كان عمره أقل من 10 سنوات عندما كتب أول رواية خيالية له بتشجيع من معلمته، طبعتها على ورق فشعر بسعادةٍ حينما رأى اسمه مكتوباً على الورق، لتنطلق بذور الإبداع في رحلة أدبية اختتمت فصولها في 9 ديسمبر/كانون الأول 2020 بوفاة فارس روايات الخيال العلمي والاستخبارات الدكتور نبيل فاروق.
وُلد نبيل فاروق في 9 فبراير/شباط من العام 1956، بمدينة طنطا بمصر في أسرة من الطبقة المتوسطة.
التحق بكلية الطب في طنطا وتخرج بدرجة بكالوريوس في الطب والجراحة عام 1980، علماً أنه كان رافضاً لدراسة الطب وميّالاً لدراسة الفنون الجميلة؛ لموهبته الطاغية في الرسم، لكن مجموعه العالي في شهادته الثانوية مكّنه من دراسة الطب، وهو ما أصر عليه والداه.
وقال في لقاء إعلامي، إنه كان يكتب روايات أدبية أثناء دراسته الطب دون عرضها على أحد، وإنه كان يشارك في النشاطات الفنية والرسومات والمعارض التي كانت تُقام في الحرم الجامعي بصورة مستمرة.
قبل تخرجه في كلية الطب بعام واحد، حصل على جائزة من قصر ثقافة طنطا عن قصة "النبوءة"، وذلك في عام 1979م، والتي أصبحت فيما بعدُ القصة الأولى في سلسلة كوكتيل 2000.
بدايات نبيل فاروق
بداية التحول الجذري في مسيرة نبيل فاروق الأدبية كانت في عام 1984، عندما اشترك بمسابقة لدى المؤسسة العربية الحديثة في مصر، وفاز بجائزتها عن قصته "أشعة الموت" التي نشرت في العام التالي كأول عدد من سلسلة ملف المستقبل.
في تلك الفترة أيضاً، كانت علاقة نبيل فاروق بإدارة المخابرات المصرية قد توطدت بشكل ما، ممّا سمح له بمقابلة ضابط مخابرات مصري، استوحى واقتبس منه شخصية أدهم صبري في سلسلة رجل المستحيل.
وتعد سلسلة قصص "رجل المستحيل" من أنجح الأعمال الأدبية التي عكف على تأليفها على مدى 25 عاماً، ليأسر معها مخيلة الشباب المراهقين في 160 عدداً.
تروي القصص مغامرات ضابط مخابرات مصري يدعى أدهم صبري، الذي يجيد كل فنون القتال، ويستخدم عدة أنواع من الأسلحة والمراكب والغواصات والطائرات، ويجيد التحدث بعدد من اللغات وبلهجات مختلفة، ويمتلك عدداً آخر من المهارات كالقدرة الفائقة على تقليد نبرات الأشخاص الذين يقابلهم، والتنكر وتقمُّص شخصية من أمامه، كما تلقى وسامته إعجاب كثير من الشخصيات.
وبطبيعة الحال، يواجه أدهم صبري مؤامرات الاستخبارات الأجنبية والأخطار التي تهدد بلده مصر، مصحوباً بفريق عمل من أبرز أعضائه قدري ومنى توفيق.
وكشف فاروق لاحقاً عن بعض الملامح الشخصية الحقيقية التي استوحى منها روايات رجل المستحيل، وهو رجلٌ اسمه الحقيقي يبدأ بحرفي الألف والصاد وأنه من مواليد عام 1952، وأن والده كان من الضباط الأحرار، فضلاً عن تعليمه الذي مكَّنه من التمرس في اللغات الأجنبية، إضافة إلى الرياضات القتالية، ليلتحق لاحقاً بصفوف المخابرات المصرية.
من أعماله الأخرى زهور وفارس الأندلس وروايات عالمية للجيب وغيرها الكثير.
وقال فاروق إن سبب استمرار سلسلاته الأدبية على فترة زمنية طويلة، هو تقديم ما هو غير متوقع من أحداث لصدم القارئ، ما يُبقيه متشوقاً للمتابعة.
كان حريصاً على تقديم شخصيات مميزة لدى الأبطال والأشرار على حد سواء، لشد اهتمام القارئ، وذلك لإعطاء حيوية وليونة تتيح له التحرك معها وتقديمها بطريقة أخاذة مع كل عدد.
خيال تحوَّل إلى حقيقة
ولعل أكثر اللحظات مفارقة في حياة الدكتور نبيل فاروق هو الخيال الذي تحوَّل إلى حقيقة، بعدما كتب في إحدى رواياته متنبئاً بظهور فيروس، فيما يشبه أزمة فيروس كورونا التي عصفت بالكرة الأرضية منذ بدايات عام 2020.
وقال في لقاء متلفز، إن التنبؤ العلمي ليس خيالاً أو شعوذة، إذ يتم بناء التوقعات العلمية بناء على معطيات حالية وسابقة.
وأضاف: "في مجال الفيروسات يدرك العلماء جيداً قدرتها على التحول، لذلك فإن متابعة ما يدور في الفلك العلمي يمكّن كاتب الخيال العلمي من تقديم حكاية قابلة للتصديق أو التحقق".
أعطى مثالاً عن موضوع الاستنساخ الذي قدمه في ثمانينيات القرن الماضي، أي قبل حدوثه، لكن التجارب العلمية عليه كانت قد بدأت منذ أيام حكم هتلر، على حد تعبير الراحل.
وكانت النعجة دولي أولى ثمار تكنولوجيا الاستنتاخ التي أبصرت النور في عام 1996 لتصدم العالم، ويصدم فاروق جمهوره من القراء.
وعن أزمة فيروس كورونا توقع أن يتوقف الفيروس إما من خلال مناعة القطيع، وإما أن تظهر لقاحات تنهي وجوده.
أعمال درامية
لعل أشهر أعماله الدرامية هو مسلسل "العميل 1001" من بطولة مصطفى شعبان.
اقتبس فاروق سيناريو المسلسل عن قصة حقيقية لإحدى الملاحم البطولية للمخابرات العامة المصرية بزرعها لشاب مصري اسمه عمرو طلبة وسط المجتمع الإسرائيلي مثل رفعت الجمال الجاسوس الشهير، ولكنه تم تجنيده داخل الجيش الإسرائيلي.
حياته الشخصية
تزوج عام 1985 بالسيدة ميرفت راغب، وأنجب منها شريف وريهام ونورهان.
جوائز ومساهمات
حاز جائزة إبداع أكتوبر في عام 1998 عن قصة "جاسوس سيناء أصغر جاسوس في العالم".
كما حاز جائزة الدولة التشجيعية في الآداب بفرع أدب الخيال العلمي في عام 2007.
وكان فاروق يكتب صفحتين بشكل شهرى بمجلة الشباب القومية مجلة "الأسرة العصرية" ومجلة (الشباب) وملحق (صبيان وبنات) الذي يصدر مع صحيفة "أخبار اليوم"، ومجلة باسم.
سبب الوفاة
في 9 ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلنت ابنته ريهام وفاة فاروق إثر أزمة قلبية، ليصدم خبر وفاته المفاجئ القراء في سائر الدول العربية.