ما الذي يحدث في أجسادنا عند ممارسة الجنس؟

الجنس مفيد لصحتنا العقلية والجسدية. فهو يقلل معدل ضربات القلب وضغط الدم. وقد يعزز الجهاز المناعي الذي يحمينا من العدوى، كما يقلل من الشعور بالضغط والتوتر

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/06/07 الساعة 07:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/31 الساعة 11:20 بتوقيت غرينتش
فوائد ممارسة الجنس عديدة

ربما يكون الحديث في الجنس من أكثر الأمور غير المستحبة وغير الشائعة في مجتمعاتنا العربية، رغم أنه يكون متواجداً في بعض الجلسات على استحياء.

وفي حين أنَّه من المتوقع من كل شخص بالغ أنه يعرف كيفية ممارسته، لكن المجتمعات العربية ربما لم تتعلم بشأنه بالطريقة المناسبة، وتخجل الكتب من الحديث عنه. وفي حين أن البعض يفتقرون إلى المعلومات المتعلقة بالممارسات الجنسية، فإن الأغلبية تجهل بشكل واضح التفاصيل الدقيقة لما يحدث لأجسادنا أثناء ممارسة الجنس، ونتائج ممارسته.

فوائد ممارسة الجنس للجسد والعقل

فوق كل شيء، فإنَّ الجنس مفيد لصحتنا العقلية والجسدية. فهو يقلل معدل ضربات القلب وضغط الدم. وقد يعزز الجهاز المناعي الذي يحمينا من العدوى، وهو بالتأكيد يقلل من الشعور بالضغط والتوتر.

ويبدو أن مشكلة الجهل بما يحدث داخل أجسادنا خلال ممارسة الجنس ليس مشكلة متعلقة بالثقافة العربية فقط. ففي حين أن العديد من الهيئات الطبية مثل هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) في بريطانيا توصي به، إلا أن هذه التوصية موجودة في أحد الأقسام المخبأة في موقعها على شبكة الإنترنت، حيث قلة من المحتمل أن يصلوا إليه، وتقول فيه: "ممارسة الجنس أسبوعياً قد تساعد على درء الأمراض".

لذلك تعتقد الدكتورة ليلى فرودشام، استشارية التوليد وأمراض النساء، أنَّه يجب تثقيف الأفراد بشكلٍ أفضل حول هذا الموضوع. هي تعتقد أنَّ مزيداً من المعلومات حول الأمر يمكن أن يجعلنا أكثر صحة وأكثر سعادة، ويوفر الكثير من الأموال لأن الجنس يبعد الأمراض.

تقول فرودشام لصحيفة The Guardian البريطانية: "إنَّ الأشخاص الذين يواجهون صعوبات في ممارسة الجنس هم أكثر عرضة للمشاكل الصحية الأخرى". وتود أنَّ ترى المزيد من الاستثمار في الصحة الجنسية كطبٍ وقائي.

الجنس بديلاً عن التمرينات الرياضية

ممارسة الجنس يمكن أن تصبح رياضةً جيدة، على الرغم من أنَّ ذلك يعتمد على مدى نشاطك الجنسي.

فقد وجدت دراسة نُشرت في مجلة Plos One في عام 2013 أنَّ الأزواج الذين يتمتعون بصحةٍ جيدة يحرقون حوالي 85 سعرة حرارية خلال الممارسة الجنسية معتدلة الشدة، أو ما يعادل 3.6 سعرة حرارية في الدقيقة.

وهو قدر لا يكفي لاعتباره تمريناً رياضياً. لذلك تقول هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS): "ما لم تكن تمارس الجنس بمعدل 150 دقيقة في الأسبوع، فحاول ركوب الدراجات أو المشي السريع أو الرقص".

وتلك القصص التي تُروى حول الرجال الذين يعانون من النوبات القلبية وانتهاء حياتهم الجنسية هي قصص مُبالغ فيها إلى حدٍ كبير. فالجنس يرفع معدل ضربات القلب، وهو أمر جيد عموماً. وقد وجدت دراسة نُشرت في المجلة الطبية البريطانية، أُجريت على 918 رجلاً في ويلز عام 1997، أنَّ الجنس ساعد في حماية صحة الرجال.

