علاقتهما في الأغنية الثنائية -بوني وكلايد Bonnie and Clyde في عام 2003- واستمرت عبر العديد من المراحل، منها الخطوبة والزواج والأولاد والخيانة، وإصدار اثنين من الألبومات الغنائية الحزينة، تناولت صعوبات الزواج التي مرّا بها وقاما بمجموعة ثانية من الجولات العالمية المشتركة.
لكن نجاح علاقتهما، على الرغم من الضغوط التي تعرضا لها واهتمام وسائل الإعلام الذي لحقهما دائماً، يعد أمراً جديراً بالملاحظة، بالنظر إلى زيجات نجوم الروك المشاهير، بدايةً من سوني وشير، وحتى فليتوود ماك، نجد دائماً أن تلك الزيجات مشوبة بالاضطرابات.
في عروضهم هذا الأسبوع، أشار الزوجان عن طيب خاطر إلى علاقتهما بمقاطع فيديو تعرض أفلاماً منزلية، وصوراً واضحة لأطفالهما، إلى جانب رسالة تقول إن "الحب لا يتغير أبداً".
ولكن كان هناك أيضاً لقطات لمنازل تحترق وتنهار وعهود تتجدد. وبينما تشابكت أيدي الزوجين أعلنت بيونسيه قائلةً "إنه يسعدني أن أكون على المسرح مع الرجل الذي أحبه"، كما عزف كلاهما أغاني من ألبوم بيونسيه ليموناد (Lemonade) وألبوم 4:44، التي مثلت نظرتهم الخاصة عن الزواج بينما يمر بحالة اضطراب.
زيجات الموسيقيين تبدو أكثر هشاشة
يعد أي زواج كياناً حساساً، ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك، فبدايةً من إيكي وتينا تيرنر، مررواً بسوني وشير، ثم إلى نوتوريس بيج وفايث إيفانز، ووصولاً إلى غوين ستيفاني وجافين روسدال، بدا لفترة طويلة أن العلاقات التي تجمع بين الموسيقيين أكثر هشاشة من معظم الزيجات العادية.
بالنسبة للبعض، أدى هذا إلى دفع أعمالهم الفنية إلى النجاح، فقد وثق ألبوم رومرز (Rumours) لفليتوود ماك عام 1977 قصة انهيار زواج جون وكريستين ماكفي، بالإضافة إلى انهيار علاقة الشد والجذب بين زملائهم ستيفي نيكس ليندسي باكنغهام. بالإضافة إلى أن فريق الآبا (Abba) بدأ كزوجين- أغنيثا فلتسكوغ وبيورن أولفيوس، وآني-فريدا لينغستاد وبني أندرسون، ولكن مع تعثر علاقاتهما نمت موسيقاهم وتعمقت إلى نوع من التأمل الذاتي والنضج.
وبحلول عام 1981 حين أصدروا عملهم الفني المميز الزوار (Visitors)، كان كلاهما قد انفصلا. كما لم يستمر زواج ميشيل وجون فيليبس إلا للمدة التي استمرت فيها فرقة ذا ماماز آند ذا باباس الموسيقية (The Mamas and the Papas). وقد تمكن جاك وميج وايت عضوا فريق وايت سترايبس (The White Stripes) من اجتياز الشهرة الموسيقية التي واجهتهما بعد الطلاق. ولكن يبقى السؤال، ما الذي يجعل زواج النجوم يتعثر، وما الذي يساعده على الاستمرار، ولماذا تلك العلاقات تُعد معقدة للغاية؟
يواجهون مشكلات ككل الأزواج المشهورين
يقع الموسيقيون فريسة لنفس تلك الضغوط التي يواجهها الأزواج المشهورون، أو الناجحون الآخرون؛ إذ إن لديهم أعمالاً تتطلب الكثير من الجهد، والتي قد تستغرق فترات طويلة من البعد، ولديهم رغبة في التمتع ببعض الخصوصية.
