يعتبر الاقتراع المباشر أكثر أشكال التصويت شيوعاً على الإطلاق، مع ذلك تعتمد الولايات المتحدة على أشكال أخرى خلال الانتخابات الأمريكية، منها التصويت عبر البريد أو التصويت المبكر.
فلنتعرف معاً على أنواع التصويت المعتمدة في الولايات المتحدة وشروطها، ولنلق نظرة على تاريخ هذه العملية التي كانت يوماً ما حكراً على الرجال البيض الأحرار، أصحاب رؤوس الأموال، والذين يمتلكون امتيازات دينية معينة:
ما هي شروط التصويت في الولايات المتحدة؟
لكي يكون الشخص مؤهلاً للإدلاء بصوته في الولايات المتحدة يجب أن يكون مواطناً أمريكياً لا يقل عمره عن 18 عاماً، كما لا يجب أن يكون الناخب محكوماً بجرم أو غير كفء من الناحية العقلية.
وفي جميع الولايات يكون التصويت مجانياً وطوعياً، إذ لا يمكن إجبار الأمريكيين على التصويت، كما تعتبر محاولة منع شخص آخر من التصويت جريمة يعاقب عليها القانون.
وبالتأكيد لا يجوز لأي شخص أن يصوت سوى مرة واحدة فقط في الانتخابات الواحدة.
مرحلة ما قبل التصويت
يتم تقسيم كل ولاية أو مقاطعة أو مدينة أو حي إلى مناطق انتخابية تسمى الدوائر.
قبل التصويت، يجب على الناخبين الراغبين في الإدلاء بأصواتهم التسجيل للتصويت في الدائرة التي يعيشون فيها.
تتضمن عملية التسجيل تلك ملء نموذج باسم الشخص وعنوانه والمعلومات الأساسية الأخرى عبر موقعٍ إلكتروني، ويمكن للناس عادةً أن يسجلوا عبر البريد.
تختلف قوانين التسجيل من ولاية إلى أخرى، ففي بعض الولايات يمكن للمواطنين التسجيل في نفس يوم الانتخابات، لكن في الغالب يجب على الأشخاص الراغبين في التصويت أن يسجلوا قبل الموعد بعدة أسابيع، وإذا لم يسجل الناخب في الوقت المناسب لا يسمح له بالتصويت لاحقاً.
وقد تطلب بعض الولايات إعادة التسجيل إذا غاب المواطن عن عدد معين من الانتخابات أو قام بتغيير العنوان.
كيف تتم عملية التصويت؟
يوجد 4 طرق لإدلاء الأمريكيين بأصواتهم في الانتخابات الحالية:
1. الاقتراع المباشر
في يوم الانتخابات يذهب معظم الناخبين إلى أماكن مخصصة للاقتراع للإدلاء بأصواتهم.
عادة ما يكون مكان الاقتراع عبارة عن مبنى عام، مثل مدرسة أو مركز ترفيه أو مركز إطفاء.
يقدم الناخبون أنفسهم للعاملين في مراكز الاقتراع ويُظهرون بطاقات الهوية الخاصة بهم، ثم يقومون بالتصويت عبر بطاقات اقتراع ورقية، تغلق بإحكام وتوضع ضمن الصناديق.
أكشاك التصويت الخاصة
في الكثير من الحالات يصوّت الأمريكيون عن طريق آلات موجودة في أكشاك التصويت الخاصة، وهو شكل آخر من أشكال التصويت المباشر.
نظراً لأن الانتخابات في الولايات المتحدة تُدار عموماً من قبل حكومات الولايات والحكومات المحلية، فإن أنواعاً كثيرة من آلات وأجهزة التصويت قيد الاستخدام، وقد أصبحت غالبيتها تعتمد على التكنولوجيا، إذ يكفي أن يلمس الناخب شاشة الكمبيوتر للإدلاء بصوته أو يملأ نموذجاً ورقياً يمكن قراءته بالكمبيوتر.
2. التصويت عبر البريد
يمكن للأمريكيين أيضاً التصويت عبر البريد في عملية تُعرف بالاقتراع الغيابي، انتشرت في الولايات المتحدة منذ العام 1860 خلال الحرب الأهلية.
تعتبر بطاقات الاقتراع الغيابية مفيدة بشكل خاص لأولئك الذين يجدون صعوبة في الوصول إلى مراكز الاقتراع، أو الذين يعيشون بعيداً عن مسقط رأسهم في فترة الانتخابات.
وتسمح بعض الولايات لجميع الناخبين المسجلين بالحصول على بطاقة اقتراع بريدي، فيما تشترط بعض الولايات وجود سبب أو عذر يمنع الناخب من التوجه شخصياً إلى مركز الاقتراع.
تُدار عملية الاقتراع البريدي عادةً من قِبل حكومات الولايات بصورة منفردة، بشرط ألا تخرق أي معايير تفرضها الحكومة الفيدرالية، وتلعب هيئة البريد دور الناقل، حيث توزع بطاقات الاقتراع وتجمعها.
وهناك أكثر من 31 ألف مكتب بريد بمتوسط 614 مكتباً لكل ولاية، إضافة لـ142 ألف صندوق بريد، بمتوسط 2784 صندوق بريد لكل ولاية.
