قد يكون التاريخ مليئاً بقصص نساء اشتهرن بشجاعتهن ومشاركتهن في المعارك والقتال جنباً إلى جنب مع الرجال في الساحات منذ أقدم الأزمنة في بعض الحضارات. لكن في مراحل معينة من التاريخ وفي الجيوش العسكرية لبعض الدول كان من الممنوع على النساء الالتحاق بالجيش أثناء الثورات والحروب، لكن هذا لم يكن ليوقف بعض النساء اللواتي كانت لديهن الرغبة في الدفاع عن وطنهن من اتباع بعض الحيل للانضمام إلى الصفوف الأولى والقتال.
قد تبدو قصة ديبورا للوهلة الأولى قصة عادية لفتاة ريفية من أسرة وقعت في الفقر مما اضطر جميع أفرادها للعمل، لكن للقصة بقية لم يتوقعها أحد. من مزارعة وحائكة إلى مقاتلة في الجيش ومحاضرة عسكرية، تعرف على قصة ديبورا سامبسون التي تنكرت بزي رجل وانضمت لجيش جورج واشنطن للدفاع عن بلادها.
طفولة وشباب ديبورا سامبسون؛ خادمة ومدرسة وحائكة
وُلدت سامبسون في 17 ديسمبر/كانون الأول 1760 في بليمبتون، ماساتشوستس أمريكا، وكانت واحدة من سبعة أطفال لجوناثان سامبسون جونيور وديبوراه (برادفورد) سامبسون. رغم انحدارها من أصول عريقة، كافحت عائلة سامبسون مالياً، وبعد فشل جوناثان في العودة من رحلة بحرية، أُجبرت زوجته الفقيرة على وضع أطفالها في منازل مختلفة. بعد خمس سنوات، في سن العاشرة، تم إلزام ديبورا الشابة بالعمل كخادمة في إحدى المزارع مع عائلة كبيرة. في سن 18، عملت سامبسون، التي كانت متعلمة ذاتياً، كمدرسة خلال الدورات الصيفية في 1779 و 1780 وحائكة في الشتاء.
انضمام سامبسون للجيش
في شهر يناير/كانون الثاني عام 1782، مع اندلاع الحرب الثورية، تنكرت سامبسون بزي رجل يدعى روبرت شورتليف قامت بحياكته بنفسها وانضمت إلى فوج ماساتشوستس الرابع. في ويست بوينت، نيويورك، تم تعيينها في سرية المشاة الخفيفة.
تم تكليف سامبسون بالمهمة الخطيرة المتمثلة في استكشاف الأراضي المحايدة لتقييم الحشد البريطاني للرجال والعتاد في مانهاتن، والتي فكر الجنرال جورج واشنطن في مهاجمتها.
في يونيو/حزيران من عام 1782، قادت سامبسون ورقيبان حوالي 30 من جنود المشاة في رحلة استكشافية انتهت بمواجهة مع حزب المحافظين. كما قادت غارة على منزل من حزب المحافظين أسفرت عن القبض على 15 رجلاً. عند حصار يوركتاون، قامت بحفر الخنادق، وساعدت في اقتحام معقل بريطاني، وتحملت نيران المدافع.
نجحت في إخفاء حقيقتها لعام ونصف
لما يقارب عاماً ونصف العام، نجحت سامبسون في إخفاء جنسها الحقيقي إلى أن أصيبت بجرح في جبينها من سيف وأصيبت في فخذها اليسرى، مما أجبرها على انتزاع كرة المسدس التي وضعتها بين رجليها لتفادي الشك بها وتمويه جنسها. تم اكتشافها في النهاية -بعد عام ونصف من خدمتها- في فيلادلفيا، عندما مرضت أثناء تفشي وباء تم نقلها على إثره إلى المستشفى وفقدت الوعي.
إحدى الروايات تقول إنها طلبت من الطبيب ألا يفشي سرها حتى تعود إلى المعركة وتكمل مهمتها وإنه وافق على ذلك شريطة إعلان الحقيقة بعد عودتها من المعركة.
تسريح مشرف ومعاش عسكري
بعد اكتشاف حقيقتها، تلقت سامبسون تسريحاً مشرفاً في 23 أكتوبر/تشرين الأول 1783، وعادت إلى ماساتشوستس. في 7 أبريل/نيسان 1785 تزوجت من بنيامين جانيت وأنجبا ثلاثة أطفال. كتب هيرمان مان قصة حياتها عام 1797 بعنوان The Female Review: or، Memoirs of a American Young Lady.
كانت سامبسون أول امرأة حصلت على معاش عسكري من ولاية ماساتشوستس. ووفقاً للموسوعة البريطانية للمعارف، نُشر تقرير عن تجربتها الحربية بعنوان The Female Review، في عام 1797.
في عام 1802 بدأت في إلقاء محاضرات حول تجربتها مرتدية الزي العسكري وكانت تختم حديثها أحياناً بالحديث عن أداء دليل استخدام الأسلحة. وكانت بذلك أول امرأة تلقي محاضرات بشكل احترافي في الولايات المتحدة.
معاش عسكري لورثتها
بعد أربع سنوات من وفاة سامبسون عن عمر يناهز 66 عاماً، قدم زوجها التماساً إلى الكونغرس للحصول على معاش عسكري كزوج لجندي. على الرغم من أن الزوجين لم يكونا متزوجين في وقت خدمتها، فقد خلصت اللجنة في عام 1837 إلى أن تاريخ الثورة "لم يقدم أي مثال آخر مماثل للبطولة النسائية والإخلاص والشجاعة". حصل زوجها على المال، رغم أنه توفي قبل استلامه. لذلك، في عام 1838 أقر الكونغرس قانوناً ينص على معاش عسكري كامل لورثتها، وفقاً لموقع The New York Times.
في الآونة الأخيرة في عام 2016، امتدحت ميريل ستريب سامبسون كنموذج لـ"العزيمة والفضيلة" في المؤتمر الوطني الديمقراطي. وأشارت إلى السيدة سامبسون على أنها "أول امرأة تتلقى رصاصة لأجل بلدها".