شهدت الفترة الأخيرة ظهور أعمال تلفزيونية عديدة استطاعت لفت أنظار الجمهور، وتحقيق التميز والنجاح، رغم عرضها خارج السباق الرمضاني، وهو ما يعد أمراً غير معتاد على الدراما التلفزيونية المصرية، التي تشهد دوماً تكدس أكبر عدد من المسلسلات خلال شهر رمضان، الذي يشهد تنافساً كبيراً بين صناع الدراما.
فقد حقَّقت تلك الأعمال نسب مشاهدات عالية، فتحت المجال لعرض المزيد من المسلسلات، وضمان تحقيقها النجاح، بسبب مضمونها وقصتها المختلفة، واعتمادها على البطولة الجماعية، وغيرها من عناصر التمثيل والسيناريو والإخراج.
وقد يعود سبب نجاح تلك المسلسلات إلى عرضها خارج شهر رمضان، مما يعطيها فرصة أكبر للظهور، وتلقي أكبر عدد من الجمهور لها بعيداً عن الزحام الرمضاني.
يستعرض التقرير أهم تلك المسلسلات التي نالت إعجاب الجمهور في الفترة الأخيرة.
سابع جار.. كوميديا بعيدة عن التصنع
يعد مسلسل سابع جار، المعروض على شاشة قناة CBC المصرية، أحد أهم الأعمال التي حازت نسب مشاهدة كبيرة، وكذلك استحسان الجمهور.
عوامل عديدة أسهمت في نجاح المسلسل وانتشاره، وأهمها الواقعية والبساطة التي تتميز بها أحداث المسلسل، الذي يتناول واقع الأسر، وما يحدث داخل البيت المصري ببساطة، بطريقة كوميدية سلسة وبعيدة عن التصنع.
كما أن الطبيعة العائلية للمسلسل، واهتمامه بالعلاقات والألفة بين الجيران قد أسهمت بشكل كبير في قوته ونجاحه، وظهر ذلك في الكتابة الجيدة، والاهتمام بالتفاصيل البسيطة والأحداث التي تقع داخل كل بيت مصري.
وشهد المسلسل ظهور عدد من الوجوه الشابة المميزة التي لفتت إليها الأنظار، خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تداول متابعو المسلسل مقاطع عديدة من المسلسل المناسبة لكل أفراد العائلة.
وقد حقق المسلسل نسب مشاهدة على موقع يوتيوب، وصلت إلى 10 ملايين مشاهدة، ويرجع ذلك إلى حب الجمهور لشخصيات تشبههم إلى حد كبير، وهو ما نجح المسلسل في إيصاله.
سابع جار من تأليف هبة يسري، التي تشارك في الإخراج مع كل من أيتن أمين ونادين خان، ومن بطولة دلال عبد العزيز، وشيرين، وهاني عادل، ورحمة حسن، وأسامة عباس، وهيدي كرم، وسارة عبد الرحمن، ومحمد علاء، ودعاء حجازي، وصفاء جلال وأحمد داش، وإنتاج The producers.
بين عالمين.. الصراع المجتمعي بأسلوب مشوق
نجح مسلسل بين عالمين في لفت الأنظار إليه منذ عرض الحلقة الأولى، فقد لاقى متابعة عدد كبير من الجمهور، ويرجع السبب في ذلك إلى حبكة القصة غير التقليدية، وتتابُع الأحداث بشكل شيق وسلس.
المسلسل دراما اجتماعية تتناول طبيعة حياة بعض رجال الأعمال وعلاقتهم بالمسؤولين، والتفاصيل الاجتماعية الدقيقة التي تدور داخل هذا العالم، ما بين صراع المال والسلطة، إضافة إلى استعراض فئة لم يتم التعرض لها من قبل رغم تواجدها بكثرة في المجتمع، وهم بعض الأشخاص الذين يظهرون ملتزمين دينياً، ولهم مبادئ يتاجرون بها أمام الناس، لكن في الباطن لا تشغلهم سوى أهوائهم ومصالحهم الشخصية، وهذا ما يظهر في شخصية مروان صاحب شركة العقارات، الذي يجسد دوره النجم طارق لطفي.
اهتمام المسلسل بالتفاصيل، وإضافة الإثارة والتشويق المتمثلين في الصراع الدرامي بين نادر الذي يجسد شخصيته النجم هشام سليم، وبين مروان على قطعة أرض، يعد من أهم عوامل نجاحه وانجذاب الجمهور إليه.
وقد صرح طارق لطفي عن أسباب نجاح المسلسل قائلاً، إن عرض الدراما خارج سباق رمضان يعطيها فرصةً كبيرةً للمشاهدة بشكل كافٍ لدى الجمهور المتشوق لعمل له قيمة فنية ويرصد الصراع المجتمعي.
يشارك في بطولة المسلسل بجانب طارق لطفي كل من هشام سليم، ولقاء الخميسي، ودارين حداد، وحازم سمير، ونور محمود، وأمجد مصطفى، ومحمد إبراهيم يسري، وكريم رفعت، والمسلسل من إنتاج تامر مرسي، ومن تأليف وإخراج أحمد مدحت.
الطوفان.. البطولة الجماعية سر النجاح
ثالث الأعمال التي حققت نجاحاً في الآونة الأخيرة هو مسلسل الطوفان، الذي تدور أحداثه في إطار اجتماعي حول القيم والمبادئ التي تسود المجتمع حالياً، ورغبة الجميع في الإثراء بأي طريقة، حتى إذا تحقق ذلك على حساب الأخلاق، والطمع وتأثيره على النفس البشرية حتى تتخلى عن كل مبادئها من أجل الحصول على الأموال.
ويرجع نجاح المسلسل إلى اعتماده على البطولة الجماعية، التي أصبحت تسيطر على أغلب الأعمال الدرامية في الوقت الحالي، كما أن عرض المسلسل خارج رمضان جاء في صالحه، فقد أتاح له فرصة للتفرد، وإلى ظهور سوق بديل لتلك الأعمال.
المسلسل عن قصة لبشير الديك، وسيناريو وحوار محمد رجاء، وإنتاج ريمون مقار ومحمد محمود عبد العزيز، وإخراج خيري بشارة، وبطولة أحمد زاهر، وماجد المصري، وروجينا، وفتحي عبد الوهاب، ووفاء عامر، وآيتن عامر، وعبير صبري، ورامي وحيد، ونجلاء بدر، وسيد رجب، ومحمد عادل، وإيهاب فهمي، وعدد من النجوم.
رغبة الجمهور في مشاهدة أعمال جديدة خارج رمضان
ظاهرة نجاح المسلسلات التلفزيونية رغم عرضها خارج الموسم الرمضاني، بدأت حسب الناقد السينمائي أندور محسن منذ عامين تقريباً، مع بداية عرض المسلسلات التركية بكثرة، وإقبال المشاهد عليها طوال العام، ثم تلتها المسلسلات العربية ذات الإنتاج المشترك، التي يصور أغلبها في لبنان، مما لفت نظر قنوات الدراما التلفزيونية بأن الجمهور يرغب في مشاهدة أعمال جديدة، وليس العرض الثاني لمسلسلات رمضان، التي يراهن أغلب منتجيها أنها ستحقق نجاحاً في عرضها بعد رمضان.
وأشار محسن في حديثه لـ"عربي بوست"، أن تأجيل عرض كل من: بين عالمين والطوفان لما بعد شهر رمضان بسبب ظروف إنتاجية، جاء في صالح العملين، إذ أعطاهما فرصة أكبر للظهور والمشاهدة، وهو ما يرجع لأسباب عديدة، منها أن المشاهد يفضل مشاهدة مسلسلات النجوم الكبار في رمضان، إضافة إلى هرب المشاهدين من كثرة الإعلانات خلال الشهر، وهو ما جعل بعض المواقع تشتري حقوق عرض المسلسلات.
ويرى محسن أن أهم أسباب نجاح مسلسل سابع جار هو طابعه الاجتماعي الكوميدي الخاص، فهو يقدم تجربة مختلفة، باعتماده على ثلاثة مخرجات شابات، وعدد من الوجوه الشابة الجديدة التي لفتت إليها الأنظار.
وعن مسلسل الطوفان فقد أشار أنه عمل جيد من حيث العناصر، فهو سهل التلقي، ويعد مسلسلاً يومياً لطيفاً، للمشاهدة بعيداً عن زحمة المسلسلات الرمضانية، إلا أنه لا يوجد به شيء استثنائي، ويعيبه بطء الأحداث، وأن شخصياته أحادية البعد، رغم كثرتها.
وفي المقابل فإن مسلسل بين عالمين اعتمد على اسم النجم طارق لطفي في التسويق له، خاصة بعد نجاح مسلسليه الأخيرين، وهو ما جذب المشاهدين إليه.
وأضاف محسن أن الاعتماد على البطولات الجماعية أصبح هو الشائع الآن، لأنه من الصعب الاعتماد على بطل واحد طوال 30 حلقة، فالخطوط الفرعية والشخصيات هي الأساس في الدراما التلفزيونية، وهي التي تجذب المشاهد للمتابعة.
وقال محسن إن نسب مشاهدة المسلسلات على موقع يوتيوب أعلى من رمضان، لجودة الأعمال ولاحتياج الناس لمشاهدة مسلسلات جديدة، فتلك التجارب ستجعل المنتجين يتوجهون لفكرة الإنتاج خارج رمضان، دون التخلي عن الحد الأدنى من الجودة.