حكم ثان بالسجن مدى الحياة بحق ممرض ألماني لقتله 85 مريضاً

بعدما بدأ الممرض نيلز هوغيل العمل في عيادتين بمدينتي أولدنبورغ ودلمنهورست شمال ألمانيا خلال العقد الأول من القرن الحالي، لوحظ في جدول المناوبة في المستشفى أن هناك ارتفاعاً غامضاً في عدد المرضى الذين عانوا من سكتات قلبية مفاجئة وتطلبت الحالات إنعاشها.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/06/07 الساعة 14:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/08 الساعة 06:03 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية لمريض في المستشفى | istock

بعدما بدأ الممرض نيلز هوغيل العمل في عيادتين بمدينتي أولدنبورغ ودلمنهورست شمال ألمانيا خلال العقد الأول من القرن الحالي، لوحظ في جدول المناوبة في المستشفى أن هناك ارتفاعاً غامضاً في عدد المرضى الذين عانوا من سكتات قلبية مفاجئة وتطلبت الحالات إنعاشها.

ممرض يحقن مرضاه بأدوية للقلب بدون داع

صحيفة The Guardian البريطانية تقول في تقرير لها عن أسباب ذلك، إنه وفي عام 2005 ضبطته زميلة له في العمل، بعدما استمر في وظيفته، وهو يقوم ولعشر سنوات على الأقل، بحَقن مرضاه بصورة منهجية بأدوية للقلب والأوعية الدموية كي يختلق حالات طارئة ويتباهى بمهاراته في الإنقاذ.

لكن في النهاية، وأمام القضاء، حكمت محكمة محلية في أولدنبورغ الخميس 6 يونيو/حزيران على صاحب الـ 42 عاماً بثاني حكم بالسجن مدى الحياة، مما يكشف عن المأساة الكاملة لجرائم القتل التي ارتكبها: أُدين هوغيل بقتل 85 مريضاً كانوا في رعايته، وكان بعضهم لا يزال شاباً، مثل مريض كان يبلغ من العمر 34 عاماً، فيما كان آخرون كباراً في السن مثل أحد المرضى الذي بلغ عمره حينها 96 عاماً.

لم يؤكد الحكم فحسب على أن هوغيل أسوأ قاتل متسلسل في تاريخ ألمانيا بعد الحرب، بل يثير كذلك تساؤلات مزعجة تتعلق بكيفية استطاعة رجل وصفه زملاؤه بـ"رامبو الإنعاش" التعمية على جرائمه لوقت طويل في بيئة ينبغي أن تكون حماية الأشخاص الضعفاء فيها ذات أهمية قصوى.

وتسبب في مقتل العشرات من المرضى

حتى أنه وفي حديثه إلى هوغيل داخل المحكمة المحلية في مدينة أولدنبورغ، قال القاضي سيباستيان بورمان إن جرائمه كانت "تستعصي على الفهم. فالعقل البشري يقف عاجزاً أمام هذا الكم الهائل من الأفعال".

تشتبه الشرطة في أن تكون الحصيلة النهائية لضحايا هوغيل أكثر من 200 مريض، فيما يقول متحدث باسم مجموعة لأقارب الضحايا إن الرقم يصل إلى 300 ضحية. لكن المحكمة لم تكن قادرة على تحديد الرقم بسبب ثغرات في الرواية المقدمة حسب ذاكرته ونظراً إلى أن عديداً من الضحايا المحتملين أُحرقوا قبل إتمام عمليات التشريح.

وقد حكم عليه بأشد عقوبة للسجن

وقد حُكم عليه بأشد عقوبة سجن مدى الحياة ممكنة بموجب القانون الألماني، التي تحرمه من إمكانية الإفراج المبكر بعد قضاء 15 سنة في السجن إذا ارتأت المحكمة "الجسامة الكبيرة للذنب".

بعد إلقاء القبض عليه، حُوكم هوغيل فقط لاغتيال مريض يبلغ من العمر 63 عاماً بعد أن ضُبط وهو يحقنه بجرعة مميتة من مادة الأجمالين. لكن اهتمام وسائل الإعلام شجع مزيداً من أقارب الضحايا على القدوم، وسُجن هوغيل بعد أن حُكم عليه بأول عقوبة سجن مدى الحياة في فبراير/شباط 2015، لارتكابه جريمتي قتل وعدة محاولات قتل المرضى في العناية المركزة داخل مستشفى دلمنهورست في سكسونيا السفلى.

