من الصعب تخيُّل كيف كانت الحياة عندما لم يتم اكتشاف الأحذية بعد، ولكن صدِّق أو لا تصدق فإن الأحذية التي تغطي قدمك حالياً لها تاريخ يصل إلى نحو 40 ألف عام، حسب ما تشير إليه الدراسات الأنثروبولوجية، وفقاً لـLivescience العلمي.
قصة اختراع الأحذية
بدأ كل شيء بسبب حاجة حقيقية وعملية لحماية القدمين من التأثيرات الخارجية، فتحولت هذه الحاجة البشرية التي تبدو بسيطة إلى صناعة سريعة النمو، حيث كان التصميم لا يقل أهمية عن الوظيفة.
على الرغم من أن الصفات الأساسية للأحذية ظلت دون تغيير، بالنظر إلى التاريخ الطويل والمثير للأحذية، يمكنك أن ترى أن الألوان والمواد والتصاميم قد تغيرت بالفعل.
من قبل، كانت الأحذية يصنعها الحرفيون، لكنها اليوم جزء من صناعة المصانع التي تكسب أموالاً طائلة كل عام.
وقد اختلفت موديلات الأحذية حسب الطبقات الاجتماعية، خلال العصور الوسطى تم تقسيم المجتمع إلى طبقات لا تقرر فقط الوظائف والمسؤوليات المختلفة ولكن أيضاً الملابس والأحذية المختلفة.
فقد ارتدى الفلاحون وسكان البلدات غير النبلاء أحذية جلدية ثقيلة وداكنة بكعب.
وفي الوقت نفسه، ارتدى النبلاء مزيداً من الأحذية الفاخرة التي غالباً ما كان لها كعب خشبي ومليئة بالمطبوعات.
أما في العصور الحديثة فغيَّر مفهوم الموضة بشكل جذري، تقاليد صناعة الأحذية التي دامت عقوداً، وحدث هذا بسبب الفرص الجديدة في التكنولوجيا التي جعلت عملية صناعة الأحذية بأكملها أكثر سهولة وبساطة.
متى ظهر الحذاء الأول؟
يعتبر عام 1991، تاريخاً مهماً في تاريخ الأحذية، لأن هذا هو العام الذي وجد فيه علماء الآثار، على حدود النمسا وإيطاليا، إنساناً محنطاً بشكل طبيعي- يُدعى أوتزي- من العصر الحجري، توفي قبل نحو 3300 عام من عصرنا.
كان هذا المسافر من جبال الألب يرتدي حذاءً مصنوعاً من جلد الغزال بنعل مصنوع من جلد الدب ومحشو بالتبن، وفقاً لما ذكره موقع Dolita Shoes.
تاريخ الأحذية في العصور القديمة (1250 قبل الميلاد-476 قبل الميلاد)
ظهرت الأحذية الأولى في مصر القديمة، وقد كانت مصنوعة من سعف النخيل وألياف البردي والجلود الخام، وتم شد هذه الأحذية وربطها في منتصف الساق.
في البداية، كان رجال الدين والفرعون وحدهم قادرين على ارتدائها، ولكن في وقت لاحق ارتدوا الصنادل من قبل جميع المصريين القدماء، وكانت الألوان المختلفة ترمز إلى طبقة اجتماعية معينة.
أما لدى اليونانيين والرومانيين فإنهم بدأوا أيضاً بإنتاج الأحذية في العصور القديمة الكلاسيكية وكانت على شكل صنادل، عكس المصريين الذين كانوا يصنعونها طويلة ومرتفعة حتى منتصف الساق وبها العديد من الأربطة.
وفي جميع الإمبراطوريات الثلاث؛ المصرية واليونانية والرومانية، كانت الأحذية متاحة للرجال والنساء على حد سواء، لكن في الإمبراطورية اليونانية كانت الأحذية مخصصة فقط للأحرار؛ لتمييزهم عن العبيد.
وفي روما القديمة، كانت الملابس والأحذية رمزاً للقوة والحضارة، لذلك كان يتم ارتداء الأحذية وفقاً لمكانة الشخص في المجتمع وطبقته الاجتماعية.
تاريخ الأحذية في العصور الوسطى (476-1453)
على الرغم من أن العصور الوسطى تعتبر العصور المظلمة، فإنه خلال هذا الوقت ظهر كثير من اتجاهات الأحذية والأزياء الجديدة.
تم اكتشاف الكعب ولم يكن يرتديه سوى الرجال في البداية، أيضاً ظهرت الأحذية المدببة، وأول هياكل الأحذية وهيكل Goodyear البدائي.
في بداية العصور الوسطى، بدأ انتشار الأحذية القماشية في أوروبا بعد صنعها لأول مرة في منطقة جبال البيرينيه بالمنطقة الواقعة بين إسبانيا وفرنسا.
صُنعت هذه الأحذية من قماش "الجوت"، وكانت خفيفة ومريحة ولكن يجب ارتداؤها في مناخ أكثر دفئاً، ولهذا السبب لم تصل إلى شمال أوروبا.
في حين أنتجت بلاد شمال أوروبا أحذية جلدية تم قلبها من الداخل للخارج وخياطتها بنعل الحذاء.
لقد كان هيكلاً سلساً تقريباً، حيث بقيت اللحامات داخل الحذاء؛ لحمايته وتقويته، ولكن لا يمكن استخدام هذا التصميم إلا مع الجلد الناعم والمرن.
