على الرغم من انغماس المرأة في كل الأعمال، حتى تلك التي احتكرها الرجال لسنوات طويلة؛ إلا أن مهنة الإخراج مازال العمل بها نادراً بالنسبة لهن حتى الآن، حيث تشير الإحصاءات في هوليوود أن نصف خريجي مدارس السينما والفنون من النساء، ولكن يعمل منهن في الإخراج فقط 5%.
وفي محاولة لتذكير الجميع برؤية النساء المميزة في الإخراج، التي تجعلهن مختلفات عن الرجال، حيث تظهر لمساتهن الأنثوية التي تعطي الأفلام طابعاً خاصاً ومميزاً؛ نعرض مجموعة من أبرز الأفلام التي كانت من إخراج النساء ونالت إعجاب الجمهور والنقاد:
Lost in Translation – Sofia Coppola- 2003
فيلم Lost in Translation من تأليف وإخراج المخرجة صوفيا كوبولا ابنة المخرج فرانسيس كوبولا، يحكيالفيلم عن ممثل شهير (يؤدي دوره بيل موراي)، يسافر إلى طوكيو ليصور إعلاناً للمشروبات الكحولية، ويعاني من أزمة منتصف العمر، ومن زيجة مملة استمرت لـ25 عاماً.
وفي بلاد الغربة يلتقي امرأة ينشغل زوجها عنها بالتصوير، والتي تؤدي دورها سكارليت جوهانسون، يجمعهما الملل فينجذبان لبعضهما في علاقة صداقة روحانية مختلفة يناقشان الثقافة الجديدة التي حولهم، ويعانيان من كوميديا عدم فهمهما للغة اليابانية.
في كل لقطة وصورة من الفيلم يخبرك كل شيء أن المخرجة أنثى؛ بدءً من افتتاحية الفيلم التي تظهر شارلوت بملابس مشمشية اللون تعكس شخصيتها الهشة والناعمة، إلى انعكاس أشعة الشمس على شعرها الأشقر، أيضاً كانت تُظهر شباب شارلوت، ووحدتها من خلال إبراز وجهها من نافذة الفندق العالية التي تطل على بنايات شاهقة أخرى، ونجد التوازن بين الإضاءة والظلمة التي اعتمدتها صوفيا لتُوصلك بمشاعر الفيلم وأبطاله.
وبوب الوحيد ونظرته من نافذة التاكسي إلى ما حوله من بنايات وإعلانات ملونة ولكنه غير مكترث مما يدل على كبر سنه وملله الذي أفقده بهجة الانبهار.
زارت صوفيا طوكيو من قبل ويبدو أنها أغرمت بالمدينة التي تجمع بين الحداثة والطراز القديم فصورت البنايات العالية، معابدها وحدائقها الخضراء، ويُعرف عنها أنها برعت في وصف الدراما بالصور السينمائية مما رشحها لجائزة الأوسكار لأفضل مخرج لتصبح أول امرأة أميركية ترشح لهذه الجائزة ولكنها فازت بها عن أفضل نص أصلي، كما رشح بيل موراي لأوسكار أفضل ممثل أيضاً.
كما حازت صوفيا على جائزة الغولدن غلوب لأفضل سيناريو وأفضل فيلم و بيل موراي كأفضل ممثل، وفازت سكارليت جوهانسون بجائزة البافتا البريطانية كأفضل ممثلة.
الفيلم لاقى نجاحاً كبيراً وإشادة من النقاد، تقييمه 7.8 على IMDb و95% على rottentomatoes.
Frida – Julie Taymor – 2002
يحكي الفيلم السيرة الذاتية للفنانة المكسيكية فريدا كالو التي أدت دورها سلمى حايك، حيث عاشت حياة مليئة بالألم لإصابتها في حادث سير الذي جعلها مقعدة، وعلاقتها بزوجها الرسام الجداري الشهير دييغو ريفيرا الذي يقوم بدوره ألفريد مولينا إذ كان يكبرها بـ 20عاماً، و كانت خيانته لها متعددة حتى أنه خانها مع أختها.
كانت فريدا تتألم طوال حياتها لإصابتها بشلل الأطفال وهي صغيرة، وتنتصر على أوجاعها بفنها الذي أتى صاخباً وملوناً ممثلاً لها ولكل ما تعانيه.
ولذلك لن توجد أكثر من تفهم مشاعر فريدا وتبرز آلامها إلا مخرجة امرأة لتظهر ما تعانيه، وقد أدت المخرجة جولي تايمور المهمة بنجاح إذ أظهرت جولي كيف تنظر المرأة -التي تمثلها فريدا- إلى الألم حيث أبرزت الألوان والرونق إلى صورة الفيلم.
