منهم من قتل أعداداً كبيرة من الناس وهو لا يزال مراهقاً، ومنهم من كان يرى نفسه "روبن هود" حديثاً، ومنهم من لم يهتم إلا بالمال فكان يقتحم البنوك في وضح النهار ويسرق الخيول والقطارات في الليل.
الغرب البعيد
لغرب البعيد أو كما يسمى أيضاً بالتخوم الأمريكي هو مصطلح يشير إلى الحقبة التي بدأت فيها موجة التقدم للتوسع الأمريكي عند إنشاء المستوطنات الاستعمارية الإنجليزية بداية القرن الــ17 والتي انتهت في العام 1912 عند إعلان إنشاء الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد تم تعريف المصطلح من قبل المؤرخين هاين وفاراجر بأنه "حقبة تروي قصة الخلق والدفاع عن المجتمعات، واستخدام الأراضي، وتطوير الأسواق، وتكوين الولايات كما أنها حكاية عن فتح، لكنها أيضاً عن البقاء والثبات واندماج الشعوب والثقافات التي أعطت ولادة واستمرار الحياة لأمريكا من خلال المعاهدات مع الأمم الأجنبية والقبائل الأصلية، والتسويات السياسية، والغزو العسكري، وإقامة القانون والنظام، وبناء المزارع ومربي المواشي والمدن، وتعليم المسالك، وحفر المناجم، وجذب هجرات كبيرة من قِبل الأجانب".
ومع دخول مصطلح الغرب البعيد أو التخوم الأمريكي إلى التاريخ، فقد ترسخت الكثير من أساطير تلك الحقبة في مخيلة الأمريكيين وقد قال عنها المؤرخ ديفيد مردوك: "لم تتخذ أية أُمّة أخرى زماناً ومكاناً من ماضيها وأنتجت خيالاً يساوي خلق أمريكا للغرب البعيد".
ومن أهم الشخصيات التي أنتجها الغرب البعيد في مخيلة الناس هو شخصية راعي البقر الذي صُور في الكثير من الأفلام والمسلسلات الأمريكية.
ففضلاً عن أنّ بعض المجرمين كانوا خطرين لدرجة كبيرة فقد نالوا من الشهرة والشعبية بين الناس ما لا يمكن أن يتخيله عقل، ربما بسبب الشعبية التي نالها "رعاة البقر" أو الـ Cowboys.
من "روبن هود" الحديث إلى "أنثى روبن هود"، إليكم قائمة بأكثر الخارجين عن القانون شهرةً في القرن الـ19، والذين لا تزال شخصياتهم تحظى بشعبية كبيرة في دول الغرب على الرغم من تاريخهم المليء بالجرائم الشنيعة، وفقاً لما ذكره موقع History الأمريكي.
جيسي جيمس
وُلد جيسي جيمس في مقاطعة كلاي بولاية ميزوري الأمريكية عام 1847، ونشأ كجزء من أسرة تدعم انفصال الولايات وتشكيل الكونفيدرالية إضافة إلى تأييدها تملك العبيد.
عندما كان مراهقاً وتحديداً في عام 1864 انضم جيمس وشقيقه فرانك إلى العصابات المسؤولة عن قتل العشرات من جنود الاتحاد (الداعين لوحدة أمريكا وتحرير العبيد).
بالنسبة لبعض المؤرخين، شارك جيمس في الحرب الأهلية لسنوات، فترجم غضبه من هزيمة القضية الانفصالية إلى احتراف سرقة البنوك والقطارات والعربات.
روبن هود
تعود شخصيّة روبن هود الذي لطالما أحببناه في صغرنا إلى شخصية إنجليزية يعتقد بأنها كانت حقيقية قبل أكثر من 500 عام.
الفارس الشجاع روبن برز بشكل كبير في الفلكلور الإنجليزي ومنه أصبح شخصية مشهورة في غالبية دول العالم بعد إنتاج الكثير من الأفلام ومسلسلات الأطفال عن قصته.