والرجال الذين اعترفوا في تقريرهم الخاص بأنَّهم كانوا يمارسون الجنس بمعدلٍ أكبر وبانتظامٍ أكثر خلال حياتهم كانت احتمالية موتهم أقل بمقدار النصف، وذلك خلال مدة الدراسة التي بلغت عشر سنوات، مقارنةً بأولئك الذين مارسوا الجنس بقدرٍ أقل.

وكقاعدة عامة، إذا كنت قادراً على صعود رحلتين على السلالم دون حدوث ألمٍ في الصدر، فعلى الأرجح يمكنك ممارسة الجنس بأمان، حسبما يقول الخبراء.

السر في هرمون الحب

مفتاح كثير من الفوائد الصحية للجنس هو هرمون الحب (الأوكسيتوسين). ويُطلق عليه أحياناً هرمون العناق، والذي يمكن حتى إفرازه عند ملاعبة كلبك.

نفس الهرمون يسبب الانقباضات عند الولادة، بالإضافة إلى تواجده في التحاميل أو الأقماع المهبلية التي تُعطى للحوامل للحث على المخاض، ويتواجد في الحيوانات المنوية. إنَّها ليست خرافة إذاً أن الجنس يمكن أن يساعد على ولادة الطفل المتأخر عن موعده.

وتقول فرودشام إنَّها عندما كانت تعمل كطبيبة توليد اعتاد الشركاء الذكور على "ترك ابتسامة عريضة من الأذن إلى الأذن تكسو وجوههم لأنَّني أقترح عليهم ممارسة الجنس وقوفاً على أطرافهم الأربعة لجعل المخاض مستمراً".

يُفرز الكثير من الأوكسيتوسين عندما يمارس الناس الجنس، أو حتى حين يكونون ودودين تجاه بعضهم. وتوضح فرودشام: "أي لمسة تطلق الأوكسيتوسين". لذلك فإنَّ الحفاظ على التفاعلات البدنية يؤثر على الرغبة الجنسية، "ستخسرها إن توقفت عن استخدامها".

الحل للرغبة الجنسية المنخفضة

وتضيف أنَّها لا ترى في كثيرٍ من الأحيان أشخاصاً يعانون من رغبةٍ جنسية منخفضة في جوهرها، لكن ترى "أشخاصاً كانوا متورطين في نوعٍ من الشبق الجنسي والذي اختفى نوعاً ما. لذلك كثيراً ما أشجع الناس على جدولة الجنس. وهو ما يشعر الكثير من الأزواج بأنَّه أمر غير طبيعي، وأنَّه يفرض عليهم ممارسة الجنس، لكن في بعض الأحيان تحتاج إلى جعلهم يعتادون الأمر حتى يصبحوا عفويين".

ويساعد الجنس على النوم، ويساعد الدماغ على التوقف عن العمل. وتقول: "إذا كنتَ تمارس الجنس، فإنَّك تدخل تلك المنطقة التي يبتعد عقلك فيها عن حالة فرط النشاط". إنَّها حالة تشبه التركيز والاسترخاء الكامل للذهن. لكنَّها تضيف: "أعتقد أنَّه لم يعد هناك الكثير من الناس الذين يمنحون أنفسهم وقتاً للاسترخاء".

وتُلقي البروفيسور كاي ويلينغز، من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، باللوم على نمط الحياة المزدحم، والذي أدى إلى انخفاض النشاط الجنسي في بريطانيا. هذا الأمر أيضاً موجود في بلادنا العربية بشكل واضح.

وكشفت الدراسة الكبيرة الأخيرة التي أجرتها على 34 ألفاً من الرجال والنساء، والتي نُشرت في الدورية الطبية البريطانية، أنَّ الناس أصبحوا يمارسون الجنس بمعدلٍ أقل مما كانوا عليه منذ عشر سنواتٍ أو أكثر.

وقال نصف النساء وثلثا الرجال للباحثين إنَّهم يفضلون لو يمارسون الجنس أكثر من المعتاد. وتقول ويلينغز إنَّ العصر الرقمي هو المسؤول جزئياً عن ذلك، موضحةً: "نحن محاطون بالأشياء المحفزة للانتباه.

أستطيع أن أرى الحدود بين الحياة العامة والخاصة تزداد ضعفاً. أنت تصل إلى منزلك وتستمر في العمل أو تستمر في التسوق، تفعل كل شيء ما عدا التواصل عن طريق الكلام، والذي أصبح موضة قديمة. ولا يشعرك استخدام الهاتف بالقرب الكافي".

