إيلون ماسك يريد زرع شريحة كمبيوتر بالدماغ لعلاج الأمراض العصبية.. هل يصبح التحكم في مخ الإنسان ممكناً قريباً؟

زرع شريحة كمبيوتر بالدماغ لعلاج بعض الأمراض العصبية هي إحدى أحدث تجارب رجل الأعمال والمهندس إيلون ماسك؛ إذ كشفت شركة Neuralink المتخصصة في علوم الأعصاب والتابعة للملياردير المعروف، عن زرع رقاقة كمبيوتر بحجم العملة المعدنية في دماغ خنزير طوال شهرين، في حدث اعتبرته الشركة بمثابة خطوة مبكرة نحو تطبيقه على الإنسان، بهدف علاج الأمراض العصبية التي تصيبه.

عربي بوست
تم النشر: 2020/08/30 الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/30 الساعة 15:02 بتوقيت غرينتش
إيلون ماسك - رويترز

زرع شريحة كمبيوتر بالدماغ لعلاج بعض الأمراض العصبية هي إحدى أحدث تجارب رجل الأعمال والمهندس إيلون ماسك؛ إذ كشفت شركة Neuralink المتخصصة في علوم الأعصاب والتابعة للملياردير المعروف، عن زرع رقاقة كمبيوتر بحجم العملة المعدنية في دماغ خنزير طوال شهرين، في حدث اعتبرته الشركة بمثابة خطوة مبكرة نحو تطبيقه على الإنسان، بهدف علاج الأمراض العصبية التي تصيبه.

ما الهدف من زرع شريحة كمبيوتر بالدماغ؟

لكن كيف يمكن ربط الدماغ بالكمبيوتر؟ وكيف يمكن أن تعالج أمراض عصبية مثل مرض الزهايمر والخرف وإصابات الحبل الشوكي وفقدان الذاكرة والسمع والاكتئاب والأرق، عن طريق زرع شريحة كمبيوتر بالدماغ؟ كما تقول الشركة التي أسسها رجل الأعمال الجنوب إفريقي-الكندي-الأمريكي في العام 2016.

الفكرة تقوم أساساً على  زراعة جهاز يبلغ 8 ملليمترات تقريباً -أصغر من عقلة الإصبع- في الجمجمة، هذا الجهاز اللاسلكي (التحكم لاسلكي لكن للجهاز أسلاك دقيقة جداً أدق من شعر الإنسان) سيضم الجهاز آلاف الأقطاب الكهربائية في أكثر عضو بشري تعقيداً، إذ سيتم توصيله بأسلاك صغيرة إلى المخ.

ثم بمساعدة روبوت متطور يتم زرع خيوط مرنة أو أسلاك في المناطق المسؤولة عن وظائف الحركة والإحساس في الدماغ، بينما يكون المتلقي تحت التخدير الموضعي فقط. 

هذا الجهاز الصغير سيسمح للأجهزة الذكية الخارجية مثل الكمبيوتر بالتفاعل والتواصل مع الدماغ، وذلك ليسهل التعامل مباشرةً مع بيانات الأجهزة العصبية في دماغ الإنسان.

كيف يمكن ربط الدماغ بالكمبيوتر وتطبيقه على البشر؟

قد يبدو الأمر خيالياً، لكن ماسك نجح بالفعل في ربط دماغ خنزير بالكمبيوتر طوال شهرين، وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في 2019 إنه استطاع التحكم في دماغ قرد بواسطة الكمبيوتر، كما عرضت شركة Neuralink نظاماً به 1500 قطب كهربائي متصل بفأر المختبر، ويظهر ماسك حماسة كبيرة تجاه تجربة الأمر على الإنسان في وقت قريب، وصرّح في عام 2019 بأنه يطمح أن تكون تجربته البشرية الأولى في نهاية العام، وفق تقرير شبكة Vox الأمريكية.

وإن كانت مواكبة الذكاء الاصطناعي تثير الكثير من المخاوف والتساؤلات بشأن طرق اندماج البشر وتفاعلهم مع أجهزة الكمبيوتر، وما يمكن أن تغيره في شكل الحياة التي نعرفها، لكن هذا قد يستغرق بعض الوقت، إذ إن معظم الأبحاث المتطورة الحالية في الوصلات بين الدماغ والكمبيوتر تُجرى على الحيوانات، لأن تحديات السلامة وإجراءات الموافقة التنظيمية المطولة تمنع إجراء تجارب أكبر على البشر.

كما أن أحد العوائق الرئيسية التي تحول دون إدخال هذه الأسلاك الدقيقة هو في الواقع طريقة تجاوزها للجمجمة ودخولها إلى الدماغ، لهذا السبب تعمل Neuralink على تطوير روبوت صغير يربط القطب الكهربائي في الجهاز بدماغ البشر، من خلال جراحة مكثفة مثل جراحة العين بالليزك. وحسب ماسك، فإن الجهاز والأسلاك يمكن تركيبها وفكها بعملية جراحية بسيطة نسبياً.

الجيل الأول من جهاز الدماغ الذي ابتكره ماسك كان يمكن تثبيته خلف أذن الشخص، لكن ماسك يسعى إلى إدخال جهازه وأسلاكه إلى الدماغ البشري، وتحديداً أسفل الجزء العلوي من جمجمته، وقال ماسك إنه "أشبه بـFitbit في جمجمتك بأسلاك صغيرة"، (Fitbit هي ساعة ذكية).

