عندما اجتاحت القوات النازية الألمانية الكثير من دول أوروبا وشمال إفريقيا خلال الحرب العالمية الثانية، اختفت الكثير من التحف القيمة واللوحات التي لا تقدر بثمن، إضافة إلى مُعظم احتياطيات الذهب في بنوك تلك الدول التي تمّ احتلالها، ولا يزال العديد من هذه الكنوز مفقوداً حتى يومنا هذا ويطلق عليها اسم "الذهب النازي"، في الوقت الذي يُعتقد به أن النازيين أخفوا هذه الكنوز في أماكن سرية.
ولكن هل هذه الرواية صحيحة؟ وهل فعلاً الذهب المسروق لا يزال مخفياً حتى الآن؟
ما هو الذهب النازي وأين خبأه النازيون؟
الجواب هو نعم، فمع انتشار القوات النازية في جميع أنحاء أوروبا، كانت سياسة ألمانيا النازية تتمثل في نهب الأشياء الثمينة لضحاياهم، وشمل ذلك الفنون الجميلة والمجوهرات والسجاد الشرقي والأواني الفضية والخزف والزجاج، لكن العنصر الأكثر أهمية اقتصادياً كان الذهب .
الذهب النازي هو مصطلح شامل، يشمل الذهب النقدي، الذي تحتفظ به الحكومات في البنوك المركزية كجزء من احتياطياتها من العملات، إضافة إلى الأشياء الثمينة المسروقة من الأفراد.
ووفقاً لما ذكره موقع Live Science الأمريكي فإنّ الألمان سرقوا احتياطيات الذهب النقدية لجميع البنوك الوطنية في البلدان التي احتلوها، وتمت استعادة 70% فقط من تلك الأموال بعد الحرب.
وأضاف الموقع أنه عادة ما كان النازيون يصادرون الذهب النقدي ويخزنونه في مستودعات مركزية، ثم يستخدمونه لتمويل المجهود الحربي النازي.
لكن النازيين نهبوا الذهب أيضاً من الأفراد، حتى ذلك الذي كانت ترتديه الجثث.
من اكتشف الذهب النازي؟
في عام 1945، اكتشفت وحدات الجيش الأمريكي كنوزاً مخفية من الذهب في جميع أنحاء ألمانيا والنمسا.
كان الاكتشاف الأكثر إثارة هو منجم الملح Merkers في تورينجيا بألمانيا، والذي احتوى على سبائك ذهبية وعملات معدنية وعملات بقيمة 517 مليون دولار بقيم 1945 (حوالي 8.5 مليار دولار اليوم).
مع سيطرة قوات الحلفاء على الأراضي المحتلة، بُذلت جهود لإعادة توزيع الذهب النقدي على الدول التي تم الاستيلاء عليها منها.
كما تم بيع بعض المسروقات التي تم الاستيلاء عليها من الضحايا الأفراد في مزاد علني للجمهور، بينما تم بيع كنوز أخرى تم استردادها وتم تسليم عائداتها إلى المنظمات اليهودية فقط.
بحيرة توبليتز في النمسا
يقول موقع History الأمريكي إن النازيين ألقوا ما قيمته مليارات الدولارات من الذهب المسروق بمياه بحيرة توبليتز، وهي بحيرة منعزلة تقع في قلب غابة خصبة في جبال الألب في النمسا.
قد يكون هناك بعض الشرعية في الادعاء، ففي الأربعينيات من القرن الماضي، استخدم النازيون البحيرة كموقع اختبار بحري والجبال المحيطة بها كمنطقة تراجع للضباط العسكريين.
وفي العام 1959، أي بعد الحرب، استعاد المحققون 700 مليون جنيه إسترليني من الأوراق النقدية المزيفة التي خطط هتلر لاستخدامها لتخريب الاقتصاد البريطاني من البحيرة.
قطار Wałbrzych الذهبي
قصة أخرى شائعة هي موقع قطار Wałbrzych الذهبي الذي يُزعم أنه يحتوي على كنز من الذهب النازي.
ويُقال إنّ القطار دفن داخل جبل في جنوب غرب بولندا، وعندما تم اكتشاف الموقع في العام 2016، بدأت أعمال التنقيب المكثفة ولكن لم يتم التوصل إلى أي شيء.
من جهته، يروي كتاب رونالد زفايج "القطار الذهبي" قصة قطار ذهبي حقيقي، غادر بودابست مليئاً بالذهب النازي والمجوهرات والفضة المسروقة من المجر.
كان القطار متجهاً إلى معقل نازي في مكان ما في جبال الألب، وتوقف القطار في بوكشتاين في النمسا، مختبئاً في نفق Tauern.
تم أخذ بعض المسروقات ودفنها في مواقع مختلفة عبر تيرول (ولاية غرب النمسا) وفي فيلدكيرش (مدينة من العصور الوسطى في غرب النمسا)، ثم اكتشفها المزارعون المحليون والجيش الفرنسي بعد انتهاء الحرب.
فيما يُعتقد أنّ القوات المسلحة الأمريكية استولت على نهب القطار في مايو/أيار 1945.
كم تبلغ قيمة الذهب النازي؟
القيمة الإجمالية للذهب والأصول الأخرى التي نهبها النازيون لا تزال غير مؤكدة، إذ يعتقد الكثير من الناس أنه لم يتم اكتشاف كل مخابئ الذهب المنهوب.
إيان ساير وهو مؤرخ بريطاني في الحرب العالمية الثانية ومؤلف مشارك لكتاب "الذهب النازي: القصة المثيرة لأكبر سرقة في العالم" يعتقد أن هناك ريباً في روايات الذهب النازي التي تنشر على وسائل الإعلام.
ففي العام 2020 أبلغ ضابط ألماني كان يخدم في الحرب العالمية الثانية مع منظمة Waffen -SS النازية اختار اسماً مستعاراً له وهو "Michaelis" عن 11 موقعاً أخفى فيها النازيون الذهب والمجوهرات واللوحات التي لا تقدر بثمن والأشياء الدينية.
لكنّ إيان ساير أكد فيما بعد أن هذا الضابط النازي استند إلى مذكرات ضابط آخر في قوات الأمن الخاصة يدعى يغون أولينهاور، وبأنه بعد التحقيق في الأمر بحث كثيراً ولم يجد له اسماً في قوائم ضباط الأمن في الأساس.
إذاً أين الذهب النازي المفقود المتبقي؟
يدعي ساير أنه الشخص الوحيد الذي تعقب الذهب النازي المفقود منذ جهود الإعادة الأولية في نهاية الحرب، وأنه يعتقد أنّ الذهب ليس مدفوناً أو مخبأ، بل تم تحويله إلى قضبان وخُزّن في البنك المركزي للرايخ الألماني حتى عام 1945.
ويوضح المؤرخ البريطاني أنّ السلطات العسكرية الأمريكية أصدرت تقريراً مفصلاً أدرج قضبان الذهب في عهدة الولايات المتحدة في بنك ميونيخ العقاري.
وتابع أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة أصدرت لاحقاً تقريراً قالت فيه إن الذهب مفقود لكنه بقي في ذات القبو.وفقاً لمقال نُشر لاحقاً في مجلة موظفي بنك إنجلترا أكد البنك الإنجليزي خلاله أنه نقل القضبان الذهبية النازية إلى خزينة بنك إنجلترا وهي هناك حتى يومنا هذا، ومع ذلك، لا يزال المؤرخ البريطاني إيان ساير متأكداً من وجود الكثير من المخابئ غير المكتشفة للذهب النازي.