يأتي كل عامٍ محملاً بالإثارة لعشاق الأفلام، وحاملاً معه مجموعة من الأفلام الجديدة ليستمتعوا بها أو يقضوا الوقت في نقدها وتحليلها. وفي حين يُعد نقد الأفلام وإبراز عيوبها هوايةً جيدة، فإنَّ متعة مشاهدة فيلمٍ جديدٍ يفوق التوقعات هو حقاً ما يجذب محبي السينما لشاشاتها.
وعلى الرغم من وصولنا فقط لمنتصف سنة 2017، إلَّا أنَّ هناك عدداً من الأفلام الرائعة صدرت في جميع أنحاء العالم وتستحق الثناء، منها أفلام رعب خرجت عن سياق المعتاد في قصصها وشخصياتها، وأفلام تاريخية دقيقة، وأفلام ضخمة الإنتاج مليئة بالإثارة والحركة، وأفلام درامية مليئة بالعاطفة، وأفلام وثائقية.
وعلى الرغم من أنَّ هذه القائمة قد وُضِعَت قبل صدور أفلام الصيف المرتقبة وقبل بداية موسم الأوسكار بوقتٍ طويل، إلا أنَّ هذا العام قدَّم بالفعل للجمهور حتى الآن عدداً من الأفلام الرائعة، والتي ينبغي لمُحبي السينما الاحتفاء بها أو حتى السعيّ لمشاهدتها.
وإليك قائمة بأفضل أفلام عام 2017 طبقاً لموقع Taste Of Cinema.
10. It Comes At Night
على ما يبدو أنَّ الظلام الطاغي هو الفكرة الرئيسية التي يدور حولها فيلم It Comes At Night، إذ تدور أحداث الفيلم في عالمٍ يقضي فيه وباءٌ غامض على سكان العالم بسرعة، وتهرب عائلةٌ إلى الغابة كمحاولةٍ لتجنبه. لكن، وكما يظهر في الفيلم، لا أحد يستطيع الاختباء من الظلام للأبد.
يُظهر لنا الفيلم، من خلال تصوير المشاهد بلقطاتٍ قريبة خانقة مثيرة للأعصاب، كيف يمكن للخوف والشك أن يتحولا بسهولة إلى عنفٍ وجنون في ظل الظروف التي تجد فيها هاتان العائلتان نفسيهما.
وبنجاحه الكبير في فئة أفلام الرعب، وخاصةً عندما يكون الوحش الأكبر في الفيلم هو الخوف والدافع الغريزي للبقاء على قيد الحياة، فإنَّ فيلم It Comes At Night ربما يكون هو الفيلم الأكثر إثارة من بين الأفلام التي صدرت هذا العام حتى الآن.
9. A Quiet Passion
تُعَدُّ إيميلي ديكنسون واحدةً من أكثر الشخصيات إثارةً للاهتمام في الأدب الأميركي: فحبها الواضح للعزلة جعلها تقضي معظم حياتها في منزل عائلتها في مدينة أمهرست في ولاية ماساتشوستس، ونادراً ما كانت تغادره.
كتبت ما يقرب من 1800 قصيدة نُشِرَت بعد وفاتها، وحظيت إيميلي بسببها بالشهرة والإشادة التي فشلت في الحصول عليها في حياتها.
والآن، وبعد مرور أكثر من 130 عاماً على وفاتها، ظهر فيلم A Quiet Passion، وهو أول فيلم يتناول قصة حياة إيميلي ديكنسون. ويُظهر الفيلم عالم إيميلي (تلعب دورها الممثلة سينثيا نيكسون) مفصلاً بدقةٍ بالغة، بدءاً من سنوات شبابها عندما انسحبت من مدرسة ماونت هوليوك للبنات، مروراً بفترة بلوغها التي مالت فيها إلى عائلتها وكتابة الشعر، ووصولاً إلى حياتها المؤلمة فيما بعد حين تركها تَعاقُب حالات الوفاة في عائلتها في حالة اكتئابٍ عميق ونوبات صرع شديدة، لتستسلم لمرض برايت في نهاية المطاف.
