بعد 7 سنوات كاملة من تاريخ نشر التدوينة، وأكثر من عام على وفاته، قامت المغنية والممثلة المصرية روبي برد الجميل لمدون مصري شاب رحل في ذروة تألقه مسببا صدمة لكثير من قرائه وأصدقائه ولا سيما أن أعماله الأخيرة كانت تحمل شكلا من محاسبة النفس وتنبؤا بموت مبكر.
وفي لقاء على محطة مصرية قالت الفنانة المصرية إنها عرفت اليوم فحسب بوفاة براء بينما كانت تسأل عن رقم هاتفه لتشكره على تدوينة كان قد كتبها عنها لفتت نظرها إلى أشياء غاية في الأهمية لم تكن تستطيع قولها أو تحليلها بالشكل الذي فعله أشرف.
وقالت إنها كانت تتمنى شكره شخصياً على ما كتبه بحقها، مؤكدةً أنها فوجئت بخبر موته قبل فترة قليلة حينما كانت تحاول الوصول لرقمه لشكره على ما كتبه بحقها.
وقالت الفنانة المصرية خلال استضافتها في برنامج صاحبة السعادة أن أصدقاءها أرسلوا إليها المقال خلال فترة عصيبة مرت بها، حيث لم يكن يُقدم لها عروض عمل مُرضية، مؤكدةً سعادتها الكبيرة بما قرأته في المقال رغم عدم معرفتها أي معلومات عن كاتبه.
وأضافت روبي: "لسه عارفة إنه ميت، كان نفسي أشكره في التليفون وأقوله شكراً أنصفتني في وقت كنت محتاجة حد ينصفني فيه"، وذلك عند سؤالها من قبل مقدمة البرنامج إسعاد يونس عن سبب عدم استعانتها بموديل في كليباتها، وأشارت إلى أنها لم تنتبه لذلك قبل قراءتها لمقال أشرف.
أسباب الحنين إلى روبي
كان المدون الشاب قد نشر مقالاً مطلع عام 2010 بعنوان "ستة أسباب للحنين إلى روبي"، في مدونة "وأنا مالي"، التي كان يحررها في ذلك الوقت.
وتناول أشرف في المقال أسباب حنينه إلى روبي، لكونها فنانة مصرية مئة بالمائة، متحدثاً عن بدايتها المتواضعة في عالم الفن، وحياتها البسيطة من دراستها بكلية الحقوق بجامعة بني سويف، وعمل والدتها كمديرة لمدرسة إعدادية.
مؤكداً أن لونها الأسمر ثاني أسباب الحنين إلى أعمالها الفنية، إذ قال: "الذين يقدرون الجمال سيعلمون معنى أن هناك أيقونة سمراء ترقص وتغني وتمثل"، وأضاف: "روبي لا تصدق جمالها، تعامله بشك، وتعبر عنه بشك أيضاً، والمدهش أن هذا النوع من التعبير يجذب عدداً لا نهائياً من المعجبين".
كما أكد أن غناءها وحدها أحد أهم أسباب الحنين، فقال: "هل شاهدتها بصحبة أحدهم من قبل؟، هل أهانتك روبي كمشاهد، ورقصت لموديل أجنبي، هل فكرت في استغلال نجومية "مهند" ونامت في أحضانه خلال أحد الكليبات. هل غنت "روبي" لأحد سواك؟، هل قارنتك بأحد؟، هل سمحت لأحدهم أن يلمس جسدها أمامك؟.. لماذا إذن لا تحن إليها مثلي، روبي تحترمني، وتحترمك، وتحترم نفسها".
أما صمتها الدائم بتجنبها الحديث عن عيشها طفولة مشردة أو الرد على شائعات زواجها فكان سبباً آخر دفع المدون الشاب لكتابة تلك التدوينة، إذ قال: "روبي تعرف فضيلة الصمت وتلزمه. تدرك أن الثرثرة مفيدة داخل الأغاني فقط. وعليه، فلا تتوقع أن تجدها في برامج المقالب والاعترافات الساخنة، أو ضيفة حلقة آخر الأسبوع التي لم يجد لها المعد ضيفاً مناسباً فأحضرها في آخر لحظة".
فيما اعتبرها أشرف فنانة شاملة تغني، تمثل، ترقص، وتؤلف، وأنها مجتهدة، ومنتشرة في مستويات عدة من الفنون، واعتبرها متهورة في بعض الأحيان، إذ قال: "لن تخذل محبي الطيش والجموح، وستظل كما عودتنا، مدهشة تملك القدرة على الجموح، وستصرح يوماً بما تؤمن به حقاً".
شابٌّ حالم
يذكر أن الذكرى الأولى لرحيل أشرف حلت في الـ6 من سبتمبر/أيلول الماضي، حيث توفي العام الماضي إثر إصابته بجلطة قلبية مفاجئة بعد إجرائه عملية جراحية في الرئة، حيث رحل في الثلاثين من عمره.
فيما أكد في آخر تدويناته التي كتبها قبل أيام من موته، أنه يجري رسماً للقلب بحسه الفكاهي المعهود.
روحت أعمل رسم قلب.. الدكتورة قالتلي اقلع الجزمة.. قعدت شوية أفهمها إن قلبي مش في جزمتي لكنها انتصرت في النهاية وقلعت..
