عرف عالم الأزياء العديد من المصممين الذين تركوا بصماتهم الخاصة في عالم الجمال والموضة، وخاصة خلال القرن العشرين بزغ نجم الكثير من الماركات العالمية، من بينها "إيف سان لوران- Yves Saint Laurent"، التي تعتبر أيقونة للجمال، سواء في الحقائب أو العطور وغيرها من المنتجات.
لم تكن بداية العلامة التجارية سهلة في البداية، فقد مرت بعدة مراحل، فيما اشتغل صاحبها مع ماركات عالمية أخرى عرفت في فترته نجاحاً، فيما حصلت إحداها على جوائز عالمية.
إيف سان لوران بين الجزائر والمصحة العقلية
حسب موقع "theguardian" البريطاني، وُلد إيف سان لوران في أغسطس/آب 1936 بمدينة وهران الجزائرية، وذلك في فترة الاستعمار الفرنسي، لم يكن سان لوران في صغره جيداً في الدراسة، فغالباً ما كان يهرب إلى المنزل ويقوم بتصفح مجلات الأزياء الخاصة بوالدته.
لطالما كان حلمه العودة إلى باريس، كما كان سان لوران يقوم برسم الأزياء والمجوهرات بشكل لا نهائي، وفي سنة 1953 فاز بالمرتبة الأولى في مسابقة لتصميم الأزياء؛ ليتحقق الحلم الأول لسان لوران في الانتقال إلى باريس.
كان أول مكان ينتقل إليه هي دار ديور، وذلك ليكمل تصميم الإكسسوارات وتزيين الاستديوهات، وبعد أربع سنوات، أي سنة 1957، صرح إيف كريستيان ديور بأن يجعل إيف سان لوران خليفته في تصميم الأزياء بعد وفاته بسبب ذوقه الراقي.
تمكن سان لوران وهو في 21 من عمره من الحفاظ على مستقبل دار الأزياء الأكثر نجاحاً في العالم في ذلك الوقت، إلا أن نجاحه مع House of Dior لم يستمر طويلاً، فبعد سنتين استغلت هذه الشركة استدعاء لوران إلى العسكرية لتعيين أحد أبناء العائلة المالكة للشركة؛ ليدخل إيف سان لوران في حالة نفسية أدت إلى انهيار، أمضى بسببه ثلاثة أسابيع في مشفى للأمراض العقلية.
الخروج من ديور وفتح ماركته الخاصة
كانت الانطلاقة في البداية صعبة على إيف سان لوران، خاصة بعد مغادرة ديور سنة 1958، ليلتقي بعد ذلك بـ"بيير بيرجي"، وهو أحد أصدقاء بوفيه، مالك ديور آنذاك، والذي ستجمعه معه علاقة وطيدة إلى نهاية حياته.
ساعد بيير سان لوران في تجاوز المحنة، فيما كان السبب في إخراجه من المصحة النفسية وأعاده إلى العمل، كما ساعده في إنشاء شركته الخاصة التي ستحمل الأحرف الثلاثة الأولى المتشابكة بشكل حسي ثورة في الموضة "Yves Saint Laurent" الباريسية من الستينيات إلى الثمانينيات.
وحسب نفس المصدر، قال مدير مكتب كوندي ناست الباريسي، وهو صديق لكل من سان لوران وبيرجي: "كان سان لوران أكثر سعادة لإبقاء بيير في المقدمة، مما تسبب في كل الضوضاء والقيام بالنباح والقضم في كعوب الناس.. اعتمد إيف بشكل كبير على بيير، ولم يكن ليحقق النجاح الذي كان بدونه".
لقي عرض إيف سان لوران الأول، في يناير/كانون الثاني 1962، استجابة معتدلة، لكن في السنوات التي تلت ذلك، ارتفع نجمه. لقد ابتكر أفكاراً أصبحت إحساساً بين عشية وضحاها ثم أيقونات خالدة، من بينها الفستان المنقوش بطبعة موندريان، وسترة سفاري Saharienne، وبدلة بنطلون Le Smoking وغيرها.
رغم هذا النجاح بدأت موجة الملابس الجاهزة والأقل تكلفة تغزو الأسواق الفرنسية، ما كاد أن يطفي نجمة هذه العلامة التجارية، في أواسط السبعينيات من القرن الماضي.
سان لوران بين النجاح وحب المغرب
اشتهر إيف سان لوران "Yves Saint Laurent" بأنه صمم بدلة السموكي أو التوكسيدو، التي كانت تلبسها المرأة في ذلك الوقت، وهي عبارة عن بدلة كلاسيكية خاصة بالسهرات، وتشبه إلى حد كبير بدلات الرجال، ويتعبر المصمم الأول الذي قام بإطلاق خط كام للملابس الجاهزة، وهذا الأمر يعتبر سابقة من نوعه؛ لأنه أعطى الملابس مكانة وقيمة.
كان إيف سان لوران ذكياً في مجاله؛ إذ تمكن من الوصول للعالمية في العديد من الصناعات، من الملابس إلى الحقائب والعطور وغيرها، فيما أصبح نساء الطبقات الراقية يتسابقن لاقتناء بعض القطع الفريدة من معرضه الخاص.
حسب موقع "cnn"، كانت حديقة ماجوريل المتواجدة في مدينة مراكش المغربية تواجه خطر الهدم من قِبل المتعهدين سنة 1980، إلا أن حب المصمم الفرنسي لهذا المكان دفعه إلى شرائه هو وصديقه بيير، وإعادتها إلى سابق عهدها.
قام إيف سان لوران بافتتاح أول متحف للبربر "الأمازيغ" في المغرب، كما توجد في مدينة مراكش حي يحمل اسمه وتاريخ ميلاده، فيما تجذب هذه الحديقة قرابة 700 ألف زائر سنوياً، وتضم أيضاً متحفاً خاصاً بإيف سان لوران بداخلها.
اعتزل إيف سان لوران المهنة في عام 2002 بسبب المشاكل الصحية التي كانت تلاحقه في هذه الفترة بفرنسا في 1 يونيو/حزيران عام 2008.
وقد خلَّف إيف سان لوران تاريخاً عريقاً وطويلاً؛ لأنه يعتبر علامة بارزة ما زالت حتى يومنا هذا محط اهتمام الكثير من الملكات ومشاهير العالم؛ بسبب الذوق الراقي والفريد لهذا المصمم.