من منّا لم يشاهد فيلم حرب طروادة ؟ ولكن هل تسائل أحد مننا إلى أين تم نفي سكان طروادة بعد السيطرة عليها؟
هذا السؤال يجيبنا عليه علماء الآثار الذين اكتشفوا أول بقايا يُستدل عليها لمدينة تينيا المفقودة في اليونان والتي يُعتقد أنها كانت موطناً لأسرى نجوا من طروادة.
مدينة تينيا المفقودة التي نفي إليها سكان فيلم حرب طروادة
وحسب صحيفة Daily Mail البريطانية، قالت وزارة الثقافة اليونانية:
"إن أعمال التنقيب التي جرت في الفترة من سبتمبر/أيلول، وحتى أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2018، في منطقة بيلوبونيز، كشفت عن دليل على وجود مدينة تينيا القديمة، التي نعرفها حتى يومنا هذا من النصوص القديمة".
وتضمنت الاكتشافات التي عثر عليها الباحثون جدراناً قديمة وأرضياتٍ من الطين والرخام والأحجار.
فضلاً عن قطع فخارية منزلية، وأكثر من 200 عملة معدنية يرجع تاريخها إلى الفترة ما بين القرن الرابع قبل الميلاد وحتى أواخر العصر الروماني.
كما عُثِر على إناء فخاري يحتوي على بقايا جنين بشري بين أساسات أحد المباني.
وهذا الاكتشاف يعد غريباً بعض الشيء، لكونه ليس مألوفاً بالنسبة لطقوس الوفاة اليونانية.
حيث جرت العادة أن يدفن الإغريق القدامى موتاهم في مقابر مُنظمة خارج أسوار المدينة.
كيف عثروا على مدينة تينيا المفقودة؟
وقالت عالمة الآثار الرائدة إلينا كورك، التي تقوم بأعمال تنقيب في المنطقة منذ عام 2013، في حديث لوكالة The Associated Press الإخبارية:
"إن الفريق كان يُنقب فقط في مناطق المقابر الغنية التي تحيط بمدينة تينيا حتى هذا العام (2018)".
وأضافت: "ثم تحولنا بالتنقيب إلى مدينة تينيا بعد أن استولى مهربو الآثار على تمثالين من الرخام لرجلين يافعَين، الأمر الذي أوصلنا إليها".
والتمثالان اللذان استولى عليهما مهربو الآثار، يرجع تاريخهما إلى القرن السادس قبل الميلاد، وحاولوا بيعهما مقابل 10 ملايين يورو (ما يعادل 11.28 مليون دولار أميركي)".
ولا تزال أعمال الحفر مستمرة بساحات الدفن القديمة، بالقرب من قرية هيليومودي الحديثة الواقعة على بُعد 60 ميلاً (ما يعادل 100 كيلومتر) جنوب غربي أثينا.
واكتشف علماء الآثار 9 مدافن خلال العام الجاري (2018)، وعثروا على مجوهرات من الذهب والنحاس والعاج.
فضلاً عن فخاريات وعملات يرجع تاريخها إلى الفترة من القرن الرابع قبل الميلاد وحتى العصر الروماني.
كيف كانت الحياة في مدينة تينيا المفقودة؟
تقول عالمة الآثار إن "المواطنين كانوا على ما يبدو أثرياء بشكل واضح".
وأضافت أن المدينة ربما كانت تُبلي بلاءً حسناً في التجارة؛ حيث إنها تقع على طريق رئيسي يربط بين مدينتي كورنث وآرغوس الرئيسيتين في شمال بيلوبونيز.
حتى الآن، لا يُعرف الكثير عن مدينة تينيا، باستثناء الإشارات القديمة إلى الصلة بينها وبين طروادة، وأن مواطنيها قد كونوا الجزء الأكبر من المستعمرين اليونانيين الذين أسسوا مدينة سيراكيوز في صقلية.
وتقول إلينا كوركا إنه من المتوقع أن يُعثَر على المزيد خلال أعمال التنقيب التي ستستمر خلال الأعوام المقبلة.