ويفاجأ المشاهد بظهور اللوحات التي ترسمها فريدا حية ومتحركة لتترابط مع الواقع خارج إطارها.
نقلت جولي صور الفيلم بتفاصيل مبهجة وحية مشحونة بالعاطفة؛ لتقرب مشاعر فريدا إلينا في ترابط متقن، رشح الفيلم لثلاث جوائز أوسكار وفاز منها باثنتين؛ أوسكار أفضل موسيقى تصويرية، وأوسكار لأفضل مكياج وتصفيف شعر، ورُشحت سلمى حايك لأفضل ممثلة في دور رئيسي لكنها لم تفز بها.
الفيلم تقييمه 7.4 على IMDb و76% على موقع rottentomatoes.
Big – Penny Marshall -1988
يحكي الفيلم قصة الفتى جوش باسكين الذي يبلغ من العمر 12 عاماً ويؤدي دوره الممثل توم هانكس الذي سخرت منه فتاة أكبر سناً كان يريد إثارة إعجابها، لقصر طوله الذي منعه من ركوب حلقة النار في أحد الكرنفالات؛ مما دعى جوش أن يتمنى من أحد آلات العراف زولتار أن يصبح كبيراً.
يستيقظ جوش في اليوم التالي وعمره 30 عاماً، تتعقد حياته قليلاً لكنه يحصل بمساعدة صديقه؛ وهو طفل على وظيفة مدخل بيانات في شركة ألعاب، وسرعان ما يأسر الجميع بحماسته الطفولية خاصة زميلته في العمل سوزان لورانس، التي تقوم بدورها إليزابيث بيركنز ويبدأ البحث عن آلة العراف التي غادرت مع الكرنفال.
ما يُميز الفيلم هو لمسته الأنثوية للمخرجة بيني مارشال، التي تُظهر رؤية المرأة للرجال في العلاقات حيث تفضلهن النساء على طبيعتهم شغوفين ويتصرفون ببراءة كالأطفال دون خداع وهذا ما جذب سوزان لجوش.
لتحافظ بيني على صبغة الطفولة والروح الجريئة والنشطة للفيلم اعتمدت الألوان الحارة والدافئة كالأزرق والأحمر، نراها أيضاً تتجه إلى الإضاءة والألوان الفاتحة في مشاهد الانجذاب بين جوش وسوزان لتشير إلى براءة المشاعر؛ حيث جوش لا يزال في عقله بعمر 12 ويعرف عنها عدم حبها للمشاهد الجريئة.
رُشح الفيلم لجائزتي أوسكار أحداهما لتوم هانكس كأفضل ممثل لدور رئيسي والأخرى لأفضل نص أصلي، وفاز توم بالغولدن غلوب كأفضل ممثل، ورشح لنفس الجائزة كأفضل فيلم.
ودخلت بيني مارشال التاريخ فقد أصبحت أول مخرجة امرأة تخرج فيلماً يحقق إيرادات أكثر من مئة مليون دولار ال box office.
الفيلم تقييمه 7.3 في IMDb و97% على rottentomatoes.
An Education – Lone Scherfig – 2009
هذا الفيلم مقتبس عن مذكرات الصحفية البريطانية لين باربر تحمل ذات الاسم، القصة تدور في ستينيات القرن الماضي تحكي عن فتاة تدعى جيني مولر (تقوم بدورها كاري مولجان)، عمرها 16 عاماً متفوقة دراسياً وتحلم بإتمام تعليمها في أحد أعرق جامعات العالم " أوكسفورد".
ولكنها تلتقي برجل جذاب يفوقها عمراً ( ديفيد جولدمانيقوم بدوره)، يدعوها لحفلة غنائية راقصة ثم يعرض عليها الزواج لتنتهي أحلامها بالتعليم، وتكتشف بعد السعادة المزيفة أنه متزوج في الأصل، وتعود لتتم تعليمها وتحقق أحلامها.
الفيلم يناقش قضايا نسوية منها الزواج المبكر، والحق في تعليم الفتيات فمن أفضل من امرأة لتخرجه؟، المخرجة لون شكرفيج ناقشت قضايا الفيلم بعمق واهتمت بالتفاصيل الصغيرة من الألوان الأخاذة ومراعاة الزمن الراقي التي تدور فيه أحداث الفيلم.
بالطبع النظرة الأنثوية للصور السينمائية نجدها بكثرة في التعبير بالظلال والتجانس الرقيق بين ألوان الملابس والخلفية، أيضاً كيف توحي بمعنى العلاقة وطريقها الواضح للانتهاء في ظهور ديفيد وجيني اللذين تظهرهما "لون" دوماً يجلسان متقاطعين في إبراز واضح لتعاكس ديفيد مع أحلام جين وإيقافه لها.
