الأمير الذي قتله حصانه بعد موته! قصّة الأمير أوليغ المتنبئ من مسلسل Vikings

بعيداً عن المسلسل الذي أخذ الجانب الدرامي البحت، تعرّف هنا على القصة الاستثنائية للأمير أوليغ المتنبئ، وقصة وفاته الغريبة.

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/02 الساعة 13:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/02 الساعة 13:21 بتوقيت غرينتش
أوليغ المتنبئ من مسلسل Vikings / Netflix

لم تكن شخصية إيفار الكسيح في مسلسل Vikings – الذي أنتجته قناة History وتبثّه شبكة نتفلكس الآن – هي الشخصية الوحيدة المثيرة. فهناك شخصية أوليغ المتنبئ الذي ظهر في الموسم السادس من المسلسل، في أراضي كييف الروسيّة.

يمزج مسلسل Vikings العديد من الروايات والأساطير التاريخية مع الخطّ الدرامي، فأحياناً يخرج عن الخط التاريخي البحت ليطوّر الخطّ الدرامي ويغيّر في الشخصيات التاريخية بما يتوافق مع الدراما. ولهذا كتبنا لكم سابقاً عن القصص الحقيقية لبطل المسلسل الأول راغنار لوثبروك (هنا) وعن زوجته المحاربة الأسطورية لاغارثا (هنا) وكذلك عن ابنيه الشهيرين بيورن آيرونسايد (هنا) وعن إيفار الكسيح (هنا).

وفي هذا الموضوع نتناول بالتفصيل قصّة الأمير الروسي/الفايكنغ أوليغ المتنبِّئ، الذي ظهر في المسلسل عدواً لإيفار الكسيح وقُتل بشكلٍ غريب. لكنّ وفاته الحقيقيّة كانت أغرب كثيراً من مقتله في المسلسل.

مشهد يظهر فيه أوليغ المتنبئ مع إيفار الكسيح

على العكس من المسلسل.. لم يستضِف أوليغ المتنبئ إيفار المسيح

يُظهر المسلسل أنّ إيفار الكسيح قد هرب من موطنه في النرويج بعدما هزمه أخوه بيورن آيرونسايد، ومن خلال طريق الحرير وصل إلى كييف، حيث يحكم الأمير أوليغ المتنبِّئ بيدٍ من حديد. أظهر المسلسل أوليغ المتنبئ باعتباره شخصاً عنيفاً لا يعرف الرحمة. تلاعب بأخويه وكذلك بالطفل الصغير إيغور (الحاكم الشرعي)، وكان عنيفاً معه. في النهاية يتحالف الطفل إيغور مع الضيف إيفار ليستطيعا في النهاية الإطاحة به ليحكم الأمير الصغير إيغور بسلام.

بينما لا تذكر الحوليّات التاريخية مرور إيفار الكسيح على كييف بالمرة، كما أنّ الصورة التي رسمها المسلسل عن أوليغ لم تكن صحيحة. فقد كان أوليغ حاكماً لا يُقهر بالفعل، ولكنّه كان محنكاً، وتعتبره الكثير من الأساطير الروسية أحد مؤسسي روسيا العِظام.

هل كان أوليغ مسيطراً على الحكم وقاسياً على الطفل إيغور؟

لا يبدو أنّ ما جاء في المسلسل حول علاقة إيفار بالطفل إيغور صحيحة. في المسلسل يستغلّ إيفار الفراغ العاطفي لدى الطفل والحاكم الرسمي ليتقرّب إليه على حساب أوليغ ليتخلّص من أوليغ، لأنّ الأمير أوليغ المتنبِّئ لم يحترمه.

لكنّ الحقيقة أنّ أوليغ كان وصياً على العرش، ويبدو من المدونات التاريخية أنّه حكم بالعدل إلى حد كبير ورفع مستوى معيشة مواطنيه، إضافةً إلى كونه لم يغتصب الحكم من الطفل الصغير إيغور.

أوليغ المتنبئ
لوحة تظهر أوليغ المتنبئ / Vikipedi

كان أوليغ أخو زوجة الملك روريك المؤسس الحقيقي لدولة الروس الفايكنغ، وعندما توفِّي الملك كان ابنه إيغور مولوداً في السنة الأولى من عمره. وهكذا تسلم أوليغ المتنبئ الوصاية على العرش. وعلى عكس ما أظهر المسلسل، فقد حفظ أوليغ المُلك للطفل إيغور من القادة الآخرين الذين طمعوا في الإطاحة به.

وقد تسلم إيغور الحكم تماماً عندما توفي أوليغ عام 912، وقد حكم من بعده حتّى عام 945.

قصّة غزو القسطنطينية، ولماذا لُقِّب أوليغ بـ"المتنبِّئ"

أصبح أوليغ وصياً على عرش الملك الرسمي الأمير إيغور عام 882. كانت السلالة تحكم من مدينة نوفغورود في الشمال، ومنها انطلق الأمير أوليغ المتنبئ ليسيطر على كييف، عاصمة دولة أوكرانيا الحالية، ويحكم من خلالها. وتعتبر مدينة كييف هي المدينة الأمّ للروس.

نعم كان أوليغ قائد الروس الفايكنغ الذين نزحوا من النرويج كما ظهر في المسلسل، لكنّهم استطاعوا تأسيس إمبراطورية واسعة لم يستطع الفايكنع الأصليون أن يؤسسوا مثلها.

