"معظم أخطاء الحياة ناتجة عن نسيان ما يحاول المرء فعله حقاً" هذا هو رأي الرجل الذي يملك ثروة تقدر بـ 2.2 مليار دولار أمريكي؛ المستثمر الأمريكي والمحامي ومصمم العقارات السابق تشارلز مونغر، الذي كون ثروة هائلة وضخمة قرر وهو في سن الـ 97 عاماً أن يتبرع بـ 200 مليون دولار منها لبناء سكن جامعي في جامعة كاليفورنيا الأمريكية، وقد كان متبرعاً سخياً فيما يخص تمويل الجامعات والأنشطة العلمية.
حسب قائمة مجلة Forbes الأمريكية، فإن تشارلز مونغر هو واحد من ضمن أثرياء العالم بحلوله في المرتبة الـ 1580، وهو رئيس مجلس إدارة شركة Berkshire Hathaway الأمريكية القابضة، كما يعتبر اليد اليمنى لوارين بافيت، وهو سادس أغنى رجل في العالم. (قد يهمك أيضاً: وارين بافيت الثري الذي يفضل التبرع بـ 100 مليار دولار بدلاً من توريثها)
عمل مونغر في أعمال عدة قبل تكوين ثروته، إذ عمل عالم أرصاد جوية للجيش خلال الحرب العالمية الثانية، وبعد أن حصل على شهادة من كلية الحقوق بجامعة هارفارد عمل محامياً عقارياً، قبل أن يدخل عالم الأعمال ويبدأ استثماراته بنفسه.
تشارلي مونغر لم يكمل تعليمه ورفضته الجامعات في البداية!
بدأ مونغر أعماله من المراهقة وإن كانت متواضعة، إذ عمل في مراهقته Buffett & Son وهو محل بقاله كان يملكه جد وارين بافيت، ثم التحق بجامعة ميشيغان حيث درس الرياضيات، لكن بعد أيام قليلة من عيد ميلاده التاسع عشر ترك الدراسة للخدمة في سلاح الجو بالجيش الأمريكي، حيث أصبح ملازماً ثانياً، ثم بعد حصوله على درجة عالية في اختبار التصنيف العام للجيش، أُمر بدراسة علم الأرصاد الجوية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، وعمل خبيراً للأرصاد الجوية.
عندما تقدم إلى كلية الحقوق بجامعة هارفارد، رفضه عميد القبول في البداية؛ لأن مونغر لم يكمل دراسته الجامعية، لكن العميد السابق لجامعة هارفارد كان صديقاً لعائلة مونغر، وقد توسط له شخصياً حتى تم قبوله، وقد برع مونغر في كلية الحقوق وتخرج بتقدير امتياز، وعمل بعدها محامياً عقارياً.
ثم دخل عالم الاستثمار بقوة!
تعلم مونغر شيئاً مهماً في الكلية والجيش، وهو مهارة "لعب الورق" وتكتيك الانسحاب مبكراً إذا كانت الاحتمالات ضدك، ويبدو أنه في لحظة تشرب فيها قوانين الاستثمار قرر الانسحاب لنيل مكسب آخر، ليتحول من مستشار حول الأسواق إلى لاعب فيها.
دخل مونغر في شراكة مع Otis Booth في التطوير العقاري، ثم دخل في شراكة مع Jack Wheeler لتشكيل شركة، وهي شركة استثمارية لها مقعد في بورصة ساحل المحيط الهادئ، ويبدو أنه نجح في لعب ورقه ببراعة، حتى وصل إلى شركة Wheeler, Munger, and Co التي كانت تعاني من خسائر وصلت لـ 32% بالعام 1976، كما أسس مونغر شركة استثمارية خاصة به، ودخل في مشروعات استثمارية متنوعة استمرت أكثر من 60 عاماً حتى وصلت ثروة مونغر، اعتباراً من يناير/كانون الثاني 2021 لـ 1.9 مليار دولار وفقاً لمجلة Forbes.
سخاء على الجامعات
باعتبار مونغر هو مستفيد رئيسي من جامعة ميشيغان، حيث درس، فإنه لم ينسَ الفضل ليقدم في العام 2007 هدية بقيمة 3 ملايين دولار لكلية الحقوق بجامعة ميشيغان، لتحسين الإضاءة في قاعات ومباني الجامعة، وفي العام 2011 قدم هدية أخرى للجامعة بدفع 20 مليون دولار لتجديد مجمع سكن Lawyers Club، بالإضافة إلى 10 أسهم من أسهم Berkshire Hathaway لجامعة ميشيغان، وقيمة السهم الواحد تصل حالياً لـ 422،214 دولاراً أمريكياً، أيضاً تبرع بالملايين لجامعة ستانفورد حيث درست زوجته الراحلة نانسي بي مونغر.
حتى إنه لاهتمامه بالهندسة المعمارية فقد صمم العديد من المباني، بما في ذلك المساكن في جامعة ستانفورد وجامعة ميشيغان بالإضافة إلى المنزل الذي يسكنه حالياً.
ففي العام 1945 وأثناء دراسته في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا تعرف على زوجته نانسي وتزوجها وأنجبا 3 أطفال، أحدهم توفي بعمر الـ 9 سنوات بعد معاناته من سرطان الدم. لكن الزواج لم يدم طويلاً إذ حدث طلاق، وبعدها بعامين تزوج مونغر مرة ثانية من نانسي باري وأنجبا 4 أبناء آخرين قبل أن تتوفى في العام 2010 بعمر الـ 86 عاماً.
بالمناسبة، يملك مونغر آراءً سياسية يصرح بها، فهو عضو جمهوري فاعل، وأدلى برأيه في عدد من الموضوعات السياسية بما في ذلك سياسات إدارة ترامب، وكذلك له آراء اقتصادية تؤيد كيفية إدارة الصين الشيوعية لاقتصادها، حتى إنه من أشد المعجبين بها (شبكة CNN الأمريكية)، وأيضاً هو من رجال الأعمال المعارضين بشدة للاستثمار في البيتكوين (Yahoo).
وعلى الصعيد الشخصي، فقد عانى مونغر بسبب جراحة فاشلة في العين سببت عمى عينه اليسرى، ثم أزيلت بسبب الألم الشديد واحتمالية أن تصيب عينه الأخرى بالعمى أيضاً.