بقدر ما يبدو أننا على طريق المساواة بين الجنسين، فإن تقسيم الأعمال المنزلية بشكل متساو يُعد أمراً بعيد المنال بشكلٍ مُحبِط؛ ففي العام الماضي، توصّل تقرير للأمم المتّحدة إلى أن النساء يقمن بأعمال منزلية غير مدفوعة الأجر أكثر من الرجال 2.6 مرّة، بما في ذلك الطهي، والتنظيف، وجلب الأطفال من المدرسة، وتنظيم جدول العائلة، وأكثر من ذلك.
جزء من المشكلة يرجع إلى عدم رغبة الرجال في القيام بحصّتهم العادلة من العمل في الزواج.
حسناً، ماذا عن النصف الآخر من المشكلة؟ كمجتمع، مازال يتعيّن علينا التخلّي عن صورة الطابع الأنثوي للأعمال المنزلية، والضغط للالتزام بها بعمق، حتّى بين النساء الأكثر تمكيناً وتقدّماً بيننا.
الأمهات المتزوجات يعملن أكثر من العازبات، رغم وجود شريك
على سبيل المثال، نُشِرت دراسة مؤخّراً في صحيفة Demography، ونظرت في كيفية قضاء أنماط مُختلفة من النساء لأوقات فراغهنّ.
وكما نقلت مجلّة Fortune مؤخّراً، توصّلت هذه الدراسة إلى أن النساء المتزوّجات يقضين وقتاً أطول في أعمال المنزل من الأمّهات العازبات.
توقّف وفكّر في الأمر لثانية! النساء اللاتي لديهنّ شركاء حياة يعيشون معهم ليشاركوا كل المسؤوليات معهم ما زلن يقمن بأعمال أكثر من التي تقوم بها النساء اللاتي عليهن حمل العبء كلّه بمفردهن، لماذا؟
بحسب الباحثين، هذا يحدث لأن الزواج والأمومة يجعلان النساء يشعرن بالضغط لـ "آداء مهام النوع الاجتماعي" والعناية بالمنزل والعائلة، وفق ما نشر موقع Mind Body Green
توقعات كثيرة ملقاة على الزوجة
كتبت عالمات الاجتماع جوانا بيبين، وليانا ساير، ولين كاسبر، المؤلفات المشاركات الثلاث بالدراسة، أن "الأعراف الاجتماعية بشأن الزواج تؤكّد على أهميّة الطقوس اليومية مثل وجبات العشاء المُعدّة بالمنزل، مما يتطلّب أعمالاً منزلية لها دور فعّال ورمزي لأنوثة المرأة".
وأضفن: "تزيد الأمّهات المتزوّجات من الأعمال المنزلية بشكل جزئي لتلبية التوقّعات حول الوجبات المُعدّة منزلياً، والملابس النظيفة، والمنازل المُعتنى بها جيداً. إنه سلوك مكمّل للتعريفات المُعاصرة للسلوك المناسب للزوجات والأمّهات".
الأعمال تزداد عندما تصبح أماً
وأظهرت دراسات سابقة على نحو مباشر أن مقدار الوقت الذي تقضيه النساء في الأعمال المنزلية يزيد عندما تنتقل للعيش مع شريك أو حين تتزوّج، ويقلّ حين تخرج من علاقتها.
وحتّى عند حساب فروق العمل وعدد الأطفال وأفراد الأسرة الآخرين الذين يعيشون في المنزل، وغيرها من العوامل، تبيّن لجوانا وفريقها أن النساء المتزوّجات يقضين 2.95 ساعة يومياً في العمل المنزلي، في حين أن النساء العازبات يقضين 2.41 ساعة في تلك الأعمال.
وهذا الفرق البالغ حوالي 32 دقيقة، كما تشير مجلّة Fortune، قد يبدو صغيراً ولكنّه بالتأكيد يتزايد مع الوقت.
وعلى نحو فاضح، أظهرت العديد من الدراسات أنه عندما يُصبح الأزواج والديْن، تزداد حصّة الأمّهات من العمل المنزلي بينما يقل عمل الآباء.
رفع العبء من على أكتاف النساء يحتاج بعض الوقت
إنها ليست مُهمّة سهلة، وتشدد جوانا بيبين، المؤلّفة الرئيسية للدراسة التي نشرتها صحيفة Demography، على أهمّية حدوث تغيّر اجتماعي كبير يشمل تغيير السياسة العامّة، وتوقّعات أماكن العمل، وذلك من أجل حلّ المشكلة بدقّة.
وقالت جوانا للمجلّة إن "الكثير من الأبحاث ترجّح الحاجة إلى تغييرات سلوك الرجل كجزء من المرحلة التالية من العمل لتحقيق علاقات أكثر مساواة. ولكن الأمر ليس ببساطة إخبار الرجال أن عليهم القيام بحصّتهم من العمل".
وأضافت: "من الصعب أن تتغلّب الأعمال الفردية على العوائق الهيكلية للمجتمع، والرجال يواجهون قيوداً مثل توقّعات قضاء ساعات عمل طويلة. والتغيرات الاجتماعية التي تسمح بالمزيد من المرونة في استيعاب الأدوار غير التقليدية مثل الإجازة الأبوية ستساعد بالتأكيد".
اللامساواة تصيب المرأة بالإرهاق وتضرّ بالعلاقة
وهذا يشير في الوقت نفسه إلى أنه يمكن للنساء المتزوّجات -بل وينبغي عليهنّ- اتخاذ أي خطوة ضرورية لضمان عدم إثقالهنّ بحصّة غير عادلة من العمل المنزلي.
وتقول دراسة إن النساء اللاتي يعشن مع هذه الأنماط من عدم المساواة في الأعمال المنزلية يتعرّضن لخطر الضعف الصحّي، وتكنَّ أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، وتكون علاقاتهن أقل سعادة.
وتوصّلت أيضاً الدراسة إلى أن وقت الفراغ والنوم بالنسبة للنساء المتزوّجات يتأثّر أيضاً، وهو ليس بالأمر المفاجئ.
وتقول الباحثة: "من المهمّ أن نكون على دراية بتلك القضيّة، وأن يقيّم الأزواج بشكل مُستمر كيف تسير الأمور حتّى يحظى كلا الشريكين بالعدالة في العلاقة".
والحل؟ اطلبي من زوجك المساعدة واشكريه عليها
إذاً نعم، إذا كنتِ امرأة تعيشين مع شريك، فتحدثي عن تقسيم العمل المنزلي مع شريكك مباشرةً.
أخبريه عن مخاوفك بشأن العدالة والحصول على حصتك المستحقة من أوقاتك الشخصية، وأعِدّا خطة أو نظاماً يسهل المساواة بينكما.
هناك طريقة متبعة يحافظ بها الشريكان على المحادثة حية ونشطة بشكل يومي، وهي ممارسة الامتنان، عبر القول:
"شكراً لك على التخلّص من القمامة"
"شكراً لك على تنظيف الأطباق".
نعم، هذا يعني قول شكراً جزيلاً، باستمرار، على نفس الأشياء مراراً وتكراراً. ولكن، هذا هو بيت القصيد، يجب أن تكون دائماً على وعي فائق بالعمل الذي يقوم به الشريك، خاصة إذا كنت رجلاً.
وهذا لن يذكرك فحسب كم أنّ شريكتك تجعل حياتك أفضل كل يوم، بل يذكرك أيضاً بالقيام عن الأريكة وغسل بعض الأطباق.