أعلن محافظ بيروت مروان عبود أنّ المدينة أصبحت "مدينة منكوبة" بعد الانفجار الضخم بعدّة ساعات. جاء هذا التصريح قبل ساعاتٍ من تصريحه بأنّ حوالي 300 ألف شخص باتوا مشردين في العاصمة اللبنانية.
الانفجار الذي شعر به سكّان جزيرة قبرص على بعد 240 كم، خلّف حتّى كتابة هذه السطور 100 قتيل وأكثر من 3500 مصاب. في ظلّ أوضاعٍ مأساوية، فلم تستطع مستشفيات بيروت أن تغطي أعداد المصابين، وبدأ نقلهم لمحافظاتٍ أخرى، فيما ظهرت فيديوهات لمصابين ملقين أمام أبواب المستشفيات.
وقد قدّمت بعض الدول مساعدات إنقاذية وطبية، مثل قطر والكويت وفرنسا، وأعلنت دول أخرى استعدادها لتقديم مساعدات أيضاً.
فماذا يعني إعلان بيروت مدينة منكوبة؟
يُطلق مصطلح المنطقة المنكوبة (أو منطقة كوارث) وفق القانون الدولي على أيّ منطقةٍ جغرافية متضررة ضرراً هائلاً، سواءً كان هذا الضرر سببه حرب أو كوارث طبيعية أو حتّى كوارث صناعية.
فأيّ منطقة جغرافية وقعت فيها حرب أو ضربها إعصار أو زلزال أو فيضان مدمّر أو ضربتها كارثة تكنولوجية أو صناعية مثل كارثة تشيرنوبل في الاتحاد السوفييتي، يمكن إعلانها منطقة منكوبة. أيضاً يمكن إعلان منطقةٍ ما منكوبة إذا تعرضت لحادثٍ بشريّ كارثي أو لعمليات قتل جماعي أو تطهير عرقي.
ويمنح هذا الإعلان للحكومة عملياً السلطة لفرض وممارسة قوانين الطوارئ.
كما أنّ من شروط إعلان منطقةٍ ما منكوبة أنّ تكون الكارثة التي حلّت بها قد تسببت في أضرارٍ فادحة في البنية التحتية والأرواح، ومن الشروط أن تكون الدولة غير قادرة حينها على توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين مثل ماء الشرب والغذاء أو الرعاية الصحية والكهرباء.
وقد تطرّق القانون الدولي الإنساني لأوضاع المنطقة المنكوبة، في البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف، الصادر عام 1977. وحددت المادة رقم 61 من هذا البروتوكول، تحت بند "الدفاع المدني" المهام الإنسانية للدفاع المدني، والرامية لحماية المدنيين من أخطار الأعمال التخريبية أو الكوارث الطبيعية أو التكنولوجية والصناعية.
وأوردت المادة قائمة بـ 15 مهمة إنسانية للدفاع المدني، كان أبرزها: التحذير والإخلاء وإدارة تدبير التعتيم والإنقاذ والخدمات الطبية والإسعافات الاولية ومكافحة الحرائق.
كما يحقّ لرئيس الدولة، الذي تعاني بلاده أو منطقة منها بكارثة، المطالبة بتطبيق المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة التي تفرض على الأمين العام لها أن ينبه مجلس الأمن للكارثة التي تتعرض لها البلد أو المنطقة المعنية، وطرحها على مجلس الأمن في حال تطورها لمرحلة تهدد السلم والأمن العالمي. ويجري مجلس الأمن محادثات بين أعضائه للخروج بقرار حول المنطقة المنكوبة. وفق ما ذكره موقع الجزيرة نت.
أمّا في مجال الكوارث الطبيعية فإعلان المنطقة منكوبة يعدُّ ضمن صلاحيات رؤساء البلديات، وهناك تفاصيل أخرى مثل أنّه لا يمكن اعتبار منطقة ما منكوبة في الخواطر الطبيعية إلا إذا كانت نسبة الخسائر 58% أو تجاوزها، وفي حالات الجفاف لا يمكن إعلان المنطقة منكوبة إلا إذا وصلت نسبة الخسائر 37% أو تجاوزتها.
"تصنيفات" المنطقة المنكوبة
هناك عدّة أسباب لإعلان منطقةٍ ما أو مدينةٍ ما منطقة منكوبة، فبعيداً عن تفجير بيروت الذي يندرج تحت تصنيف المخاطر التكنولوجية، هناك تصنيف آخر هو المخاطر الطبيعيّة، ويشمل هذا: الزلازل والأعاصير والفيضانات والتسونامي التي تؤثر على الناس والبيئة، وفي هذه الحالات لا تعلن منطقة منكوبة إلا إذا كانت نسبة الخسائر قد وصلت 58% كما ذكرنا سابقاً.
ومن النماذج على هذه المخاطر الطبيعية التي تسببت في إعلان منطقة ما منكوبة، ما حدث عام 2004، فقد أعلنت منطقة مولابوه في جزيرة سومطرة الإندونيسية منطقةً منكوبة بعد زلزال وتسونامي المحيط الهندي. والذي تسبب حينها في وفاة ما يزيد عن 150 ألف إنسان، وعشرات آلاف المفقودين.
ومن الأمثلة الأخرى أيضاً على هذا النوع، هو إعلان نيويورك مدينة منكوبة بسبب إعصار ساندي عام 2012.
ومن أمثلة الكوارث التكنولوجية التي يقع ضمنها انفجار بيروت، كارثة فوكوشيما في اليابان عام 2011. فبعد زلزال اليابان الكبير الذي وقع عام 2011، أدّت مشاكل التبريد في مفاعل فوكوشيما النووي إلى ارتفاع ضغط المُفاعل، فتبعها مشكلة في التحكُّم في التنفيس فزاد ذلك في عملية النشاط الإشعاعي.
كما أنّ أبرز حالات الكوارث التكنولوجية هي حادثة تشرنوبل التي وقعت عام 1986 في الاتحاد السوفييتي (أوكرانيا حاليا).