وأضافت قائلة إن "المدينة بها أشكال فخارية مميزة ذات طابع شرقي، حيث كانت على صلة بالشرق والغرب، كما كان لديها نمطها في التفكير الذي -بقدر استطاعتها- شكّل سياساتها الخاصة".
ونجت تينيا من التدمير اليوناني الذي لحق بمدينة كورنثوس المجاورة لها في عام 146 قبل الميلاد، كما ازدهرت في ظل الحكم الروماني.
ويبدو أن المدينة قد تعرضت لأضرار جسيمة خلال الغزو القوطي في أواخر القرن الرابع الميلادي، وربما هجرها أهلها في زمن الغارات السلافية بعدها بقرنين من الزمان.
تاريخ تينيا
أحد الأوصاف الشهيرة لمدينة تينيا جاء على لسان المؤرخ وعالم الجغرافيا اليوناني باوسانياس في كتاب "وصف اليونان"، وقال:
"هذه هي الرواية التي سمعتها عن أنهار أسوبوس: عندما تتجه من أكروكورينث إلى طريق الجبال، يمكنك أن ترى بوابة تينيا، وملاذ الإلهة آيليثيا".
وأضاف: "تمتد المدينة التي يطلَق عليها اسم تينيا لمسافة 60 استادا -وحدة قياس قديمة- (أي ما يعادل 9.4 كيلو متر).
ويقول سكانها إنهم أبناء طروادة الذين تعرضوا للأَسر في تينيدوس من قِبل اليونانيين، وسمح لهم أجاممنون، شقيق ملك إسبرطة، بالإقامة فيها.
ولهذا السبب يُكرِم أهلها أبولو أكثر من أي إله آخر".
حرب طروادة ؟
في 24 أبريل/نيسان من عام 1184 قبل الميلاد، غزت الجيوش اليونانية مدينة طروادة، الواقعة في مدينة شناق قلعة بتركيا.
وبدأت قصة فيلم طروادة حين خانت هيلين زوجها مينيلاوس، ملك إسبرطة، من أجل الوسيم باريس الطروادي، بعدما جعلتها الإلهة أفروديت تقع في حبه.
سكنت هيلين طروادة ، بينما أقنع مينيلاوس أخاه أجاممنون، ملك ميسيناي بإعادتها من هناك.
وانضم إليهما أوديسيوس ونستور وأياكس، ورافقهم أسطول قوامه أكثر من 1000 سفينة.
واستمر حصار طروادة أكثر من 10 سنوات، تخللتها معارك ونزاعات ووفاة شخصيات أسطورية.
وانتهت الحرب ظاهرياً حين انسحبت الجيوش اليونانية من معسكرها وتركت حصاناً خشبياً ضخماً مملوء بالمحاربين الإغريق بقيادة أوديسيوس خارج بوابات طروادة.
وسحب أهل طروادة "الهدية" إلى داخل أسوار المدينة، وعندما حل الليل، تمكن المقاتلون الإغريق من الخروج من الحصان والاستيلاء على بوابات طروادة من الداخل.
ليسمحوا للجيش اليوناني المختبئ بالدخول إلى المدينة تحت جنح الليل.
وأُعيد سرد تلك الحكاية على مر الزمن، ولعل أشهر الروايات ما جاء في إلياذة هوميروس من سردٍ لقصة رحلة أوديسيوس إلى موطنه في جزيرة إيثاكا.
ولعقود، شاع الاعتقاد بأن الحرب والمدينة ليستا سوى أساطير، إلا أن معظم العلماء الآن يعتقدون أن قصة طروادة حقيقية وقد شهدها المكان الذي يُعرف حالياً باسم هيسارليك في شناق قلعة.
مدينة طروادة
وفي وقت سابق، اكتشف علماء الآثار المشرفون على عمليات التنقيب في أطلال طروادة، التي تعد مستوطنة قديمة واقعة غرب تركيا، على هيكل عظمي يُعتقد أنه بقايا آخر من عاش في المدينة.
وبحسب صحيفة hispanatolia الإسبانية، يرجّح علماء الآثار أن الهيكل العظمي الذي تم العثور عليه هو بقايا آخر سكان مدينة طروادة القديمة الواقعة في الشمال الغربي التركي.