مراحل الاستجابة الجنسية

لا يزال الفضل في ظهور أفضل تفسير لما يحدث بالفعل أثناء ممارسة الجنس يعود لاثنين من العلماء الذين بدأوا عملهم عام 1957، وهما وليام ماسترز وفرجينيا جونسون، وذلك على الرغم من أنَّ الباحثين اللاحقين انتقدوا أجزاءً من عملهم.

عمل ماسترز وفرجينيا في جامعة واشنطن في سانت لويس بولاية ميزوري. وكان ماسترز قد أقنع فرجينيا بممارسة الجنس معه في مصلحة البحث، وذلك في الفترة التي كان فيها متزوجاً من امرأة أخرى.

وفي النهاية تطلَّق وتزوج من فرجينيا في عام 1971، ثم انفصلا بعد ذلك بعشرين عاماً. وقد قاما معاً بتأسيس معهد ماسترز وفرجينيا، حيث أجريا أبحاثهما ودربا المعالجين فيه.

في كتابٍ بعنوان "Human Sexual Response"، نُشر عام 1966، وصفا دورةً من أربع مراحل تخص العملية الجنسية بين الرجل والمرأة.

المرحلة الأولى: الإثارة

كانت المرحلة الأولى هي مرحلة الإثارة، وهي تحدث استجابةً لتبادل القبلات أو المداعبة.

وقد وجدت دراسةٌ صغيرة أجراها روي ليفين عام 2006 أنَّ 82٪ من النساء قلن إنَّهن شعرن بالإثارة الجنسية نتيجة مداعبة حلماتهن، وكذلك 52٪ من الرجال.

ويحدث لنحو نصف إلى ثلاثة أرباع النساء ما يُعرف بالتورد الجنسي، وهو ما يمكن أن يظهر في صورة بقع وردية تنمو على الثديين وتنتشر في جميع أنحاء الجسم.

ويحصل أيضاً حوالي ربع الرجال على هذه البقع أيضاً، والتي تبدأ في الظهور من البطن وتنتشر إلى الرقبة والوجه والظهر. وخلال هذه المرحلة ينتصب القضيب عند الرجل بسرعة، لكنَّه قد يفقد هذا الانتصاب، ثم يستعيده مرةً أخرى.

وتنتفخ الأعضاء الجنسية النسائية. فيزداد حجم البظر والشفرين الصغيرين والمهبل. وتضيق العضلات حول فتحة المهبل، ويتوسع الرحم وينتج السائل الزلق. ويتضخم الثديان أيضاً وتنتصب الحلمتان.

المرحلة الثانية: الاستقرار

ويقول ماسترز وفرجينيا إنَّه بعد ذلك هناك مرحلة الاستقرار النسبي، والتي إلى حدٍ كبير تشبه المرحلة السابقة بالنسبة للنساء. أما عند الرجال، فتنقبض العضلات التي تتحكم في البول لمنع أي اختلاط بينه وبين المني، وتنقبض تلك العضلات الموجودة عند قاعدة القضيب. وهذه الانقباضات تؤدي إلى إفراز بعض السوائل قبل المنوية.

المرحلة الثالثة: النشوة

المرحلة الثالثة هي النشوة الجنسية، حيث تنقبض عضلات الحوض ويحدث القذف لدى الرجل. وبالنسبة للمرأة فيحدث لديها أيضاً تقلصات رحمية ومهبلية. أما الشعور مع بلوغ هذه المرحلة فهو ذاته سواءٌ نتج عن تحفيز البظر أو الإيلاج.

وتقول فرودشام إنَّ حوالي ثلث النساء يبلغن بسهولة النشوة الجنسية عن طريق الإيلاج، بينما لا يصل إليها الثلث الثاني إلا أحياناً، والثلث الثالث لا يصل إليها مطلقاً. وتضيف: "لم أر أبداً أي شيءٍ يمكن أن يكون ما يسمونه بالمنطقة جي". لكنَّ البظر أكبر بكثير مما يعتقد بعض الناس. إذ توضح: "البظر يحيط بالمهبل. والجزء الناتئ يمثل 5٪ فقط من البظر".

المرحلة الرابعة: الاسترخاء

يمكن للمرأة بلوغ النشوة الجنسية بسرعةٍ مرة أخرى إذا حُفزِّت، بخلاف الرجال. وهنا نصل إلى آخر مرحلة وهي مرحلة الاسترخاء، وفيها يعود كل شيء إلى طبيعته. فتسترخي العضلات وينخفض ضغط الدم.

