ليست المرة الأولى التي يتم إلقاء القبض عليه فيها، ولكنها الأغرب، كونه يعيش حياته بشكل طبيعي على الرغم من صدور حكم بالمؤبد ضده منذ عام 2015.
الممثل والمخرج المصري طارق النهري يعيش حياته بصورة طبيعية في منزله، ويذهب إلى جميع الأماكن، ويقوم بتصوير أعمال جديدة، حتى إنه يظهر في سباق رمضان الدرامي في مسلسلي "عفاريت عدلي علام" و"كلبش"، كل ذلك بالرغم من أنه مطلوب لتنفيذ حكم قضائي.
ليست المرة الأولى
الفنان طارق النهري الوجه المعروف قليلاً لدى الجمهور، والذي حفظ الجمهور اسمه جيداً بعد ثورة يناير التي شارك فيها وفي فعالياتها وتظاهراتها، وكان له حضور كبير على أرض الواقع في كل مناسباتها، حتى أصبح متظاهراً شهيراً أكثر من كونه فناناً، ولكنها ليست المرة الأولى التي يقبض عليه فيها.
الأمر أيضاً لا يتوقف على الثورة، فقد سبق وتم القبض على الفنان صاحب الـ64 عاماً في عام 2008، بعدما قضت محكمة جنح بولاق بحبسه ثلاث سنوات مع الشغل، وذلك بعد اتهامه في قضية نصب على مجموعة من الشباب، كان قد وعدهم بتسهيل سفرهم إلى بريطانيا وسويسرا، وذلك مقابل مبالغ مالية، حيث لم يقدم للشباب ما وعدهم به ليتم الحكم عليه، ووقتها قام بإجراء استئناف على الحكم ودفع غرامة قدرها 10 آلاف جنيه مصري.
المرة الثانية كانت عام 2011 في القضية المعروفة إعلامياً بأحداث مجلس الوزراء، التي حدثت على إثر مظاهرات خرجت، في ديسمبر/كانون الأول، من ذلك العام، طالبت بإقالة حكومة الجنزوري، حيث تم الإفراج عنه بعد الحكم عليه في البداية بالحبس 15 يوماً على ذمة التحقيقات، وقال بعد خروجه من تلك القضية، إنه يفكر في الاعتزال والخروج من مصر، وذلك بعد تأكيده على أنه تعرَّض لظلم كبير.
قضية أحداث مجلس الوزراء
التُّهم التي وُجهت للفنان طارق النهري في قضية أحداث مجلس الوزراء التي شهدت أيضاً إحراق المجمع العلمي، أنه حرَّض بعض الأشخاص ضد ضباط الأمن، حيث ألقت قوات الأمن القبض عليه بعد قيام بعض المتهمين المقبوض عليهم بالاعتراف على طارق النهري بأنه وعدهم بمنحهم مبالغ مالية، مقابل جرِّ قوات الأمن لمواجهة مع المتظاهرين.
وبعدها بأيام قليلة قرَّر قاضي التحقيق، المستشار وجدي عبد المنعم، إخلاء سبيل الفنان المصري بضمان محل إقامته، وذلك بعد ثبوت أن الأخير يعاني من مرض السكر، حيث نفى النهري وقتها مشاركته في أحداث مجلس الوزراء أو علاقته بها.
ومن وقتها لم يأتِ اسم طارق النهري في القضية، أو بمعنى آخر سقط اسمه سهواً إعلامياً، على الرغم من إصدار الحكم ونشره في جميع الصحف والمواقع.
المؤبد
في بداية شهر فبراير/شباط عام 2015، تم إغلاق قضية مجلس الوزراء وحرق المجمع العلمي، بعد إصدار الحكم السابق توضيحه، وعلى الرغم من أن طارق النهري كان ضمن 230 متهماً في القضية حكم عليهم بالمؤبد، إلا أنه لم يدخل السجن.
فقد قضت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بطرة بمعاقبة الناشط أحمد دومة، المتهم الرئيسي في القضية، و229 متهماً بالسجن المؤبد، ومعاقبة 39 حدثاً بالسجن 10 سنوات، وألزمت المحكمة دومة بغرامة قدرها 17 مليوناً و684 ألفاً و881 جنيهاً، قيمة التلفيات التي حدثت بالمباني التي خربها، وإلزام باقي المتهمين بدفع قيمة ما تم إتلافه مشاركة مع دومة.
وهو الحكم الذي صدر برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة، وعضوية المستشارين ياسر ياسين وعبدالرحمن صفوت الحسيني، بحضور شريف أشرف مدير نيابة الحوادث بأمانة سر أحمد صبحي عباس، في القضية رقم 8629 لسنة 2011 جنايات السيدة زينب، والمقيدة برقم 3528 لسنة 2011 كلي جنوب القاهرة، والمعروفة باسم أحداث مجلس الوزراء.
