شكل فوزية التي يُحبّها الآباء

الكل يتحدث عن مدى الحنان والرقة، ويتغزل في علاقتهن الطيبة بآبائهن؛ لكن نادراً ما يتحدث عن المفارقات الكوميدية بينهن، إلا في الأعمال الفنية والمسرحية التي أمتعتنا بتلك النوادر المضحكة، والتي منها مسرحية "سُكّ على بناتك".

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/25 الساعة 04:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/25 الساعة 04:00 بتوقيت غرينتش

الكلام عن تربية الآباء للبنات كثير، وتعددت المصادر الأدبية والدينية في سرده.

الكل يتحدث عن مدى الحنان والرقة، ويتغزل في علاقتهن الطيبة بآبائهن؛ لكن نادراً ما يتحدث عن المفارقات الكوميدية بينهن، إلا في الأعمال الفنية والمسرحية التي أمتعتنا بتلك النوادر المضحكة، والتي منها مسرحية "سُكّ على بناتك".

المسرحية تدور في إطار كوميدي، عن أب أرمل لثلاث بنات في مراحل عمرية مختلفة، فدور الأب كان من حظّ الفنان الراحل "فؤاد المهندس"، وهو أيضاً المخرج المسرحي لها، ودور فوزية الابنة الكبرى، وهي الراحلة "سناء يونس"، والابنة الوسطى نادية، وهي الفنانة "إجلال زكي".

ومن المتعارف عليه أن فؤاد المهندس كان يلعب دور الأرمل الذي يريد تزويج بناته ويتفرغ للزواج من حبيبته "عصمت" التي لعبت دورها الفنانة شويكار.

تدور الأحداث في إطار كوميدي، فمثلاً دخول فوزية وهي جاذبة لزوجها حنفي، وهو الفنان الراحل "محمد أبو الحسن"؛ لأنها وجدت معه صورة لإحدى الممثلات المعروفات، فتطلب منه الطلاق بشكل كوميدي، مع محاولات طريفة من الأب لتهدئة الوضع حتى ينتهي الأمر.

والابنة الوسطى التي تقتنع بوفاء حبيبها لزوجته، وهو ما يجذبه في شخصيتها، وإيمانه بقضية المرأة، وتنصدم بتمسكه الشديد بزوجته الأولى، وتطلب منه أن يرجع لتلميذه الدكتور سامح عبد الشكور، الفنان الراحل "أحمد راتب"، الذي يريد أن يجتمع مع دكتوره المشرف على رسالة الماجستير خاصته، ويريد أن يقوم بخطبة إحدى بناته.

أما عن "سوسو" الصغرى، فكانت طالبة بالثانوية العامة، ولها رفيقها "محسن"، ابن الجيران الذي تعتبره بئر أسرارها، وصديقها المخلص الذي يشاركها حلمها للسفر إلى أوروبا، وفكرة زواجها من مدرس اللغة العربية، الأستاذ فتوح، كعقبة لتعطيل فكرة زواج أبيها.

الفكرة لا تنحصر في رقة البنات ودلالهن فقط، بل لكل منهن نغم خُصّت به، واستطاع المؤلف "لينين الرملي" إبراز الجانب الفكاهي في تربية البنات، وأبرزت كل فنانة منهن الشخصية كما يجب أن تكون.

وليس الأمر المقصود هو الحديث عن المسرحية وشخصياتها؛ لكن الأمر في لحظات الفكاهة التي تمر بين الوالد وابنته.

مثل أن تجلس تُدّرس لابنتك فتسألها بكلمة فتجيبك بقصيدة مرحة تجعل الضحكات تداعب سنك؛ لتشعر أن تلك التي كانت بالأمس طفلة بالمهد تبكي ويضج العالم بصراخها هي نفسها الوردة الصغيرة التي يضحك الكون بنداها المشاغب.

أن تكبر تلك الوردة الصغيرة ويبدأ البيت باستقبال الوافدين من العرسان، فتشعر أن العصفورة التي رُبّيت في عناقك ستذهب لمملكتها، وتبدأ في زرع ما زرعته بالأمس فيها، لكن هي تقول لك هيهات سأظل يا سيدي الملك بين ضلوع صدرك شئت أم أبيت، وكأن الذي سيتزوجها سيقوم بخطفها من عقر دارها.

إن الفتيات اللائي ينلن من الحظ صداقة مع آبائهن يفرض عليهن الأمر أن يكن جريئات بطباع حياء الطفل على الرغم من أن لها من الرجولة شيئاً، وأعني صفات التحمل والشجاعة تكون دائماً في قلق كوميدي من تحمل المسؤوليات والرهبة من أن تكون الشخص الخطأ لتلك المهمة.

دائماً تجد سرَّها لأبيها وكثرة الحديث له وعنه، كأنها لا تعرف في الكون سواه، تكاد توصل لأمها شعور أنها غريمتها التي تقاسمها في زوجها، ولربما يصل الوضع حد الصراخ أو تظنّها خصمها، ويتغلف هذا في إطار مواقف يمر بها كل أب بات هو الصديق القريب لبناته، فلا هو الذي ترك لهن الحبل على، الغارب أو قام بعزلهن عن العالم الخارجي.

وهذا ما كان يهدف له المؤلف في نهاية المسرحية "سُك على بناتك ولكن سيب لهم المفتاح".

ومن تحليلي لتلك الجملة أن يكون الأب شريك بناته بآرائه، ولكن يضع لهن حرية الاختيار في الأمور جميعها.

لذا فإن صدقنا القول: أول صديق يعلم ابنته حسن الصحبة هو الأب العاقل.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد