خلال الحرب العالمية الثانية كان للنساء دور كبير في نتائجها، إلا أن منهن من مُسحن من التاريخ رغم دورهن الكبير خلال تلك الفترة، من بينهن الكتيبة 6888 الأمريكية التي كانت السبب في حل أزمة البريد المتراكمة لعقود.
بالعودة إلى سنة 1945 بينما كانت الحرب العالمية في أوجها لبَّت أزيد من 850 سيدة نداء الجيش الأمريكي لرفع معنويات الجند وحل مشكلة الخطابات والطرود البريدية التي تراكمت في إنجلترا طوال سنتين.
أبحرت هذه الكتيبة المكونة من نساء أمريكيات من ذوي البشرة السمراء إلى المملكة المتحدة، فيما استقر أفرادها في مدينة برمنغهام، أصبحت الميجور تشاريتي آدامز، التي كان عمرها آنذاك 26 عاماً، أول سيدة سوداء تقود كتيبة تابعة للجيش الأمريكي خارج البلاد، وأسهمت هي ووحدتها في حل مشكلة ضخمة.
قبل انطلاقها في الرحلة، منحت هذه الكتيبة مدة ستة أشهر لحل المشاكل المتراكمة هناك منذ عامين، إلا أنها تمكنت من حلها في أقل من ذلك، إذ شاركت الفرق التناوب على العمل على مدار 24 ساعة، وذلك من أجل ترتيب 17 مليون خطاب وطرد.
ومن خلال ذلك، تمكن هؤلاء النسوة من رفع معنويات الجنود على الجبهات الأمامية، الذين كانوا قد فقدوا الاتصال مع أحبائهم في أرض الوطن، إلا أنه من النادر السماع عن هذه الكتيبة أو ذكرها في قصص ووثائقيات الحرب العالمية الثانية.
الكتيبة 6888 والانتقال بين المدن الأوروبية
حسب الموقع "U.S. Army Center of Military History"، كانت مدرسة "كينغ إدوارد بإدجباستون" مقر الكتيبة 688 قبل الانتقال ما بين روين وباريس وفرنسا، واجهت النساء العديد من العراقيل والتحديات، بما في ذلك المعدات التي عفا عليها الزمن، والاختلافات الثقافية والتفرقة ضد النساء.
عملت هذه السيدات في ظروف سيئة؛ إذ كان عدد الطرود والخطابات المتراكمة تصل إلى السقف، فيما كانت الأماكن محاطة بالفئران التي كانت تحاول الوصول إلى الأطعمة التي فسدت داخل الطرود البريدية.
وعلى الرغم من ذلك، تحدت النساء كل العقبات واكتسبن سمعة طيبة لكفاءتهن وتفانيهن في العمل، عندما عادت الوحدة التي ضمت أيضاً بعض النساء من أمريكا اللاتينية إلى الولايات المتحدة في عام 1946، لم يتم الاحتفاء بها أو إبداء أي شكل من الاعتراف أو الامتنان لعضواتها لما حققنه من إنجازات.
لتدخل الكتيبة في الأرشيف المنسي للحرب العالمية الثانية دون أن تذكر في وسائل الإعلام أو يشاد بالنجاح الذي قامت به تلك النساء في تنظيم الجيوش الأمريكية داخل القارة الأوروبية.
الاعتراف وفيلم نيتفليك للكتيبة
لم تأخذ الكتيبة حقها إلا بعد مرور 80 سنة، لتحصل هذه الأخيرة على التكريم الذي تستحقه، فقد أقيم نصب تذكاري مكرس لعضوات الكتيبة في ولاية كانساس الأمريكية عام 2018. وبعد ثلاث سنوات، وقَّع الرئيس جو بايدن على قانون ميدالية الكونغرس الذهبية لكتيبة 6888 خلال سنة 2021.
فيما أعلن القيام بتصوير فيلم سينمائي من تأليف تايلر بري، والذي من المقرر عرضه على منصة نيتفلكس تقوم ببطولة الفيلم كل من أوبرا وينفري وكيري واشنطن، وقد وُلدت فكرة الفيلم عندما أطلع بِري على مقال بمجلة مختصة بتاريخ الحرب العالمية الثانية يتحدث عن الكتيبة، بقلم المؤرخ كفين إم. هايمل عام 2019.
حسب موقع "bbc"، هناك خطط لإنتاج مسرحية غنائية تدور أحداثها حول قصة الكتيبة 6888 التي من المقرر عرضها في مسرح برودواي.
من بين الأسباب التي جعلت الكتيبة غير معروفة، هو الفترة التي ظهرت فيها، إذ كانت التوترات العرقية كثيرة والمجتمع منقسماً إلى طبقات، والتي تسببت في العنصرية، كما كانت الحقوق الإنسانية للسود محكومة بقوانين "جيم كرو"، التي ظلت مطبقة حتى ستينيات القرن الماضي.
فبعد القوانين التي صدرت في أمريكا الجنوبية التي تنص على إلغاء العبودية عانى السود من الحرمان من قوانين المساواة في الحقوق مع ذوي البشرة البيضاء، كما لم يكن مسموحاً لهم باستخدام المرافق العامة المخصصة "للبيض فقط"، مثل المدارس والمتنزهات.