8. Guardians of the Galaxy Vol. 2
بعد النجاح الهائل للجزء الأول من فيلم Guardians of the Galaxy، كان لابد من وجود تتمة للأحداث. ومن حسن الحظ أنَّ الجزء الثاني يحتوي على نفس القدر من المتعة تماماً مثل الفيلم الأول.
وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً بفضل الافتتاحية المذهلة ومشهد تدمير الكوكب في نهايته.
وفي هذا الجزء، نلتقي بوالد ستار لورد، إيغو (الذي يلعب دوره الممثل كيرت راسل)، الكائن الأسطوري الذي يتطلع إلى منح ابنه الخلود الأبدي. لكنَّ هناك شيئاً سيئاً سنعرفه عنه، وسيكتشفه الحراس لاحقاً. وفي الوقت نفسه، يتحالف يوندو تحالفاً هشاً مع روكيت بعد استيلاء المتمردين على سفينته.
يعود الجزء الثاني من الفيلم بنفس القدر من المغامرة والإثارة، وهو ما اتفق عليه الجمهور على ما يبدو، إذ حصل الفيلم على المركز الثالث من حيث صافي الأرباح هذا العام حتى الآن. ودعونا نأمل في استكمال القصة بجزءٍ ثالث.
7. John Wick: Chapter 2
لا يمكن إنكار أنَّ فيلم جون ويك كان أفضل فيلم إثارة في عام 2014. وعاد الممثل كيانو ريفز كعادته ليحقق شهرةً كبيرةً جداً في الدور الذي لعبه، في حين أنَّ بقية الفيلم على ما يبدو ينحصر في الضرب المُبرِح من البداية إلى النهاية، إذ يُوجه ويك الركلات، واللكمات، ويُطلق النار لتبديد مرارته وغضبه.
لا يركز الفيلم على الحالة العاطفية لويك فقط، ولكن على مكانته في العالم أيضاً. ويرجع السبب هذه المرة إلى آثامه السابقة، والتي تضطره مرةً أخرى إلى قتال العشرات تلو العشرات من القتلة، والمجانين، والمجرمين.
وفيما يخص الجمهور، الذي لم يغفل هذه المرة عن الشخصية وأسلوب الفيلم، فقد استجاب بشكلٍ إيجابي لهذا الجزء، وجعله يحقّق نجاحاً أكبر مما حققته النسخة الأولى من الفيلم، وإيراداتٍ وصلت إلى 165 مليون دولار، مقابل ميزانية بلغت 40 مليون دولار.
ومع كل مشاهد الإثارة والحركة وغيرها من الأسباب التي جعلت الفيلم الأول يحقق نجاحاً مُدوياً، مع غياب الدراما الحزينة التي كانت تحرك شخصية ويك، يركِّز الجزء الثاني من الفيلم على ويك وعمله، ويُسلِّط الضوء على العالم الذي كان جزءاً منه، والذي يضطر للعودة إليه مرةً أخرى.
6. David Lynch: The Art Life
لم يكن أبداً ديفيد لينش هو المخرج الأكثر شهرةً. وعلى الرغم من أنَّه أجرى مقابلاتٍ وقُدم لمحاتٍ غير واضحة عن سيرته الذاتية في الفيلم، أتى هذا العمل غامضاً تماماً مثل أفلامه.
أصبح مُحبو الفيلم مفتونين بالمخرج بسبب المادة المختلفة والطابع الغريب تماماً والأسلوب البصري لأعماله. فهذا هو الرجل الذي خلق العالم الرهيب للمسلسل التلفزيوني Twin Peaks، وأظهر بالتفصيل الخطر الزاحف في ضواحي فيلم Blue Velvet، وصنع البنية الغريبة والتخيلية لفيلم Mulholland Drive.
ويقدم فيلم David Lynch: The Art Life بعض الإجابات للقاعدة الجماهيرية الشغوفة بالمخرج، أو على الأقل يُسلِّط بعض الضوء على حياته المُبكرة.
والأكثر إثارة للدهشة، أنَّه هو نفسه راوي الأحداث بالفيلم، إذ سجَّل لينش 20 مقابلة شخصية منفصلة سرد فيها حياته، وقدَّم نظرة شخصية فريدة من نوعها عن حياته الخاصة (مع تصوير العديد من المشاهد من داخل الاستديو المنزلي خاصته) وقصته كفنانٍ شاب.