وتشير التقديرات إلى أن 70% من سكان الولايات المتحدة سيعتمدون على التصويت عبر البريد في الانتخابات الحالية، وذلك لتجنُّب التزاحم في مراكز الاقتراع بعد انتشار جائحة كورونا.
3. التصويت المبكر
يستطيع الأمريكيون التصويت للمرشحين في وقت مبكر، إذ من الممكن أن يدلوا بأصواتهم حتى قبل 54 يوماً من بدء موعد الانتخابات.
يتم التصويت المبكر عبر البريد كذلك، كما يوجد مراكز للاقتراع المبكر في بعض الولايات.
وتسمح 33 ولاية من الولايات المتحدة لسكانها بإجراء التصويت المبكر، حتى إن لم يكونوا يمتلكون عذراً أو سبباً يدفعهم لهذا الإجراء، بينما يجب أن يكون هنالك عذر للتصويت المبكر في بقية الولايات.
يتزايد الإقبال على التصويت المبكر مع الوقت، ففي حين بلغت نسبة الناخبين الذين اتبعوا هذه الطريقة 7% فقط في عام 1992، ارتفعت النسبة إلى 36.6% في 2016 و67% في 2020.
4. التصويت من خارج الولايات المتحدة
وفقاً لما ورد في موقع The New York Times، فإن نتائج الانتخابات لا تُعتبر نهائيةً حتى يتم احتساب جميع الأصوات الغائبة، إذ يصوّت أولئك الذين يعيشون خارج الولايات المتحدة عبر البريد أيضاً.
وبالرغم من أن عدداً من الناخبين الذين يعيشون في الخارج لا يقومون بالتصويت نهائياً، فإن التصويت خيار متاح بالنسبة لهم، ويهتم به كثيرون، لأنه يتيح لهم أن يبقوا جزءاً من العملية السياسية في بلادهم، ويحثون بذلك أعضاء الكونغرس على الاهتمام بقضاياهم.
يجب على أولئك المغتربين أن يقوموا بطلب التسجيل على الاقتراع الغيابي في بداية كل عام، أو في كل مرة يقومون فيها بتغيير عناوينهم، إذ يعتمد أولئك الناخبون على عناوين ذويهم الموجودين في الولايات المتحدة الأمريكية.
يتم ملء نموذج التسجيل من خلال الإنترنت عبر مؤسسة VoteFromAbroad "التصويت من الخارج"، ثم يقوم الناخب بطبع النموذج وتوقيعه، وإرساله إلى المؤسسة عبر الفاكس أو البريد الإلكتروني حصرياً.
وفي عام 2004، تم إلغاء اقتراح للسماح للأفراد العسكريين والمواطنين الأمريكيين الآخرين الذين يعيشون في الخارج بالتصويت عبر الإنترنت بشكل مباشر، بعد أن اختبر المبرمجون العملية، ووجدوا أنه سيكون من المستحيل منع المتسللين من التلاعب بنتائج الانتخابات.
ومن الجدير بالذكر أن أولئك الذين يعيشون في الخارج لا يستطيعون الإدلاء بأصواتهم عبر سفارات الولايات المتحدة وقنصلياتها في الخارج، لأنها لا تعتبر أماكن اقتراع رسمية.
خلفية تاريخية عن التصويت في أمريكا
في الأيام الأولى للولايات المتحدة، التي تأسست في العام 1783، منح حق التصويت لـ120 ألف أمريكي فقط من بين إجمالي عدد السكان الذي يتجاوز 4 ملايين. فقد اقتصر التصويت على الرجال البيض الأحرار أصحاب رؤوس الأموال، والذين يمتلكون مؤهلات دينية معينة.
وبحلول عام 1860، منح حق التصويت في كل الولايات الأمريكية تقريباً لجميع الرجال البيض، الذين تزيد أعمارهم عن 21 عاماً، بغض النظر عن ممتلكاتهم ودياناتهم.
وبعد الحرب الأهلية التي امتدت ما بين عامي 1861 و1865، أعطى التعديل الخامس عشر للدستور حق التصويت للرجال من جميع الأجناس.
لكن من الناحية العملية، لم يحصل معظم السود في الجنوب على حق التصويت حتى عام 1965.
وبالنسبة للنساء، فقد فُزن بهذا الحق بعد صراع سياسي طويل في عام 1920 مع التعديل التاسع عشر للدستور.
الاقتراع الأسترالي أو السري
أحد التغييرات الجذرية التي طرأت على عملية التصويت في الولايات المتحدة أيضاً كان اعتماد الاقتراع السري، الذي يمنح الناس حرية في التصويت دون الخوف من انتقام أصحاب السلطة.
قبل الحرب الأهلية، غالباً ما كان المواطنون الأمريكيون يدلون بأصواتهم بشكل علني، ولاحقاً تم الاعتماد على بطاقات الاقتراع الملونة، لكن لكونها تحمل أشكالاً مختلفة تشير إلى المرشحين كان من السهل أن يعرف الآخرون لمن تدلي بصوتك.
لكن في تسعينيات القرن التاسع عشر، انتشر استخدام الاقتراع الأسترالي، والذي سُمي بهذا الاسم نظراً لاستخدامه في أستراليا في بداية الأمر، والذي يضمن للناخبين سرية تامة، إذ يتم التصويت من خلال بطاقات اقتراع موحدة الشكل واللون، وضمن أكشاك خاصة تضمن السرية للناخبين.