لكن ليس كل شيء مفهوماً

لكن، تقول سينثيا غراهام، أستاذة الصحة الجنسية والإنجابية بجامعة ساوثامبتون، "ما زلنا لا نفهم كل شيء حول ما يحدث على الرغم من أنَّ الأبحاث جارية منذ دراسات ماسترز وفرجينيا المعملية المبكرة".

خذ مثلاً النشوة الجنسية لدى الإناث. تقول سينثيا: "تحكي النساء عن الكثير من الأحاسيس المختلفة التي يشعرن بها عند بلوغهن هذه المرحلة. بعض النساء يصفن إحساس النشوة الجنسية بطريقةٍ محددة ومركزة في الجسم. وبعضهن يصفنه بطريقة توحي بأنَه شعور يأخذ في الانتشار، على سبيل المثال، رعشة تمتد بطول أرجلهن. وبعض النساء يتحدثن عن شعورٍ يشبه فقدان الوعي".

ثم هناك الانتصاب لدى الذكور. وهو قد يحدث للرجل السليم بمعدل ثلاث إلى خمس مرات في الليلة، كلٌ منها يدوم حوالي نصف ساعة.

والعديد من الرجال يستيقظون صباحاً وهم في حالة الانتصاب الأخيرة من بين سلسلة الانتصابات الليلية هذه. سبب هذا غير معروف، لكن هناك اقتراحات بوجود صلةٍ بين هذا الأمر ومرحلة نوم حركة العين السريعة (REM)، وهي المرحلة التي على الأرجح يحلم فيها الناس.

حتى في ساعات النهار، لا يكون الانتصاب تحت السيطرة الواعية بالضرورة. بالعادة يرتبط الانتصاب بالإثارة الجنسية، لكن ليس دائماً.

وهناك افتراضٌ بأنَّ الرغبة والدوافع الجنسية تكون أقوى في مراحل الشباب، وتضمحل مع تقدمنا ​​في العمر. لكن هناك الكثير من الأدلة على رغبة الأشخاص في ممارسة الجنس وممارسته فعلاً في الأعمار الأكبر. بالنسبة للنساء، يمكن أن يكون انقطاع الطمث عقبةً حقيقية. ذلك لأنَّ فقدان الإستروجين يؤدي إلى جفاف المهبل والفرج. وتشير فرودشام إلى أنَّ العلاجات الهرمونية، بدءاً من أقراص الإستروجين الموجودة في الفرزجة التي توضع في المهبل، وصولاً إلى الكريمات والمواد الهلامية، كلها آمنة وفعالة. لكنَّ ممارسة الجنس بانتظام يمكن أن تكون فعالةً أيضاً حسبما تقول. فالجنس بمثابة التمرينات الرياضية للعضلات.

وتقول: "هناك أدلة جيدة للغاية، خاصةً عند النساء بعد انقطاع الطمث، على أنَّهن كلما مارسن الجنس أكثر، كانت وظائفهن الفسيولوجية أفضل".

لكنَّها تحذر من الحماس الحالي نحو تعزيز الفوائد الصحية للجنس لجميع الأعمار، موضحةً: "يمكن أن يتسبب ذلك في نوعٍ من الضغط على كبار السن الذين لا يريدون ذلك. فكثيرٌ من كبار السن يفعلون ذلك بالفعل، لكن ليس الجميع. لا يوجد أي معيار للرغبة الجنسية".

وعلى الرغم من تشابهنا من الناحية البيولوجية عند ولادتنا، فإنَّ الشيء الوحيد المؤكد هو أنَّ الرغبة الجنسية والتفضيلات، وكذلك وسائل إشباع الرغبة، تختلف من فردٍ إلى آخر. وتعتقد فرودشام بأنَّ تحسين فهمنا للجنس يمكن أن يعزز صحتنا العقلية والبدنية. وترى أنَّ ذلك يجب أن يبدأ مبكراً.

فتقول: "العديد من المدارس تعرض الجنس على أنَّه شيء يتسبب في الأمراض المنقولة جنسياً والحمل". وتضيف أنَّ المدارس بهذا تتجاهل شيئاً مهماً، وهو "أنَّهم لا يتحدثون عن السبب الطبيعي للغاية الذي يجعلنا نرغب في ممارسة الجنس، وهو المتعة".

علامات:
تحميل المزيد