— Baraa Ashraf (@Baraa_Ashraf) August 31, 2015
كان البراء شاباً ذا مواهب متعددة، إذ عمل ككاتب ومخرج ومنتج أفلام وثائقية، بعدما تخرج من كلية الآداب بجامعة جنوب الوادي، حيث كانت مدونة "وأنا مالي" أولى خطوات طريقة في الكتابة، فيما حملت المدونة شعار: "وطني لو شغلت بالخلد عنه.. هيتسرق"، كما أسس الشاب جريدة "عشرينات".
وفي عام 2010 أسس المدون الشاب وأدار شركة I Films، التي تعاونت مع عدد من المحطات التلفزيونية المصرية والعربية، ثم في عام 2012 أسس شركة Handmade لإنتاج البرامج التلفزيونية والأفلام الوثائقية.
فيما أخرج العديد من الأفلام الوثائقية من بينها فيلم "مصطفى محمود.. العالم والإيمان"، وفيلم "مشمش أفندي"، و"الطريق إلى كيلي"، فيما أكدت إسعاد يونس بالحلقة ذاتها أنه عمل معهم في برنامج "صاحبة السعادة".
كما ألف الشاب كتاب "البدين" تناول فيه العديد من المواضيع التي كتبها في مدونته في وقتٍ سابق، فيما نشر الكتاب عام 2011، فيما كان كاتباً في عديد من المواقع من بينها "مصر العربية"، و"كسرة"، و"المصري اليوم"، و"عربي بوست".
يذكر أنه مع بداية انطلاق موقع عربي بوست، كان أشرف أحد أبرز مدوني الموقع، حيث نشر ثلاث مدونات، حملت الأولى عنوان: "وماذا سنفعل في عاهرات الوطن؟!"، فيما كانت الثانية بعنوان: "سـ(نــ)ـخوض معاركـ(ـنا) معـ(ـهم)"، والثالثة التي نُشرت في منتصف أغسطس/آب الماضي حملت عنوان: "ماذا قال الرئيس في ذكرى مذبحة رابعة؟!".
رحل أشرف تاركاً زوجة صحفية وطفلتين "مليكة" في الثامنة من عمرها، و"كرمة" في الثالثة من عمرها.
لم يكن رحيل أشرف مؤلماً لأسرته وقرائه ومعجبيه فقط، فقد نعاه الإعلامي المصري يسري فودة، وقال أنه كان حالماً مليئاً بالطاقة الإيجابية، فيما قال الكاتب المصري بلال فضل عنه: "لا زالت كتابته الجميلة باقية وستظل في وجدان كل من قرأه وأحب كتابته".
وكان للبراء تدوينة شهيرة عن الموت وشعوره الدائم بدنو أجله كتبها في مدونته عام 2008 كتب فيها: "يقولون أن الميت يشعر قبل موته بأنه على وشك الرحيل، وأن إحساساً بذلك يخترق قلبه، قبل رحيله بأربعين ليلة كاملة، وأن تصرفات الراحلين كانت تنذر برحيلهم القريب، وأنها حكمة الله".
وتابع: "إن كنت سأموت صغيراً كما توقع لي أبي ذات مرة مازحاً، وكما قالها لي أحد أصدقائي في ساعة لوم طويلة "يا أخي أنت هتموت صغير فعلاً، بس ده مش معناه أنك تبقى مستعجل قوي كدة، إن كنت سأفعلها وتصدق توقعاتهم لي فعلاً، فلأفعل في حياتي القصيرة ما يغنيني عن طولها، أكتب القصص القصيرة، وأقابل هؤلاء الذين يفترض بي أن أقابلهم في وقت لاحق، ولأفعل الأشياء التي تليق بمن هم أكبر سناً، ولأصالح نفسي على نفسي، ولأبصق على كل الوعود المستقبلية، التي منحتها لنفسي، أو التي منحها لي الآخرون، أو التي منحتها لهم، ولأعتذر لله عن كل الأشياء الشريرة التي فعلتها من قبل، والتي ربما أفعلها إن كان في عمري بقية تسمح لي بفعلها".
كما كتب تدوينة أخرى على موقع كسرة قبل رحيله بشهرين حملت عنوان: "عما أريده من العالم قبل بلوغي الثلاثين"، وكتب فيها الكثير من أمنياته التي يرغب في تحقيقها، والأخرى التي يتمنى ألا يفعلها أو تمر عليه بحياته القصيرة التي انتهت بعد نشرها بشهرين.
إذ قال: "أريد لو أنني أتحكم قليلاً في الزمن، هناك أشياء أود لو أفعلها بسرعة، وأمور أخرى أفضلها بطيئة، أريد لو أقرأ بسرعة، أنام بسرعة، أحب بسرعة، أفقد ما زاد من وزني بسرعة. وأفضل، لو أستمتع ببطء. لو تمر اللحظات السعيدة أبطأ وأبطأ، لو أن مليكة وكرمة، صغيراتي الجميلات تكبران ببطء، لو أنهما تظلان طفلتين.. ولو يستمر اسمي على شفاه كل منهما براء لا بابا"