يعتبر الحرس الوطني قوةً عسكرية احتياطية للجيش الأمريكي تتكون من فصيلين: الأول يتبع القوات البرية، والآخر يتبع القوات الجوية، ويبلغ عددهم نصف القوات الأمريكية، وعدتهم تساوي ثلث ما يملك الجيش، كما يمكن تعبئة هذه القوات ونشرها في الشوارع من قِبل الرئيس الأمريكي لمساعدة القوات المسلحة في البلاد.
الحروب الخارجية التي شارك بها الحرس الوطني الأمريكي
رغم ذلك فإنّ كان للحرس الوطني أدوار أخرى مثل المشاركة في الحروب الخارجية، إذ يمكن دمج قوات الحرس الوطني مع الجيش خارج البلاد، ففي الحرب العالمية الأولى، جاء 40% من جميع القوات القتالية الأمريكية من وحدات الحرس الوطني.
وفي عام 2005، كانت هذه النسبة نفسها تنطبق على القوات الأمريكية في العراق، وواحد من كل ستة جنود أمريكيين قتلوا في العراق كان من وحدة الحرس الوطني.
فما هي الحروب الخارجية التي شاركت بها قوات الحرس الوطني؟
حرب المكسيك 1846 – 1848
تعد حرب المكسيك التي وقعت ما بين عامَي 1846 و1848، واحدة من أهم الحروب التي خاضتها أمريكا واحتلت خلالها مكسيكو سيتي عاصمة المكسيك وتمكنت من خلال معاهدة غوادالوبي هيدالغو من الحصول على أقاليم كاليفورنيا ونيفادا ويوتاه ومعظم أريزونا ونيومكسيكو وأجزاء من كولورادو ويومينج، وفق ما ذكره The Balance Careers.
وللمشاركة في هذه الحرب الكبيرة، قررت أمريكا الاعتماد بشكل كبير على الميليشيات الموجودة لديها التي تأسست في عام 1824 والتي عُرفت فيما بعد باسم "الحرس الوطني".
فشكلت هذه الميليشيات نحو 70% من الجيش الأمريكي الذي شارك في غزو المكسيك، وتعد هذه الحرب الأولى التي يشارك فيها الحرس الوطني خارج البلاد.
وخلال الحرب ظهرت الكثير من المشاكل بين القوات النظامية والحرس الوطني، إذ اشتكى الضباط من أن الميليشيات كانت "قذرة وضعيفة".
لكن هذه الشكاوى بشأن القدرات القتالية للميليشيات، تراجعت فيما بعد لأنها ساعدت فعلاً بكسب معركة المكسيك الحاسمة، ووضعت نمطاً استمرت عليه أمريكا لأكثر من 100 سنة قادمة، وهو أن يقدم الضباط القيادة العسكرية والخطط وأن تقوم ميليشيات الحرس الوطني بالاقتحامات والمعارك.
الحرب الأمريكية – الإسبانية في كوبا 1898
تعد الحرب الأمريكية – الإسبانية هي ثاني الحروب التي يشارك فيها الحرس الوطني في أرض أجنبية.
فقد بدأت الحرب في عام 1898 بعد وقوف أمريكا إلى جانب ثوار كوبا الذين كانوا يطالبون إسبانيا بالانسحاب من بلادهم، فنشبت الحرب بينهما وأدت إلى سلسلة من الهزائم الإسبانية، نتج عنها تحول الولايات المتحدة إلى دولة استعمارية كبرى وقوة عالمية بعد أن كانت قوة أمريكية إقليمية، وخسارة إسبانيا مستعمراتها في أمريكا والمحيط الهادئ، وتحولها إلى قوة من الدرجة الثانية.
في تلك الفترة لم يكن للرئيس الحق في إرسال الحرس الوطني إلى خارج البلاد، ولكنه كان يحتاج إليهم بشدة فقام أفراد الحرس الوطني بالتطوع كأفراد في الجيش ليشاركوا في الحرب.
فكانت مشاركتهم مميزة، إذ أنشأوا وحدة عسكرية سمّوها "سلاح الفرسان" وكانوا متطوعين من تيكساس ونيو مكسيكو وأريزونا.
الحرب الفلبينية الأمريكية 1899 – 1913
بعد انتهاء السيطرة على كوبا، تحولت أنظار الولايات المتحدة إلى إحدى الدول التي لا تزال تحت سيطرة الإسبان في شرق آسيا وهي "الفلبين".
دارت المعارك على مدار 3 سنوات من عام 1899 وحتى عام 1902 لتتمكن أمريكا من السيطرة بصعوبة على الفلبين، الذين قاموا بالتصعيد من أجل الاستقلال.
فقامت الولايات المتحدة بإرسال جيشها إلى هناك للسيطرة على الفلبين بشكل كامل، وكان 75% من الجيش هم من الحرس الوطني، وكانت هذه أول مشاركة لهم في قارة آسيا، واستمرت مشاركتهم لغاية نهاية الحرب في عام 1913.
الحرب العالمية الأولى 1917
قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى بعام واحد تم إرسال نحو 158 ألفاً من الحرس الوطني إلى الحدود مع المكسيك لوضع حد للقائد الثوري المكسيكي بانشو فيلا، الذي كان يُغيْر بشكل دائم على المدن الحدودية جنوب غرب الولايات المتحدة.