يمكن للموسيقى نفسها أن تلعب دوراً في الزواج. ففي عام 2016، بعد اتهام جي زي بالخيانة، جاء رد بيونسيه على شكل ألبوم "ليموناد"، وبالأخص، أغنية آسفة (Sorry)، التي كانت بمثابة إعلان مهيب عن الغضب والتحدي.
فقد جاءت كلمات الأغنية حادة، وقالت "اليوم أعض أنامل الندم على تلك الليلة التي تزوجتك بها، هو دائماً يجد عذراً سخيفاً".
وقالت في الأغنية "الأفضل له أن ينادي بيكي ذات الشعر الجميل" -وكان هذا على ما يبدو إشارة إلى عشيقة زوجها- ولأسابيع، كثرت التكهنات حول هوية بيكي الحقيقية.
علانية ورومانسية الموسيقى تخلق طرفاً ثالثاً
يقول عالم النفس السلوكي جو همينجز "أعتقد أن الشيء الذي يخص الموسيقيين هو أنهم عندما يكتبون أغاني عن العلاقات، فهي تُمثل أفكاراً خاصة، لكنهم يغنونها علناً.
فأنت تغني لشريك حياتك عبر الموسيقى، حتى تصبح الموسيقى تقريباً طرفاً ثالثاً. وهذا أمر جيد، طالما أنك تستطيع الاعتدال، وإذا وجدت أن ذلك أسهل من التحدث عن المشكلات. من المحتمل أن تكون الموسيقى شافية وطريقة ما للتعافي، وقد تكون بمثابة جزء من العملية العلاجية.
لكن أحياناً يتحول الأمر إلى تراشق بالأغاني
إلا أن جو تقول إن في بعض الأحيان قد تكون الموسيقى طريقة مقلقة وغير مباشرة للتواصل.
فهي قد تُثير التساؤلات. هل كانت هذه الأغنية تتحدث عني؟ هل هي حقيقية، أم أنها مجرد كلمات وليدة الخيال فحسب؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا كنت تفكر بهذه الطريقة؟ ومن ثم فعليك إذا كنت طرفاً في زواج فني أن تكون قادراً على دعم تكهناتك بأدلة، وأن تكون مستعداً لتقديم تفسير. وإن لم تفعل، فقد تترك الطرف الآخر في حيرة من أمره، أو ربما يكتب أغنية ما رداً على أغنيتك وينشر المشكلات بينكما على الملأ".
وهناك أيضاً صراعات ومغانم النجاح
بطبيعة الحال فإن كونك جزءاً من ثنائي موسيقي ناجح أمر يثير صعوبات محددة. عندما قابلت شيرلين "شير" ساركيسيان سوني بونو في مقهى في مدينة لوس أنغلوس عام 1962، كانت تبلغ من العمر 16 عاماً، بينما كان هو في الـ27 من عمره. وتزوَّجا لمدة ستة أعوام قبل انفصالهما عام 1974- يتحدث سوني عن نشوب "اختلافات بينهما لم يمكن التكيف معها"، وردت شير باتهامات حول تعرضها "لعبودية إجبارية"، وبأنه كان يعيقها عن النجاح.
وبعد مضي اثني عشر عاماً على وفاة بونو، أخبرت شير مجلة "فانيتي فير" أنه كان يعاملها "كدجاجة تبيض ذهباً أكثر منها زوجة". وقد يكون مرور الوقت ووفاته قد خفَّفا من مشاعرها. فقد قالت: "أعتقد أنني سامحته"، وأضافت: "لقد آذاني بطرق كثيرة للغاية، ولكن كان هناك شيء ما. لقد كان أكثر بكثير من مجرد زوج، كان زوجاً بشعاً، ولكنه كان مستشاراً ومعلماً عظيماً".
