اخترعوا الغراء وصنعوا قلادات من مخالب النسور واستخدموا النار.. إلى أي مدى كان البشر البدائيون أذكياء؟

لقد كان الانطباع الأول سيئاً دائماً. وهكذا، أصبح "إنسان بدائي" ليس فقط نوعاً جديداً، ولكن أيضاً مصطلحاً تحقيرياً. لكن إلى أي مدى كان البشر البدائيون أذكياء؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/03/26 الساعة 17:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/26 الساعة 17:11 بتوقيت غرينتش
Caveman sitting using touchscreen stone tablet outdoors in a weathered rock cave

عندما قدم الجيولوجي ويليام كينغ نوعاً جديداً من البشر، إنسان النياندرتال أو ما يعرف بالإنسان البدائي، إلى المجتمع العلمي الأوروبي في عام 1864، لم يكن كريماً إلى حدٍ كبير تجاه أبناء عمومتنا التطوريين المنقرضين.

وبعد فحص الجمجمة، التي عثر عليها قبل ذلك الوقت بعقد من الزمن، اختتم كينغ كلامه: "أشعر أنني مضطر للاعتقاد بأن الأفكار والرغبات التي سكنت هذه الجمجمة لم تتجاوز أبداً الوحشية والبهيمية".

لقد كان الانطباع الأول سيئاً دائماً. وهكذا، أصبح "إنسان بدائي" ليس فقط نوعاً جديداً، ولكن أيضاً مصطلحاً تحقيرياً. ومع ذلك، فقد قطعت الأبحاث شوطاً طويلاً منذ ذلك الحين: إذن ما مدى ذكاء البشر البدائيين، استناداً إلى ما نعرفه عنهم اليوم؟

لغز مستمر

بحسب ما نشره  موقع Live Science الأمريكي ؛ قال جواو زيلاو، الأستاذ بالمعهد الكتالوني للأبحاث والدراسات المتقدمة (ICREA) في جامعة برشلونة، إن تصور علماء الأنثروبولوجيا المبكر للإنسان البدائي كان متأصلاً بشكل جزئي في المعتقدات العنصرية التي مفادها أن الذكاء أو الإنسانية يمكن تقييمهما من خلال شكل الجمجمة.

كما تشارك العديد من هؤلاء العلماء أيضاً وجهة نظر مفادها أن التطور كان متعلقاً بعملية التقدم فقط، وأن أنواع الأسلاف البشرية مثل النياندرتال كانت "بدائية" أكثر بكثير من البشر الحاليين. وهذه الافتراضات قد فقدت مصداقيتها "على الرغم من صعوبة زعزعة العلوم الغربية والثقافة الشعبية".

لقد ساعدت الاكتشافات الجديدة المتواضعة على مدى العقود القليلة الماضية في رد الاعتبار لسمعة الأناس البدائيين باعتبارهم أشخاصاً يشبهوننا كثيراً.

وقال زيلاو لموقع Live Science الأمريكي:

"إن الطريقة الوحيدة لتقييم ذكائهم -مهما كان ما يعنيه ذلك، ولكنها مسألة مختلفة- هي عن طريق ما كانوا يفعلونه". واتضح أن البشر البدائيين فعلوا كثيراً من الأشياء التي كان يعتقد ذات يوم أنها خاصة وحصرية بالثقافة الإنسانية الحديثة.

اختراعات هامة

لقد حولوا الحجارة والعظام إلى أدوات وحلي تشبه إلى حد كبير تلك التي صنعها الإنسان الحديث الذي كان حياً في نفس الوقت. "كان البشر البدائيون يعيشون في أوروبا وجنوب غرب آسيا من حوالي 400 ألف إلى 40 ألف سنة مضت".

لقد اخترعوا الغراء باستخدام القطران من لحاء البتولا لربط المقابض الخشبية بالحجارة. وصنعوا قلادات من مخالب النسور.

واستخدموا النار في طهي الطعام، وتشير دراسات جديدة حول الأدوات الحجرية إلى أنهم كانوا يمتلكون التقنية اللازمة لإشعال النار عن طريق الشرر أيضاً.

بعبارة أخرى، لم يكن عليهم فقط انتظار اشتعال النيران الناتج عن ضربات البرق.

وأشارت بعض الأدلة أيضاً إلى أن البشر البدائيين كان لديهم ممارسات روحية وطقوس. فقد أظهرت المقابر التي اكتشفت في مواقع مثل "La Chapelle-aux-Saints" في جنوب غرب فرنسا أن هؤلاء البشر القدامى دفنوا موتاهم.

وفي موقع آخر بفرنسا، اكتشف الباحثون أن البشر البدائيون انحدروا عميقاً داخل كهف ورسموا دوائر حجرية غامضة باستخدام صواعد الكهوف قبل 176 ألف عام.

مزيد من الأدلة

أما إلى أي مدى كان الإنسان البدائي قادراً على استخدام الرموز، فهو أمر مازال موضع نقاش. لقد كانوا على قيد الحياة في نفس الوقت الذي كان فيه الإنسان الحديث يخلق بعضاً من أول الفنون التجريدية والرمزية على جدران الكهوف>

لكن القليل من الأعمال الفنية قد نسبت إلى الإنسان البدائي. ومع ذلك، في عام 2018، في انتصار للإنسان البدائي، قال الباحثون إن الصور التجريدية التي يبلغ عمرها 65 ألف عام في الكهوف الإسبانية يجب أن يكون قد تم رسمها بواسطة إنسان نياندرتال.

ويعتقد العلماء أن الإنسان الحديث لم يصل إلى أوروبا الغربية إلا قبل حوالي 42 ألف عام.

واستناداً إلى عظامهم، نعلم أن البشر البدائيين كانوا قادرين في الأقل على إصدار أصوات معقدة. لكن من الصعب أن نثبت أن البشر البدائيين كان لديهم لغة لأنهم لم يتركوا لنا أي كتابات "على الرغم من أن الإنسان الحديث لم يفعل ذلك أيضاً في الفترة نفسها".

لكن بعض الباحثين جادلوا بأنهم ربما كانت لديهم طرق متطورة للتواصل.

الأكثر من ذلك، أن الأدلة الوراثية أظهرت أن الإنسان الحديث تزاوج مع الإنسان البدائي، وذلك قبل اختفاء هؤلاء الأفراد بحوالي 40 ألف عام.

ولا يزال لدى الكثير منا اليوم من 1 إلى 2 % من الحمض النووي للإنسان البدائي، وهي نتائج توحي بأن الإنسان الحديث الذي واجه هؤلاء الأفراد كانوا ينظر إليهم على أنهم بشر أيضاً.

 

تحميل المزيد