في مرحلة حاسمة في الحروب الفارسية اليونانية التي امتدت من سنة 492 إلى سنة 449 قبل الميلاد، انتصر اليونانيون في معركة سلاميس الحاسمة، وهي معركة بحرية أعقبت الهزيمة اليونانية الشهيرة في أرض معركة ثيرموبيلاي.
في معركة ثيرموبيلاي نجح 300 مقاتل إسبرطي في صد هجوم آلاف الفرس، لكن في النهاية حققت الإمبراطورية الفارسية انتصاراً في تلك المعركة، وتحركت القوات الفارسية لتدمير أثينا، وقبل تحقيق ذلك الهدف كان على الإمبراطورية الفارسية خوض موقعة عسكرية بحرية كبرى، في شهر سبتمبر/أيلول 480 قبل الميلاد، وهي معركة سلاميس، التي أفشلت خطط الفرس في تدمير أثينا، وعلى العكس من ذلك كان أوّل مؤشر لسقوط الإمبراطورية الفارسية التي كانت أعظم إمبراطورية في ذلك الوقت.
معركة سلاميس.. أكبر معركة بحرية بين الفرس واليونانيين
كان الدعم الذي قدّمه الأثينيون لأبناء وطنهم في آسيا الصغرى، والذين ثاروا ضد حكامهم الفرس عام 498 قبل الميلاد، السببَ المباشر في التوجه الفارسي لغزو اليونان، فبمجرد قمع التمرد في عصر الملك الفارسي داريوس، قام الفرس بأوّل حملة لهم على أثينا عام 490 قبل الميلاد، لكنهم فشلوا في الوصول إلى هدفهم.
وبعد وفاة داريوس، خلفه ابنه زركسيس، الذي جمع جيشاً هائلاً، وتوجه به إلى الأراضي اليونانية لاستكمال ما قام به والده، عن طريق جسرين عائمين طويلين، أمر مهندسيه ببنائهما، وسار عبر تراقيا ومقدونيا باتجاه أثينا سنة 480 قبل الميلاد.
افترض هيرودوت أن الجيش الفارسي كان حوالي 5.28 مليون مقاتل، لكن ساغاس قدر الجيش بـ360 ألفاً.
في أغسطس/آب من تلك السنة، واجه الجيش الفارسي القوات اليونانية في ممر ثيرموبيلاي، بينما واجهت سفنهم أسطول الحلفاء في مضيق أرتيميسيوم.
رغم الموقف البطولي لمقاتلي أسبرطة، هُزم اليونانيين في معركة ثيرموبيلاي، ما أجبر الأسطول على التراجع جنوباً للمساعدة في إخلاء أثينا. في الواقع كان الفرس يحشرون ما تبقى من الأسطول اليوناني إلى مضيق جزيرة سلاميس.
بالتقدم من خلال Boeotia وAttica، هاجم زركسيس وأحرق تلك المدن التي أرادت المقاومة قبل احتلال أثينا.
في تلك الأثناء، اجتمع قادة 31 مدينة يونانية على صدّ الغزو الفارسي، وفي محاولة لمواصلة المقاومة والدفاع عن أثينا، أسّس الجيش اليوناني موقعاً محصناً جديداً على برزخ كورنث، بهدف الدفاع عن جزيرة البيلوبونيز.
كان الحصن اليوناني جديداً قوياً، لكنه كان يسهل اختراقه إذا ما التفّ الفرس بقواتهم وعبروا مياه خليج سارونيك، لمنع هذا، جادل بعض قادة الجيش اليوناني لصالح نقل ما تبقى من الأسطول اليوناني إلى البرزخ. رغم هذا التهديد جادل الزعيم الأثيني Themistocles للبقاء في سلاميس.
برّر Themistocles قراره بأنّ الأسطول اليوناني الأصغر يمكن أن ينفي الميزة الفارسية في الأرقام عن طريق القتال في المياه المغلقة حول الجزيرة.
سلاميس المعركة التي كانت سبباً في انهيار الإمبراطورية الفارسية
كان الأسطول الفارسي خلال معركة سلاميس يحتوي على أكثر من 800 سفينة حربية، في حين لم يتعدَّ الأسطول اليوناني 300 سفينة حربية.
ورغم ذلك كان زركسيس يدرك أنّ القتال في المياه المغلقة قد يشكل صعوبة للأسطول الفارسي، فحاول الضغط على اليونانيين لإخراج أسطول الإغريق من سلاميس، عبر خدعة قام بها بتحريك جزءٍ من أسطوله إلى برزخ البيلوبونيز، لكن Themistocles قرّر إبقاء الأسطول في مكانه في سلاميس.
في النهاية استدرج Themistocles الأسطول الفارسي إلى المياه الضيقة للمضيق في سلاميس، حيث واجهت السفن الفارسية المكتظة صعوبة في المناورة. ثم هاجمت المجاريث اليونانية بشراسة، حيث صدمت أو أغرقت العديد من السفن الفارسية وصعدت على أخرى.
أغرق الإغريق حوالي 300 سفينة فارسية، بينما فقد اليونانيون حوالي 40 سفينة فقط من سفنهم، بحسب الموسوعة البريطانية.
عند نهاية المعركة، كان الأسطول الفارسي المتبقي مبعثراً، وتعرض زركسيس للإذلال مرة أخرى، بحيث وضع في خطته 400 من أفضل جنوده، بما في ذلك ثلاثة من أبناء أخيه، في جزيرة سيتاليا الصغيرة عند مصب خليج إليوسيس. كانت خطته هي أن يطاردوا ويذبحوا أي يوناني يخرج إلى شواطئ جزيرة ستاليا، ولكن بعد هزيمة الأسطول الفارسي أصبح هؤلاء الجنود هم المطرودين. اندفع القاذفون اليونانيون والرماة وهوبليت المدججون بالسلاح إلى الشاطئ، وقتلوا ما تبقى من الأسطول الفارسي.
كانت معركة سلاميس أول معركة بحرية كبيرة تم تسجيلها في التاريخ، كما أنها كانت أوّلاً مؤشراً لسقوط الإمبراطورية الفارسية، فبعد تلك الهزيمة لم يلبث أن انهارت الإمبراطورية الفارسية، وانتهى حكم السلالة الأخمينية.