شاهدنا الجدار العظيم المبني من الجليد في Game of Thrones، الذي يبلغ طول ارتفاعه حوالي 700 قدم (حوالي 215 متراً)، ويبلغ امتداده 300 ميل (حوالي 480 كيلومتراً)، ويساعد على صدِّ العمالقة والـWhite Walkers والموتى الأحياء من دخول الممالك السبعة، ولكن هل يمكن أن يكون مثل هذا التكوين ممكناً على الأرض واقعياً وفيزيائياً؟
هل يكون حقيقياً؟
تقول دراسة جديدة نشرها موقع Live Science، إنه من غير الواقعي أن يوجد هذا الجدار الذي سيسقط سريعاً بدون قوى سحرية تحميه من الانهيار لأسباب فيزيائية وعلمية.
إذ يبلغ سمك وامتداد الجدار ما يمكن لمجموعة من اثني عشر فارساً بأحصنتهم أن يسيرواً جنباً إلى جنب فوق الجدار، ويعد ضمن واحد من العجائب التسع التي صنعها البشر حسب الروائي الأميركي جورج مارتن، في روايته الأشهر "أغنية من الجليد والنار-A Song of Ice and Fire" (التي بني عليها مسلسل Game of Thrones)، وقد تم في الرواية (والمسلسل) بناء الجدار من قبل الشخصية الأسطورية براندون البناء، بمساعدة العمالقة.
والهدف من الجدار في المسلسل (والرواية) هو الدفاع عن الحدود الشمالية للممالك السبع، ويحمي الجدار ضد الغزاة بمساعدة من الحراس الليليين-Night's Watch الذين يتبعون النظام العسكري المعروف باسمهم، ويمتلك 19 من الحصون على الجدار مثل برج الظل، والقلعة السوداء.
سينهار وحده دون هجوم العمالقة والـWhite Walkers
وحول مدى قوة مثل هذا الجدار في الواقع أو مدى إمكانية وجوده فيزيائياً، يقول كاتب الدراسة مارتن تروفر، وهو عالم دراسة الجليد المختص في جامعة آلاسكا، إن المشكلة مع الجليد هي أنه يتدفق وينساب، وسينهار الجدار بسبب وزنه الذاتي.
وحسب تروفر فإن وزن جدار جليدي يبلغ ارتفاعه 655 قدماً (200 متر) سيولد ما يقرب من 1.8 ميغابكسل (مثل 260 عملة معدنية لكل بوصة مربعة أي ما يعادل 2.54 سنتيمتر) من الإجهاد المحمل على قاعدته، وبمقارنة هذه الحسابات بأخرى مثل التي يولدها الجليد في الأنهار الجليدية مثلاً يكون 0.1 ميغابكسل، أو نحو ذلك، وهو ما يشبه جزئاً من ثمانية عشر جزءاً من الضغط المولد عن الجدار الجليدي المفترض.
ويعتمد صمود الجدار أمام الانهيار بشكل كبير على متوسط درجة حرارة الأجواء والهواء المحيط به، إذ قال تروفر صاحب الدراسة، إنه نظراً لوجود غابات حول الجدار لا يمكن أن تكون درجة الحرارة أقل من 10 درجات مئوية تحت الصفر، وفي هذه الظروف يمكن أن ينهار الجدار بسرعة في غضون أيام أو أشهر قليلة (بفرض إمكانية بنائه).
والطريقة الوحيدة للحفاظ على الجدار ثابتاً هي تبريده بشكل كبير لدرجة تصل إلى 40 درجة مئوية تحت الصفر مثلاً، وهذا من شأنه أن يزيد صموده ضد الانهيار، لكن ليس هناك الكثير من الأماكن الباردة لهذه الدرجة على الأرض (إلبها في القارة القطبية الجنوبية أنتاركاتيكا)، ولو وجدت هذه الظروف فإنه سيتراجع ويتناقص حجمه بشكل كبير في غضون سنوات.
بينما في الرواية يبلغ عمر الجدار الجليدي حوالي 8 آلاف عام، وهذا غير ممكن فيزيائياً حسب الدراسة العلمية التي تدرس خصائص الجليد وتدفقه.
هذا، وقال تروفر في النتائج التي تم التوصل إليها، في 11 ديسمبر/كانون الأول 2017، في الاجتماع السنوي للاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي في نيو أورليانز: "إنني أستنتج أن الجدار الجليدي كما هو مقترح لن يكون دفاعاً عملياً في ظل ظروف الأرض النموذجية". وأضاف "أن القوى السحرية الخاصة ستكون ضرورية للحفاظ على الجدار حتى لبضعة أيام فقط".
وفي الرواية فإن تعويذة سحرية قديمة ملقاة على الجدار هي التي تحافظ على الجدار، وتمنع أيضاً جيش الأموات من عبوره كما يقول الكاتب.
وفي المسلسل (الحلقة السابعة من الموسم السابع) أخذ Night King جيشه وأحد التنانين الذي أعاده للحياة، بتحطيم السور بأكمله بواسطة اللهب والنار والهجوم على الجدار في الوقت نفسه، ثم زحف بجيشه الهائل من المشائين البيض إلى العاصمة في أرض الممالك السبع، وذلك بعد 8 آلاف عام من الصمود كما صور المسلسل.
شاهد انهيار جدار الجليد في المسلسل
نعلم أنها "رواية للتسلية".. لكن أفكارها مفيدة للعلم
وعلى الرغم من أن المسلسل والرواية للتسلية فقط، ولا يفترض فيه الدقة العلمية التامة، فإن من الممكن أن تكون لهذه المعادلات الرياضية تطبيقات مفيدة مثل دراسة الغطاء الجليدي القطبي لكوكب المريخ القريب بحسب موقع Live Science العلمي.
من أين جاءت فكرة الجدار في المسلسل؟
وسور هادريان الذي ألهم كاتب الرواية فكرة الجدار الجليدي، هو سور حجري وحصون بناها الإمبراطور هادريان سنة 117م بعرض إنكلترا الحالية، وذلك لصد الغارات العسكرية من القبائل القديمة التي تسكن شمال بريطانيا (اسكتلندا) وتحديد حدود الإمبراطورية الرومانية، ولا يزال الجدار موجود حتى يومنا هذا، ولكنه ليس بهذا الحجم والارتفاع الموجود في المسلسل ولا يغطيه الجليد طوال العام.
وخلال مقابلة مع مجلة Rolling Stones الأميركية عام 2014، كشف جورج ر. مارتن أنه جاء بمفهوم الجدار أثناء زيارة جدار هادريان في إنكلترا، وبالنسبة للتاريخ القديم كان الجدار يمثل نهاية الحضارة بالنسبة للرومان وربما نهاية العالم، ونحن نعرف أن اسكتلندا تقع وراء التلال والجدار ولكنهم لم يعرفوا ذلك في الأزمنة القديمة وربما كان هناك نوع من الوحوش أو الحيوانات الخطيرة تعيش هناك، لذا كان هناك ضرورة ربما لوجوده.