5. Get Out
يُعد فيلم Get Out واحداً من أضخم الأفلام التجارية القوية هذا العام، فهو فيلم رعب يتناول سياسة العلاقات بين الأعراق في أميركا من زاويةٍ أخرى. فبدلاً من انتقاد النماذج المتحفِّظة من الأميركيين البيض الرجعيين وتحيُّزاتهم ضد الأشخاص ذوي البشرة السمراء، يتناول الفيلم الطبقة المتوسطة الليبرالية من البيض، الذين ينتهجون موقفاً يهدف إلى التشويش على القضية وتدمير الأهداف الفعلية لحركات الأشخاص السود والمناقشات حول قضية التمييز العرقي في أميركا في نهاية المطاف.
يُصنَّف الفيلم على أنَّه فيلم رعب ساخر يتناول بشكلٍ مبتكر العلاقات بين العرقين في المجتمع اليوم. وفُتنت الجماهير بهذا الفيلم الفريد من نوعه، ما جعله يحقق نجاحاً ضخماً في شباك التذاكر، وإيراداتٍ وصلت إلى 247 مليون دولار مقابل ميزانيةٍ بسيطة تُقدَّر بـ 4.5 مليون دولار فقط.
الفيلم هو أولى تجارب الإخراج للممثل جوردان بيل، ويعلن عن موهبةٍ جديدة ينتظر منها الجمهور المزيد في المستقبل السينمائي.
4. Raw
يمكن أن يُعتبر الفصل الدراسي الأول من الجامعة مرحلةً انتقالية صعبة لبعض الطلاب، إذ يبتعدون عن منازلهم للمرة الأولى، ولا يعرفون أياً من زملائهم في الجامعة بعد، ويحاولون التأقلم بأقصى ما لديهم، مرتكبين حماقاتٍ في بعض الأحيان. وتجد جوستين نفسها تواجه كل هذا فور انضمامها إلى كلية الطب البيطري، وتخضع على الفور لروتين الحياة الجامعية.
ويُعد هذا الفيلم التجربة الأولى للمخرجة جوليا دوكورناو، وعلى الرغم من أنَّ الفيلم يملك المقوِّمات ليُصنف كفيلم رعب، إلا أنَّ الفيلم يُركز بدلاً من ذلك على تجارب جوستين المفاجئة بعد اكتشاف نهمها الشديد بلحوم البشر.
وبمقارنة هذا بالشهوة الجنسية المفاجئة، يُعد الفيلم نوعاً مختلفاً جداً من الأفلام التي تتناول فترة البلوغ، كما أنه لا ينتهي نهايةً رومانسية. وهذه الرمزية التي تُشبِّه الرغبة في أكل لحوم البشر بالرغبة الجنسية هي ما يجعل فيلم Raw فيلم رعب من نوعٍ راقٍ، فبدلاً من التركيز على مشاهد الرعب الدموية داخل الجامعة، ورغم خياله الآسر، فالفيلم يركز على تصوير ووصف امرأة شابة تكتشف مشاعر ورغبات داخلية لم تعرف بوجودها من قبل.
3. Truman
تُعد الصداقة أمراً هاماً، وفي كثيرٍ من الأحيان يكون الحفاظ عليها صعباً، خاصةً كلما تقدَّم الإنسان في العمر. فالأشخاص الذين كانوا يوماً ما يرون بعضهم البعض بشكلٍ يومي في بلدتهم يعيشون الآن بعيدين عن بعضهم مئات الأميال، وتأخذ حياتهم مساراتٍ متشعِّبة، وفي الكثير من الأحيان تتحوّل الصداقات الحميمية إلى صداقاتٍ قائمة على المكالمات الهاتفية مرةً واحدة كل عام، وتسجيل الإعجاب بالمنشورات على موقع فيسبوك.
يتناول فيلم Truman بطريقةٍ جميلة معنى الصداقة، والناس الذين نلتقي بهم ونشركهم في حياتنا، ولكن، وبطريقةٍ ما، نفقد الاتصال بهم عبر السنين. ويستعرض الفيلم أيضاً العلاقات التي نصنعها مع أشخاصٍ ليسوا من عائلاتنا أو شركاءنا العاطفيين، لكنَّهم فقط أشخاصٌ نرى فيهم القليل من أنفسنا، فهم جزءٌ منا، ونقدِّر لهم هذا بشكلٍ كبير.