وتمثل الشخصية لفارس شجاع مهذب، لكنه طائش وخارج عن القانون كان يعيش في القرون الوسطى ويتمتع ببراعة هائلة في رمي السهام، وكان يعمل هذا الفارس على سرقة الأغنياء من أجل إطعام الفقراء، إذ كان المجتمع الإنجليزي في تلك الفترة ينقسم إلى جزأين فقط هما قلة قليلة من الأثرياء وفئة كبيرة من الفقراء.
وكان لدى روبن هود عصابة مكونة من 140 شخصاً تدعى
"Merry Men" أي "الرجال الفرحون" وكانوا يعيشون في غابات شيروود قرب مدينة نوتنغهام.
ورغم جميع المسلسلات والأفلام التي أنتجت حول حياته إلا أنه إلى الآن لا يعرف ما إذا كان روبن هود هو فعلاً شخصية حقيقية، كما أنّ هناك العديد من الروايات التي تتحدث عنه:
الرواية الأولى: شخص يحاول القضاء على حاكم نوتنغهام الذي كان يستولي على أراضي الفقراء ويضطهدهم.
الرواية الثانية: خصم شرس لملك إنجلترا جون الظالم على عكس أخيه ريتشارد.
الرواية الثالثة: روبن هود كان حاكماً لمنطقة لوكسلي قام رجال الكنيسة بمصادرة أملاكه وأراضيه فرد عليهم بسرقتها وإعادتها له.
الرواية الرابعة: روبن هود محارب في الحملة الصليبية الثالثة اكتشف بعد عودته من الحرب أنّ أراضيه قد سُلبت من قبل حاكم نوتنغهام.
الرواية الخامسة: روبن هود بطل شعبي كان يهدف لمحاربة الفساد والقمع.
الرواية السادسة: لم يكن روبن هود سوى مجرد شخص متغطرس ومتهور يقود مجموعة من المتمردين لقتل الناس وسرقتهم.
وفقاً لجمعية ولاية ميزوري التاريخية، كانت عصابة جيمس يونغ تعمل على نطاق واسع من ولاية أيوا إلى تكساس إلى فيرجينيا الغربية.
ويعتقد أن عصابته ارتكبت بين عامي 1860 و1882 أكثر من 20 عملية سطو على البنوك والقطارات، مع سرقة ما مجموعه 200 ألف دولار.
ورغم أنّ هذه العصابة كانت تركز عادة على سرقة خزائن القطارات أكثر من الركاب الفرديين، فإنها قتلت بلا رحمة عدداً كبيراً من الأشخاص الذين اعترضوا طريقها.
وعندما بدأت الصحف تذكر جيمس وما يقوم به، نما حبه لهذا الاهتمام.
وقال المؤرخ الأمريكي بيل ماركلي في كتابه "الخارجون عن القانون في الغرب الأسطوري"، إنّ جيسي "كان جريئاً لدرجة كبيرة فقد كان يخطط ويسرق البنوك في وضح النهار ويتمكن من إيقاف أقوى الآلات في ذلك الوقت وهي القطارات من أجل سرقتها".
نمت أسطورة جيمس بمساعدة محرر إحدى الصحف يدعى جون نيومان إدواردز والذي كان من المتعاطفين مع الكونفيدراليين عندما نشر له نص رسالة قال فيها: "نحن لسنا لصوصاً، نحن لصوص جريئون، أنا فخور بهذا الاسم، لأن الإسكندر الأكبر كان لصاً جريئاً، ويوليوس قيصر، ونابليون بونابرت".
لكن بينما كان يسرق من الأغنياء، لا يوجد دليل قدمه جيمس للفقراء.
في عام 1881، أصدر حاكم ولاية ميسوري مكافأة قدرها 10 آلاف دولار مقابل القبض على جيسي جيمس وشقيقه فرانك الذي كان يرافقه دائماً.
وفي 3 إبريل/نيسان 1882 قُتل جيمس وهو لا يزال في سن الـ34 على يد أحد شركائه روبرت فورد الذي تمت إدانته بارتكاب جريمة قتل قبل أن ينال عفواً من الحاكم.
هنري مكارتي (الطفل بيلي)
تقول الأسطورة إنّ هنري مكارتي الذي كان معروفاً باسم "الطفل بيلي" من أشهر سارقي الولايات المتحدة، إذ سرق الكثير من الماشية وقتل العديد من الأشخاص وكان فناناً في الهروب.