لكن أحياناً يكون سبب الفشل أمور عادية
في كثير من الأحيان ما يؤدي لفشل الزيجات بين الموسيقيين هو تلك الأشياء الواضحة، والتي ربما لا تختلف عن تلك التي تؤدي لأي انفصال آخر بين أي زوجين عاديين، ولكنها تتضخم تحت وهج عالم الأضواء، مثل الخيانة الزوجية، وكذلك قد تكون المشكلات بسبب الأمر الحتمي المحزن، الذي لا يُمكن تجنبه، والذي يحدث ببطء بين حياتين تنفصلان عن بعضها البعض وهو الملل، والفتور.
الفارق هو أنه في حالة زواج الموسيقيين، فإنهما يصبحان يمثلان ما هو أكثر من مجرد زوجين في أعين الجمهور.
يبدو هذا واضحاً فيما كتبته كيم جوردن في سيرتها الذاتية "فتاة في فرقة موسيقية" عن نهاية زواجها الذي استمر لمدة 27 عاماً من زميلها العضو بفرقة "سونيك يوث" ثورستون مور، إذ إن تفاصيل ذلك الزواج كانت عادية بشكل صادم، ولكنها اتخذت زخماً وانتباهاً ومزيداً من الخزي والحزن، أكثر بكثير مما بدت عليه في الحقيقة بسبب شدة تأثير انفصالهما في الجمهور.
فقد كتبت قائلةً "إن الزوجين اللذين اعتقد الجميع أنهما لامعان وعاديان ولا يمكن المساس بهما إلى الأبد، والزوجين اللذين منحا الموسيقيين الأصغر سناً الأمل في أن يتفوقوا على عالم "الروك أند رول"، أصبحا الآن مجرد صيغة مبتذلة أخرى للإخفاق في العلاقات، التي قد تنتج عن أشياء مثل أزمة منتصف العمر لدى الرجال، والبحث عن امرأة أخرى، وعيش حياة مزدوجة".
وحتى الخيانة تختلف في حالة زواج الموسيقيين
تعتبر الخيانة شائعة في أي منحىً من مناحي الحياة، لكن في الزواج بين الموسيقيين يكون الإغراء أكبر.
إذ ينطلق الزوجان دائماً في جولات موسيقية منفصلة، ويمران بتجارب مختلفة، وفي بعض الحالات، قد صعب عليهما الإحساس بالقرب من بعضهما البعض.
الإشكالية الأكبر قد تكون الفجوة بين منصة العرض والحياة المنزلية. آلاف المعجبين يصرخون بأسمائهم، وموجة العشق التي تغمرهم، والمساعدين الذين على أتم استعداد لمساعدتهم، ومديري الأعمال للإحاطة بهم، والساعات التي يقضونها في المقابلات فقط للحديث عن أنفسهم، ثم يعودون إلى البيت لشيء أقل متعة: شريك حياة لا يشتعل حبه بنفس الود والحميمية، بل قد ينظر إليه كإنسان بشري معيب.
لكن هناك قصص حب ظلت رائعة حتى النهاية
لكن أحياناً، ينجح هذا الزواج بشكل ساحر. ظل توم ويتس وكاثلين برينان متزوجين منذ عام 1980. كان ويتس الأكثر شهرة في الثنائي، لكن جمعتهما شراكة قوية في كتابة الأغاني ولطالما تحدث عن موهبتها.
قال ويتس ذات مرة "برينان متعاونة بشكل رائع، إنها فتاة مثيرة وفنانة". تستطيع أن تصلح الشاحنة. إنها شخص مذهل. لا أعلم ماذا أقول. أنا رجل محظوظ. لديها مخيلة رائعة. أعتبرها وطني. إنها جريئة ومبتكرة وشجاعة. حتما يريد كل شخص أن تكون لديه رفيقة مثلها، صحيح؟ رفيقة تستطيع إنهاء جملك نيابة عنك ".
في المقابل، قدم زواج جوني كاش الأول من ڤيڤيان ليبرتو صورةً لزواج المشاهير، الذي لا يسير على نحو جيد. علاقة شابة ومتسرعة، لم يعرفا فيها بعضهما البعض كفاية، كما أن كلاهما عانى في حياته الجديدة عندما اشتهر كاش. قدمت ليبرتو طلباً بالطلاق، لأنها شعرت بالإرهاق من سفريات زوجها المتكررة، ومشكلاته مع المخدرات والكحول وتحوله إلى زير نساء.
