بدأت الحرب العالمية الثانية بالهجوم الألماني على غرب بولندا في الأوّل من سبتمبر/أيلول 1939، وما تلاه من توسع ألماني في الأراضي البولندية، والذي أدى إلى إعلان كلٍّ من فرنسا وبريطانيا الحرب على ألمانيا بعد ذلك مباشرة.
وعلى الرغم من حالة الحرب بين فرنسا وبريطانيا العظمى من جهة وألمانيا من جهة أخرى، لم تكن هناك معارك تتجاوز المناوشات المتقطعة بين القوات الجوية والبحرية للبلدان الثالثة في الأشهر الأولى للحرب العالمية الثانية.
مع ذلك، وخلال شتاء 1939-1940، كان أدولف هتلر مشغولاً جداً بالتخطيط لشنّ هجوم ضد عدوه اللدود فرنسا، في الوقت نفسه، كان هناك العديد من الضباط السامين في قيادة الأركان الألمانية، وبالخصوص البحرية الألمانية الذين كانوا يعملون على خطط لمهاجمة الشمال، وخاصة النرويج. بنى هؤلاء الضباط اهتمامهم بالهجوم على الشمال بناءً على تحليلات استراتيجية أعدت عام 1926. في هذه التحليلات، كان من الضروري للحرب الألمانية الهجومية تأمين نقاط الدعم حول بحر البلطيق، وعلى طول الساحل الغربي للنرويج.
وإنّ الإغفال عن الهجوم على الشمال سيؤدي إلى عزل ألمانيا استراتيجياً واقتصادياً بسبب هيمنة البحرية البريطانية، التي ستحاصر الرايخ وتُقطع عنه الإمدادات.
يضاف إلى ذلك الرغبة الألمانية في تأمين نقل كبير لخام الحديد السويدي من كيرونا إلى صناعة الحرب الألمانية، التي يتم شحنها من ميناء نارفيك شمال النرويج، لذلك من المحتمل أن تكون عمليات نقل الخام مهدَّدة من قبل البحرية البريطانية إذا قررت الأخيرة إيقافها.
اجتمعت تلك الأسباب؛ لتجعل من تحرك هتلر شمالاً أمراً منطقياً، وينتظر فقط اللحظة الحاسمة.
أسباب عملية فيزروبونغ
وفقاً لـdanmarkshistorien، جاءت تلك اللحظة الحاسمة عندما هاجم الاتحاد السوفييتي فنلندا في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1939، وهي اللحظة التي تحرك فيها مركز ثقل الحرب شمالاً.
في تلك الأثناء، حاولت فرنسا وبريطانيا العظمى الحصول على إذن نرويجي وسويدي لإرسال قوة استكشافية لمساعدة الفنلنديين عبر الأراضي النرويجية والسويدية.
رُفض هذا الطلب من قبل الحكومتين النرويجية والسويدية، ومع ذلك، فإن النية الفرنسية البريطانية تحوّلت إلى الاستيلاء على أعمال الخام السويدية لتضييق الخناق على الألمان.
وبالرغم من أن تلك الخطط الفرنسية والبريطانية لم تتحقق، فإن ألمانيا علمت بالنوايا، مما زاد من حدة الاهتمام الاستراتيجي لمنطقة الشمال.
مع تنامي التهديدات في الشمال، أصبح هتلر أكثر استجابة لاهتمام ضباط البحرية بتركيز الهجوم على الشمال، وفي نفس الوقت قلّل من اهتمامه بالهجوم على فرنسا.
عندما اعترضت سفينة النقل الألمانية "ألتمارك" وعلى متنها 300 أسير حرب إنجليزي من قبل مدمرة بريطانية في المياه الإقليمية النرويجية في 16 فبراير/شباط 1940، دون أي تدخل من جانب النرويج المحايدة، أصبح التصور السائد في برلين أن النرويج لا يمكنها أن تدافع عن حيادها في الحرب.
كان لابد على الألمان اختراع سبب لبداية حملتهم على النرويج يكون مبرراً لاحتلالها، في برلين كان يشتبه في أن بريطانيا العظمى تخطط لاستهداف عمليات نقل الحديد الخام إلى المصانع الألمانية على طول الساحل الغربي للنرويج، وذلك عبر حقول للألغام، لذا ارتفعت الأصوات في ألمانيا إلى استباق المخطط البريطاني، ليجد الرايخ ذريعة لشنّ عملية فيزروبونغ.
أدى ذلك في 21 فبراير/شباط 1940 إلى إصدار هتلر أوامره إلى القيادة العليا الألمانية للتحضير لحملة عسكرية ضد النرويج من أجل حماية حيادها، تم تكليف الجنرال نيكولاس فون فالكون هورست بالتحضير لعملية فيزروبونغ.
عملية فيزروبونغ الألمانية لغزو النرويج والدنمارك
في الأصل، لم تكن الدنمارك – التي كانت في الأصل محايدة- جزءاً من عملية فيزروبونغ، لكن رغبة القوات الجوية الألمانية، في أن تكون قادرة على استخدام مطار ألبورغ كنقطة توقف، إضافةً إلى التقييم الاستراتيجي الشامل لمزايا احتلال الدنمارك، جعل هتلر يصدر توجيهاً جديداً في الأوّل من مارس/آذار، دعا فيه إلى غزو كل من النرويج والدنمارك.
تمّ تشكيل الفيلق الحادي والثلاثين لغزو الدنمارك، ويتألف من فرقتين مشاة واللواء الحادي عشر الميكانيكي. سيتم دعم العملية بأكملها من قبل X Air Corps، التي تتكون من حوالي 1000 طائرة من مختلف الأنواع.
