قيامة أرطغرل.. بين انتصارات القلوب وانتصارات الميادين (الحلقة 107)

ما بين الخوف والترقب، الحزن والفرح، التفاؤل والقلق، تنوعت مشاهد الحلقة 107 من المسلسل التركي الرائع "قيامة أرطغرل".

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/25 الساعة 02:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/25 الساعة 02:19 بتوقيت غرينتش

ما بين الخوف والترقب، الحزن والفرح، التفاؤل والقلق، تنوعت مشاهد الحلقة 107 من المسلسل التركي الرائع "قيامة أرطغرل". وفيما يلي، بعض الخواطر حول الحلقة:

1- القصر الذي زهدت فيه حليمة خاتون مُفضّلةً عليه حياة الخيام، شاء الله لها أن تدخله مع زوجها أمير القبائل المظفر دوماً والذي هو موضع ثقة وتقدير وحفاوة السلطان، فضلاً عن ادخار القدر لها أمراً لم يكن ليأتي في مخيلتها، وهو كونها والدة مؤسِّس أعظم دولة عرفها التاريخ. (من ترك شيئاً لله، عوضه الله خيراً منه).

2- قرار أرطغرل إطلاق سراح آريس يحمل عدداً من الدروس المستفادة:
أ‌- لم يتعارض قرار أرطغرل مع المصلحة العامة؛ وذلك بسبب انتفاء خطر آريس وهلاك جنده وانعدام نفوذه، فضلاً عن تحقق الهدف الأساسي من اصطحاب آريس للقصر، حيث فضح خيانة الأمير سعد الدين.

ب‌- وعد أرطغرل أسيره بإطلاق سراحه إذا تكلم أمام السلطان، وقد فعل آريس ذلك، فحق الوفاء بالوعد وإطلاق سراحه، فإن الوفاء بالوعد من صفات المؤمنين، فضلاً عن صفات القادة والمصلحين.

ج- وفاء القائد بوعده استدعى توفيقاً وبركة في صنعه، فقد أسلم آريس وأصبح شوكة في حلق الأعداء بعد أن كان ألد الخصام.

د- إسلام آريس يزيدنا يقيناً في قوله تعالى: "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء"، ويستدعي إلى الأذهان موقف إسلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وأبي سفيان؛ بل والفاروق عمر، الذي قال أحدهم عن إسلامه يوماً ما: "لو أسلم حمار بن الخطاب، لما أسلم بن الخطاب"!

هـ- لعل من العوامل التي وفقت آريس للإسلام، أنه في الأصل جندي عقيدة، عكس مَن حوله من أصحاب المنافع المغطاة برداء العقيدة، فإن المتجرد لفكرته -ولو كان على الباطل- يظل هو أقرب الناس للاهتداء لطريق الحق.

و- فرِحَ أرطغرل كثيراً بسبب إسلام آريس وتناسَى كل مواقفه السابقة، فالإسلام يجُّبُّ ما قبله، وهنا استدعاء لكلمة الشيخ ابن العربي "الانتصار الحقيقي هو أن تسحب عدوك إلى صفك"، وإظهار كذلك لشخصية أرطغرل الذي يملك بين جنباته بأس المحارب وقلب الداعية.

ي- الرؤيا التي ظهر فيها الشيخ ابن العربي، تذكِّرنا بعدد من المعاني الهامة، والتي منها أن خسارة المعارك أقل أهمية بكثير من خسارة القلوب، وأن اليأس ليس من شيم المؤمنين (لا تقنطوا من رحمة الله)، وأن البكاء من خشية الله يغسل صدأ القلوب وأدرانها، وأنه لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار.

3- التلاوُم المتكرر بين بامسي وتورغوت أفقدهما جزءاً كبيراً من قوتهما، حيث انعدم التنسيق بينهما في التعامل مع أزمة اختطاف زوجتيهما، الأمر الذي كاد يودي بحياة الزوجتين لولا لطف الله ثم ذكاء تورغوت.

4- من أهم الصفات التي يجب أن يتصف بها القائد الرباني، التجرد لفكرته والإخلاص لغايته، وقد اتضح ذلك جلياً في شخصية أرطغرل من خلال عدة مواقف:

أ‌- عندما هدَّده أحد الأمراء بالقتل، ردَّ عليه قائلاً: "إن أرواحنا ضيوف في أجسادنا، وإن يمُت أرطغرل، فسوف يُولد ألف أرطغرل".