في حين عندما تزوج كاش من جين كارتر كانت العلاقة مختلفة كلياً. عرف الاثنان بعضهما لسنوات عديدة قبل أن يصبحا زوجين، وكانت كارتر قد نشأت في عائلة موسيقية مشهورة، مما أدى إلى تفهمها التام لهذا المجال.
تزوجا عام 1968 وماتا في عام 2003 بفاصل أربعة أشهر بين كل منهما. كان مفتاح نجاح علاقتها هو التفهم الكامل للألفة والحميمية، في خضم علاقة علنية بين اثنين من المشاهير.
المفارقة أن الزوج بدأ بطلب يد كاش بطريقة متفاخرة. ولقد قالت متذكرة الموقف "لقد طلب مني الزواج منه أمام 7000 شخص"، ثم أردفت "لكن كنت سأحب ما فعل لو نزل على ركبتيه وطلب يدي، أنت تعرف هذا الأمر. لكن تم الأمر على النحو الذي تم به. كان شيئاً كبيراً…"
مع ذلك، يتحدث كاش كثيراً وبنوع من المتعة والبساطة عن الرابط الذي يجمعهما. سئل ذات مرة عن تعريفه للجنة، فأجاب "صباح مثل هذا معها، وأن نحتسي القهوة".
مفتاح النجاح هو اتخاذ المحامين نموذجا للعائلة الناجحة
ما أبقى كاش وجين معاً هو إدراكهما بأن ما يهم حقاً يمكن بعيداً عن أبهة المسرح. قال ذات مرة "هناك حب غير مشروط. تسمع هذه الكلمة كثيراً، لكنها حقيقية بيني وبينها. تحبني على الرغم من كل شيء. كانت دائماً متواجدة بحبها، وقد جعلني هذا أنسى الألم لوقت طويل ولعدة مرات. عندما تظلم الدنيا ويذهب الجميع إلى منازلهم وتطفأ الأنوار، لا يوجد غير أنا وهي".
عندما توفي لو ريد عام 2013 أشادت زوجته لورين أندرسون بعلاقتهما الطويلة، في مقالة لـRolling Stone، وصفت فيها تفهمهما المشترك لحياتهما المهنية المميزة، بأنه لعب دوراً مهماً في بقائهما معاً.
إذ تذكر أن ريد طلب منها أن تخرج معه بعد أول مقابلة بينهما في حفلة في ميونيخ، وكان جوابها، الذي انبعث من واقع عملها، هو ما أعجبه على ما يبدو، إذ تقول "أعتقد أن ردي أعجبه، لقد قلت نعم! بالطبع! أنا في خضم جولة حالياً، ولكن عندما أعود، بعد أربعة شهور، لنخرج معاً".
ثم أضافت في المقال "يشبه زواج الموسيقيين زواج المحامين، عندما تقول: "يا إلهي، عليَّ أن أعمل بالاستوديو حتى الثالثة" -أو عندما تلغي كل خططك لتنهِ قضية- فأنت أو الطرف الآخر تعلمان جيداً ما معنى هذا، ولن يغضبكما هذا الأمر".
قراءة مقال أنديرسون تذكرك بكل الأشياء الطبيعية والمعقدة والجميلة التي تتشكل منها العلاقة. كم أحبا صيد الفراشات، والتجديف وكلبهما، وكم شعرا بالغضب والهجر، وكيف شقا معاً طرقاً للعيش. وكيف ارتبطا خلال سنواتهما الـ21 التي قضياها كزوجين وموسيقيين، بهذه التوليفة المميزة من السخف والروعة، من الصمت والأغاني. كتبت "كم كانت قدرتنا على تغيير بعضنا البعض كثيراً من خلال كلماتنا وأغانينا وحياتنا الواقعية، غريبة ومثيرة ومعجزة".
اقرأ أيضاً..