في 2 أبريل/نيسان 1940، أصدر هتلر أمراً لبدء عملية فيزروبونغ في 9 أبريل/نيسان.
انقسمت عملية فيزروبونغ إلى جزأين، فيزروبونغ الشمال تستهدف النرويج و فيزروبونغ الجنوب تستهدف الدانمارك، وكان من المقرر أن تبدأ في 4.15 في صباح الـ9 من أبريل/نيسان.
في النرويج واجهت عملية فيزروبونغ صعوبات كبيرة ذات طبيعة عسكرية وسياسية، فقد واجه الأسطول الألماني مقاومة نرويجية قوية في أوسلوفجورد، ولاحقاً من القوات البرية النرويجية في جنوب النرويج، كما ألقى الأسطول البريطاني أيضاً بنفسه في المعركة في شمال غرب النرويج.
كما واجه الألمان تحديات سياسية متمثلة في إحباط النرويجيين لانقلاب قام به الزعيم النازي النرويجي لحزب ناسيونال سمالينج، فيدكون كويزلينج، الذي قام على الفور بانقلاب في 9 أبريل/نيسان، لكنه فشل في البداية، ومع ذلك، في بداية يونيو/حزيران 1940، وبعد 62 يوماً من القتال، انتهت جميع الأعمال القتالية على الأراضي النرويجية بعد سيطرة ألمانية، وذلك بعد أن قررت بريطانيا سحب قواتها للدفاع عن فرنسا بحسب History.
فيزروبونغ تغزو الدنمارك في 4 ساعات
من الناحية الاستراتيجية، كانت أهمية الدنمارك بالنسبة لألمانيا كنقطة انطلاق للعمليات في النرويج، وبالطبع كدولة حدودية لألمانيا، والتي يجب السيطرة عليها بطريقة ما، ونظراً لموقع الدنمارك على بحر البلطيق، كانت الدولة أيضاً حاسمة للسيطرة على الوصول البحري والشحن إلى الموانئ الألمانية والسوفييتية الرئيسية.
وعلى عكس الجبهة النرويجية، فقد جرت عملية فيزروبونغ الجنوبية بسلاسة، تحت قيادة الجنرال الألماني لسلاح الجو، ليونارد كوبيش.
في الساعة الـ4 صباحاً من يوم 9 أبريل/نيسان 1940، اتصل السفير الألماني في الدنمارك، سيسيل فون رنت فينك، بوزير الخارجية الدنماركي، بيتر مونش، وطلب الاجتماع معه. عندما التقى الرجلان بعد 20 دقيقة، أعلن رنت فينك أن القوات الألمانية كانت تتحرك بعد ذلك لاحتلال الدنمارك لحماية البلاد من الهجوم الفرنسي البريطاني. وطالب السفير الألماني بوقف المقاومة الدنماركية على الفور وإجراء اتصالات بين السلطات الدنماركية والقوات المسلحة الألمانية. إذا لم تتم تلبية المطالب، فإن القوات الجوية الألمانية ستقصف العاصمة كوبنهاغن.
بعد 4 ساعات، كانت القوات الألمانية قد احتلت العاصمة كوبنهاغن ومعظم المدن الدنماركية دون أي مقاومة.
كانت الحكومة الدنماركية على علم بالتقدم الألماني جنوب الحدود، ورغم وضع كوبنهاغن قوات دفاعها في حالة تأهب، لكنها لم ترغب في تحدي الألمان أو إعطائهم ذريعة للعدوان.
لم يتسبب الغزو الألماني على الدنمارك إلّا بخسائر بسيطة، إذ قتل 16 جندياً دنماركياً حاولوا المقاومة.
على الجبهة الشمالية، لم تكن الأمور تسير على ما يرام، فقد كلفت المقاومة النرويجية المدعومة ببريطانيا الكثير، فقدت البحرية الألمانية حوالي نصف قوتها الضاربة في عملية فيزروبونغ، وأدت تلك الخسارة إلى تعليق الهجوم الألماني على إنجلترا.
فيزروبونغ حاصرت السويد وفنلندا أيضاً وضمتهما إلى الحلف النازي
بحسب military-history، لم تتضمن عملية فيزروبونغ هجوماً عسكرياً على السويد (المحايدة)؛ لأنه لم تكن هناك حاجة له، فمن خلال السيطرة الألمانية على النرويج والمضايق الدنماركية ومعظم شواطئ بحر البلطيق، حاصر الرايخ الثالث السويد من الشمال والغرب والجنوب.
أمّا الشرق، فكان الاتحاد السوفييتي العدو اللدود للسويد وفنلندا يحاصر البلدان، في تلك الأثناء كان السوفييت على علاقة ودية مع هتلر بموجب شروط معاهدة مولوتوف-ريبنتروب.
من جهة أخرى، كانت التجارة السويدية والفنلندية تعتمد على البحرية الألمانية (كريغسمارينه)، كما ضغطت ألمانيا على السويد المحايدة للسماح بعبور البضائع العسكرية والجنود في فترات إجازاتهم.
في 18 يونيو/حزيران 1940، تم التوصل إلى اتفاق، بموجبه عبر ما مجموعه 2.14 مليون جندي ألماني، بالإضافة إلى أكثر من 100 ألف عربة سكك حديدية عسكرية ألمانية، السويد حتى تم تعليق حركة المرور في 20 أغسطس/آب 1943.
في 19 أغسطس/ آب 1940، وافقت فنلندا على منح حق الوصول إلى أراضيها من قبل جنود الفيرماخت، ونقل القوات والمعدات العسكرية من وإلى أقصى شمال النرويج.