وقد صدر الحكم والفنان طارق النهري خارج القفص، الذي كان يقف بداخله أحمد دومة وباقي المتهمين، ولم يتم البحث عنه أو المطالبة بالقبض عليه، على الرغم من وجود اسمه في القائمة التي ضمت 230 متهماً، وجاء باسمه وصفته "طارق النهري حازم حسن 60 سنة، مخرج سينمائي، وظل طارق النهري يقضي حياته بشكل طبيعي.
النهري لم يختبئ .. بل كان على الشاشة
بعد صدور الحكم في القضية حدثت أشياء غير منطقية، وليس لها تفسير، فكان من المفترض أن يتم القبض عليه وإيداعه السجن مع من تم الحكم عليهم، ولكن ما حدث أن الفنان المصري قضى حياته بشكل طبيعي.
بل والأهم من ذلك أنه كان يظهر على الشاشة بشكل مستمر، فقدم بعد صدور الحكم 8 مسلسلات على مدار ثلاث سنوات، ففي عام 2015 قدم مسلسلات "شطرنج"، "شطرنج 2" و"الوسواس"، وفي العام التالي قدم مسلسلي "القيصر" و"مملكة يوسف المغربي"، وهذا العام وفي تلك الأيام في دراما رمضان يقدم ثلاثة مسلسلات، حيث شارك في بطولة مسلسلي "عفاريت عدلي علام" و"كلبش"، وظهر كضيف شرف في "طاقة نور".
الطريف في الأمر أنه في اليوم الذي تم القبض عليه في مسلسل "عفاريت عدلي علام"، بالأمس، تم القبض عليه أيضاً على أرض الواقع، وهي واقعة قدرية طريفة أثارت اهتمام متابعي القضية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يظهر في المسلسل بشخصية لواء فاسد تم القبض عليه للتحقيق معه في قضايا الفساد التي اتهم فيها.
فجر الـ17 من رمضان.. أحداث غامضة
حتى يوم 16 رمضان كانت الأمور تمر بشكل طبيعي، فقضية مجلس الوزراء تم الحكم فيها منذ أكثر من عامين، وطارق النهري خارج السجن، ولا أحد يتذكر أنه كان ضمن المتهمين، وكان يعيش حياته بشكل طبيعي، حتى خرجت الأخبار في فجر الـ17 من رمضان، تُعلن عن القبض على الفنان المصري.
الأمر كان مفاجئاً وعجيباً ومثيراً للتساؤلات التي لم تجد إجابات حتى الآن، فكيف تم ترك طارق النهري طوال تلك المدة خارج السجن، ولماذا لم يتم القبض عليه طوال هذه المدة بالرغم من معرفة أماكن تواجده، ولماذا لم يحاول الهرب بعد الحكم في القضية، ولماذا تم القبض عليه في هذا الوقت بالتحديد بعد عامين من القضية، وكلها أسئلة لم يجب عنها أي مصدر أمني.
النهري في منزله مرة أخرى
بعد تلك الضجة التي أثيرت حول القبض على طارق النهري لتنفيذ حكم المؤبد في القضية الهارب منها، تم الإفراج عنه مساء أمس، وعاد إلى منزله في انتظار إعادة المحاكمة.
في البداية أكدت الأخبار أن النهري تم ضبطه في منطقة السيدة زينب، بعد إعداد كمين أمني له، وذلك في أخبار نشرتها مواقع مصرية متعددة، ثم عادت نفس المواقع وأكدت على لسان مواقع أمنية أن النهري هو من قام بتسليم نفسه لقسم شرطة السيدة زينب، وذلك لإعادة محاكمته.
وبعد تسليم نفسه لقسم الشرطة، حسب الرواية الأخيرة، تم عرضه على النيابة العامة للتحقيق معه في هروبه من تنفيذ حكم قضائي صادر ضده بالحكم المؤبد، حيث تم التحقيق معه في محكمة جنوب القاهرة الكلية بمنطقة زينهم، حيث طالب بإعادة إجراءات محاكمته، حيث كان أمام النيابة خياران، إما حبسه أو إخلاء سبيله.
وقررت نيابة جنوب القاهرة الكلية في النهاية إخلاء سبيل طارق النهري، عقب تقديمه معارضة، والمطالبة بإعادة إجراءات محاكمته في القضية المتهم فيها، حيث تم تحديد جلسة 7 أغسطس/آب المقبل لنظرها.