فلسطينيو إسرائيل أو عرب إسرائيل أو عرب 48، تنوعت المصطلحات والتسميات التي تصف الفلسطينيين الذين بقوا في قراهم وبلداتهم بعد احتلال إسرائيل للدولة الفلسطينية وإنشاء إسرائيل بالحدود التي نعرفها اليوم. فكيف يتوزعون وأين يعيشون؟
منذ عام 1984، يخوض فلسطينيو الداخل معاركهم الخاصة بعدما أصبحت الدولة الجديدة "إسرائيل" أمراً واقعاً ذات قوانين تعاقب من يتحداها.
رفض هؤلاء التهجير واختاروا البقاء في أراضيهم والتعامل يومياً مع الكيان الجديد.
تحولوا مع مرور الزمن إلى أقلية قومية، ووفقاً لدائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، قُدّر عدد السكان العرب في عام 2020، بـ1.930 مليون عربي، أي ما نسبته 21% من سكان إسرائيل البالغ عددهم 9.190 مليون نسمة.
هذه الإحصائية تضم الفلسطينيين بالقدس والسوريين في هضبة الجولان.
وحسب المعطيات أيضاً، فإن عدد السكان في إسرائيل لدى قيامها بعد النكبة عام 1948، بلغ 806 آلاف، بينهم قرابة 150 ألف فلسطيني بقوا في البلاد بعد تهجير قرابة 800 ألف فلسطيني.
وقالت الدائرة إنه منذ ذلك الوقت هاجر 3.3 مليون شخص إلى إسرائيل، 44% منهم هاجروا منذ العام 1990 إثر انهيار الاتحاد السوفييتي، بينما وصفت الإحصائية 78% من اليهود بـ"الصابرة"، أي الذين وُلدوا في إسرائيل.
وبغض النظر عن الأرقام، فإن الأمر المؤكد هو ما يعيشه هؤلاء كل يوم، بين انتمائهم السياسي والثقافي والديني لجذورهم، والواقع الإسرائيلي الذي يتعاملون معه كل يوم.
تضييق خناق ممنهج على عرب 48
وعلى مدى عقود، مارست السلطات الإسرائيلية مخططات ممنهجة، هدفها تضييق الخناق واستهداف وجود فلسطينيي الداخل وهويتهم.
ولعل إحدى أهم الممارسات هي محاولة التهويد من خلال المناهج المدرسية، إذ يدرسون اللغة العبرية لغة أساسية من ضمن المنهج ويتحدثونها بطلاقة.
قاد وقتها عرب الداخل معارك طويلة كي تعترف إسرائيل باللغة العربية لغة رسمية ثانية، وهي الآن "ذات مكانة خاصة" ولكنها ليست لغة رسمية، إذ تنشر الوزارات الحكومية جميع المواد المعدة للجمهور باللغة العبرية، مع ترجمة مواد مختارة إلى اللغة العربية والإنجليزية والروسية ولغات أخرى.
وبحسب ما نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش، وبعد عقود من مصادرة الأراضي والسياسات التخطيطية التمييزية، يعيش اليوم العديد من المواطنين الفلسطينيين محبوسين في بلدات وقرى مكتظة لديها مجال ضئيل للتوسع.
من ناحية أخرى، تدعم الحكومة الإسرائيلية بشكل دائم، نمو وتوسع البلدات المجاورة ذات الأغلبية اليهودية، والتي شُيِّدَ كثير منها على أنقاض قرى فلسطينية دُمّرت عام 1948. كما توجد في العديد من البلدات اليهودية الصغيرة "لجان قبول" تمنع الفلسطينيين من العيش فيها.
مشاركة سياسية
يشارك فلسطينيو الداخل في الحياة السياسية عبر أحزاب تترشح للكنيست، ودشنوا لجنة المتابعة العليا لشؤون فلسطينيي 48، التي يقودها اليوم عضو الكنيست السابق والقيادي في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة محمد بركة، وهي تعد أكثر الأطر السياسية الفاعلة في بحث وطرح قضاياهم، بجوار القائمة المشتركة.
والقائمة المشتركة هي قائمة تشمل جميع الأحزاب الوطنية برئاسة أيمن عودة، عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة.
ومن المحاولات الأخرى لتهجيرهم، ما عرضه الوزير الإسرائيلي اليميني أفيغدور ليبرمان سابقاً، إذ عرض مبالغ مالية طائلة لقاء تنازلهم عن الهوية الإسرائيلية ومغادرة مساكنهم وأراضيهم والهجرة إلى دولة أجنبية، وهو ما قوبل بالرفض التام، وما تمسُّكهم بالهوية الإسرائيلية إلا تمسُّك بالأرض والجذور.
مُنح العرب الذين يعيشون بالقدس الشرقية والموحدون الدروز في مرتفعات الجولان، التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967 والتي ضُمت إليها في وقت لاحق، الجنسية الإسرائيلية، لكن معظمهم رفضوها، ولم يرغبوا في الاعتراف بمطالبة إسرائيل بالسيادة، فأصبحوا مقيمين دائمين بدلاً من ذلك، ولكن لديهم الحق في التقدم للجنسية الإسرائيلية.
يقيم العرب بإسرائيل في 5 مناطق رئيسية هي: الجليل والمثلث والجولان والقدس وشمالي النقب.
وحسب قانون المواطنة الإسرائيلي، حاز المواطنةَ كلُّ من أقام داخل الخط الأخضر في 14 يوليو/تموز 1952، ما أغلق الباب أمام اللاجئين الفلسطينيين الذين لم يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم حتى هذا التاريخ، حيث يمنعهم من الدخول إلى دولة إسرائيل كمواطنين أو سكان محليين.
كما رفضت إسرائيل منح حق لمّ الشمل لكل من هو أو هي من فلسطينيي 48 وتزوج أو تزوجت بفلسطيني أو عربي، ما أبقى مئات العائلات مشتتة ما بين الضفة وإسرائيل.
الديانة
ويشكل المسلمون في إسرائيل نحو 72% من السكان العرب، وفي حال تم ضم البدو فترتفع النسبة إلى 82، ويعيش نحو 50% من السكان العرب في 114 مدينة وبلدة وقرية مختلفة بجميع أنحاء إسرائيل.
وفي المجمل، هناك 122 بلدة عربية بإسرائيل، منها 89 يزيد عدد سكانها على ألفي نسمة.
وفي عام 2017، كانت مدينة الناصرة أكبر مدينة عربية، وبلغ عدد سكانها 76.551 نسمة، منهم نحو 40.000 مسلمون والبقية من المسيحيين، علماً أنها تضم أكبر تجمُّع للمسيحيين.
أما الدروز فيتمركزون في كل من بلدة دالية الكرمل ويركا والمغار وعسفيا.
وأخيراً القدس التي شهدت أحداثاً دامية في مايو/أيار 2021، بسبب تهجير مزيد من ساكنيها العرب قسراً وأخيراً حي الشيخ جراح، فتضم أكبر عدد من العرب بنسبة 19%، ما زالوا متمسكين بمنازلهم وأرضهم، في ظل اشتداد المضايقات من السلطات الإسرائيلية والمستوطنين.