فالجيل الثاني من الروبوت الذي تعمل شركة ماسك على صناعته سيكون عبارة عن آلة معقدة للغاية وعالية الدقة، قادرة على الدخول إلى الدماغ، ثم باستخدام إبرة وخيط دقيق تشبه ماكينة الخياطة تقريباً، ستضع الخيوط العصبية في المكان الصحيح بالضبط.

وعند الربط بين الدماغ والآلة يمكن أن تستخدم الكهرباء التي يستخدمها الدماغ بالفعل، ليعمل جنباً إلى جنب مع سلسلة من الأقطاب الكهربائية لتوصيل الدماغ بآلة. 

إذ قال نولان ويليامز، مدير مختبر تحفيز الدماغ في جامعة ستانفورد، لـRecode، إن الدماغ يستخدم ترددات معينة وأنواعاً معينة من العتبات الكهربائية للتواصل مع نفسه، وشرح ببساطة: "عقلك عبارة عن سلسلة من الدوائر التي تتواصل وتتواصل فيما بينها".

كيف يُمكن أن يساعد تحفيز الدماغ في علاج أمراض عصبية؟

زرع أجهزة صغيرة تحفز الأعصاب ومناطق الدماغ إلكترونياً، يمكنه أن يعالج ضعف السمع ومرض الشلل الرعاش في البشر، وهناك تجارب بدأها العلماء منذ عشرات السنين.

شهدت الثمانينيات ابتكار التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، والذي وفقاً لموقع Mayo Clinic، يستخدم  المجالات المغناطيسية لتحفيز الخلايا العصبية في الدماغ، ويمكن استخدامه لعلاج مرضى الاكتئاب.

كما أجرى علماء الأعصاب تجارب زرع مخ على عدد صغير ممن فقدوا السيطرة على وظائف الجسم، بسبب إصابات الحبل الشوكي والشلل الرباعي، أو حالات عصبية مثل الجلطات الدماغية، لكن في تلك التجارب كانت النتيجة أن تمكن المرضى من التحكم في الأشياء الصغيرة، مثل لوحة مفاتيح الكمبيوتر أو مؤشر الماوس، ولكن لم يتمكنوا بعد من إكمال مهام أكثر تعقيداً.

إذ أشار ستيفن تشيس، من معهد كارنيغي ميلون لعلم الأعصاب في حديثه مع موقع Recode إلى إجراء تجارب سريرية في الوقت الحالي، لزرع أقطاب كهربائية في أدمغة مرضى الشلل الرباعي، ويستخدمون تلك الأقطاب والنشاط العصبي المسجل على تلك الأقطاب الكهربائية للتحكم في الأجهزة الخارجية، مثل المؤشرات على شاشات الكمبيوتر.

أيضاً، في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، ظهر BrainGate، وهو جهاز تجريبي يستخدم مجموعة من الأقطاب الكهربائية لترجمة أوامر تحريك الأطراف من الدماغ إلى الجهاز، لكنه لا يزال قيد التجارب. فيما وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في عام 2013 على نظام يسمى RNS Simulator، الذي يطلق إشارات كهربائية صغيرة في الدماغ لوقف النوبات لدى بعض مرضى الصرع.

كذلك هناك عصابات رأس تدعي أنها تستخدم تخطيط كهربية الدماغ لقياس نشاط دماغك، ثم تستخدم تلك البيانات لفعل أي شيء، من تعزيز التأمل والتركيز، إلى قيادة طائرة بدون طيار. 

ماسك ليس الوحيد الذي يفكر في دخول دماغ البشر!

ماسك وشركته Neuralink ليسا وحدهما المهتمين بواجهات الدماغ والآلة. فيسبوك على سبيل المثال تعمل بجد على أبحاث خاصة بواجهة الدماغ والآلة مع جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو، إذ تتطلع الشركة إلى إنشاء طريقة للتواصل مع أجهزة الكمبيوتر من دون استخدام اليدين، كما اشترت فيسبوك CTRL-Labs، وهي شركة ناشئة طورت تقنية تقيس نشاط الخلايا العصبية من خلال جهاز يمكن ارتداؤه على الذراع، من أجل التحكم في النشاط الرقمي.

لكن هناك فجوة كبيرة بين تخيل ماسك في أجهزة تنقل كماً كبيراً من المعلومات والبيانات من وإلى الدماغ وبين الواقع الموجود حالياً، إلا أن تيم مارلر، كبير مهندسي الأبحاث في مؤسسة RAND يعتقد أن فكرة إرسال الأفكار المعقدة لاسلكياً بعيدة عن حياتنا، لكنها ليست خيالاً علمياً، فقط هي تحتاج للكثير من الوقت والعمل.

لكن في النهاية تظل قائمة التحديات طويلة، وأبسطها أن هذه التكنولوجيا لن يكون بإمكان أي أحد استخدامها، بل الأثرياء، والمشاكل القانونية والأخلاقية التي قد تفتحها هذ التقنية، مثل إمكانية قراءة الأفكار، واستغلال الحكومات الأجهزة الدقيقة في الاستجواب والتحقيقات، أو استخدام تلك التكنولوجيا في القرصنة والحروب.

علامات:
تحميل المزيد