ماذا لو امتلك الروبوت إرادة خاصة به؟ المسلسل الملحمي Westworld عالم بين الخيال والواقع تحت إمرة أنتوني هوبكنز

تجمُد فجأةً وتستيقظ لتجد نفسها أمام الرائع أنتوني هوبكنز، يسألها: "هل تعرفين أين أنت الآن؟ أنت في عالمي، تم تصميمك لتخدمي رغبات الأثرياء الذين يدفعون المال ليزوروا هذا العالم".

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/23 الساعة 21:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/18 الساعة 04:54 بتوقيت غرينتش

تجمُد فجأةً وتستيقظ لتجد نفسها أمام الرائع أنتوني هوبكنز، يسألها: "هل تعرفين أين أنت الآن؟ أنت في عالمي، تم تصميمك لتخدمي رغبات الأثرياء الذين يدفعون المال ليزوروا هذا العالم". لا يتحدث عن مدينة ملاهٍ أو خيال واقعي VR، ولكن عالمٌ بأكمله تم تصميمه لمن يودُّ العودة في الزمن إلى عصر رعاة البقر في الغرب الأميركي.

هي إذاً إنسانة آلية في عالم صمَّمه بشر، ولكن ماذا لو كان للروبوتات إرادة ومشيئة؟ طرح علمي فلسفي في عمل فني يجمع بين الماضي والمستقبل، في وقت تقف فيه البشرية على عتبة باب الذكاء الاصطناعي. هذا هو مسلسل Westworld الملحمي.

منذ أن بزغ نجم أدب الخيال العلمي في منتصف القرن التاسع عشر، وهو في تطور مستمر حتى يومنا هذا؛ فتارة يستلهم من الثورة التكنولوجية وتارةً يكون هو ملهمها.

ويعد الخيال العلمي الجنس الأدبي الأكثر حيوية من بين كُل ألوان الأدب الأخرى. وداخله توجد تيمات شهيرة كُتب فيها الكثير من القصص والروايات، لعل أشهرها على الإطلاق قصص وروايات الإنسان الآلي أو الروبوت.

عندما اجتمعت الإرادة مع الذكاء.. ثارت الآلات على البشر!

ظهر مصطلح روبوت لأول مرة حين صاغه الكاتب التشيكي كاريل تشابك في مسرحيته "إنسان روسوم الآلي"، التي ألَّفها عام 1921. تدور الأحداث حول رجال آليين يسيطرون على الأرض، أطلق عليهم اسم "روبوت" المأخوذة من كلمة تشيكية تعني "العبيد".

لم يكن تشابيك وحده المتخوف من التقدم التكنولوجي الكبير الذي شهده العالم في مطلع القرن العشرين؛ كان معظم الناس يرون أن الحياة أصبحت تدار بواسطة الآلات، وتصوروا ذلك اليوم الذي ستسيطر فيه الآلات على البشر ليصبحوا عبيداً لها، وهو اتجاه فكري سماه الكاتب الروسي الكبير إسحاق عظيموف بـ"فوبيا التكنولوجيا" أو تكنوفوبيا.

عظيموف كان أحد رواد الاتجاه الرافض إرجاع شرور العصر، التي شهدها العالم، خاصة بعد الحربين العالميتين، إلى التكنولوجيا؛ لأنه يرى أنها كأي أداة في يد الإنسان، إما أن يستخدمها في الخير أو الشر.

لذلك، اتجه في أدبه ورواياته اتجاهاً تفاؤلياً لمكافحة رهاب التكنولوجيا وتصحيح صورة الروبوتات عند العامة.

لم يكن وحده في مسعاه، لكنه كان أشهرهم؛ لأنه رسّخ لقواعد أساسية سار عليها كثيرون مِن بعده، منها قوانينه الثلاثة الشهيرة، التي عُرفت بقوانين عظيموف الخاصة بالروبوت:

1- لا يجوز للروبوت إيذاء بشري أو السكوت عما قد يسبب أذى له.
2- على الروبوت إطاعة أوامر البشر، ما لم تتعارض مع القانون الأول.
3- على الروبوت المحافظة على نفسه، طالما لا يتعارض مع القوانين السابقة.