ب‌- قوله لزوجته: "أن أكون جندياً في سبيل الحق خيرٌ لي من أن أكون سلطان العالم".

ج- إطلاقه سراح آريس وعدم إضاعة الوقت في إيذائه أو التشفي فيه، وعندما اندهش آريس من ذلك، قال له: "لو أن الأمر شخصي، لقطَّعتك إرباً، ولكن الأمر أسمى وأعلى مني ومن غضبي".

د- تأكيده دوماً رسالته التي لا يحيد أبداً عنها، والمتمثلة في إقامة العدل في الأرض، وإيمانه العميق بأن العدالة هي أكبر فاتح في الأرض، فقوتها تتعدى قوة أعتى الجيوش وأقواها.

5- لا بد للقائد أن يتصف بالثبات الانفعالي في وقت المحن، وهو ما افتقده بامسي -باعتباره رئيس المحاربين- في تعامله مع أزمة الاختطاف؛ بل إن اندفاعه وتهوُّره كادا يفقدانه زوجته ومعها زوجة تورغوت.

6- اختيار السلطان ابنه الأصغر ولياً للعهد، يعكس جانباً مشرقاً من شخصية السلطان، الذي يقدم مصلحة الأمة على عاطفة الأبوة لديه، حيث إن أم ابنه الأصغر تنتمي إلى الدولة الأيوبية؛ ومن ثم فإن تنصيب "كلتش أرسلان" سيحقق الوحدة بين الدولة السلجوقية والأيوبية، بما ينعكس إيجاباً على حرب المسلمين مع التتار وغيرهم من الأعداء المتربصين، بالإضافة إلى توحيد كلمة المسلمين.

كما أن إسراره بهذا الأمر لأرطغرل وتوصيته إياه بالوقوف دوماً إلى جانب ولي عهده، إنما يؤشّران على استشرافٍ جيد للمستقبل وعمق التدبير وحسن اختيار الرجال.

7- "وأمرهم شورى بينهم"، حاضرةٌ بقوة في موقف إصرار آرتوك على استشارة سادة قبيلته في أمر اختطاف الزوجات وتسليم آريس ومواجهة تيتان، وقد أحسن في ذلك، فما ضل قومٌ استشاروا واستخاروا.

8- "لا تسعَ خلف الصيد في الضباب، فإنه سيأتي بنفسه إلى فخك"، قالتها زوجة السلطان، وقد صدقت، فإن من الاستراتيجيات الثابتة لدى الأعداء، إثارة الغبار وافتعال الضباب؛ كي يأتي المنخدعون بأنفسهم إلى مصارعهم!

9- مواقف الأمير سعد الدين بهذه الحلقة فيها بعض الوقفات:
أ‌- أظهر الأمير شجاعة نادرة في مواجهة سيف السلطان، بينما هو على الباطل، فما بال أهل الحق؟! (كان من دعاء الفاروق: اللهم إني أعوذ بك من جَلَد الفاجر وعجز الثقة).

ب‌- احتفظ الرجل بثباته الانفعالي، ومارس ذكاءه المعتاد من خلال إنكاره التهم كافة واتباعه أسلوب اللف والدوران، وتذكيره السلطان بإنقاذه إياه من الموت في غير مرة.

ج- حرصُهُ على إيهام وخداع أقرب الناس إليه (حارسه الخاص) حتى وهو يُساق إلى الموت، حيث قال له: "الدولة بحاجة لرجال مخلصين، فإن متُّ أنا فلتكمل أنت الطريق".

وتلك -لعمري- نفسية الطغاة في كل زمان ومكان، لا يملّون من إيهام أتباعهم بالشعارات الرنانة، التي قد يذهب بعضهم ضحيةً لها (وهو ما حدث مع جوكتوغ) بينما تذهب الغنائم إلى الكذّابين والأفّاقين.

10- ملاحظة:
لماذا لا يُحاكَم سعد الدين أمام قضاة الدولة الذين يفحصون الأدلة ويستمعون لكلا المتخاصمين ثم يُصدرون حكمهم العادل، فيحملون هذا العبء عن السلطان المُثقل بالانشغالات، بالإضافة إلى كون ذلك يحدُّ من سطوة الحاكم الفرد ويوسِّع المجال لمزيد من الحيادية والتجرد؟

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات عربي بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد