ما زالت قضية اختفاء مادلين ماكان، الطفلة ذات السنوات الثلاث، تشغل الشرطة البريطانية والبرتغالية والألمانية. وقد كلف التحقيق البريطاني في القضية منذ عام 2011، أكثر من 11 مليون جنية إسترليني (قرابة 15 مليون دولار).
وليست قضية اختفاء مادلين ماكان الأولى من نوعها، وإن أصبحت إحدى أشهر قضايا الاختفاء في العالم. فهناك قضية الفتاة إيمانويلا أورلاندي التي يعتقد البعض أن الفاتيكان متورط في اختطافها.
وعكس مانويلا التي اختفت عام 1983، وكان عمرها 15 عاماً، فإن مادلين ماكان قد اختفت وعمرها 3 سنوات فقط، عام 2007، بجنوب البرتغال، في منطقة Algarve الساحلية.
إجازة عائلية واختطاف مفاجئ
سافرت العائلة البريطانية في إجازةٍ إلى البرتغال، العائلة مكونة من الأب والأم (كيت وجيري ماكان)، وأبنائهما الثلاثة: مادلين وأخويها التوأم. وفي إحدى الليالي التي تمر كغيرها من ليالي عمرها اختفت مادلين، وتحولت إلى واحدةٍ من أشهر حالات الاختفاء في العالم.
بدأت قصة اختفاء مادلين الغامضة في مساء يوم 3 مايو/أيار عام 2007، بأحد منتجعات برايا دا لوز (معناها: شاطئ النور)، في البرتغال بعدما ترك الأبوان كيت وجيري، مادلين وشقيقيها التوأمين نائمين في شقتهما المستأجرة بالمنتجع، والتي كانت في الطابق الأرضي، وذهبا لتناول العشاء مع أصدقائهما بمطعم قريب.
عاد الوالدان بعد ساعتين في الساعة الـ10 مساءً، ليجدا ابنتهما الكبرى (3 سنوات) قد اختفت. دون أن يمس أحدٌ أخويها.
لاحقاً، تذكَّر الوالدن سؤال ابنتهما أثناء الإفطار صباح يوم اختفائها الغامض: "لماذا لم تأتيا حين بكينا أنا وأخي مساء أمس؟"؛ وهو ما دفع الوالدين المحطمَين حينها إلى اعتقاد أن شخصاً غير مرغوب فيه ربما كان يزور شقتهما، وربما أكثر من مرة.
اختطاف غامض وأبوان متهمان!
كان من أوائل المشتبه بهم في قضية مادلين المفقودة روبرت مورات البالغ من العمر 33 عاماً. لم يكن المستشار العقاري البريطاني-البرتغالي يعيش في مكانٍ قريب فحسب، بل شوهد رجلٌ بمواصفاته نفسها نحو الساعة الـ9:15 مساءً، ليلة اختفاء مادلين، يتجه نحو منزله ويحمل طفلاً. لكن الشرطة البرتغالية برَّأته حين لم تعثر على أي دليل على تورطه مع الأطفال.
اختفت مادلين في مايو/أيار 2007، وفي سبتمبر/أيلول من العام نفسه أضيف الوالدان ماكان إلى قائمة المشتبه بهم. فقد افترض بعض المحققين أن مادلين ماكان ماتت في شقة إقامة العائلة وأن والديها اختلقا هذه القصة عن اختطافها للتستُّر على جريمتهما.
ويعتقد البعض أن هذه النظرية تحمل بعض المنطق، بالنظر إلى أن الكلاب البوليسية التي أُحضِرَت إلى مكان الحادث بدت متأهبة بشكلٍ غريب داخل الشقة وحول سيارة عائلة ماكان. ولكن للأسف، لم يُعثر على أي جثث.
وفي عام 2008، أوقفت الشرطة البرتغالية تحقيقها، وحُذف اسم الوالدان رسمياً من قائمة المشتبه بهم هم وروبرت مورات (المتهم الأول)، وأصبحت قضية الطفلة المفقودة ظاهرة إعلامية لم يسبقها مثيل في المملكة المتحدة.
ولاحقاً وجد تقريرٌ صدر عام 2009، أن المنطقة التي اختفت فيها الطفلة في البرتغال كانت تعج بالمتحرشين بالأطفال. وهكذا افترض كثيرون أن الطفلة اختُطِفَت على أيدي تجار جنس محليين. وقد ورد في التقرير حينها، أن "منطقة الغرب بالبرتغال تضم 38 شخصاً من مرتكبي الجرائم الجنسية المعروفين. والمنطقة جاذبة للمتحرشين بالأطفال".
وفي تحوُّل عجيب للأحداث، عُرف لاحقاً عن النائب السابق في البرلمان البريطاني السير كليمنت فرويد، الذي كان لديه منزل بالمنطقة التي اختفت فيها مادلين ماكان، بل يعرف عائلة ماكان شخصياً، عُرف عنه لاحقاً أنه متحرِّش بالأطفال.
ومن المزاعم والقصص التي أعقبت ذلك، اتهام مستشار حملة هيلاري كلينتون، جون بوديستا، وشقيقه باختطاف الطفلة من منزلها، وهو اتهام لا يبدو أن عليه دلائل.
كذلك هناك العديد من التخمينات القائلة إنها تركت المنزل فحسب، ولم يُحل لغز اختفاء مادلين الغامض حتى هذه اللحظة. وسواء كانت حالة وفاة عرَضية أو اتجاراً بالجنس أو اختطافاً، تظل قضية مادلين ماكان واحدة من أغرب حالات الاختفاء في التاريخ الحديث.
بعد 13 عاماً على القضية.. ربما يكون خاطف مادلين ماكان ألمانيّاً!
في شهر يونيو/حزيران 2020، عادت القضية للظهور من جديد بعدما اعتقلت السلطات الألمانية أحد "مدمني التحرُّش بالأطفال"، وهو مواطن ألماني يدعى "كريستيان ب."، عمره 43 عاماً. وتعتقد السلطات أنه أكبر مشتبه به حتى الآن باختطافها.
كان هذا السجين متهماً بالتحرُّش بالأطفال في قضايا أخرى، وقد كشفت التحقيقات معه في هذه القضايا أنه أقام في المنطقة نفسها التي كانت فيها عائلة مادلين بين عامي 1995 و2007.
كان المتهم يعيش في مخيمٍ قريبٍ جداً خلال الفترة التي حصل فيها الاختفاء، وكان يتجول دائماً بإحدى سيارتين مسجلتين باسمه في ألمانيا. وقد اتصل بالسلطات الألمانية في اليوم التالي لاختفاء مادلين ماكان، ليسجل إحدى السيارتين باسم شخصٍ آخر.