ويعتقد أنه قتل 21 شخصاً على الأقل، قبل أن يُقتل وهو بسن الـ21 أيضاً.
ولد "الطفل بيلي" في نيويورك عام 1859 وانتقل لاحقاً إلى إنديانا وكانساس ودنفر قبل أن تستقر عائلته في نيو مكسيكو.
تيتّم هنري في سن المراهقة بعد وفاة والدته بمرض السل، وفصل عن أخيه ووُضع في دور رعاية.
لم يمضِ وقت طويل قبل أن يقوم هنري بأولى جرائمه عن طريق سرقة مغسلة ملابس صينية تسببت في اعتقاله، ولكنه لم يمض فترة قصيرة في السجن حتى هرب من إحدى المداخن متجهاً إلى جنوب شرق أريزونا.
في عام 1876 انضم إلى عصابة في ولاية أريزونا معروفة بسرقة الخيول، وفي عام 1877، بعد اتهامه بقتل حداد فر من منزله إلى نيو مكسيكو وانضم إلى عصابة أخرى من اللصوص.
في عام 1878، انضم إلى جماعة تسمى "المنظمون" الذين يقومون بسرقة الماشية.
وبحلول 1880 انتشر اسم بيلي الطفل في الصحف الشعبية الكبرى، وأصبح رمزاً للرجل الذي يعيش وحيداً في أمريكا.
وفي 14 يوليو/تموز 1881 وبعد أن رصدت الحكومة مكافأة قدرها 500 دولار لمن يقتله أطلق مأمور نيو مكسيكو بات جاريت النار على بيلي ليرديه قتيلاً.
بيل ستار
وُلدت ميرا مايبيل شيرلي ريد ستار المعروفة باسم بيل ستار لعائلة ميسورة الحال ومتعاطفة مع الكونفيدرالية في ولاية ميزوري في 5 فبراير/شباط 1848.
عندما بلغت من العمر 18 عاماً بدأت العمل في السرقة مع إخوتها الأصغر الذين استخدموا منزل العائلة للاختباء فيه.
في السنوات التي تلت ذلك تزوجت ستار من 3 أشخاص خارجين عن القانون هم:
- جيم ريد الذي قتلته الشرطة في العام 1874.
- بروس الأصغر زعيم إحدى العصابات.
- سام ستار ميروكي.
بعد ذلك بدأت بيل ستار رفقة زوجها سام ستار سرقة الخيول وتم سجنها على إثر ذلك لفترة، وعندما خرجت من السجن وجهت إليها مرة أخرى تهمة سرقة الخيول في العام 1886 ولكن بسبب مهاراتها القانونية تمكنت من الحصول على تبرئتها.
وفي العام 1889 قتلت بيل ستار نفسها بالقرب من منزلها في أوكلاهوما عن عمر يناهز 40 عاماً في الوقت الذي يشير فيه البعض إلى أنها قُتلت على يد ابنها إد ريد.
بعد يومين من وفاتها، وصفتها صحيفة نيويورك تايمز بأنها "أكثر امرأة يائسة ظهرت على الحدود على الإطلاق".
ووفق كتاب Belle Starr and Her Times: The Literature الذي ألفه جلين شيرلي ذكر أنّ اسم بيل ستار أصبح بين عشية وضحاها مألوفاً في جميع أنحاء البلاد بوصفها أنثى روبن هود التي سرقت خيول الأغنياء لإطعام الفقراء، وبأنها زعيمة أكثر عصابات السفاحين تعطشاً للدماء.
بوتش كاسيدي
وُلد روبرت ليروي باركر وهو الخارج عن القانون الشهير الذي لُقب فيما بعد باسم بوتش كاسيدي في عام 1866 في ولاية يوتا الأمريكية لأبوين فقيرين من طائفة المورمون وهو أحد 13 طفلاً أنجبتهم العائلة.
عندما كان مراهقاً عمل بوتش كاسيدي في مزرعة قريبة للمساعدة في إطعام أسرته.
وتقول الأسطورة إنه تعرف في المزرعة على مايك كاسيدي سارق الماشية والذي أصبح معلمه فيما بعد.
