"الدول النامية" أو ذات الاقتصادات الفقيرة تعرف بـ"دول العالم الثالث"، أما الدول الأكثر ثراءً؛ تلك الدول الصناعية المتقدمة مثل الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية فتعرف بـ"دول العالم الأول"، وبينهما هناك عدة دول تصنف أنها "دول العالم الثاني"؛ ورغم أنها تشمل دولاً معروفة، لكن نادراً ما نسمع هذا المصطلح.
ما هي دول العالم الثاني؟
المصطلح الذي عفا عليه الزمن "العالم الثاني" أو "دول العالم الثاني" يشمل البلدان التي كان يسيطر عليها الاتحاد السوفييتي قبل انهياره في أوائل التسعينات (26 ديسمبر/كانون الأول 1991).
كانت دول العالم الثاني اقتصادات اشتراكية، تشمل دول الحزب الواحد؛ الحزب الشيوعي السوفييتي، وهو الحزب السياسي المؤسس والحاكم في الاتحاد السوفييتي، لكن استخدام مصطلح "العالم الثاني" للإشارة إلى الدول السوفييتية لم يعد متاحاً إلى حد كبير في أوائل التسعينيات، وذلك بعد فترة وجيزة من نهاية الحرب الباردة.
استخدم مصطلح "دول العالم الثاني" أيضاً للإشارة إلى البلدان الأكثر استقراراً وتطوراً مقارنة بـ"دول العالم الثالث"، أو البلدان التي وقعت تحت استعمار دول العالم الأول، وأيضاً كانت دولاً أقل تطوراً من دول العالم الأول، لكنها مكان للأسواق الناشئة التي يبدو أنها تتجه نحو مكانة دول العالم الأول.
"يوجد ما يقرب من 100 دولة ليست من دول العالم الأول، ولا دول العالم الثالث (أقل البلدان نمواً). هي دول يُمكن أن نصنفها أنها تجمع بين خصائص العالم الأول والثالث، إذ تُظهر المناطق الحضرية الكبرى فيها تطوراً مماثلاً للموجود في العالم الأول، كما تُظهر مناطقها الريفية خصائص العالم الثالث.
تظهر الصين ثروة غير عادية في بكين وشنغهاي، ومع ذلك لا تزال العديد من مناطقها غير الحضرية نامية"، هكذا عرف الاستراتيجي الجغرافي والدكتور في كلية لندن للاقتصاد باراغ خانا دول العالم الثاني لموقع Investopedia الأمريكي المتخصص بالاقتصاد.
تشمل دول العالم الثاني: روسيا، والصين، وأمريكا اللاتينية، وتركيا، وتايلاند، وجنوب إفريقيا، وكوريا الشمالية، وتايلاند، والهند، وماليزيا، والبرازيل، وبعض دول أوروبا الشرقية مثل بولندا، ورومانيا، والمجر، والتشيك.
وكيف تصعد دول من العالم الثالث إلى الثاني؟
يعتبر مؤشر التنمية البشرية (HDI) أحد المحددات لتضمين الدول وتوزيعها ضمن نظرية "العوالم الثلاثة"؛ وفيه يقاس تطور البلد بالتزامن مع نموها الاقتصادي بمتابعة مؤشرات مثل معدلات البطالة، ومعدلات وفيات الرضع، ومتوسط العمر المتوقع، ومستويات المعيشة، ومعدل توزيع الدخل، ومؤشر التعليم.
المقياس في هذا المؤشر من 0-1 ويتم تصنيفها في واحدة من 4 فئات؛ 0 – .55 منخفض، .55 – .70 متوسط، .70 – .80 مرتفع، وعالية جداً عند .80-1.0. وتتراوح بلدان العالم الثاني حالياً في هذا المؤشر بين "التنمية البشرية المتوسطة" إلى "التنمية البشرية المرتفعة جداً".
لماذا هناك دول عالم أول وثان وثالث؟
ظهر نموذج "العوالم الثلاثة" (The Three Worlds Model) للجغرافيا السياسية لأول مرة في منتصف القرن العشرين (بعد عام 1950) كطريقة لرسم خرائط لمختلف الدول اللاعبة في الحرب الباردة؛ التي كانت توجد بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وحلفائهما من فترة منتصف الأربعينيات حتى أوائل التسعينيات.
نشأة هذا المفهوم معقدة، لكن المؤرخين ينسبونها عادةً إلى عالم الاقتصاد والسكان الفرنسي ألفريد سوفي، الذي صاغ مصطلح "العالم الثالث" في مقال نُشر عام 1952 بعنوان "ثلاثة عوالم، كوكب واحد".
في هذا السياق التاريخي؛ شمل العالم الأول الولايات المتحدة وحلفاءها الرأسماليين في أماكن مثل أوروبا الغربية واليابان وأستراليا، بينما شمل العالم الثاني الاتحاد السوفييتي الشيوعي ودول أوروبا الشرقية.
بينما ضم العالم الثالث جميع البلدان الأخرى التي لم تكن متحالفة بنشاط مع أي من الجانبين في الحرب الباردة، كانت هذه الدول في الغالب مستعمرات أوروبية سابقة فقيرة، وشملت جميع دول إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وآسيا تقريباً- لكن بعض دول العالم الثالث انتعش اقتصادها لاحقاً لتنضم لدول العالم الثاني.
أما اليوم، فلا تزال الاقتصادات الغربية القوية توصف بأنها "العالم الأول"، لكن مصطلح "العالم الثاني" أصبح قديماً ومحدود الاستخدام إلى حد كبير في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي، بينما يظل "العالم الثالث" أكثر التسميات الأصلية شيوعاً، لكن معناه تغير من وصفه لدول "عدم الانحياز" لأي من طرفي الحرب الباردة، إلى مصطلح يشمل جميع دول العالم النامي.
نظراً لأن المصطلح يعتبر من بقايا الحرب الباردة، فإن العديد من الأكاديميين المعاصرين يعتبرون تسمية "العالم الثالث" قديمة، ويفضلون استخدام مصطلحات مثل "البلدان النامية" و"البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط" مكانها، كما شرح موقع History التاريخي.