أزمة اللاجئين وأزمة النزوح، هي تلك الأزمات التي تتخذ من وطننا العربي عشاً لها، تتغذى على معاناة الضعفاء، وتصاب بالتخمة من أنين الأطفال، تحطم أظهر الرجال، وتتحرش بأمان النساء، وتضع شعوب وطننا أمام اختبار حقيقي لنفوسهم.
من سوريا إلى اليمن، واليوم في السودان، نجد أنفسنا أمام امتداد لذات الأزمة وذات الكابوس، والذي يرفض أن يترك صدورنا، بل يريد أن يبقى جاثماً عليها حتى يمنعنا من اتخاذ أنفاس الأمل في مستقبل أفضل.
لا يغيب على أحد اليوم ما يحدث في السودان الشقيق من اقتتال يترك شعبها في منتصف جحيم لا ينتهي، وعلى غرار سوريا واليمن من قبل، يجد الشعب السوداني نفسه معرّضاً من جديد لأزمة نزوح ولجوء، تدفعه لترك وطنه وطلب العون والمسكن والمأكل من أشقائه في الدول المجاورة.
في وسط هذه الأزمة المشتعلة قد لا يدرك المواطن العربي، والذي أنعم الله عليه بالأمان، مقدار المعاناة التي يعيشها إخواننا النازحون كل يوم وكل ليلة، فعبر قفار ممتدة، وطرق صلبة حارقة، وأسفل سماء باردة، وريح متجمدة لا ترحم أحداً، يجد النازح نفسه مرغماً على تجاوز المستحيل كي يضمن النجاة.
وسط المعاناة التي استمرت معنا في وطننا العربي لسنين وحتى هذه اللحظة، هناك ليس الآلاف بل ملايين القصص المدفونة في هذه المأساة، لذا قررت في هذا المقال أن أرشح لك قائمة من الأفلام الوثائقية والسينمائية التي سلّطت الضوء على معاناة اللاجئين، والتي ستمنحك رؤية واضحة لمعاناتهم.
أفلام ستجعلك تلمس معهم قلب هذه المعاناة:
1- فيلم "After Spring" لعام 2016
بين فتى صغير يحلم بالعودة إلى سوريا، وامرأة تحاول النجاة عبر بيع الملابس المتواضعة، وأم تعاني كي تحمي عائلتها من الاحتياج للناس، نجد أنفسنا في أحد أفضل الوثائقيات التي سردت معاناة اللاجئين السوريين واللاجئين الأفارقة في مخيم الزعتري للاجئين في الأردن.
في هذا الفيلم الوثائقي سترى بنفسك معاناة هؤلاء اللاجئين، وسط بيئة تكاد تنعدم فيها الرعاية الصحية ونقص الطعام، ووجود تعليم متواضع، وعلى الجانب الآخر سيبهرك اتحاد هؤلاء اللاجئين الشجعان، والذين يدعمون بعضهم البعض للنجاة في تلك الظروف الصعبة.
2- فيلم "The War Show" لعام 2016
في هذا الفيلم الوثائقي ستسير في شوارع سوريا وسط الحرب التي لا تهدأ نارها، سترى الجوع وهو يدفع جحافل البشر للسير عبر المجهول، ستشهد بعينيك البراميل المتفجرة وهي تسقط من السماء كنايزك لا تعرف الهدوء، وستسمع بأذنيك أصوات طلقات الرصاص وهي تعزف نغمة أبدية للمعاناة.
في هذا الفيلم ستشهد على معاناة النازحين السوريين واللاجئين الأفارقة، الذين عاشوا في سوريا قبل الحرب، لترى بعينك كيف أن النجاة هي كل ما يهم وسط تلك الظروف الجحيمية.
يسرد الفيلم بكاميراته رحلة الصحفية والكاتبة عبيدة زيتون، وسط أنقاض الجحيم السوري الذي لا ينتهي، لتدرك مقدار المعاناة اليومية التي يجب على كل لاجئ أن يعيشها حتى إن كان لاجئاً في وطنه.
3- فيلم "The Good Lie" لعام 2014
هذه المرة هو فيلم درامي أمريكي، ولكنه أحد أفضل الأفلام التي رأيتها تصف حالة الصدمة التي يعاني منها اللاجئ لوطن غير وطنه.
يسرد الفيلم قصة ثلاثة شباب سودانيين، والذين أُرغموا على هجر قريتهم في السودان خلال الحرب الأهلية السودانية واللجوء إلى الولايات المتحدة، ولكن كي يصلوا إلى هناك كان عليهم المرور بمعسكر اللاجئين في كينيا، والتي قضوا فيها سنوات طويلة في انتظار الفرصة التي ستكتب لهم حياة جديدة، بالطبع حصلوا على الفرصة، وستأخذنا القصة في رحلة تعاملهم مع واقعهم ووطنهم الجديد.