وفقاً لمجلة Time، فإن أول جريمة يرتكبها بوتش كاسيدي كانت مع 3 رجال آخرين عن طريق عملية سطو مسلح على بنك في مدينة تيلورايد بولاية كولورادو سرقوا خلالها 20 ألف دولار.
بعد العملية قام بوتش بالاختباء في ولاية وايومنغ مؤسساً عصابة خاصة سماها Wild Bunch ضم خلالها الكثير من رعاة البقر الخارجين عن القانون.
وفي العام 1894 ألقي القبض على بوتش بتهمة سرقة الخيول حيث قضى في السجن مدة 18 شهراً وعندما خرج اتجه مباشرة نحو بنك مونبلييه في إيداهو وسرق 7 آلاف دولار.
استمرت عصابة Wild Bunch في ارتكاب العديد من عمليات السطو الأخرى في الجنوب الغربي، بما في ذلك 70 ألف دولار خلال عملية سطو على قطار ريو غراندي في نيو مكسيكو.
ومع استمرار السلطات الأمريكية في مطاردته لجأ رفقة زوجته التي تدعى سندانس إلى الأرجنتين فترة من الزمن، ولكنهما عادا بعدها لمواصلة سرقة القطارات حتى وفاته في عام 1908.
وحول وفاته يقول البعض إنه توفي في تبادل إطلاق النار في بوليفيا، أما البعض الآخر فيقول إن الزوجين هربا وعاشا في مكان مجهول تحت اسمين مستعارين.
جون ويسلي هاردن
هل قتل 20 رجلاً أم 40 أم 50؟ قد يكون عدد الجثث الإجمالي غير واضح، لكن وفقاً للمجرم الأمريكي جون ويسلي هاردن، فإن جميع من قتلهم كانوا يستحقون القتل.
كان هاردين أحد أخطر حاملي السلاح في جنوب غرب أمريكا وأصبح مشهوراً بشكل كبير عند انتشار مقولته: "لم أقتل أي شخص لا يحتاج للقتل".
وقال الكاتب لي فلورين في كتابه "John Wesley Hardin Texas Gunfighter" إنه عند المقارنة بالمجرم جون ويسلي هاردن، فإن "بيلي الطفل" سيصبح أمامه من الهواة، سيما أنّ هاردين قتل أكثر من 27 شخصاً ولم يكن يتجاوز من العمر الـ21 عاماً.
وُلد هاردين في عام 1853 في بونهام بولاية تكساس وقد أظهر طبيعته الخارجة عن القانون في وقت مبكر عندما طعن زميلاً له في الصف عندما كان تلميذاً وقتل رجلاً أسود أثناء مشادة في سن 15 عاماً.
وكدعم للكونفيدرالية ادعى أنه قتل العديد من جنود الاتحاد وفقاً لجمعية ولاية تكساس التاريخية.
بعد أكثر من 12 عملية قتل سلم نفسه للسلطات عام 1872، وبعد أن تمكن من الخروج من السجن انضم إلى الحركة المناهضة لإعادة الإعمار وواصل عمليات القتل.
وعند اكتشافه مجدداً حاول الهرب رفقة زوجته وأطفاله، ولكنه اعتقل مجدداً في فلوريدا في العام 1877 وحكم عليه بالسجن مدة 25 عاماً بتهمة قتل نائب رئيس مخفر الشرطة.
خلال فترة سجنه حاول مراراً الهرب وعندما عجز عن ذلك بدأ بقراءة الكتب الدينية وعمل مشرفاً على مدرسة الأحد بالسجن ودرس القانون.
وفي 16 مارس/آذار 1894 تم العفو عن هاردين وتم قبوله لاحقاً في نقابة المحامين.
لكن حياة هاردين المستقيمة لم تدم طويلاً فقد استأجر قاتلاً مأجوراً لقتل أحد عملائه الذي كان على علاقة مع زوجته، لكنّ أمره كُشف، فواصل الهرب حتى تمكن الشرطي جون سلمان في 19 أغسطس/آب 1895 من إطلاق النار عليه وإنهاء أسطورته.