الفيلم قد يكون مناسباً لمحبي الأفلام ممَّن يملكون صداقاتٍ طويلة الأمد في حياتهم، وأولئك الذين ضيَّعوا صداقاتهم في الطريق عبر السنين، وربما يجعلهم هذا الفيلم يمسكون بهواتفهم ويضعون الخطط من أجل لقاء أصدقائهم القُدامى قبل فوات الأوان.
2. Logan
لطالما كان وولفرين دائماً هو نجم سلسلة أفلام X-Men منذ ظهوره في مجلات الرسوم المُصوَّرة الهزلية. وبأسلوبه الحاد، والغاضب، والشرس في المعارك، شكَّل وولفرين جزءاً من مراهقة كل واحدٍ منا.
وبينما ظهرت شخصية وولفرين في أفلامٍ سابقة من سلسلة X-Men، ولعب دور البطولة بالفعل في اثنين من الأفلام المستقلَة عن الشخصية، لم تُظهر هذه الأفلام أياً من القلق والغضب الداخلي لشخصية جيمس هولت (الشهير باسم لوغان أو وولفرين). إلى أن ظهر فيلم Logan في مارس/آذار 2017.
تجري أحداث الفيلم في مستقبلٍ مُظلم عام 2029، حيث يعيش لوغان في عالمٍ تُرك فيه القليل من المتحولين على قيد الحياة، ولم يُولد أي متحولين آخرين منذ 25 عاماً. ويظهر لوغان وقد شاخ وخارت قواه الخارقة بعدما تسمَّم بسبب معدن الأدامنتيوم الموجود داخل جسده، ويعتني بالبروفيسور إكزافيير الذي يُعاني من مرض الزهايمر ولا يمكنه التحكُّم في قواه بعد الآن.
واكتسب الظهور الأخير للممثل هيو جاكمان في شخصية وولفرين طابعاً كئيباً، لكنَّه يتماشى مع شخصية البطل المُنعزلة على الدوام، وأعطى لوغان نهايةً بطولية مناسبة لقصته. ولذلك تفاعل الجمهور مع الفيلم، وحقّق إيراداتٍ تُقدَّر بـ612 مليون دولار عالمياً، وهذا ليس سيئاً بالنسبة للشخصية الخارقة الأكثر كآبة في تاريخ السينما حتى الآن.
1. Uncertain
تُعد مدينة أنسيرتن المنعزلة، التي تقع في ولاية تكساس، موطناً للخارجين عن القانون، والمنحرفين، والساخطين، أو على الأقل هذا ما يظهر لنا من خلال الفيلم الوثائقي عن المدينة، التي يعيش بها 94 شخصاً ويموتون بسرعةٍ. ويُقدم الفيلم 3 من سكان المدينة، وهم هنري، البالغ من العمر 74 عاماً، دليل ومرشد البحيرة، وشخصٌ يُدعى واين، سجينٌ سابق وقناص، وشابٌ صغير يُدعَى زاك، وهم يطاردون الحيوانات، ويصطادون من المستنقع، ويشربون الكحول في الحانة المحلية.
يمثِّل الفيلم أسلوب حياة يوشك على الاختفاء. فعندما تقع عين المُشاهد على لمحاتٍ سريعة من الحداثة في الفيلم، كشخصٍ يستخدم لابتوباً أو جهاز إكس بوكس، يُعَدُّ هذا تناقضاً مع الإطار الذي يتناوله الفيلم. ولكن، مثل النباتات والأعشاب الضارة، أو مشكلات الماضي والحاضر التي تواجههم، المستقبل المجهول يطارد سكان المدينة وطريقتهم في الحياة.
ولكونه فيلماً وثائقياً رائعاً، وتحفة بصرية عرضت جانباً من الحياة الأميركية لا يتم تناوله بالتفصيل على الشاشة في غالب الأحيان، يُعد Uncertain هو أفضل فيلم عُرض هذا العام حتى الآن.