شهدت اثنين من أقوى زلازل تركيا عبر التاريخ.. مدينة “ملاطية” التي كان الآشوريون سببا في ازدهارها

عربي بوست
تم النشر: 2023/02/07 الساعة 18:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/07 الساعة 18:00 بتوقيت غرينتش
مدينة ملاطية |shutterstock

كانت مدينة ملاطية، المتواجدة في الجنوب التركي، والتي يعيش فيها ما يزيد عن 800 ألف شخص، بين أتراك وأكراد، من بين المدن التي تأثرت بالزلزال الذي ضرب البلاد يوم 6 فبراير/شباط 2023.

وتعتبر هذه المدينة المحور الذي يربط أوراسيا بين غرب أوروبا وشرق آسيا، عبر الأناضول، إذ كانت المعبر الذي ولدت فيه العديد من الحضارات قديماً.

وكانت ملاطية مدينة مأهولة بالسكان منذ آلاف السنين، تقع قرب نهر الفرات بتركيا، إذ كانت مركزاً للمسيحية قديماً، ثم تحولت إلى الإسلام بعد أن عمرها العثمانيون.

وفي العصر الحديث أصبحت مدينة ملاطية شهيرة بفاكهة المشمش، وتنتج ما يقارب 80% من إنتاج المشمش في تركيا، إضافة إلى تنظيمها مهرجاناً سنوياً خاصاً بنفس الفاكهة.

تأسيس مدينة ملاطية

تأسست مدينة ملاطية قبل ما يزيد عن 5 آلاف سنة، في منطقة شرق الأناضول، وكان اسمها في البداية "أرسلان تيب"، وتعرف بالزراعة، بفضل أرضها الخصبة، وذلك خلال العصر البرونزي.

تحولت بعد ذلك إلى مدينة إدارية، لمملكة إيسو، وكانت شديدة التحصين خوفاً من احتلالها عن طرق الحيثيين، وهذا ما حصل بالفعل خلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد.

استمرت التقاليد الحيثية في المدينة حتى بعد انتهاء إمبراطوريتهم، بعد أن أصبحت تحت حكم مملكة "كامانو"، والتي تعتبر امتداداً للحيثيين.

كانت المدينة مزدهرة في عصر الملك الآشوري تغلت فلاسر الأول، إلى غاية سنة 712 قبل الميلاد، عندما قام الملك الآشوري سرجون الثاني بنهبها، إضافة إلى الأناضول للغزو من طرف السيميريين، وهي قبيلة هندية أوروبية كانت تعيش في شمال القوقاز، والسكيثيين وهم شعب بدوي متنقل له أصول إيرانية.

بعد كل ما عاشته المدينة، عانت بعد ذلك من انخفاض كبير، حتى العصر الروماني، وهناك عرفت العديد من التغيرات، من أهمها تغيير اسمها الذي تحول إلى ملاطية.

تحولت مدينة ملاطية إلى الحكم العثماني سنة 1516، وأصبحت واحدة من المدن العثمانية المتواجدة وسط الدولة العثمانية بعد توسعها في شرق الأناضول، واستمرت مدينة تركية، بعد أن تحولت البلاد إلى جمهورية، على يد مصطفى كمال أتاتورك.

ملاطية الجديدة.. زلزال مدمر وتفشي الكوليرا

بعد أن كانت مدينة ملاطية طريقاً من أجل التبادل التجاري والثقافي على مر السنين، تم بناء مدينة جديدة بالقرب من نفس المدينة، سنة 1838 تحمل اسم ملاطية كذلك، وهي المدينة المستمرة إلى غاية اليوم.

وعرفت المدينة توسعاً كبيراً في القرن التاسع عشر، إذ أصبح يعيش فيها ما يزيد عن 5 ألاف أسرة، وتم بناء المساجد، والكنائس، والمدارس، والحمامات التركية التقليدية.

وبعد أن تحولت ملاطية الجديدة مدينة مأهولة بالسكان تعرضت خلال سنتي 1889، و1890 لحريقين كبيرين، تسببا في تدمير عدد كبير من المتاجر.

فيما عاشت مأساة أخرى سنة 1893، بعد أن تعرضت لزلزال ملاطية الشهير، الذي يطلق عليه اسم الزلزال الكبير، ومات فيه ما يقارب 1300 شخص، فيما دُمر 1200 منزل، و4 مساجد.

وفي نفس السنة تفشى مرض الكوليرا في مدينة ملاطية، الأمر الذي أدى إلى وفاة ما يزيد عن 890 شخصاً.

بعد سنة من من الزلزال وتفشي المرض، تمت إعادة بناء المنازل والمساجد المدمرة، وإضافة أخرى، من بينها "يني جامع"، أو الجامع الجديد، الذي بني سنة 1913.

نمو مدينة ملاطية بعد تأسيس الجمهورية التركية 

بعد تأسيس الجمهورية سنة 1923، عرفت المدينة نمواً أكبر مقارنة بالماضي، إذ تمثل هذا الأمر في كل من التعداد السكاني، وكذا المشاريع الجديدة التي عرفتها.

ومن أبرز هذه المشاريع كان إنشاء خط سكة حديد يربط أضنة بملاطة، وذلك سنة 1931، فيما تم إنشاء خط سيفاش ملاطية سنة 1937.

فيما أصبحت مقراً لإدارة جمعية الطيران التركية، وكذا الموقد التركي، والهلال الأحمر التركي، مما جعلها تمتاز بمكانة خاصة، إضافة إلى مكانها الجغرافي المميز، والذي جعلها من بين المدن الشهيرة بالزراعة.

إذ إن هذه المدينة تنتج ما يقارب 80% من إنتاج المشمش في تركيا، المتنوع بين الطازج والمجفف، فيما توفر ما يقارب 15% من إنتاج المشمش حول العالم.

فيما يتم في كل صيف، وابتداء من سنة 1978، مهرجان خاص بالمشمش، من أجل خلق فرصة للترويج لمشمش المدينة، وكذا إبرام صفقات من أجل التصدير خارج تركيا، وبقية المدن التركية الأخرى.

وخلال سنة 1975 تأسست في مدينة ملاطية واحدة من بين أقوى الجامعات الحكومية التركية، والتي تمتاز برسومها المنخفضة وجودة تعليمها، الأمر الذي جعلها مركزاً ثقافياً شهيراً.

أصبحت ملاطية بلدية حضرية ابتداء من سنة 2014، بموجب قانون حكومي تركي صدر سنة 2012، إذ توالت البلدية الجديدة الحكم بشكل رسمي بعد الانتخابات الرئاسية التي تمت خلال نفس السنة.

وبسبب الزلزال الذي ضرب الجنوب التركي، تعرضت العديد من المباني في المدينة إلى التدمير، ووفاة عدد كبير من السكان، إضافة إلى انهيار مسجد "يني جامع"، الذي فُقد جزء كبير منه بسبب قوة الهزة الأرضية.

تحميل المزيد