من بين حوالي 30 مسلسلاً تنافس بها الدراما المصرية نظيرتها الخليجية والشامية هذا العام، شهد ربع تلك المسلسلات ظهوراً لضباط الشرطة المصرية في أحداثها، فهناك مسلسلات شهدت ظهوراً جانبياً لهم، وأخرى كان ضباط وزارة الداخلية هم محور أحداثها.
وأثارت طريقة إظهار ضابط الشرطة أو وزارة الداخلية عموماً في الأعمال الفنية، اهتمام الجمهور، الذي هاجمت قطاعاتٌ منه ما اعتبرته محاولةً لتلميع صورة الشرطة، وهناك أعمال أخرى تشهد هجوماً من جانب أجهزة الدولة، لمحاولتها إظهار وزارة الداخلية بشكل سيئ.
مواقف الجماهير تباينت تجاه هذا الظهور الكبير لضباط الداخلية كفاعلين ومؤثرين في الأحداث، هذا الانقسام بعضه لأسباب درامية، وبعضه لخلفيات قد تكون سياسية.
وكان لا بد من إلقاء الضوء على كيفية إظهارهم في الدراما المصرية، وكيف قيَّم الجمهور هذا الظهور.
كلبش في الصدارة.. وانقسام جماهيري
يعتبر مسلسل "كلبش" الذي يقوم ببطولته أمير كرارة هو أكثر تلك المسلسلات التي نالت اهتمام الجمهور، نظراً لقصته وجودته وعوامل أخرى حققت له النجاح.
ويدور المسلسل حول ضابط العمليات الخاصة "سليم الأنصاري"، الذي يتم نقله للعمل بأحد أقسام الشرطة بعد قتله لأحد الإرهابيين، وخلال عمله يتم تلفيق قضية قتل له من أمناء الشرطة الذين يعملون معه في القسم.
المسلسل واجه انتقادات وإشادات كثيرة في الوقت ذاته، حيث انقسم حوله الجمهور، فالفريق المؤيد رأى أن إظهار فساد أمناء الشرطة داخل الأقسام أمر جيد وإيجابي جداً، نظراً لأن منظومة الأمناء يُحمِّلها البعضُ في مصر مسؤولية المشاكل التي تعاني منها الداخلية بالفعل، ويهاجمها الإعلام كثيراً.
أما الفريق المعارض فقد رأى أن المسلسل يُلقي باللائمة على أمناء الشرطة، بينما يحاول إظهار الضباط على أنهم ملائكة، رغم أن هناك قضايا شهيرة نشرها الإعلام في أوقات سابقة لضباط قَتلوا وعذَّبوا محتجزين.
ولكن بصفة عامة فإن النظرة العامة للمسلسل تشيد به، خاصة مع الأداء الفني العالي من أمير كرارة، والإخراج الجيد، وكذلك قصة المسلسل التي تناقش تلك النوعية من القضايا للمرة الأولى، والتي اعتبرها البعض نقطة إيجابية.
كوميديا "لمعي القط" و"الحصان الأسود"
نموذج آخر تقدمه الدراما المصرية هذا العام، وهو الضابط الكوميدي، الذي يفضله المشاهدون ويتجاوبون معه، وأمامه ينسون المقارنة بين الواقع الفعلي وبين ما يحدث على الشاشة، وهو النموذج الذي تم تقديمه في مسلسل "الحصان الأسود"، الذي يقوم ببطولته أحمد السقا، و"لمعي القط" الذي يقوم ببطولته محمد عادل إمام.
في مسلسل "الحصان الأسود" يجسِّد محمد فراج دوراً من أفضل الأدوار التي قدمها في مسيرته الفنية، وهو دور الضابط "عمرو"، الذي يحقق في قضية قتل رجل الأعمال المعروف "أيمن واصل".
والصديق المقرب للضابط هو ابن شقيق القتيل "مدحت واصل"، الذي يقوم بدوره أحمد العوضي، والذي استعان بصديقه الضابط في البداية قبل بدء التحقيقات للضغط على زوجة عمه حسناء، التي تقوم بدورها ياسمين صبري، بعدما شكَّ فيها "مدحت واصل" بأنها قتلت زوجها.
وتكشف لنا الأحداث مع مرورها عن شخصية جديدة لمحمد فراج، فهو يقدم شخصية الضابط السيكوباتي الذي يتلاعب بمن حوله، ويعتمد أسلوبه على الجمع بين استخدام القانون والألاعيب الجانبية للوصول إلى الحقيقة، يتمتع بالذكاء الشديد ويتحرك كثيراً بشكل منفرد وبشكل غير رسمي ليضغط على المتهمين أو الذين يملكون معلومات للوصول إلى هدفه، يُلقي النكات ويستخدم "الإفيهات" في أي وقت وأي مكان، تلك الشخصية التي تجمع بين صفات الضابط الجيد والشرير في شخصية واحدة نالت إعجاب الجمهور، حيث لم يعرف الجمهور حتى الآن إلى أي معسكر ينتمي فراج، وهو ما ستكشف عنه الحلقات القادمة.
أما في المسلسل الثاني "لمعي القط"، فيظهر لنا عمر مصطفى متولي بشخصية مختلفة، ولكنها كوميدية أيضاً، حيث يقدم دور الضابط "هشام الجارحي"، وهو الضابط المسؤول عن التحقيق في واقعة خطف أتوبيس مدرسة أطفال، والمتهم بخطفه محمد عادل إمام.