رُشح الفيلم لثلاث جوائز أوسكار، أفضل نص مقتبس، وأفضل ممثلة لدور رئيس كاري مولجان أيضاً أوسكار أفضل فيلم.
تقييم الفيلم 7.3 على IMDb و94% على موقع rottentomatoes.
Julie & Julia – Nora Ephron – 2009
هذا الفيلم مقتبس عن قصتين حقيقيتين لرائدتين في عالم الطبخ، جوليا شايلد التي تؤدي دورها النجمة ميريل ستريب، حيث يحكي قصة كفاحها للنجاح في مهنة الطبخ وكيف استعانت بجولي باول، التي تقوم بدورها إيمي آدامز بوصفاتها وكتبها لتسير على خطاها وتصبح مؤلفة كتب ووصفات طبخ مشهورة.
مخرجة الفيلم نورا إفرون أجادت أن تظهر روح المرأة في الفيلم ليس فقط بسبب الطبخ، بل بالتفاني الواضح الذي تظهره نورا في كل لقطة عبر حياتي جوليا وجولي، ومحاولة نجاحهما وتحقيق حلمهما في شغف الطبخ.
أيضاً نورا، أظهرت كامرأة كيف تحب أن يعبر الآخرون عن إعجابهم بالطعام، وعبرت بالألوان كيف يمكن أن تكون جوليا وجولي سعيدتين بارتدائهما الألوان المبهجة؛ أيضاً بتنسيق الإضاءة والديكور مع مكونات الطبخة المتجانسة.
الفيلم رشح ميريل ستريب لأوسكار أفضل ممثلة في دور رئيسي، وتقييمه على IMDb 7 و 76% على rottentomatoes.
The Piano – Jane Campion – 1993
تدور أحداث الفيلم في القرن التاسع عشر، حيث يحكي قصة عازفة بكماء تدعى "أدا" (تؤدي دورها هولي هانتر ) وابنتها، يسافران إلى الساحل الغربي النيوزيلندي لتعيش مع زوجها التي كان زواجها منه مدبراً.
صلة "أدا" الوحيدة بالعالم هي العزف على البيانو، ولكن زوجها يقوم ببيعه إلى الجار، الذي يعرض أن يعيد إليها البيانو إن علمته العزف مع عدة شروط أخرى.
حاولت مؤلفة ومخرجة الفيلم جاين كامبيون، أن تظهره من وجهة نظر "أدا" فقط، وكانت اللمسة الأنثوية الفيكتورية ظاهرة بشدة في اختيار الملابس والموسيقى بالإضافة إلى الإضاءة، حيث ظهرت الصورة في شكل رمادي بارد لتعكس صورة الساحل المقفر.
رشح الفيلم لـ8 جوائز أوسكار وفاز بثلاث منها جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة هولي هانتر، وأنا باكوين كأفضل ممثلة في دور مساعد، وفازت جاين كامبيون بأفضل نص أصلي.
كما فازت جاين كامبيون بالسعفة الذهبية في مهرجان كان لتصبح أول مخرجة تفوز بها، الفيلم تقييمه على IMDb 7.6 و 90% rottentomatoes.
The Hurt Locker – Kathryn Bigelow – 2008
الفيلم هو قصة حقيقية للكاتب مارك باول الذي كان يرافق وحدة إبطال مفعول القنابل في الجيش الأميركي أثناء حرب العراق، ويحكي قصة ثلاثة جنود وما يعانونه ليحافظوا على حياتهم.
المخرجة كاثرين بيجلو ظهر جانبها الأنثوي رغم عنف الفيلم وقوته، من خلال التوازن الذي أحدثته بين ماضي الجنود، ذكرياتهم وحياتهم التي تعد كابوساً حقيقياً.
اختارت كاثرين في ذكرياتهم السعيدة الألوان القوية التي تبث التفاؤل وابتعدت عن الكآبة، فيكفيهم ما يقاسونه من ويلات الحرب.
حظي الفيلم بإشادة من النقاد والجمهور ورشح لـ 9 جوائز أوسكار، فاز منها بـ 6 من ضمنها أوسكار أفضل فيلم، أفضل سيناريو، وأيضاً أفضل مخرجة لكاثرين بيجلو لتصبح أول امرأة تفوز بأوسكار أفضل إخراج في تاريخ هوليوود.
الفيلم من بطولة جيرمي ريينر، أنثوني ماكي و براين جريتي الفيلم تقييمه 7.6 على IMDb و98% على موقع rottentomatoes.