تدور أحداث قصتنا في "مملكة الأشانتي" وهي إحدى الممالك الواقعة غرب إفريقيا، والتي استعمرتها المملكة المتحدة فترة من الزمن، أما بطلة قصتنا فهي الملكة "يا أسانتيوا" التي كانت واحدة من أبرز المناهضين للاستعمار البريطاني، والتي ألهمت شعبها للدفاع عن أراضيهم في وقت تسلل فيه الخوف والتردد إلى قلوبهم.
يا أسانتيوا.. من المزارع إلى العرش
لا يعرف تاريخ ميلاد أسانتيوا على وجه التحديد، ويعتقد المؤرخون أنها ولدت في وقت ما بين عامي 1840 و1860.
لكن من المعلوم أنها تولت لقب "الملكة الأم" عام 1880، وقبل توليها هذا اللقب كانت تعمل بالزراعة، ويعتقد أن شقيقها الأكبر "نانا أكواسي" والذي كان قائداً قوياً في ذلك الوقت هو من قلدها هذا اللقب.
ولا يطلق شعب الأشانتي لقب "ملكة" فقط على ملكاتهم، إنما يطلقون عليهن لقب "الملكة الأم"، وذلك لأن الأمومة مقدسة في الثقافة الأشانتية.
حارسة الكرسي الذهبي
بصفتها الملكة الأم، تولت أسانتيوا العديد من المسؤوليات، بما في ذلك كونها حارسة "الكرسي الذهبي" وهو كرسي مصنوع من الذهب الخالص، ويعتقد أنه يحضن "روح الأمة" وكانت الملكة الأم هي المسؤولة عن حمايته، إذ يمثل العرش الملكي والإلهي للإمبراطورية.
كما تؤدي الملكة الأم دور المستشار الرئيسي للملك، وبالتالي فهي تشغل ثاني أعلى منصب داخل المملكة، وفقاً لما ورد في موقع blackpast.
"سنقاتل الرجال البيض حتى آخر رمق"
في عام 1896، بدأ شعب الأشانتي بالتمرد ضد الوجود البريطاني في أراضيهم، خاصة بعدما بدأ البريطانيون ببناء مستعمرة "غولد كوست".
لكن البريطانيين قمعوا التمرد، وكفعل انتقامي، قاموا بأسر ملك الأشانتي "أسانتيهين بريمبه الأول" ونفيه إلى جزر سيشيل برفقة عدد من قادة الأشانتي الأقوياء، وذلك كي يتسنى لهم الحصول على "الكرسي الذهبي".
وبينما كان القادة المتبقون مترددين في كيفية الرد على المستعمرين البريطانيين، حسمت الملكة الأم المسألة وأعلنت النفير العام لحشد قوات الأشانتي وقتال البريطانيين.
وحشدت الملكة قواتها وحثتهم على القتال: "سنقاتل الرجال البيض.. سنقاتل حتى يسقط آخر منا في ساحات القتال". وأعلنت أنه في حال لم يكن لدى الرجال رغبة في القتال فإن نساء الأشانتي سوف يقبلون بهذا الدور ويتصدون للمعتدين.
كانت شجاعة وحماسة الملكة سبباً في القضاء على الخوف والتردد في نفوس شعب الأشانتي الذي قرر المضي مع ملكته للدفاع عن الأرض ضد المستعمرين، وكان لها أثر خاص على الرجال الذين لم يقبلوا بأن يقال إن النساء أكثر شجاعة منهم.
ومنذ تلك اللحظة أصبحت "يا أسانتيوا" قائداً عاماً للجيش الأشانتي، الذي فرض حصاراً على القوات البريطانية عام 1900.
رمز للقوة والمقاومة
بلغ الصراع ذروته عندما جلس الممثل البريطاني الأب فريدريك ميتشل هودجسون على الكرسي الذهبي الذي تعهدت الملكة بحمايته.
وقادت معركة شرسة راح ضحيتها 1000 جندي بريطاني وإفريقي متحالف معهم، مقابل 2000 شخص من جنود الأشانتي. وقد سجلت في تلك المعركة أعلى نسبة وفيات مقارنة بالحروب السابقة بين الأشانتي والبريطانيين.
أصبحت "يا أسانتيوا" رمزاً للمقاومة، لكن لسوء الحظ لم تنجح جهودها في إخراج المستعمر البريطاني من أراضيها، وتم القبض عليها ونفيها إلى سيشيل حيث توفيت هناك عام 1921.
لكن لا تزال أسانتيوا إلى اليوم حية في ذاكرة شعبها، وفي عام 2000 تم افتتاح متحف يحمل اسمها في منطقة إيجيسو – جوابين في غانا.
كذلك، هناك جائزة إنجاز تحمل اسمها، وتعرف بـ"جوائز نانا يا أسانتيوا" (NYA) التي تكرم النساء اللواتي يلعبن أدواراً قيادية.
الاستقلال عن بريطانيا
بقيت مملكة الأشانتي محمية بريطانية حتى عام 1935، في يناير/كانون الثاني 1902، حيث أُعيدت مملكة الأشانتي إلى الحكم الذاتي وعاد ملك الأشانتي برومبيه الثاني ليحكم المملكة في 1957، ثم دخلت مملكة الأشانتي في اتحاد سياسي مع غانا واستقلت عن المملكة المتحدة.