رغم بقائهم فإنهم لم يقوموا بأي عملية عسكرية واقتصر بقاؤهم على التدريب فحسب.
وفي عام 1917 أعلنت الولايات المتحدة الحرب على ألمانيا، فكانت هذه الفرصة مناسبة لاختبار قدرات الحرس الوطني الذي بقي طوال عام كامل يتدرب.
فلعب الحرس الوطني دوراً رئيسياً في الحرب العالمية الأولى، إذ تم تنظيم وحداته بحسب كل ولاية وشكلت هذه العناصر نحو 40% من القوات القتالية الأمريكية.
وكانت 3 من أصل أول 5 وحدات عسكرية تدخل الحرب مكونة من الحرس الوطني، كما كان أكبر عدد جنود حاصل على ميداليات شرف بعد انتهاء الحرب هم من الفرقة 30 المكونة من الحرس الوطني من ولايتي كارولينا وتينيسي.
الحرب العالمية الثانية 1942
عندما بدأت الحرب العالمية الثانية كان هناك نحو 18 فرقة من الحرس الوطني، وقد شاركت جميعها في الحرب العالمية الثانية، وتم تقسيم المناطق التي تم إرسالها إليها ما بين المحيط الهادئ والدول الأوروبية.
ففي عام 1942 تم إرسال 3 وحدات من الحرس الوطني إلى الفلبين للدفاع عنها في وجه الإمبراطورية اليابانية، وقد خاضوا معارك شرسة قبل أن يستسلموا في النهاية.
ويعد غزو اليابان للفلبين أسوأ هزيمة عسكرية في تاريخ الولايات المتحدة حينها، إذ سقط نحو 23 ألف جندي أمريكي بين قتيل وجريح، ويعتقد أنّ غالبيتهم كانوا من الحرس الوطني.
أما في الطرف الأوروبي فقد تم تجنيد عدد كبير من الحرس الوطني لضمهم إلى قوات مشاة البحرية الأمريكية، فكانت الوحدة 164 مكونة بالكامل من الحرس الوطني، وكان مسرح عملياتهم في أوروبا.
الحرب الكورية 1950
شهدت السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية إنشاء القوات الجوية الأمريكية، وأصبحت وحدات طيران الحرس الوطني جزءاً من هذه القوات الجديدة، ولم يكن لدى قوات الحرس الوطني الجوي الوقت الكافي قبل أن يبدأوا اختبارهم القتالي الأول وهو الحرب الكورية.
بدأت الحرب الكورية على شكل حرب أهلية بين عامَي 1950-1953، إذ كانت شبه الجزيرة الكورية مقسمة إلى جزأين شمالي وجنوبي، الجزء الشمالي يقع تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي، والجزء الجنوبي خاضع لسيطرة لجنة الأمم المتحدة المؤقتة لكوريا بقيادة الولايات المتحدة.
بدأت الحرب عندما هاجمت كوريا الشمالية، كوريا الجنوبية وتوسع نطاق الحرب بعد ذلك عندما دخلت الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة، ثم الصين أطرافاً في الحرب.
ففي غضون شهرين من بدء الحرب، تمت تعبئة أول 138600 عنصر من الحرس الوطني للجيش، وبدأت هذه الميليشيات في الوصول إلى كوريا الجنوبية في يناير/كانون الثاني 1951.
وبحلول الصيف من العام ذاته، كان عدد كبير من وحدات الهندسة والمدفعية المتواجدة في كوريا هي من الحرس الوطني.
وقبل نهاية العام وصلت وحدتان من مشاة الحرس الوطني للمشاركة في الحرب أيضاً.
انتهي الصراع عندما تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في 27 يوليو/تموز 1953.
حرب الخليج الثانية (عاصفة الصحراء) 1990
بحلول بداية تسعينيات القرن الماضي كانت وحدات الحرس الوطني قد تزودت بأحدث الأسلحة والمعدات، وكانت بداية حرب الخليج الثانية التي سُميت بعملية درع الصحراء فرصة مناسبة لاستخدام هذه الأسلحة.
وحرب الخليج الثانية، أو أم المعارك، أو حرب تحرير الكويت وأطلق عليها عسكرياً أيضاً اسم عملية عاصفة الصحراء، وهي حرب شنتها قوات التحالف المكونة من 34 دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد العراق، بعد أخذ الإذن من الأمم المتحدة لتحرير الكويت من الغزو العراقي.
فشهدت هذه الحرب ثاني أكبر عملية تعبئة للحرس الوطني منذ الحرب الكورية، إذ تم استدعاء أكثر من 60 ألف عنصر من الحرس الوطني للمشاركة المباشرة في حرب الخليج.
حرب العراق 2003
مع نهاية حرب الخليج الثانية، شهد الحرس الوطني الكثير من الاستدعاءات للتواجد في المناطق التي تشهد حروباً ونزاعات مثل هاييتي والبوسنة وكوسوفو وهو ما مهَّد لهم الطريق أيضاً للمشاركة في غزو العراق في عام 2003.
فتم استدعاء آلاف العناصر للمشاركة في الحرب، ويقال إن واحداً من كل ستة جنود أمريكيين قُتلوا في العراق كانوا من الحرس الوطني، كما بقي الكثير منهم هناك في السنوات التي تلت انتهاء الحرب.