تعندما نسمع عن أي زوجين يواجهان صعوبة في الإنجاب، فسرعان ما يفترض الناس أن السبب يُعزى إلى انتظار النساء لوقت طويل قبل الإنجاب. وعلى كل حال، تنخفض خصوبة المرأة انخفاضاً طبيعياً مع تقدم العمر.
لكن، بحسب موقع Mindbodygreen الأمريكي، فإن أبحاثاً أخرى تكشف عن أن معدلات الخصوبة قد تتراجع لأسباب أكثر تعقيداً من الافتراضات الأولية، حتى إن بعضها قد يخرج عن نطاق سيطرتنا.
ارتفاع الحرارة يسبب مشاكل في الإنجاب
بالرغم من أن هذه الأبحاث ليست إلا تمهيدية، تشير دراسة جديدة في مجلة Journal of Evolutionary Biology إلى أن أنواعاً محددة من الحيوانات قد تجد صعوبة متزايدة في الإنجاب إذا ارتفعت درجات الحرارة.
عَرَّض الباحثون لأغراض الدراسة حشرات العث لدرجات حرارة متباينة حتى وصلت إلى مرحلة كانت مستعدة للتزاوج. وكلما ارتفعت درجات الحرارة التي يتعرض لها ذكر العث، كانت الحيوانات المنوية أقصر، مما يضعف من فعالية الحيوانات المنوية، فضلاً عن أن الحرارة جعلت الذكور والإناث أقل رغبة في ممارسة الجنس.
يبدو بعض من هذا منطقياً عند التفكير في تشريح الذكور. ففي بيان صحفي، قالت غرازيلا إيوسا، مؤلفة الدراسة: "من المعروف أن سبب وضع الخصيتين خارج تجويف الجسد في ذكور الثدييات أن الحيوانات المنوية تتعرض للضرر من الحرارة العالية داخل الجسم. بالرغم من هذا، يتضح الآن أن الذكور يصيرون عقيمين قبل النساء عند التعرض إلى الإجهاد الناتج عن الحرارة العالية".
الحرارة تسبب مشاكل حقيقية عند البشر
لا شك أنه سيبدو من المبالغة استنتاج تعرض البشر لنفس الآثار التي تعرضت لها حشرات العث. ففي النهاية، يملك كثير منا رفاهية الاسترخاء داخل منازل مكيفة الهواء عندما نتعرض لموجات حرارة مرتفعة. لكن أبحاثاً أخرى تشير إلى احتمالية وجود علاقة بين التغير المناخي والعقم.
إذ إن دراسة نُشرت في 2018 وحللت سجلات لـ 80 عاماً من بيانات المواليد في الولايات المتحدة، وجدت أن ارتفاع درجات الحرارة تحمل آثاراً سلبية على الخصوبة ومعدلات المواليد لدى البشر أيضاً. بالرغم من أن شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول -اللذين يأتيان بعد تسعة أشهر من أبرد أوقات العام- هما من أكثر شهور الولادة في الولايات المتحدة، يسير هذا التصور في اتجاه معاكس بالنسبة للأشهر الحارة.
قال آلان باريكا، خبير الاقتصاد البيئي في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، في بيان صحفي: "إذا نظرت بعد تسعة أشهر من الموجة الحارة في شهر أغسطس/آب، ستجد أن شهر مايو/أيار التالي تقل فيه نسبة الموالية للغاية".
لكن هناك شكوك في صحة النتائج
يشك باريكا في أن السبب وراء هذا هو الآثار السلبية للحرارة على خصوبة الذكور وإنتاجية الحيوانات المنوية، مثلما حدث مع العث. وبالرغم من أنه يبدو من المغري الاعتقاد بأن أي زوجين لن يمارسا الجنس عندما يكون الطقس شديد الحرارة في الخارج، تشير أبحاث أخرى لباريكا إلى أن ممارسة الجنس تكون أكثر احتمالاً لدى البشر في مثل هذا الطقس.
ولا يزال ثمة حاجة إلى مزيد من الأبحاث للتأكيد على وجود علاقة بين عقم الذكور والتغير المناخي الذي يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة. لكن هذه الدراسات تقدم نظرة مدهشة على تعقيدات مسائل الخصوبة (والحقيقة التي تشير إلى أن العقم ليس مسألة تتعلق بالنساء) إضافة إلى التأثير واسع النطاق لارتفاع درجات الحرارة العالمية.