أهلاً بكم في متنزه Westworld!

كانت تلك المقدمة ضرورية لفهم الخلفية التي انطلق منها المخرج والكاتب الأميركي الراحل مايكل كريشتون حين صنع فيلمه الأشهر Westworld عام 1973، حول متنزه مصمم على هيئة الغرب الأميركي القديم، به روبوتات على هيئة بشر على درجة عالية من الإتقان والدقة، يمتلكون ذكاء اصطناعياً عالياً.

صُمم كُل واحد منهم للعب دور في ذلك المتنزه لخدمة الضيوف الأثرياء، الذين يرغبون في خوض مغامرة مثيرة والعودة إلى زمن الغرب الأميركي القديم، حيث رعاة البقر يطاردون الهنود الحمر والخارجين عن القانون.

تخضع الروبوتات في متنزه كريشتون لقوانين عظيموف الثلاثة، فدورها الوحيد هو تسلية البشر ضيوف المتنزه. لكنّ هناك كابوساً لطالما كتب عنه أغلب الكُتاب ومنهم عظيموف نفسه؛ ماذا لو امتلك الروبوت إرادة خاصة به وذكاء اصطناعياً خاصاً به غير الذي صُمم به؟

في فيلم كريشتون يقود الثورة راعي البقر ذو الزي الأسود، الذي مثَّل دوره يول براينر؛ في إعادة للدور نفسه الذي قدَّمه في فيلم The Magnificent Seven عام 1960. لكنه هذه المرة إنسان آلي يتمرد ويخرج عن البرنامج الخاص به، ويقتل الضيوف.

وفي خريف عام 2016، أعاد الكاتب البريطاني جوناثان نولان، برفقة زوجته ليزا جوي والمنتج والكاتب جي جي إبرامز، إنتاج فيلم كريشتون في مسلسل من إنتاج شبكة HBO. اتجه الفيلم نحو آفاق بعيدة تماماً، مستغلاً الطفرة التكنولوجية الرهيبة التي حدثت، حتى وقت ظهور المسلسل.

المتنزه عبارة عن عالم ترفيهي تملكه شركة ديلوس، صممه العالمان روبرت فورد (أنتوني هوبكنز) وأرنولد ويبر (جيفري رايت)، وهو محاكاة لأجواء الغرب الأميركي القديم بكُل تضاريسه وأجوائه.

يعيش فيه مجموعة من الروبوتات المصممة بأحدث التقنيات، ويملك كل واحد منها شخصية وقصة ودوراً يؤديه لخدمة الضيوف وتلبية رغباتهم أياً كانت. تتغير أدوار الشخصيات حسب رغبة المصممين، فمن يؤدي دور المأمور في قصة، قد يؤدي دور المجرم في قصة أخرى وهكذا.

حيث تملك دولوريس والآخرون قرار الحياة والموت

دولوريس (إيفان ريتشيل وود) هي الروبوت الأول الذي اخترعه ويبر وفورد، الذي مثّل ذروة التكنولوجيا الحديثة في ذلك الوقت، وكانت المقربة لويبر، فكان يعاملها كأنها كائن بشري له مشاعر وأحاسيس وعواطف، وليس مجرد روبوت.

بعد اختبارات عدة أخضعها لها لإثبات نظريته بأن الآلات قادرة على تقرير مصيرها بنفسها وأن تملك إرادتها الحرة، قرر الانتحار على يد دولوريس، بعد أن أعطى أوامره لها بأن تنتحر بعد أن تقتل جميع المضيفين الآخرين.

