زيَّن المصريون القدماء مداخل معابدهم وقبور فراعنتهم بنصوص كُتبت بالهيروغليفية منذ أكثر من 5 آلاف عام، وبقيت الكتابة الهيروغليفية مستخدمة في مصر القديمة حتى القرن الرابع الميلادي، لتختفي بعد ذلك مع القضاء على الوثنية في مصر. ولم يتمكن العلماء من حل رموز الهيروغليفية حتى القرن التاسع عشر، فيما لا تزال بعض الرموز لغزاً لم يُحَل إلى الآن.
إليكم 8 حقائق قد لا تعلمونها عن الكتابة الهيروغليفية:
الكتابة الهيروغليفية.. اختراع الآلهة
تدل الهيروغليفية على نظام الكتابة الذي استُعمل في مصر القديمة لتسجيل اللغة المصرية والقيام بعمليات الجمع والطرح والحساب.
وقد اعتقد المؤرخ الإغريقي هيروديت وغيره من المؤرخين اليونانيين أن الكتابة "الهيروغليفية" كانت شيئاً مقدساً في مصر القديمة، وهكذا فإن لفظ "الهيروغليفية" يعني باللغة اليونانية "الكتابة المقدسة"، حسبما ورد في موقع World History Encyclopedia.
وكان يُعتقد أن الكتابة الهيروغليفية من اختراع الآلهة، لذلك أضفي عليها نوع من القدسية. فوفقاً للأساطير المصرية، ابتكر الإله تحوت الكتابة؛ لجعل المصريين أكثر حكمة ولتقوية ذاكرتهم ومنح هذه الهبة لعدد مختار من الكَتَبة المصريين، لذلك كان الكتبة يحظون باحترام كبير؛ لمعرفتهم ومهارتهم في استخدام هدية الآلهة تلك.
تضم 1000 حرف وليست كتابة بالصور
نظراً إلى أن الرموز المستخدمة في الكتابة الهيروغليفية تبدو كأنها صور صغيرة للأشخاص والحيوانات والأشياء، فمن السهل افتراض أن الحروف الهيروغليفية تمثل هذه الأشياء، فالطير يدل على "طير" في الواقع والعين تدل على "العين"، وهكذا.. لكن الأمر ليس كذلك.
ببساطة، كل شكل من هذه الأشكال يدل على صوت من أصوات اللغة المصرية القديمة، وبعض الأشكال قد يدل على مفهوم معين ولا يرتبط بصوت بالضرورة.
وإحدى الحقائق المثيرة للاهتمام حول الكتابة الهيروغليفية، أنها تضم 1000 حرف تم تقليلها في عهد المملكة الوسطى لتصبح 750 حرفاً، مما يجعلها الأغزر بين جميع النظم الأبجدية المعروفة في العالم.
ترتبط الكتابة الهيروغليفية بمقابر النخبة
وفقاً لما ورد في موقع History، فإن الكتابة الهيروغليفية منتشرة بشكل شائع في المقابر الملكية على وجه التحديد، كما أنها منتشرة في معابد الآلهة.
وفي العصور المبكرة كان استخدام الهيروغليفية مقتصراً على هذه الأماكن، لكنها فيما بعد بدأت بالانتشار بشكل أوسع، إلا أنها لم تفقد ارتباطها بنخبة المجتمع.
فقد استخدم أشخاص لم يكونوا من العائلة المالكة الكتابة الهيروغليفية لتزيين مقابرهم وآثارهم الخاصة، لكن هؤلاء الأشخاص كانوا أثرياء بما يكفي لتحمُّل تكاليف خدمات النحاتين الذين يقومون بنقش الهيروغليفية.
لم تكن نظامَ الكتابة الوحيد المستخدم في مصر
نظراً إلى أن الكتابة الهيروغليفية كانت معقدة للغاية، فقد طوَّر المصريون القدماء أنواعاً أخرى من الكتابة كانت أكثر ملاءمة.
فتمَّ اختراع الكتابة الهيراطيقية، التي استُخدمت على نطاق واسع على أوراق البردي إلا أنها نادراً ما استخدمت في المعالم الأثرية. كذلك تم استخدام الكتابة الديموطيقية، وهي شكل آخر من أشكال الكتابة تم تطويره في القرن الثامن قبل الميلاد، للوثائق اليومية، وكذلك للأعمال الأدبية.
نظام كتابة محيّر للغاية
لا تحتوي الكتابة الهيروغليفية على مسافات بين الكلمات ولا توجد فيها علامات ترقيم.
وهذا يعني أن القراء يجب أن يكون لديهم فهم جيد لقواعد اللغة المصرية القديمة، وأن يعرفوا شيئاً عن سياق النص الذي يقومون بقراءته؛ حتى يتمكنوا من التمييز بين الكلمات والجمل والفقرات والفصول.
إضافة إلى ذلك، لا تُقرأ الهيروغليفية بالضرورة بصورة واحدة، إذ يمكن أن تكتب أفقياً من اليسار إلى اليمين أو من اليمين إلى اليسار، كما يمكن كتابتها عمودياً من الأعلى إلى الأسفل.
أبجدية الكهنة التي تلاشت تدريجياً
في المراحل اللاحقة من الحضارة المصرية القديمة، كان الكهنة وحدهم قادرين على قراءة الكتابة الهيروغليفية.
وبعد أن بدأ البطالمة، الذين كانوا من أصل مقدوني، في حكم مصر بالقرن الثالث قبل الميلاد، حلَّت اليونانية محل اللغة المصرية كلغة رسمية للبلاد. وبعد نحو 600 عام، وتحديداً في عام 384 للميلاد، وافق الإمبراطور الروماني المسيحي ثيودوسيوس على مرسوم يحظر ممارسة الديانة الوثنية في مصر، الأمر الذي كان بداية النهاية لاستخدام الهيروغليفية التي لا يجيدها سوى الكهنة.
حجر رشيد وفك رموز الهيروغليفية
في عام 1799، تم اكتشاف "حجر رشيد" من قِبل جنود نابليون الفرنسيين الذين كانوا يقومون بإصلاح حصن في مدينة رشيد.
كان الحجر يحتوي على كتابة بثلاث نصوص: هيروغليفية وديموطيقية ويونانية القديمة.
استنتج العالم البريطاني توماس يونغ، الذي بدأ دراسة الحجر في عام 1814، أن بعض الرموز كانت تهجئات صوتية للأسماء الملكية.
بعد ذلك، وبين عامي 1822 و1824، تمكن اللغوي الفرنسي جان فرانسوا شامبليون من إظهار أن الكتابة الهيروغليفية عبارة عن مزيج من الرموز الصوتية والأيديوجرافية.
وتمكن من فك رموز النص الذي كان رسالة من الكهنة المصريين إلى بطليموس الخامس، وكانت قد كتبت عام 196 قبل الميلاد.
فك رموز الكتابة الهيروغليفية لا يزال تحدياً حتى يومنا هذا
لا يزال اكتشاف معنى النصوص المكتوبة بالهيروغليفية يمثل تحدياً كبيراً للباحثين، ويتطلب قدراً معيناً من التخمين والتفسير الذاتي، حتى إن قراءة الهيروغليفية بصوت عالٍ ليست بالأمر السهل.