ليس فرنسياً وارتبط بحروب العثمانيين في أوروبا.. تعرّف على قصة الكرواسون

ارتبط الكرواسون دائمًا بأحداث تاريخية عظيمة، من حصار العثمانيين لفيينا إلى ماري أنطوانيت أخر ملكة لفرنسا.

عربي بوست
تم النشر: 2021/01/28 الساعة 12:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/01/28 الساعة 12:20 بتوقيت غرينتش
حصار العثمانيين لفيينا / Commons.Wikimedia

دائماً ما تكون آثار الحروب كارثية، ففيها يُقتل الرجال ويُيَتّم الأطفال، لكن أيضاً قد يَحفظ لنا صدام عسكري بعضَ الأشياء الجميلة، بالطبع لا تُقارن هذه الأشياء بالتكلفة البشرية الباهظة للحروب والصراعات العسكرية، ولكنها تبقى رغم ذلك شيئاً له "قصة" و"تاريخ.

وهذا هو بالضبط ما حدث مع الكرواسون، تلك المخبوزة الجميلة التي يُفضّلها الكثيرون مع فنجان قهوة أو كوب شاي في الصباح، والتي يعتقد الكثيرون أيضاً أنّها مخبوزة فرنسية، وهذا ليس صحيحاً، فأصلها نمساوي، ولكنّ الفرنسيين استطاعوا تطويرها، رغم أنّ رومانيا أيضاً تعتقد أنّها مخبوزة رومانيّة. وفي كلّ الحالات، وهو المثير، فقد ارتبط الكرواسون في كلّ القصص بالعثمانيين!

من حصار العثمانيين فيينا بدأت قصة الكرواسون

بدأت قصّة الكرواسون من حصار العثمانيين العاصمة النمساوية فيينا، ولكن قبل أن نقفز للقصة نفسها، دعونا نعرّفكم أولاً على هذا الصراع الذي استمرّ بين إسطنبول وفيينا لأكثر من قرن ونصف القرن من الزمان.

الدولة العثمانية
السلطان الشاب سليمان القانوني الذي جعل الدولة العثمانية أقوى الدول الأوروبية / Wikipedia

أصبحت الدولة العثمانية هي الدولة الأوروبية الأقوى في القرن السادس عشر، خصوصاً مع صعود السلطان الشاب سليمان القانوني، الذي حكم طيلة 44 عاماً، جعل الدولة فيها هي الأقوى في أوروبا.

نعم، كانت الدولة العثمانية هي الأقوى في أوروبا، ولكن كان لها خصمٌ لا يُستهان به أبداً، هي إمبراطورية آل هابسبورغ في النمسا. كانت هذه الدولة هي الأقوى في العالم المسيحي، وبالتالي كانت هي التي تحمل لواء الصراع الأوروبي مع الدولة العثمانية.

دارت بين الدولة العثمانية وإمبراطورية الهابسبورغ مناوشات طويلة وحروبٌ بالوكالة في شرق أوروبا وبلاد البلقان، فقد سيطر العثمانيون بعد صراعٍ طويل على البوسنة ورومانيا، وانقسمت مناطق السيطرة والنفوذ في صربيا والمجر بينها وبين الهابسبورغ.

وصل الصراع ذروته عندما نقض آل هابسبورغ اتفاقهم مع السلطان سليمان بخصوص المجر، فقد انقضّ فرديناند أخو إمبراطور الهابسبورغ شارلكان على المجر، وأخذها من ملكٍ  مسيحي  تحت الحماية العثمانية.

سار الجيش العثماني إلى المجر وأخذها، لكنّ السلطان قرّر هذه المرة محاصرة فيينا نفسها. بدأ حصار فيينا في سبتمبر/أيلول 1529، واستمر طيلة أسبوعين، أحدثت مدفعية الجيش العثماني ثغرة كبيرة في أسوار فيينا، لكنها لم تستطع السيطرة عليها، وأنهى السلطان الحصار وعاد أدراجه إلى عاصمته إسطنبول.

للقراءة أكثر حول هذه المعركة يمكنك الاطِّلاع على هذه المادة.

خبّاز نمساوي وجندي عثماني

بينما يحاصر العثمانيون أسوار فيينا القوية، قرروا أن يحفروا نفقاً ليدخلوا المدينة من تحت الأسوار، لكنّ الخبازين النمساويين الذين كانوا يعملون في مخازن تحت الأرض سمعوا فؤوساً تحفر تحتهم، فأخبروا الجيش النمساوي الذي اكتشف مكان الحفر وأحبط المحاولة.

الكرواسون
الكرواسون على شكل هلال وهو رمز من رموز العلم العثماني / Shutterstock

تمجيداً لهذه اللحظة التي استطاع فيها خبّاز بسيط أن ينقذ مدينته صنع الخبازون الكرواسون، على شكل هلال. والهلال هو أحد الرموز المرسومة على علم الدولة العثمانية في ذلك الوقت. من هنا جاء أصل الكرواسون.

الجدير بالذكر أنّ هذه التفاصيل هي حكايات شعبية تُحكى عن أصل الكرواسون ومن أين جاء، ولكن لا يمكن لنا التأكد من مدى صحة ودقة هذه القصّة.

على كلّ حال، تعتبر رومانيا أنّ الكرواسون مخبوزة رومانية، والقصة الشعبية الخاصة بالشعب الروماني تقول إنّ الخبازين بدأوا في العجين ليصنعوا خبزهم، لكن جاءهم النذير بأنّ العثمانيين قد حضروا، فهربوا. وعندما بدأوا من جديد صناعة خبزهم جاءهم نذير مرة أخرى لينذرهم من مجيء العثمانيين، وهكذا لعدة مرات ينصبون عدّتهم للخبز ويهربون، وعندما استقروا نهائياً وزال الخطر العثماني صنعوا هذه المخبوزة.

تبقّت تفصيلة أخرى، فقد حاصر العثمانيون فيينا مرةً أخرى بعد قرن ونصف القرن من حصارها الأول. كان ذلك عام 1683، ولكن انتهى هذا الحصار بكارثة للجيش العثماني.

وتنسب أغلب المصادر الكرواسون لهذا الحصار الذي تمّ عام 1683، رغم أنّه لم يثبت تاريخياً أنّ حصار فيينا كان قوياً، فقد كان الجيش العثماني مفككاً وهزم بسبب الخيانة، فيبدو أنّ الكرواسون مرتبط أكثر بحصار فيينا الأول، الذي قادة سليمان القانوني عام 1529.

وللقراءة أكثر حول معركة حصار فيينا الثانية، والتي مثّلت بداية الضعف العثماني أوروبياً، يمكنك الاطلاع على هذه المادة.

فكيف وصل الكرواسون إلى فرنسا إذن؟

الكرواسون الفرنسي هو أشهر أنواع الكرواسونات، بل ربما يعتبره أغلبية الناس مخبوزة فرنسية، لكنّ وصول الكرواسون لفرنسا له قصةٌ أخرى.

فقد جاء الكرواسون إلى فرنسا مع قدوم ماري أنطوانيت من النمسا، لتتزوّج آخر ملوك فرنسا قبل الثورة الفرنسية: لويس السادس عشر.

عندما جاءت الأميرة أنطوانيت من النمسا جلبت معها الكرواسون، ليصبح معها أحد المخبوزات التي تتناولها فقط الطبقة الأرستقراطية الحاكمة في فرنسا. 

ولكن بعد قيام الثورة الفرنسية وإعدامها هي وزوجها لم يعد للكرواسون مكان، حتّى جاء خبّاز نمساوي وفتح مخبزاً في باريس بداية القرن التاسع عشر، ومنه انتقل الكرواسون إلى الشعب الفرنسي.

يقول خبراء المخبوزات إنّ الفرنسيين طوروا الكرواسون كثيراً، ولهذا أصبح لاحقاً الكرواسون يعرّف على أنّه فرنسي. وأصبح هناك الآن عشرات الأنواع من الكرواسون الفرنسي.

تحميل المزيد