كادت فِعلته تُدمّر المشروع برمته، لولا أنْ تدارك فورد (هوبكنز) الموقف، وصنع النموذج الإلكتروني من ويبر؛ بيرنارد (جيفري رايت)، لكنه أخفى حقيقته وجعله المساعد الشخصي له وأصبح أحد الأعمدة الرئيسة المحركة للشركة المسؤولة عن المتنزه.

30 عاماً مرت، عاشت فيها الآلات مئات القصص، ذكرياتها عن تلك القصص جعلت بعضها يفكر في التمرد. سهّل فورد حدوث التمرد، حين بدأت إدارة شركة "ديلوس"، المالكة للمتنزه، العمل على أن تزيحه جانباً وتقلل من نفوذه شيئاً فشيئاً، حين طبقت فكرة شريطه ويبر بإعطاء الآلات الإرادة الحرة لحكم نفسها. وصل الأمر إلى ذروته حين انفجرت دولوريس وبقية الآلات في وجه أسيادهم.

ماذا ننتظر في الموسم الثاني؟

ما سبق كان عرضاً مبسطاً للموسم الأول الذي حقق نجاحاً منقطع النظير في العالم أجمع، وحقق نسب مشاهدة خيالية، فالحلقة الأخيرة حققت رقماً قياسياً بـ3 ملايين مشاهدة.

أثبت الإنتاج الضخم جداً الذي قدمته شركة HBO صحة رهانها؛ أنفقت ببذخ وانتظرت لتجني الثمار؛ إذ خصصت أكثر من 100 مليون دولار للموسم الأول من المسلسل.

لكن، لم يكمن نجاح المسلسل في كتيبة الممثلين الكبار فقط؛ وعلى رأسهم أنتوني هوبكنز وإيد هاريس وإيفان ريتشيل وود وثاندي نيوتن وجيفري رايت، ولكن للسيناريو والقصة والأجواء الخيالية المليئة بالإثارة والمفاجآت والتشويق والغموض.

انتهى الموسم الأول بمفاجآت عدة، انتظر المشاهدون عاماً ونصف العام للإجابة عنها. وحتى الآن ومع عرض 3 حلقات من الموسم الثاني، بدأت تنكشف بعض تلك الأسرار.

إلى أين ستصل الآلات بعدما أُتيحت لها فرصة الانتقام؟

في نهاية الموسم الأول، انفجرت الآلات بوجه البشر، وبدأت ثورتها بمذبحة قُتل فيها المئات من الضيوف، وهي الأحداث التي بدأ بها الموسم الثاني. لكن، هل ستبقى الأمور على هذا النحو؟

في الموسم الأول، تلاعب روبرت فورد بالشيفرات الخاصة بالآلات ليسمح لها بالولوج إلى ذكرياتها؛ ومن ثم تذكُّر ما فعله بهم الضيوف، ليكون سبباً في تكوين الدافع الخاص داخل كل واحد منهم للثورة؛ ومن ثم الخروج خارج حدود ذلك المتنزه إلى العالم الحقيقي.

لكن فورد لم يُسهل عليها ذلك الأمر؛ إذ كان على الآلات أن تخلق لأنفسها مكانها الخاص بها في العالم بعد الثورة. ثم اشترط على كلٍّ منها أن ينال الحرية بنفسه، ولا يحصل عليها بسهولة.

ما فعله أرنولد ويبر بدولوريس حين أدخل في ذكائها الاصطناعي البرنامج الخاص بإحدى الآلات التي تؤدي دور متمرد دموي وقاتل، يُدعى وايات، ليقنعها بقتله وقتل جميع المضيفين ومن ثم الانتحار، هو ما شجّع فورد في هذا المسعى.

طور هذه التقنية فيها وحثَّ الآلات على أن تشق طريقها والخروج إلى العالم الأكبر خارج المتنزه، وقتال جميع البشر الذين يريدون منعها. تكوّن دولوريس جيشاً لخوض تلك الحرب الوشيكة، فمن سينتصر؟

تحميل المزيد