اكتشفت الشرطة الألمانية بعد ذلك مزيداً من الأدلة بعد تحليل ملفات عشرات المرضى وإخراج أكثر من 130 جثة من القبور في ألمانيا، وبولندا، وتركيا – وهو ما بدأ خلال تعيينه في مستشفى آخر واستمر بعد ضبطه متلبساً عن طريق زميلته.

وقد اتهم هذا الممرض بـمائة تهمة قتل

اُتهم هوغيل خلال محاكمة بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2018، بمائة تهمة قتل. وبُرئت ساحته في 14 تهمة فقط، واعترف بارتكابه 43 جريمة قتل. وفي 52 حالة أخرى، قال بكل بساطة إنه لم يكن قادراً على التذكر.

قال بعض أقارب الضحايا المحتملين إنهم عانوا مع عدم اليقين لعدم معرفة إذا كان ذووهم قُتلوا أم لا. قال فرانك برينكرز، الذي فقد أباه: "إنه شيء قاس لأقصى حد".

وقال بينكرز في حديثه إلى وكالة الأنباء الألمانية dpa: "لقد مررت بجحيم"، مضيفاً أنه تمنى أن يُتضح أن قضية أبيه قاطعة ولا لبس فيها". وأوضح قائلاً: "يبدو أنه لم يكن من المفترض أن تكون كذلك".

وفي جلسة الاستماع الأخيرة قبل إعلان حكم الخميس، طلب هوغيل من أقارب ضحاياه أن يسامحوه. فقال أمس الأول الأربعاء: "أريد أن أعتذر من كل قلبي لكل شخص منكم لما ارتكبته على مر السنين". وقال خلال أوقات محاكمته إنه أدرك كم المعاناة التي سببتها "أفعاله الشنيعة".

لكن كثيراً من المراقبين بدأوا في التشكيك في صدق بيانات هوغيل. قبل الاعتراف في النهاية ببعض من جرائم القتل التي ارتكبها، أقسم الممرض على حياة ابنته أنه لم يقتل أي شخص. وصف أحد الشهود من الخبراء هوغيل بأنه "كاذب محترف".

وأخبرت غابي لوبين، وهي إحدى المحاميات والمحامين الممثلين لأقارب الضحايا، صحيفة Bild إن اعتذار هوغيل لم يكن ذا مصداقية. وأضافت: "لقد أبدى ندمه فقط لكسب نقاط إضافية. وكان يجب عليه أن يبقى صامتاً".

وقال أحد الشهود من الخبراء النفسيين خلال المحاكمة إنه بالرغم من أن الممرض المتهم أظهر سمات من اضطرابات شخصية ملحوظة، مثل عدم الشعور بالعار والذنب والشفقة، فلم تكن هذه السمات شديدة بدرجة تُبطل مسؤوليته عن ارتكاب الجرائم.

وأما فيما يتعلق بمسألة ما إذا كان يجب أو من الممكن منع جرائم القتل التي ارتكبها هوغيل، فسوف يخضع هذا الأمر لمزيد من جلسات الاستماع. يعتقد النائب العام أن زملاء الممرض في دلمنهورست كان لديهم أدلة كافية تشير إلى الدافع الشنيع وراء أفعاله بدءاً من 9 أو 10 مايو/أيار على الأقل، وأنهم ربما كانوا "ملزمين بالتدخل".

وسوف يحاكم بعض زملائه أيضاً بتهم القتل الخطأ

ولم يفعل هؤلاء ذلك إلا بعد شهر، وتحديداً في 22 يونيو/حزيران، بعد أن ضُبط هوغيل متلبساً وهو يحقن مريضاً بمادة مميتة.

وينتظر أن يمثل أمام المحكمة بتهمة القتل الخطأ أربعة من زملاء الممرض السابقين في عيادة دلمنهورست، بمن فيهم اثنان من كبار الأطباء، ورئيس وحدة العناية المركزة وأحد نوابه.

وصف كريستيان مارباخ، الذي اُكتشف أن جده أحد ضحايا هوغيل في محاكمة سابقة، النتائج بأنها "حدث مهم"، لكنه أصر على وجوب القيام بمزيد من التحقيقات حول السلوك في العيادتين. وقال: "من المهم الآن أن يمثل أمام العدالة هؤلاء الذين كانوا في مواقع السلطة".

تحميل المزيد