ومن فوائد هذه الأحذية أنه يمكن ارتداؤها في أوقات مختلفة من العام بإضافة بعض القش أو الفراء داخل الحذاء خلال فترة البرد.
تاريخ الأحذية في العصور الحديثة المبكرة (1453-1918)
كانت أزياء الرجال والنساء مختلفة خلال هذه الفترة وحتى نهاية القرن الثامن عشر، وكانت في الغالب يمليها الرجال.
كان الرجال أول من ارتدوا الأحذية ذات الكعب، فحتى نهاية القرن الثامن عشر، كانت أرجل الرجال تعتبر معيار الجمال.
على الرغم من أن النساء كن يرتدين أحذية فاخرة، فإنهن كن مختبئات تحت التنانير الطويلة، لذلك كان الرجال هم من يملون عليهن تقاليد الموضة، والأحذية على وجه الخصوص.
في وقت سابق، تغيرت الموضة بشكل أبطأ بكثير وبدأت اتجاهات الأحذية والإنتاج في البلدان التي تتمتع بوضع اقتصادي جيد وبتطور سريع في الفن والجماليات.
على سبيل المثال، لعبت إسبانيا وإيطاليا دوراً كبيراً في تصميم الأزياء بالقرن السادس عشر، وقد انتشرت الأحذية التي صنعت في هذه البلدان لاحقاً، على نطاق واسع، بجميع أنحاء أوروبا، فقد كان لديهم أرقى الزخارف والأنماط وصُنعت الأحدذية باستخدام أحدث المواد وأكثرها أناقة في ذلك الوقت.
خلال عصر النهضة، غالباً ما كان الملوك في أوروبا يرتدون أحذية ذات كعب عالٍ؛ لإظهار تفوُّقهم، إذ كان يصل ارتفاع كعوبهم إلى 30 سم.
أما النساء خلال تلك الفترة فكان ممنوعاً عليهن ارتداء الكعب وكنَّ يرتدين أحذية "الباروك"، وهي واحدة من أكثر الفترات الثقافية إثارة للجدل، إذ كانت تتميز بالتعقيد والغطرسة والميل إلى العظمة.
لذلك، ليس من المستغرب أن تكون الأحذية خلال هذه الفترة الثقافية تُصنع من مواد باهظة الثمن، مثل المخمل والساتان والحرير، وكانت الأحذية مزينة بالورود الاصطناعية والأشرطة والأحجار الكريمة، حتى إن الرجال أيضاً ارتدوا بعضها وكانت ذات كعب أحمر؛ لإظهار مكانتهم.
فقط في بداية القرن التاسع عشر، بدأت الأحذية الرجالية والنسائية تختلف من حيث الأسلوب واللون والكعب وشكل المقدمة.
خلال عصر نابليون، أصبحت الأحذية المصنوعة من القماش هي أحذية النخبة ذات الشعبية الكبيرة.
في هذه الأثناء، كان قد انتهى العصر الذي كان يرتدي فيه الرجال الكعب العالي أكثر من النساء، فكان الارتفاع الكلاسيكي لكعب الأحذية الرجالية 2.5 سم.
وفي تلك الفترة أيضاً أحدث اختراع آلة خياطة الأحذية الحديثة التي اخترعها الحرفيون في بريطانيا، ثورة صناعية وبدأوا بصنع الأحذية المصنوعة من القماش بكميات كبيرة.
وفي عام 1883 طوَّر جان إرنست ماتزيليجر، الذي يعتبر مخترع الحذاء الحديث، آلة لصنع الأحذية سمحت بصنع نحو 700 زوج من الأحذية يومياً، وهو ما جعلها متاحة للجميع، وبعدها بفترة قصيرة أصبحت أحذية القدم اليمنى واليسرى مختلفة.
تاريخ الأحذية في العصور الحديثة (1918 – حتى الآن)
مع ازدهار ثقافة الأحذية الأمريكية في القرن الـ20 والتي ارتبطت بالرغبة في أن تكون مختلفاً وفريداً وأن تكون جزءاً من ثقافة فرعية معينة، شهدت صناعة الأحذية العالمية تطوُّراً ملحوظاً سواء من خلال نوعيتها أو من خلال أشكالها.
تم تغيير الأحذية الفاخرة وعالية الجودة من خلال الأحذية الملونة العصرية والمتغيرة باستمرار، كما ساهم ممثلو هوليوود بشكل كبير، في تشكيل شعبية هذه الأحذية الجديدة.
قامت فرقة البيتلز بترويج أحذية تشيلسي، كما قامت الممثلة أودري هيبورن بترويج الأحذية ذات الكعب العالي.
وأخيراً فإنَّ تاريخ الأحذية مثير للاهتمام، فقد كشف عن التقسيم الصارم للمجتمع إلى طبقات، وتغيُّر الموضة في عصور مختلفة.
وعكس هذه الأيام، فقد تغيرت الموضة كل 10 أو حتى 100 عام، وليس كل موسم مثلما يحدث الآن.
كما كانت هناك أوقات لم تتمكن فيها النساء من ارتداء الأحذية ذات الكعب العالي، ولم يكن لدى العبيد أي حذاء؛ من أجل تمييزهم عن الآخرين، وكان النبلاء يتنافسون مع بعضهم البعض من حيث مدى فخامة وتطور أحذيتهم.
قد يهمك أيضاً: من أكلة تسبب التسمم إلى رابع أكبر محصول غذائي في العالم.. "البطاطس" لها تاريخ مثير للانتباه!