4- فيلم "Beats of the Antonov" لعام 2014
خلال الحرب الأهلية السودانية كانت الحكومة السودانية تستخدم طائرات الـAntonov لإسقاط القنابل فوق رؤوس المدنيين من سكان جبال النوبة والنيل الأزرق في السودان، وبين رحى الحرب التي تدور دائرتها بلا توقف هناك، لا يزال السكان الذين شرذمتهم الحرب بين لاجئين ونازحين يستمرون في الحفاظ على إرثهم الثقافي و صناعة الموسيقى.
يتبع هذا الفيلم قصص هؤلاء الناس، ليكون شاهداً على صمودهم في وجه الحرب والمعاناة، وليجعلك شاهداً على ما مروا به وكيف صمدوا حتى هذه اللحظة.
5- فيلم "Ware Child" لعام 2008
براءة الأطفال لا يجب أن تُلوث بالسياسة والحروب، ولكن الواقع لا يهتم بالبراءة، والمصالح لا تلقي بالا للأطفال، والحرب الأهلية السودانية الثانية خير دليل على هذا.
إمانويل جال، مغني هيب هوب شهير، كان مجرد طفل جندي من جنوب السودان، تم تجنيده خلال الحرب الأهلية ليقتل أو يُقتل، وخلال السنين التي قضاها ضمن صفوف الجيش الذي جنده، شهد فظائع تجعل الرجل البالغ يخاف من ظله.
في النهاية تم إنقاذ إمانويل، ولكن كان هناك آلاف الأطفال غيره في صفوف المقاتلين هناك، يسرد الفيلم قصة إمانويل وقصة أطفال الحرب الذين يتم الزج بهم في أتونها، دون الاهتمام بحقيقة كونهم مجرد أطفال.
يسلط هذا الفيلم الضوء على نقطة محورية في الصراعات التي نعيشها اليوم، وكيف يمكن أن تمس معاناتها أطفالنا الذين لم يروا شيئاً من الحياة بعد.
6- فيلم "Human Flow" لعام 2017
هل تساءلت يوماً عن المقدار الحقيقي لأزمة اللاجئين عالمياً؟ كيف تؤثر هذه الأزمة في الاقتصادات العالمية والواقع الذي نعيشه اليوم؟
يعطيك هذا الفيلم المبهر الإجابة الشافية، فقد تم تصويرة في ثلاث وعشرين دولة، لتكتشف معه مقدار هول هذه الأزمة حقاً، وكيف أن الحكومات العالمية والنظام العالمي المعاصر قد خذلا اللاجئين بالفعل، وفشلا في توفير أقل قدر من الحماية اللازمة لهم.
في سلسلة من اللقاءات مع اللاجئين وعمال الإنقاذ والسياسيين، والعديد من المشاهد المفزعة والمرعبة التي ستدفعك للبكاء، ستجد كيف أن عالمنا اليوم قد تخلى عن أبنائه.
7- فيلم "Last Men in Aleppo" لعام 2017
آخر رجال حلب هو العنوان الذي اتخذه المخرج فراس فايد لهذا الوثائقي الرائع، و الذي يسلط الضوء على جماعة الخوذ البيضاء، وهم المنقذون الذين بقوا في حلب لإنقاذ الناس من هول الحرب التي دمرت المدينة.
يقدم الفيلم رؤية عميقة وغير معتادة وقريبة جداً من هؤلاء الرجال العاديين، والذين لا يجب أن يوصفوا إلا بالأبطال الخارقين، فهم يخاطرون كل يوم بأرواحهم وسط نيران الحرب لإنقاذ من يستطيعون، في لوحة غير مسبوقة للإيثار والفداء، والتي يجب أن نأخذها مثالاً لمساعدة أشقائنا اللاجئين.
8- فيلم "For Sama" لعام 2019
وضعت هذا الفيلم كآخر فيلم لما يلمسه داخلي، فالفيلم يسرد قصة أم تحاول النجاة وتربية طفلتها، وسط مدينة حلب المحاصرة، وأسفل البراميل المتفجرة، وبين طلقات الرصاص، سترى في هذا الفيلم كيف تدفع الحروب الأمهات ليكُنّ نساء خارقات، حيث سترى حقاً بعينيك معنى الفداء.
في نهاية المقال، يمكنني إخبارك بأن الأعمال السبعة السابقة ستوفر لك رؤية شاملة وملموسة لما نعرفه بأزمة اللاجئين الآن، رؤية تدعم حكمك على ما ستراه من أزمة الحرب السودانية الحالية، وستلمس معهم بنفسك هول الحرب وشرها، وستدرك مقدار المعاناة التي يلقاها أشقاؤنا السودانيون في وطنهم وخارجه.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.