وتشهد الحلقات أحداثاً كوميدية طريفة بين عمر مصطفى متولي ومساعده الضابط محمد علي رزق، الذي يتسم بالغباء الشديد.
وبعيداً عن تلك المباراة الجانبية، فإن شخصية الضابط "هشام الجارحي" كوميدية إلى حدٍّ كبير في التعامل مع كل من حولها، سواء في العمل أو المنزل أو أي مكان.
30 يوم .. ضابط بلا ملامح
من ضمن المسلسلات التي ظهر فيها نموذج لضابط الشرطة مسلسل "30 يوم"، الذي يقوم ببطولته باسل خياط وآسر ياسين، حيث يقدم فيه وليد فواز شخصية الضابط "عبد الوهاب زهدي"، وهو صديق آسر ياسين.
يتعرض آسر ياسين للابتزاز على يد شخص مجنون، يقرر إخضاعه لتجربة نفسية على مدار 30 يوماً، لمعرفة أثرها عليه، فيلجأ آسر ياسين لصديقه الضابط عبد الوهاب لمحاولة الوصول لهذا الشخص المجنون والقبض عليه.
وحتى الآن لم يقدم الضابط "عبد الوهاب" أي شيء مختلف، كل شيء تقليدي وطبيعي، حتى إنه يظهر متخاذلاً مع صديقه في بعض الأحيان أو غير مبالٍ، كما يظهر من الأحداث، وهو قد ما يعني أنه الضابط الذي لا يقدم ولا يؤخر شيئاً في الأحداث حتى الآن سيكون له دور كبير خلال الحلقات القادمة، حيث إنه غامض بالنسبة للجمهور حتى الآن، بل إنه يحاول إقناع صديقه في بعض الأحيان بأن ما يحدث غير مهم، وأن مَن يهدده لن يستطيع إيذاءه، ما يوحي بأن الشخصية لم تكتمل حتى الآن.
ظل الرئيس.. خلية ضباط
يعتبر مسلسل "ظل الرئيس"، بجانب مسلسل "كلبش"، أكثر المسلسلات التي تُركز على عمل وزارة الداخلية والتحقيق في القضايا وكواليس العمل بداخلها، ولكن الوضع هنا مختلف، فالقصة تدور حول ياسر جلال الذي كان يعمل ضابط حراسات خاصة، وكان ضمن طاقم الحراسة الخاصة لرئيس الجمهورية، الذي أنقذه من محاولة الاغتيال التي تعرَّض لها في أديس أبابا (تعرض الرئيس المصري المعزول حسني مبارك لمحاولة اغتيال حقيقية في إثيوبيا في التسعينات).
ياسر جلال عمل بعد محاولة الاغتيال لفترة قليلة في جهاز أمن الدولة (جهاز الأمن السياسي)، ثم اتجه لمجال العمل الخاص.
يتعرض ياسر جلال لمحاولة قتل، ينتج عنها وفاة ابنه وزوجته، ليبدأ رحلة البحث عن القاتل، ويحقق في القضية صديقه محمود عبد الغني، الذي كان زميلاً له في طاقم الحراسة الخاصة للرئيس، إذ تولى القضية من أجله، ولكن ياسر جلال يبدأ التحرك منفرداً لشكِّه في أن فريق التحقيق مخترَق، وأنه يتم تسريب المعلومات من خلال أحد أعضاء الفريق إلى من يريدون قتله.
ولا يتعرَّض المسلسل لشخصيات الضباط، بقدر ما يُركز على القضية التي تدور حولها القصة، ولكن ما يَظهر جلياً هو التعامل القاسي من القيادات العليا للقيادات الأقل في الجهاز، حيث يظهر محمود عبد المغني كثيراً وهو يُعنف خالد محمود، الذي يساعده بالتحقيق في القضية، كما يُظهر المسلسل أكثر من نموذج للضباط.
نموذج تقليدي في "أرض جو" و"وضع أمني"
في مسلسلي "أرض جو" و"وضع أمني" ظهر نموذجان مختلفان عن النماذج السابقة، أو بمعنى أصح نموذجان تقليديان كما هو معتاد في الأعمال الفنية.
ففي المسلسل تدور القصة حول محاولة اختطاف طائرة بواسطة مضيفة (غادة عبد الرازق) وشقيقها، ويتولى الضابط الذي يجسد شخصيته أحمد العوضي التحقيق في القضية، غير أنه يرتبط في الوقت ذاته بعلاقة صداقة مع شقيقة غادة عبد الرازق، المتهمة بخطف الطائرة، ولكن هذا لا يؤثر على سير القضية حتى الآن، ويقدم أحمد العوضي النموذج التقليدي للضابط الملتزم بالقانون.
الأمر نفسه ينطبق على جلال الزكي، في مسلسل "وضع أمني"، والذي يجسد شخصية الضابط المسؤول عن مفاوضة عمرو سعد، الذي قام بتفخيخ المستشفى والتهديد بتفجيره، حيث يسعى جلال الزكي في المسلسل لتحرير المستشفى من قبضة عمرو سعد، وفي الوقت نفسه يسعى للحقيقة ومعرفة الأسماء الفاسدة في الدولة التي يحاول عمرو سعد كشف أسرارها.