كانت لحظة حفر قناة السويس لحظة فارقة في تاريخ مصر لا بد من تجسيدها في الدراما والفن عبر مسلسل بوابة الحلواني، الذي قدم نظرة بانورامية على الحياة في مصر طوال فترة الخديوي إسماعيل حتى خلعه.
المسلسل الذي امتد على 4 أجزاء، قدم تصوراً لتلك الحقبة التاريخية من تفاعلات اجتماعية وقصص بسيطة إلى المطامع السياسية والسقوط والمقاومة والمؤامرات.
لم يرو المؤلف محفوظ عبدالرحمن التاريخ، بل قدمه كما تخيله في سياق فني درامي وحكايات تعلق بها الجمهور على مدى 4 مواسم شكلت محطة كبيرة ونقطة فارقة في تاريخ إنتاج الدراما المصرية.
مسلسل بوابة الحلواني محطة في الذاكرة الرمضانية
نجح مسلسل بوابة الحلواني في أن يصبح عملاً إضافياً على لائحة المسلسلات التي شكلت الذاكرة الرمضانية واستحضار مشاعر الحنين إلى الماضي، كلما سمع المشاهد كلمات الأغنية "اللي بنى مصر، كان في الأصل حلواني".
يستعرض المسلسل رحلة أسرة الحلواني بقرية الفرما التي صارت مدينة بور سعيد بعد حفر قناة السويس.
وفي حين ينقل يوميات المجتمع المصري خلال بدايات القرن العشرين، يقدم على خط متواز تداخل الطموحات السياسية والصراعات التي تهدف إلى إقصاء الآخر ومحاولة فرض السيطرة.
كما يتطرق إلى علاقة عبده الحامولي -جسده علي الحجار- وألمظ -جسدتها شيرين وجدي- قبل احتراف الغناء.
ولسبب كتابة المسلسل قصة غريبة تقول إن محفوظ اكتشف بالصدفة داخل دار الوثائق أوراقاً رسمية تصور الحياة القاسية وغير الإنسانية للعمال الذين حفروا القناة، بحيث مات نحو 120 ألف عامل، بينما كان عدد سكان مصر نحو 4 ملايين نسمة فقط.
ويركز محفوظ في هذه الملحمة التاريخية على حلم الخديوي لمصر، وبناء دولة كبيرة تضاهي أوروبا.
لكن الحلم ينتهي بخلعه وبغرق مصر في الديون.
ورغم هذه النهاية المؤلمة، إلا أن شخصية شلش الحلواني التي أداها المبدع عبدالله غيث لم تكن متشائمة رغم حزنها الشديد.
ولعل هذا ما حاول الكتاب والمخرج تقديمه للجمهور المصري والعربي الذي مر بأكثر من تجربة سياسية ووطنية فشلت، بأن التشاؤم خطأ كبير وبأن زيارة الماضي من خلال تلك الشخصيات المصرية العريقة تلقن الجمهور دروساً -وإن كانت قاسية- ولكنها جوهرية لبناء مستقبل أفضل.
أسرة الحلواني وحفر قناة السويس
تطرق الموسم الأول الذي عرض على شاشات في رمضان العام 1992، إلى تاريخ أسرة الحلواني وعمال حفر قناة السويس الذين انتقلوا للعيش بقرب القناة، إلى جانب تأثير هذا المشروع الكبير على حياة المصريين.
شهد مسلسل بوابة الحلواني بطولة عدد كبير من النجوم مثل سميرة عبدالعزيز وأحمد راتب وسناء يونس وصلاح قابيل وليلى طاهر وخالد النبوي وحسن حسني وغيرهم الكثير.
أما الإخراج فكان لإبراهيم الصحن في كل المواسم.
التقرب من العائلة المالكة
صدر الجزء الثاني في عام 1994، والثالث عام 1997 وكان الجزء الرابع والأخير في عام 2001.
أما أغنية تتر المسلسل فاكتسبت هي الأخرى نجاحاً كبيراً وأصبحت من كلاسيكيات أغاني المسلسلات، وهي من تأليف سيد حجاب، وتلحين الموسيقار بليغ حمدي، ومن غناء علي الحجار.
وكان الحجار قال لاحقاً في لقاءات صحفية، إنه كاد يرفضها لولا أقنعه الملحن بليغ حمدي بالأمر.
في الجزء الثاني يصبح الفنان عزت العلايلي، والذي لعب دور أحمد الخازندار وكان أميرلاي الجيش ومسؤولاً بالقصر.
وبسبب وفاة الممثل عبدالله غيث، قام بأداء دوره شقيقه الممثل حمدي غيث في هذا الجزء.
كما انضم فنانون آخرون إلى الجزء الثاني من بينهم زيزي البدراوي، حسن مصطفى، جورج سيدهم، ليلى فوزي، حمدي غيث، إيمان الطوخي وغيرهم من الفنانين، وتركزت الأحداث على انتقال عائلة الحلواني من بورسعيد إلى القاهرة.
وهناك تتقرب العائلة من الأسرة الحاكمة فينطلق الثنائي ألمظ والحامولي إلى طريق النجومية والشهرة.
وفي الجزء الثالث من مسلسل بوابة الحلواني، والذي صدر العام 1997، تستكمل الأحداث لترصد التطورات السياسية في تلك الفترة.
وأخيراً.. نهاية الخديوي
وفي العام 2001، عرضت الشاشات المصرية الجزء الأخير من العمل، ليسدل الستار على فترة حكم الخديوي بعزله ووفاة ألمظ.
وبالفعل تم تصوير مشاهد العمل داخل قصر عابدين بإذن من رئاسة الجمهورية آنذاك، وهو العمل الأول الذي يتم تصويره في السرايا، المكان الحقيقي الذي كان الخديوي إسماعيل يحكم منه مصر في الفترة من 1863 حتى 1879.