ومن كييف، انطلق أوليغ المتنبئ إلى ما هو أبعد، إلى زهرة العالم في ذلك الوقت: القسطنطينية! ومن هناك حاز لقب المتنبِّئ.

كانت القسطنطينية (إسطنبول حالياً) في ذلك الوقت مركز العواصم الأوروبية وفي أحسن حالاتها ازدهاراً، كما أنّها النقطة الواصلة في التجارة بين آسيا وأوروبا. ومن هنا جاءت فكرة أوليغ المتنبِّئ من حصار القسطنطينية والاستيلاء عليها.

أبحر أوليغ إلى إسطنبول على متن 200 سفينة، في كل سفينة منها 40 فارساً، ما يعني أنّ إجمالي جيشه تقريباً 8 آلاف مقاتل. حاصر جيش أوليغ القسطنطينية، وكان إمبراطور البيزنطيين في ذلك الوقت هو ليو السادس الملقّب بـ"الحكيم".

حاصر أوليغ القسطنطينية، لكنّ المدينة المُحصّنة استعصت عليه بسبب السلسلة الحديدية الشهيرة التي كانت تمنع السفن من العبور إلى المدينة، وهنا تذكر الأساطير الروسية أنّ أوليغ أمر جيشه بصناعة آلات تحمل السفن ليعبر بها من خلال اليابسة، ثم ينزلها في البحر بعدما يتخطّى السلسلة من خلال اليابسة.

هذه الخطّة هي التي اعتمدها السلطان محمد الفاتح بعد أوليغ  بستة قرون ليفتح القسطنطينية. لكن ليس هناك تأكيد تاريخي على أنّ أوليغ فعل ذلك، خصوصاً أنّه لم ينجح في الاستيلاء على القسطنطينية من الأساس.

لكن تحفظ لنا مدونات التاريخ الروسي أنّ أوليغ استطاع فرض شروطه على القسطنطينية ليأخذ منهم اتفاقية تجارية هي أول اتفاقية تجارية لشعوب الروس مع الإمبراطورية البيزنطية.

 أوليغ المتنبئ
لوحة تظهر أوليغ المتنبئ أثناء حرب / IStock

لكنّ قصة غزو القسطنطينية هي نفسها القصة التي خلقت له أسطورة "المتنبّئ". فبعدما أرسل إمبراطور البيزنطيين رسله إلى الأمير أوليغ للصلح، قرّر الإمبراطور دعوته لوليمة كبيرة هو وقادته. قبل الوليمة رفض الأمير أوليغ أن يأكل منها، وأمر قادته بعدم تناول شيء من الطعام، وحين سألوه أخبرهم أنّ الطعام مسموم.

وقد صدقت نبوءته بالفعل، فقد كان الطعام مسموماً، ومن هنا أصبح اسمه "أوليغ المتنبئ".

لكن مهلاً، فالحوليات التاريخية البيزنطية عن تلك الفترة لا تذكر أي اتفاق تجاري بين القسطنطينية والروس الفايكنغ، وهذا ما يفتح الباب للتشكّ في الرواية الروسية عن الأمر. وربما كان الأمير أوليغ يحلم بالهجوم على القسطنطينية بالفعل، ولكن ربما لم يحقق حلمه.

وعلى كلّ حال، هناك اختلاف تاريخي حول هذا الأمير: هل حاصر القسطنطينية أم لا، لكنّ المدونات التاريخية تتفق على أنّه كان أميراً عظيماً، ذا مكرٍ ودهاء.

الأمير الذي قتله حصانه بعد موته.. قصة وفاة أوليغ المتنبئ العجيبة!

المثير حقاً بشأن الأمير أوليغ المتنبئ قصة وفاته، فكما كانت قصّة حياته/أسطورته لها علاقة بأسطورة كونه "متنبئاً" فكذلك كانت قصة وفاته لها علاقة بنبوءة أيضاً.

على عكس ما ظهر في مسلسل Vikings بأنّ إيفار الكسيح تحالف مع الطفل إيغور والأمير دير للإطاحة بأوليغ، توفي الأمير أوليغ المتنبئ في الحقيقة بطريقة أغرب. فقد تنبّأ له العرافون أنّه سيموت بسبب حصانه.

كان أوليغ يحبّ حصانه بشدّة، فقد كان رفيقه في الكثير من المعارك الحاسمة. لم يُعِر أوليغ اهتماماً للنبوءة، وظلّ يركب فرسه. بعد سنوات توفي الفرس، وظلّ أوليغ حيّاً بعده لأربع سنوات تقريباً.

وبعد أربع سنوات، تذكّر أوليغ صديقه القديم، فسأل العرّافين هل يجب عليّ أن أخاف منه حتى وهو ميّت؟ فقالوا نعم. لكنّه لم يصدقهم وذهب لمكان مدفن فرسه. عندما وصل، خرجت أفعى كانت تعيش في جمجمة الحصان ولدغته، وهكذا انتهت حياة أوليغ المتنبّئ.

ليس على ظهر فرسه في إحدى معاركه الكبرى، وليس في حصار القسطنطينية، ولكن من أفعى كانت تعيش في جمجمة فرسه بعد وفاته بأربع سنوات.

توفي أوليغ المتنبئ عام 912، وتسلم الحاكم الشرعي الأمير إيغور الحكم وهو في عمر الثلاثين، ليحكم بعدها طيلة 33 عاماً، عندما سيقتل في إحدى معاركه السياسية مع إحدى القبائل الكبيرة عام 945.

تحميل المزيد